كان في وسع باراك أوباما ان يخصص عشر دقائق للقاء رجب طيب أردوغان، على هامش قمة الأمن النووي التي تعقد اليوم في واشنطن وتحضرها ٥١ شخصية من الرؤساء وكبار المسؤولين الدوليين، على رغم جدول أعماله المزدحم، لهذا ليس مستغرباً الحديث عن توتر متزايد في العلاقات بين أنقرة وواشنطن حول مجموعة من الملفات أبرزها الملف الكردي.

صحيفة "وول ستريت جورنال" أفردت مساحة واسعة للحديث عن التضارب في مواقف الرئيسين حول الأزمة السورية وحرية التعبير داخل تركيا وحملة انقرة العسكرية على الأكراد، لكن ليس خافياً انه منذ أفرج "داعش" بطريقة ملتبسة عن موظفي القنصلية التركية في الموصل بداية تشرين الأول ٢٠١٤، زادت الشكوك بين الطرفين، وخصوصاً عندما منع أردوغان المقاتلين الأكراد من دخول كوباني لدعم رفاقهم الذين ألحقوا الهزيمة الأولى بالتنظيم الارهابي، بينما كانت اميركا تلقي الأسلحة الى الأكراد من الجو.
على امتداد الأزمة السورية تعالى الاشتباك بين واشنطن وأنقرة، على خلفية الدعوة التركية الى اقامة منطقة عازلة في شمال سوريا، يريدها أردوغان منطلقاً لمحاصرة الأكراد وقمع أي طموحات لهم بحكم أو ادارة ذاتية، وكان واضحاً قبل دخول روسيا العسكري الى سوريا ان اردوغان يركّز على محاربة الأكراد وليس على تنظيم "داعش"، التي اتهمته موسكو بالانخراط معه في تجارة النفط!
على رغم قيام التحالف الدولي لمحاربة الارهاب بقيت قاعدة انجرليك التركية مغلقة أمام الطائرات الأميركية، وظلّت التساؤلات تدور حول صدقية تركيا في العمل فعلاً لمنع تدفق الارهابيين الى سوريا وانخراطها عملياً في قتال "داعش". فتحت أنقرة قاعدة انجرليك في نهاية تموز ٢٠١٥، أي قبل شهرين من التدخل الروسي الذي يقلب الموازين والحسابات الميدانية، ليبدأ الاشتباك مع تركيا بعد اسقاط الطائرة الروسية، الذي بدا كأنه ردٌ تركي على مجزرة الصهاريج التي كانت تنقل النفط من "داعش"!
اتّسع الخلاف مع واشنطن التي تسلّح والأكراد الذين ألحقوا الهزيمة ايضاً بالدواعش في شمال سوريا، ووصل الأمر في ١٩ شباط الماضي الى تهديد أنقرة باغلاق انجرليك امام المقاتلات الأميركية على خلفية مواقف واشنطن المؤيدة لحزب الاتحاد الديموقراطي الكردي الذي اتهمه اردوغان بتنفيذ التفجير في أنقرة.
شرف مالكوج كبير مستشاري أردوغان قال قبل أسابيع "ان أميركا تتعاون مع روسيا في سوريا ضد تركيا، لكنهم سيلقون شرّ أعمالهم، ان امكانات تركيا كبيرة وان الحرب العالمية الأولى التي استهدفت الجغرافية الاسلامية والدولة العثمانية لا تزال مستمرة، انهم يحاولون عبر الأكراد تقسيم تركيا، روسيا وايران تسعيان الى هذا أيضاً"!
أمام كل هذا ليس غريباً ألا يحظى "سلطان بني عثمان" ولو بلقاء خاطف مع "أبينا الذي في البيت الأبيض"!