بان غادر لبنان بتوصيات ووعود , والراعي حمله شكوى الخلاص

 

السفير :

إذا كان مبررا للأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون أن يستعصي عليه التمييز بين البحر الأبيض المتوسط قبالة لبنان وبين المحيط الأطلسي، فإن أهل السلطة اللبنانية، وخصوصا أعضاء المجلس النيابي والحكومة، مطالبون بالخضوع إلى اختبار إثبات أهليتهم الوطنية، وإلا كيف يفسر أن معظمهم لا يحفظ نشيد بلده أو لا يعرف حدوده وبنود دستوره.. والأهم المصلحة الوطنية العليا!
ترتسم الخرائط الجديدة في المنطقة، وتصر الحكومة على تجاهل قضية مراسيم النفط. صارت المسألة مريبة جدا، لكأن ثمة «همسا» خارجيا، وتحديدا أميركيا في بعض «الآذان» اللبنانية، بأن يبقى هذا الملف «على الرف» بانتظار جلاء صورة المشهد السوري وربما الإقليمي.
وها هي مشكلة الحدود البحرية الخالصة تستمر عالقة مع العدو الإسرائيلي، كما المراسيم النفطية، فيتضافر تآمر العدو مع تآمر الداخل، لتضيع ثروة نفطية على لبنان فيما إسرائيل سبقته سنوات الى الأمام لا بل بدأت في استثمار هذه الثروة.
تلك المشكلة نشأت جراء عدم مبادرة لبنان الى ترسيم حدوده البحرية الامر الذي استغلته اسرائيل وقامت بالسطو على المياه الإقليمية اللبنانية عبر رفع ما يسمى بـ «الطفافات» (800 متر شمال حدود المياه الاقليمية اللبنانية الجنوبية)، ولكن الاخطر هو ما تكشف مؤخرا بأن لا وجود لحدود بريّة رسمية للبنان، بينما صار الكل يحفظ عن ظهر قلب مقولة «حفظ سيادة لبنان واحترامها ضمن حدوده المعترف بها دوليا».
السؤال البديهي هنا: أين هي تلك الحدود، هل هي موجودة فعلا، وهل قامت الدولة اللبنانية منذ نشوئها بتثبيت هذه الحدود؟ وهل قامت بإعلانها أو إيداعها المحافل الدولية لكي تصبح حدودا ناجزة وملزمة للعالم لكي يعترف بها، وهل يعرف اللبنانيون ان وطنهم بلا حدود معلنة معترف بها دوليا؟
عمليا، تبدو حدود لبنان «أرضا سائبة» لا ضابط لها ولا سياج، وهذه الحقيقة لم يكشفها لبنان الغافل عن هذا الأمر، بل الأمم المتحدة عبر دراسة طلبت إعدادها لتوضيح الوضع القانوني للحدود البرية اللبنانية.
وفي المعلومات التي توافرت لـ «السفير» ان الأمم المتحدة استعانت بفريق من الخبراء اللبنانيين في المجال الحدودي، فتبين لهم ان فقدان الحدود البرية بدأ يتكشف منذ بدء ازمة الحدود البحرية، اذ ان الحكاية بدأت حينما وضع المجلس النيابي اللبناني القانون الرقم 163 في 11 آب 2011، والمتعلق بالحدود البحرية.
استنادا الى هذا القانون، اصدر مجلس الوزراء بعد أشهر قليلة المرسوم الرقم 6433 الذي حدد احداثيات الحدود البحرية الاقليمية والمنطقة الاقتصادية الخالصة، وتمت مراسلة الامم المتحدة بهذا الخصوص، وقد تبيّن للأمم المتحدة ان لبنان، وبعدما اصبحت له حدود بحرية دولية موثقة في الامم المتحدة (برغم الخطأ اللبناني الفادح في مسألة ترسيم الحدود مع قبرص)، لا وجود لأية مستندات رسمية لبنانية تحدد حدوده البرية في الأمم المتحدة.
وكان قد سبق للامين العام السابق للامم المتحدة كوفي انان ان اشار الى هذا الامر بقوله حرفيا قبل انتهاء ولايته: «يبدو انه لا توجد اية مستندات رسمية على حدود رسمية دولية متفق عليها بين لبنان والدول المجاورة» (فلسطين المحتلة وسوريا)، والسؤال البديهي هنا: هل بلغ كلام انان هذا مسامع الدولة اللبنانية، وإن بلغها فلماذا لم تتحرك لتثبيت حدودها رسميا منذ سنوات طويلة؟
وفق ما خلص إليه فريق الخبراء اللبنانيين، وبينهم اللواء الركن المتقاعد عبد الرحمن شحيتلي، فإن حكاية الحدود اللبنانية مع فلسطين المحتلة تبدأ مع سايكس بيكو وترسيم الحدود في كانون الاول 1920 بين النفوذين الفرنسي والبريطاني، حيث تم وضع 71 نقطة حدودية ما بين رأس الناقورة والحمّة السورية، بينها 38 نقطة على الحدود اللبنانية الفلسطينية.
وبحسب الخبراء، فإن لبنان وقع في اذار 1949، اتفاقية الهدنة في رأس الناقورة، وقد ورد حرفيا في المادة الخامسة من تلك الاتفاقية: «يتبع خط الهدنة الحدود الدولية بين لبنان وفلسطين». وأرفق بالاتفاقية تثبيت النقاط الـ38، بالاضافة الى 97 معلما وسيطا. وقد توقف العمل عند النقطة «38BP»، بسبب الخلاف آنذاك بين اعضاء لجنة الترسيم اللبنانية ـ الاسرائيلية، على تفسير الحدود ما بين المطلة وجسر الغجر. وقد تسبب ترسيم الحدود باقتطاع مناطق لبنانية اهمها: قرية «صلحا»، وكانت اسرائيل قبلها قد اقتطعت القرى السبع، وقرية المطلة من الاراضي اللبنانية.
ويلحظ تقرير الخبراء انه بعد الانسحاب الاسرائيلي في العام 2000، وضعت ما سميت «خريطة لارسن»، وتبين خلال التدقيق فيها وجود تسعة فوارق، وافق الفريق الدولي على تصحيح ستة منها وبقيت ثلاثة موضع تحفظ. وفي حزيران 2000 ظهرت لائحة الإحداثيات لـ «الخط الأزرق» فتبين وجود فوارق في اربع مناطق تحفظ عليها لبنان.
وبعد حرب تموز 2006، ومن ضمن اللجنة العسكرية الثلاثية اللبنانية الاسرائيلية الدولية التي تتابع تنفيذ القرار 1701، تم تشكيل لجنة فرعية تقنية لمتابعة ترسيم «الخط الأزرق»، فتبين وجود خروق اسرائيلية في 13 نقطة حدودية، ما دفع الجانب اللبناني الى اتخاذ قرار بترسيم النقاط الحدودية الصحيحة على «الخط الازرق».
ويخلص الخبراء، الى ان الحدود الجنوبية ما تزال محل التباس، وان ما يحكى عن احترام سيادة لبنان حسب حدوده المعترف بها دوليا بلا مضمون، ما لم يعلن لبنان صراحة ورسميا وقانونيا حدوده، كما فعل مع الحدود البحرية، وهذا يتطلب المسارعة إلى إصدار قانون من مجلس النواب يحدد الأطر والضوابط لترسيم الحدود البرية، يليه إصدار مرسوم تطبيقي من قبل الحكومة مرفقا بخريطة ولائحة إحداثيات، تماما كما فعل بالنسبة إلى الحدود البحرية.
الكرة، وفق الخبراء، «في الملعب اللبناني لجهة المبادرة سريعا لإصدار التشريعات الضرورية، لان بقاء الوضع على ما هو عليه، مع مرور الزمن، سوف يكرس الخط الأزرق كخط حدودي ثابت معترف به من قبل لبنان وإسرائيل، وموثق في الأمم المتحدة، وأي تأخير في هذا الأمر معناه بقاء الحدود سائبة، وبالتالي ضياع حق لبنان في الأراضي المقتطعة تماما كما ضاعت حقوقه من قبل في القرى السبع.
أما بالنسبة إلى الحدود الشمالية والشرقية (بين لبنان وسوريا)، فيشير الخبراء إلى انه برغم وجود اتفاق بين الدولتين على مبدأ توقيع اتفاق حدودي، فإن اللجان التي عملت على هذا الموضوع من العام 1960 حتى العام 1970، وكذلك اللجان التي شكلت ما بعد الاتفاق بين الرئيس بشار الأسد والرئيس اللبناني السابق ميشال سليمان في آب 2008 على تعليم وتحديد الـ320 كيلومترا ما بين الدولتين، لم تنجح في الوصول إلى نتيجة، علما ان التباين اللبناني السوري ليس على الحدود السياسية، بل على ملكيات عقارية وخلافات بين مزارعين، ما عدا التباين على مناطق تواجد المعسكرات الفلسطينية على الحدود ما بين الدولتين.

النهار :

اختتم الامين العام للأمم المتحدة بان كي - مون زيارته للبنان أمس بما بدا نجاحاً للمزايدات الداخلية في استدراجه الى نفي أي اتجاه لدى الأسرة الدولية الى توطين اللاجئين السوريين في لبنان والتشديد على ادراج الدعم الدولي في اطار مساعدة لبنان على تحمل العبء "الموقت" للاجئين. لكن هذا الجانب لم يختصر وحده نتائج الزيارة التي استمرت يومين بل تجاوزه الى اربع رسائل علنية حرص المسؤول الاممي على توجيهها في مؤتمر صحافي عقده في فندق "فينيسيا" وتتلخص بالآتي: "اعادة تأكيد الدعم القوي للبنان في صموده أمام أثر الحرب في سوريا "، وتأكيد أولوية ان "تقوم الاحزاب السياسية في هذا البلد بانتخاب رئيس للبلد اذ ما دام منصب الرئيس شاغراً ستظل الوحدة الوطنية للبنان ومكانته تفتقران الى المناعة والاكتمال"، واعادة تأكيد دعم الامم المتحدة للقوات المسلحة اللبنانية، والتنويه بالهدوء في جنوب لبنان" مع انه لا يزال هناك خطر لاساءة تقدير العواقب".
ولم يخف رئيس الوزراء تمام سلام انزعاجه الكبير من مقاربة زيارة بان كي-مون والوفد الاممي من زاوية موضوع التشكيك في توطين اللاجئين السوريين اذ وصرّح لـ"النهار" بأن الامين العام للامم المتحدة حرص من خلال وجود رئيس البنك الدولي والبنك الاسلامي للتنمية على "تأكيد الاهتمام الاستثنائي الذي توليه الاسرة الدولية للبنان بفعل تحمله أعباء مليون ونصف مليون لاجئ سوري في حين تتسابق الاردن وتركيا على الاستئثار بالمساعدات". وتساءل مستغرباً: "ماذا نفعل نحن؟ نشكك في الدعم ونضعه في اطار مشاريع لم تطرح معنا لا من قريب ولا من بعيد". واذ ابدى سلام استياءه من المزايدات السياسية في هذا المجال، شدد على "اننا نطلب المساعدة لنبقى قادرين على التماسك والصمود في انتظار حل لن يكون على حسابنا". كما كشف انه لمس من المسؤولين الثلاثة بدء تحريك مساعدات مؤتمر لندن وان حصة لبنان لن تقل عن مليار ونصف مليار دولار.
وفي تقويمها لزيارة بان-كي مون للبنان قالت مصادر وزارية معنية ل"النهار" أن المساعدات التي كان لبنان موعودا بها منذ بداية أزمة اللجوء السوري كانت في حدود الخمسة مليارات دولار ولم يأت منها حتى الان إلا القليل. ولفتت الى ان الحذر الذي كان سائداً قبل الزيارة لجهة ربط المساعدات بتشغيل اللاجئين حل محله الان ربط المساعدات بإنتخاب رئيس جديد للجمهورية. وأوضحت ان مشاركة رئيس البنك الاسلامي للتنمية أحمد محمد علي في الزيارة تعود الى ان البنك الدولي لم يعد قادراً على الحصول على مساعدات من الدول العربية والاسلامية. وأشارت الى ان ترجمة الاتفاقات تنتظر الابرام من الدول المانحة. ولاحظت المصادر إهتماما واضحا في محادثات بان كي-مون بدعم الجيش اللبناني في موازاة دعم واشنطن الذي برز في زيارة قائد الجيش العماد جان قهوجي الاخيرة للولايات المتحدة الاميركية. ونوهت بكلمة الرئيس سلام في العشاء الذي أقامه على شرف ضيفه في السرايا مساء الخميس ورفض فيها توطين اللاجئين مما إستدعى تأكيدا من المسؤول الدولي لعدم وجود أي مخطط للتوطين.

مذكرة الراعي
وتميز اليوم الثاني لزيارة الامين العام للامم المتحدة بلقائه البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي في مطرانية بيروت المارونية الذي شارك فيه الممثلة الشخصية للامم المتحدة في لبنان سيغريد كاغ وراعي ابرشية بيروت المطران بولس مطر والنائب البطريركي العام المطران بولس الصياح، وتركز الحديث على أزمة الفراغ الرئاسي "والتوافق على وجوب تعاون جميع اللبنانيين من أجل تسهيل عملية الانتخاب لان استمرار الفراغ يزيد ازمات لبنان ويسير به الى الوراء". وسلم البطريرك الامين العام مذكرة علمت "النهار" أنها تناولت موضوع إنتخاب رئيس جديد للجمهورية لجهة مطالبة المجتمع الدولي بتحمّل مسؤولياته على هذا الصعيد. وجاء في المذكرة ان الاستحقاق الرئاسي لم يعد شأناً داخلياً وإنما يعود الى أبعاد عربية وأقليمية مما يفرض أن تضع الامم المتحدة ومجلس الامن اليد على القضية وان يتدارك سقوط لبنان في الفراغ.

 

ملفات الداخل
الى ذلك، تعود الملفات الداخلية الى الواجهة بدءاً من استحقاق الانتخابات البلدية والاختيارية الذي يشهد اليوم خطوة تعد نهائية في استكمال التحضيرات لاجرائه وتتمثل في اصدار وزير الداخلية والبلديات نهاد المشنوق مرسوم دعوة الهيئات الناخبة الى العمليات الانتخابية في المواعيد المحددة سابقاً بدءاً من الاحد في الثامن من أيار على أربع مراحل.

 

المستقبل :

اختتم الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون زيارته اللبنانية معايناً في أسبوع «الآلام» معاناة النازحين والمجتمع المضيف لهم بقاعاً وشمالاً، ومعاناة اللبنانيين عموماً جراء تعطيل الانتخابات الرئاسية. وبينما نقل الضيف الأممي رسالة واضحة في ملف النزوح تتضمن نفياً قاطعاً لمحاولات توطينهم على الأراضي اللبنانية، تلقى في المقابل رسالة مسيحية وطنية من رأس الكنيسة المارونية تشكو له استمرار الشغور في الموقع المسيحي الأول، بقول البطريرك بشارة بطرس الراعي له وفق ما نقلت مصادر اللقاء الذي جمعهما في مطرانية بيروت للموارنة لـ«المستقبل»: «تأملنا كثيراً بحل الأزمة الرئاسية لبنانياً لكننا لم نفلح ولذلك نحن نتكّل عليكم ونطلب منكم أن تساعدونا لانتخاب الرئيس»، مشيرةً إلى أن بان أكد بدوره للراعي أنّ المجتمع الدولي مُصرّ على رؤية اللبنانيين ينتخبون رئيساً لهم في أقرب وقت ممكن، مبدياً في الوقت عينه حرصاً أممياً ودولياً على «أمن لبنان واستقراره وبقائه موحداً بجغرافيته وديمغرافيته».
وبينما سلّم البطريرك الماروني رئيس المنظمة الأممية مذكرة مفصلة تتضمن عرضاً للمواضيع الشائكة الراهنة في لبنان ومنطقة الشرق الأوسط مع اقتراحات لحلها، أوضح البيان الإعلامي الصادر عن اللقاء أن الجانبين توافقا «على وجوب تعاون كل اللبنانيين من أجل تسهيل عملية الانتخاب الرئاسي لأن استمرار الفراغ يزيد من أزمات لبنان ويسير به إلى الوراء»، إضافة إلى «التشديد على كون مسألة النازحين تثقل كاهل لبنان بتداعياتها الاقتصادية والسياسية والأمنية، وعلى ضرورة استئصال أسباب الإرهاب وتعزيز الحوار بين الأديان وتنمية الاعتدال في مواجهته». ورداً على سؤال إثر اللقاء أوضح رئيس أساقفة بيروت للموارنة المطران بولس مطر لـ«المستقبل» أنّ «غبطة البطريرك أثار خلال مناقشة ملف النازحين السوريين مسألة العودة الطوعية إلى وطنهم»، لافتاً إلى أنّ الراعي طرح «جملة أسئلة حول هذه المسألة تتمحور حول ضرورة ألا تكون عودتهم متروكة للأقدار وغير مرتبطة بسقف زمني محدد».
وجال بان أمس يرافقه رئيسا البنكين الدولي جيم يونغ كيم والإسلامي للتنمية أحمد محمد علي مدني في الشمال، بحيث شملت الجولة مخيم نهر البارد حيث عاين الحاجة إلى استكمال الدعم المادي الدولي لعملية إعادة إعمار المخيم كما تسلم شكاوى الفلسطينيين حيال توقف مساعدات الأونروا، وصولاً إلى طرابلس حيث افتتح في منطقة القبة مركز الشؤون الاجتماعية في حضور الوزير رشيد درباس، ومنها إلى «حيّ التنك» في الميناء حيث نقلت مصادر الوفد المرافق لـ«المستقبل» إعجاب المسؤول الأممي بالحضارة الطرابلسية العريقة، مشيرةً إلى أنه في سياق الجولة الميدانية في الحيّ أقدم أحد المواطنين على إشهار بطاقة المساعدات التي يتلقاها من وزارة الشؤون للتدليل على كونه عاطلاً عن العمل نتيجة التردي الحاصل في الأوضاع الاقتصادية، الأمر الذي دفع رئيس البنك الدولي إلى دعوة اللبنانيين المتأثرين بحالة التردي الاقتصادي الضغط باتجاه إعادة عمل البرلمان لإقرار المشاريع والهبات الحيوية التي تعيد تنشيط الدورة الاقتصادية في البلد.
وعن تقويمه للجولة في الشمال وطرابلس، قال درباس لـ«المستقبل»: «كانت من أروع ما يكون، وشعرتُ باعتزاز غير مسبوق»، كاشفاً أنه تلقى وعوداً من رئيسي البنكين الدولي والإسلامي بإرسال موفدين دوليين خلال الأسبوعين المقبلين لمتابعة أوضاع طرابلس والخدمات التنموية والاجتماعية التي تحتاجها.
كذلك زار بان البقاع حيث وصل والوفد المرافق جواً على متن مروحيات للجيش والأمم المتحدة إلى مطار رياق العسكري قبل أن يزور مخيم النازحين في الدلهمية ويستمع إلى حاجاتهم، متمنياً في تصريح أدلى به في ختام الزيارة «أن تؤدي مساعي الأمم المتحدة إلى نتائج ايجابية في ما خص وقف إطلاق النار في سوريا».

الديار :

الملفات الخلافية ستفتح مجددا نهار الثلاثاء مع انتهاء عطلة عيد الفصح وخصوصا ملفي جهاز امن الدولة والانترنت غير الشرعي واستكمال حل ملف النفايات. وقد وعد رئىس الحكومة تمام سلام بمناقشة هذه الملفات في جلسة الحكومة الخميس المقبل، رغم انعدام التوافق على قضية جهاز امن الدولة حتى الان، في ظل استمرار الخلافات بين رئىس الجهاز العميد جورج قرعة ونائبه محمد طفيلي، اذ اخذ النزاع ابعادا طائفية، فيما تعقد نهار الاربعاء القادم جولة الحوار الوطني برئاسة الرئيس نبيه بري والتي ستشهد نقاشا حول قانون الانتخابات النيابية، بعد ان رفعته اللجنة المكلفة الى الرئيس بري، وهذا النقاش لن يصل الى نتيجة. وسيتم ترحيل الملف، لأن الاقطاعيين القدماء والجدد يخافون النسبية كونها المدخل الحقيقي الى ضرب اقطاعياتهم ونفوذهم وممتلكاتهم، ولان الاقطاع القديم والجديد يرفض تمثيل كل شرائح المجتمع عبر النسبية. كما ان هذا الاقطاع يرفض ان يتحول المجلس النيابي الى مجلس تشريعي حقيقي والاصرار على بقاء النائب معقب معاملات، كما يفعل اليوم. كما ان الاقطاع القديم والاقطاع الجديد يخافان دخول وجوه جديدة علمانية تؤمن بالدولة المدنية وتزيل التشجنات الطائفية، فيما هذا الاقطاع لا يعيش الا على التوتر وبث الرعب الطائفي وتخويف الطوائف بعضها من بعض، فهذا الاقطاع لا يؤمن بالآخر وبتمثيل الآخر ولا بالحوار، ولذلك يتمسك بمصالحه ويعتبر قانون الانتخابات مسألة حياة او موت بالنسبة إليه. وعليه، سيتم تأجيل قانون الانتخابات الى ما قبل موعد الانتخابات النيابية بشهرين او ثلاثة، والقول عندئذ دهمنا الوقت فلنعد الى قانون 1960 او اي قانون اخر على قياس الاقطاع القديم والجديد.
وفي المعلومات ان لجنة قانون الانتخابات اكتفت في تقريرها بعرض مواقف الاطراف السياسية من قانون الانتخابات، وان الغالبية تتجه الى اقتراح قانون يعتمد الدائرة الوسط ويجمع بين الاكثرية والنسبية. لكن الخلافات الاساسية تركزت حول حجم الدائرة المتوسطة والاقضية التي سيتم دمجها، خصوصا ان النائب وليد جنبلاط ابلغ الجميع انه لن يوافق الا ان تكون عاليه والشوف دائرة واحدة وعدم ضم بعبدا، ولن يقبل بالامر، كما يرفض النسبية لأنه سيخسر عدد من نواب كتلته وهذا ما يرفضه بالمطلق، ويصر على حصته كاملة. فيما يتمسك النائب طلال ارسلان بضم بعبدا، وهذا ما ادى الى اشكال بينه وبين مروان حماده في لجنة قانون الانتخابات. وطلب جنبلاط من حماده عدم مناقشة هذا الملف، وهو سيحله مع ارسلان. علما ان ارسلان اشاد بموقف الرئيس بري وتأكيده أن لا خروج من ازماتنا الا بقانون على اساس النسبية.
لكن العقدة الاساسية التي تواجه القانون، هو رفض تيار المستقبل ورئىسه سعد الحريري لأي شكل من اشكال النسبية، لا في الدوائر الكبرى ولا في المتوسطة ولا في الصغرى. فيما يتمسك حزب الله وامل والتيار الوطني الحر بالنسبية، رغم ان امل وحزب الله يطالبان بدائرة انتخابية واحدة على مستوى كل لبنان مع النسبية، فيما التيار الوطني مع اعتماد النسبية في اي خيار وليس متمسكا بالدائرة الكبرى، لكنه لن يعارضها.
وقال وزير وسطي ان الامور سترسو في النهاية على قانون 1960 والجميع سيوافق عليه مؤكدا ان قضية قانون الانتخابات لا يمكن التساهل فيها.
وعلم ان الرئيس سعد الحريري ابلغ الجميع رفضه النسبية مؤكداً انه يرفض اعطاء القيادات السنية الاخرى اي احجام او تمثيل في الانتخابات النيابية والبلدية، واذا كان لا بد من اشراك البعض فهو يحدد حجم التمثيل. وبالتالي فإن هذه المواقف تمثل الاقطاع الجديد الذي لا خيار له الا التحالف مع الاقطاع القديم لضرب اي تطوير للحياة السياسية اللبنانية، ومدخل هذا التطور هو قانون الانتخابات.

ـ الانتخابات البلدية ـ

اما على صعيد الاستحقاق الداهم المتمثل بالانتخابات البلدية، ورغم كل الاجراءات «الفولكلورية» الادارية وتأكيد وزير الداخلية محمد المشنوق على اجرائها في موعدها بجبل لبنان في 8 أيار، فان وزير الداخلية متخوف من هذه الخطوة، وهو يتهرب من اجرائها، وابلغ مقربين منه ان حسم اجراء الانتخابات البلدية مرهون بالاجتماع الذي سيعقد بينه وبين قادة الاجهزة الامنية قريبا وتقاريرهم عن اوضاع البلاد. وبالتالي فان المشنوق يحاول رمي كرة التأجيل على الاخرين، والقول إن ظروف البلاد الامنية لا تسمح باجراء الانتخابات البلدية، وقرار التأجيل هذا أخذ في ضوء التقارير الامنية.
وعلم ان تأجيل الانتخابات البلدية سيتم لدورة كاملة، اي 6 سنوات، والعديد من القوى السياسية في هذه الاجواء.
واشارت معلومات الى «انه خلال اجتماع عقد بين الرئيس سعد الحريري والوزير نهاد المشنوق وقيادات في المستقبل، طرح المشنوق ضرورة اجراء الانتخابات البلدية، فرد الحريري «الاساس الان الانتخابات الرئاسية». ولم يعلق المشنوق على كلام الحريري. كما ان الجميع يعلم مدى الازمة المالية التي يعاني منها تيار المستقبل، والتي تتطلب موازنات كبرى في بيروت وطرابلس وصيدا والبقاع. كما ان اصرار الحريري على التأجيل مرتبط ايضا بتوجسه من الآخرين ونفوذهم، وتحديدا في طرابلس، لان تحالف ميقاتي - الصفدي - كرامي سيؤدي الى معادلات جديدة في طرابلس، وكذلك في بيروت، اذا استمر التحالف بين عون وجعجع. وبالتالي، فان الحريري لا يريد الانتخابات النيابية والبلدية، لان اي انتكاسة قد تنعكس على حجمه وعودته الى رئاسة الحكومة كما يطمح.
وبالتالي، فان المشنوق تبلغ رغبة الحريري بالتأجيل، وهو سيترجمها خلال الاجتماع الامني، رغم ان المشنوق سيدعو الهيئات الناخبة اليوم.

 

الجمهورية :

مع دخول البلاد عطلة عيد الفصح لدى الطوائف التي تتّبع التقويم الغربي، وغياب رئيس الجمهورية للسنة الثانية على التوالي عن قداس العيد في بكركي، دخلت السياسة في إجازة، وانكفأ النشاط لمصلحة إقامة رتب سجدة الصليب في الكنائس ورفع الصلوات والعظات التي ركزت على السلام والاستقرار والمحبة. الّا انّ الإجازة تنتهي يوم الثلثاء المقبل لتكرّ معها سُبحة الاستحقاقات والمواعيد. وتتمثل أبرز الملفات الساخنة بملف أمن المطار الذي أثاره وزير الداخلية نهاد المشنوق من لندن، فردّ وزير الاشغال العامة غازي زعيتر مُعلناً عزمه على عقد اجتماع يوم الثلثاء لشرح كلّ الأمور المتعلقة بالأوضاع الأمنية والإدارية والتجهيزات. والى هذا الملف، تشخص الانظار مجدداً الى عين التينة مع انعقاد اجتماع هيئة الحوار الوطني يوم الاربعاء المقبل، وسيعرض رئيس مجلس النواب نبيه بري خلاله تقرير اللجنة النيابية في شأن قانون الانتخابات النيابي، إضافة الى ضرورة تفعيل عمل مجلس النواب واستئناف الجلسات العامة. وتبقى قضية الانترنت غير الشرعي في واجهة الاهتمام، وهي لن تغيب عن نقاشات جلسة مجلس الوزراء الخميس المقبل. خرقت جولة الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون والوفد المرافق، الاستراحة السياسية في البلاد، وطرحت زيارته الهادفة الى «تحسين ظروف اللاجئين السوريين الذين أصبحوا يشكلون ربع سكان البلاد»، علامات استفهام عدة حيال هذا الأمر، فهل يسعى المجتمع الدولي من خلال منح لبنان هِبات مالية الى إسكاته في موضوع النازحين وغَلغلتهم في مجتمع سيشكلون جزءاً من مواطنيه في المستقبل القريب؟ أو بالأحرى هل تتجه الدولة نحو توطين السوريين في بلادنا؟
سلام
وكان رئيس الحكومة تمام سلام قد أبدى ارتياحه لنتائج الزيارة ملمّحاً الى أنها جاءت في توقيت جيد وشكّلت مناسبة للتفاهم على أمور عدة.
وقالت أوساطه لـ«الجمهورية» إنّ بان أبدى تفهّماً عميقاً للواقع اللبناني.
واشادت بالجهود التي بذلها موظفو الأمم المتحدة في بيروت لجهة إطلاع بان وكبار المسؤولين في المؤسسات الدولية على حقيقة ما يعانيه لبنان جرّاء الأزمة السورية وما ألقَته من عبء سياسي وامني واقتصادي واجتماعي وتربوي وصحي، ما يؤدي الى تشجيع المؤسسات الدولية على رفع نسبة المعونات للبنان لمواجهة الوضع الخطير الى حين عودة النازحين الى أراضيهم في أسرع وقت ممكن.
وقالت الأوساط: «إنّ الحديث عن توطين السوريين في لبنان كلام كبير ليس أوانه اليوم، فبلادهم تعاني أزمة خطيرة ولكنها لم تشهد احتلالاً يحول دون عودة السوريين جميعاً الى بلداتهم ومدنهم».
مصادر ديبلوماسية
ونقلت مصادر ديبلوماسية لـ«الجمهورية» عن قريبين من بان أنه اطّلع للمرة الأولى وعن كثب على حقائق كثيرة، وفي ذلك نقاط إيجابية عدة ستحتسب لمصلحة لبنان الذي عليه ان يستمر في رفض توطين السوريين والسّعي الى ردهم الى بلادهم وممارسة أقصى الضغوط على القوى الكبرى التي تناقش الأزمة السورية والحلول المقترحة لها.
قزي
وقال وزير العمل سجعان قزي لـ«الجمهورية»: «انّ زيارة بان للبنان مهمة في هذه المرحلة التي لا رئيس جمهورية وليس هناك من مجلس نيابي فاعل ولا حكومة منتجة. وأكثر من ذلك، فإنها تأتي بينما بدأت مفاوضات التسويات في الشرق الاوسط ولا سيما بالنسبة لسوريا. وما يعطي أهمية اكثر للزيارة انّ بان كي مون أتى برفقة رئيس البنك الدولي ورئيس البنك الاسلامي.
لكن ما يقلق فيها انها أتت وكأنها زيارة لأكثر من دولة: لدولة لبنان التي هي بلا رئيس، لدولة النازحين السوريين ولدولة الفلسطينيين الذين تتخلّى عنهم «الأونروا». لذلك، كان الرئيس تمام سلام واضحاً وحازماً في التشديد على رفض أيّ توطين فلسطيني او سوري في لبنان، وخطابه كان خطاب رجل دولة حريص على وحدة لبنان واستقلاله وميثاقه.
ونحن في هذا الاطار، وإن كنّا بحاجة لمساعدات مالية لمساعدة النازحين السوريين، فإننا نرفض ايّ مساعدة ممكن ان تؤدي الى تثبيتهم في لبنان والى تعزيز التوطين الفلسطيني الحاصل في لبنان. ومع اننا نؤيّد إحاطة اللاجئين الفلسطينيين بالعناية الضرورية، فإننا لا نفهم الزيارة التي قام بها الى نهر البارد في حين انّ مشكلة الفلسطينيين هي في مكان آخر.
وكنّا نتمنى عليه ان يحصر زيارته بجمع القيادات اللبنانية لانتخاب رئيس للجمهورية، فلا أظن انّ الوعود المالية هي التي ستشكّل حافزاً لانتخاب الرئيس لا بل من العار على القيادات اللبنانية ان تُقايض وصول الهبات والقروض بانتخابه».
وتساءل قزي: «إنّ بان الذي ذهب حتى الشمال اللبناني لزيارة مخيم نهر البارد، «لماذا لم يكلّف نفسه المرور ببكركي للاجتماع بالبطريرك الراعي في مقرّه وليس في بيروت؟». وأضاف: «على كل حال يجب إعادة النظر في البروتوكول الذي رافق هذه الزيارة، إذ من أولى الامور أن يزور الامين العام وزارة الخارجية بغضّ النظر من هو الوزير أكان من 8 أو من 14 آذار».
باسيل
توازياً، يعقد وزير الخارجية والمغتربين جبران باسيل مؤتمراً صحافياً عند الساعة الواحدة من بعد ظهر اليوم في البترون، يتناول خلاله ملف النازحين السوريين وموضوع الارهاب.
الجدير ذكره انّ باسيل كان قد غاب عن استقبال بان في مطار بيروت الدولي وعن المحادثات التي أجراها رئيس الحكومة مع بان في السراي الحكومي أمس الاول.
بان والراعي
وكان بان تَوّج يومه الثاني من زيارته بلقاء عقده مع البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي في مطرانية بيروت المارونية، في حضور رئيس أساقفة بيروت المطران بولس مطر والنائب البطريركي العام المطران بولس صياح وممثلة الامين العام في لبنان سيغريد كاغ.
وتطرق البحث الى موضوع رئاسة الجمهورية حيث كان توافق على وجوب تعاون كل اللبنانيين من اجل تسهيل عملية الانتخاب لأنّ استمرار الفراغ يزيد من أزمات لبنان ويسير به الى الوراء، إضافة الى مسألة النازحين التي تُثقل كاهل لبنان بتداعياتها الاقتصادية والسياسية والامنية. وكان تشديد على ضرورة استئصال اسباب الارهاب وتعزيز الحوار بين الاديان وتنمية الاعتدال في مواجهته وقد باتَ يهدد العالم بأسره.
وخلال اللقاء سلّم الراعي الى الأمين العام مذكّرة مفصّلة تتضمّن عرضاً للمواضيع الشائكة الراهنة في لبنان ومنطقة الشرق الاوسط، مع اقتراحات لحلّها.

اللواء :

في اليوم الثاني لزيارته إلى بيروت، تراجع الاهتمام بمهمة الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون التي ووجهت باعتصام فلسطيني في مخيم نهر البارد، ورفعت إليه أكثر من رسالة أو مذكرة، أبرزها من البطريرك الماروني الكاردينال بشارة الراعي الذي طالبه من موقعه بممارسة ما يلزم من ضغط لإنهاء الشغور الرئاسي في لبنان، في وقت غابت فيه هذه القضية عن عظة البطريرك الراعي في قدّاس رتبة دفن السيّد المسيح في بكركي، ولم يجر التطرق إلى هذا الموضوع في سائر العظات والقداديس الأخرى التي اقيمت، سوى إشارة عابرة من الأباتي طنوس نعمة في قدّاس الكسليك الذي جمع المرشح للرئاسة الأولى النائب ميشال عون ووزراء ونواب من «التيار الوطني الحر» و«القوات اللبنانية» والكتائب واحزاب مسيحية أخرى، عندما أعلن «اننا نصلي ليتم انتخاب رئيس للجمهورية».
بدت الجمعة العظيمة للعام الثاني على التوالي حزينة بكل معايير الكلمة، في ظل ضياع غير مسبوق للاهتداء إلى خارطة طريق تنهي هذا الفراغ الذي اوقع اللبنانيين في حالة من اليأس، في ظل طروحات تقدّم الفراغ على ما عداه، تارة باسم «الميثاقية» وتارة باسم «الشراكة» في خروج بالغ الخطورة على تقاليد انتخاب رئيس للجمهورية، سواء بالتوافق إذا امكن أو بالاقتراع الديمقراطي إذا تعذر التوافق.
والأخطر في رأي «مصادر سياسية مسيحية» هو ما جرى تداوله في الاجتماع الأخير لتكتل التغيير والإصلاح يوم الثلاثاء الماضي من إعادة طرح خيار الشارع على طاولة الضغوطات المعتمدة لفرض النائب عون رئيساً، أو أخذ المناطق المسيحية إلى ما يمكن وصفه «حالة افتراق عن اختراق على السلطة المركزية» على الرغم من الدعوات المتكررة لمراعاة «حقوق المسيحيين» في الإدارة والدولة.
واعتبرت المصادر ان تلويح النائب سليمان فرنجية المرشح الثاني القوي من بين أربعة مرشحين تمّ الاتفاق عليهم في بكركي، بأنهم الأكثر تمثيلاً للبيئة المسيحية، بالذهاب إلى مجلس النواب للمشاركة في جلسة 18 نيسان وانتخاب رئيس، في حال لجأ فريقا تفاهم معراب إلى الشارع للضغط على الفريق المسلم وحمله على انتخاب عون، هو الذي جعل الرابية تعيد دراسة هذا الخيار «من دون ان تدفع به إلى الامام أو تتراجع عنه»، وفقاً لمصادر قيادية في «التيار الوطني الحر».
وكشفت هذه المصادر لـ«اللواء» ان هذه الخطوة تدرس كأحد الخيارات الضاغطة تمسكاً لانتخاب عون، بالنظر إلى حيثيته الوطنية والمسيحية، من دون ان تستبعد هذه المصادر التنسيق مع «القوات اللبنانية» «لإظهار وحدة الهواجس المسيحية» على حدّ تعبيرها.
وفي حين جاهر حزب الكتائب على لسان نائب رئيسه الوزير السابق سليم الصايغ برفض خيار التظاهر في الشارع باعتباره «خطوة تؤدي إلى تدمير المجتمع المسيحي»، كشف مصدر قريب من لجنة التواصل القواتي - العوني ان «القوات» لا تبدي حماساً لخطوة غامضة ولا أفق لها، وقد تحمل انعكاسات، خلافاً لما هو المرجو منها.
وقال القيادي في «التيار العوني» الوزير السابق ماريو عون لـ«اللواء»: «نريد احترام الشراكة الوطنية، وكل الاحتمالات تبقى واردة، في ما خص تحرك التيار أو عدمه بانتظار بلورة بعض الامور».
الزيارة العونية للضاهر
وعلى خط التحضيرات لجلسة 18 نيسان، بقيت زيارة المسؤول العوني بيار رفول على رأس وفد من تياره، وبتكليف مباشر من النائب عون، إلى منزل نائب عكار خالد الضاهر، في واجهة المتابعة، سواء لجهة مضاعفاتها داخل التيار العوني الرافض للزيارة، أو لجهة النائب الضاهر نفسه، الذي زار «بيت الوسط» مساء أمس وعقد اجتماعاً مطولاً مع رئيس «تيار المستقبل» الرئيس سعد الحريري انطلاقاً من علاقة الضاهر بكتلة «المستقبل» والحاجة إلى شرح ما جرى تداوله في زيارة رفول، وانطلاقاً من أنه على الرغم من تعليق عضويته في كتلة «المستقبل»، فهو «حليف للتيار» على حدّ ما قاله لـ«اللواء» ليل أمس.
وأشاد الضاهر بمواقف الرئيس الحريري الحريصة على وحدة البلد، واصفاً إياه بأنه «صاحب المبادرات الكبيرة»، وكشف أن زيارة رفول هي الثالثة له، وأن زيارته إلى الرابية «ممكنة بعد ما سمعه من كلام جيّد من قبل وفد التيار العوني تجاه الرئيس الحريري، وما يكنّه التيار من احترام للمملكة العربية السعودية ودول الخليج وحرصه على علاقات لبنان المميزة معها»، مؤكداً أنه «لم يتراجع عن نيّته بانتخاب عون»، وهذا الاختلاف مع «المستقبل» لن يؤثّر على علاقته بالتيار العوني.
رسائل بان
وعلى الرغم من الضجة التي أحدثتها «خطة المقايضات» التي تردّد أن الوفد الأممي يحملها وتقضي بزيادة المساعدات المالية وهيكلتها عبر المفوضية العليا للاجئين إذا ما تغيّر الوصف القانوني للنازحين السوريين الذين يقدّر عددهم بـ1.2 مليون شخص (أرقام الأمم المتحدة) من نازح إلى لاجئ فإن المسؤول الدولي الذي شعر بعبء التقصير تجاه لبنان الذي يستضيف أيضاً 450 ألف لاجئ فلسطيني على أراضيه، رغب بتوجيه أربع رسائل تجاه لبنان، في مؤتمر صحافي عقده في فندق فينيسيا حيث يقيم، وقبيل سفره إلى الأردن اليوم، بعد زيارات تفقدية لأماكن تجمع النازحين السوريين واللاجئين الفلسطينيين في مخيم نهر البارد والبقاع إلى جانب الأحياء الفقيرة في طرابلس حيث أصرّ على مقابلة عائلتين في «حي التنك» في الميناء، والاستماع إلى ظروف حياتهم وما يعانونه من مشكلات غذائية وتعليمية واجتماعية.
واستهل بان رسالته بتوجيه تحية للرئيس تمام سلام على قيادته للبنان في هذه المرحلة، داعياً قادة الأحزاب للتعاون معه، وتضمنت رسائله الآتي:
الرسالة الأولى: الدعم القوي للبنان وهو يواصل صموده أمام أثر الحرب الدائرة في سوريا، متعهداً أيضاً بدعم وكالة غوث اللاجئين الفلسطينيين «الأونروا» وسدّ الفجوة بين المساعدات الإنسانية في الأجل القصير والتدابير المتخذة على المدى البعيد من خلال الشراكة بين لبنان والأمم المتحدة والبنك الدولي والبنك الإسلامي للتنمية بتمويل بشروط ميسّرة.
الرسالة الثانية: اعتبار لبنان قدوة في التعايش والتعددية في الشرق الأوسط، وحاجة شعبه لانتخاب رئيس، لأنه إذا بقي منصب الرئاسة شاغراً ستظل الوحدة الوطنية للبنان ومكانته تفتقران إلى المناعة والاكتمال.
الرسالة الثالثة: اعتبار دور لبنان في مواجهة الإرهاب يساهم في استقرار المنطقة، ودعوة أصدقائه لمواصلة تعزيز قدرات القوات المسلحة اللبنانية.
أما الرسالة الرابعة، فهي التوقف عند الهدوء النسبي منذ العام 2006 في الجنوب، ملاحظاً أن هناك خطر إساءة تقدير العواقب، داعياً لبنان لمواصلة الإسهام في هذا الهدوء.
وفي رده على أسئلة الصحافيين حرص بان على نفي أن تكون الأمم المتحدة أو البنك الدولي في صدد توطين اللاجئين السوريين في لبنان، داعياً إلى قراءة تصريحاته جيداً، مشيراً إلى ان ما نريده هو عودة هؤلاء إلى وطنهم الأم بشكل آمن، وهذا ما نفعله منذ العام 2012.
ولاحظ انه عند زيارته الأخيرة للبنان عقب اندلاع الأزمة السورية كان هناك نزوح لـ5 آلاف لاجئ، لكن هذا الرقم ارتفع إلى أكثر من مليون شخص، بحيث أصبح كل شخص من أصل خمسة هو لاجئ سوري، وإذا ما اضفنا إليهم اللاجئين الفلسطينيين فإن الاحصاءات تُشير إلى أن واحداً من أصل ثلاثة لبنانيين هو اما سوري أو فلسطيني.
وأشار إلى ان هناك أكثر من 4 ملايين مدني سوري هم اليوم لاجئون، أكثر من 12 مليون داخل سوريا هم بحاجة إلى مساعدة إنسانية طارئة، وأكثر من 50 في المائة من البنى التحتية دمرت.