بعد الجزء الأول الخاص بـ"حزب الله" الذي ورد في الوثيقة التي عُرضت على اللجنة الفرعية لشؤون الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، المنبثقة عن لجنة العلاقات الدولية في مجلس النواب الأميركي، بمناسبة جلسة الاستماع لخبراء في العلاقات الدولية حول تنامي مخاطر "حزب الله" على المصالح والأمن القومي الأميركي، يأتي الجزء الثاني المتعلق بالتهديد الكبير الذي يُمثله الحزب.

 

وحذر التقرير الذي قدمه الخبير الدولي والباحث في معهد واشنطن للدراسات حول السياسات في الشرق الأوسط، ماثيو ليفيت، من خطورة "حزب الله" في هذه المرحلة بالذات، بسبب حساسيتها من جهتها، في ظل الاتفاق مع إيران على برنامجه النووي، والتطورات الجيوسياسية التي تشهدها المنطقة من سوريا إلى اليمن مروراً بالعراق، وفي ظل الإنهاك الذي يعرفه هذا الحزب بسبب تمدده وانشغاله بأكثر من جبهة ومن عمله على أكثر من مجال، وذلك في الوقت الذي تراجعت فيه موارده المالية وتعاظمت نفقاته والتزاماته المالية الداخلية والخارجية.

وتُضيف الوثيقة، أن الحزب في أحيان كثيرة يعتمد على شركات وهمية للتغطية على علاقات الحزب بـ"كبار الوسطاء" أو الخبراء الماليين، لتأمين جسور للتعاون والتعامل مع الحزب، لغسيل أمواله وتبييضها قبل إعادة رسكلتها في المسالك المالية القانونية عبر الشركات والواجهات القانونية، وتأمين أرباح هامة للحزب من تجارة المخدرات وتجارة السلاح.

وتعتبر الوثيقة الأميركية، أن حزب الله دخل في الفترة القليلة الماضية مرحلة صعبة ودقيقة بعد استهداف الولايات المتحدة الأميركية بشكل مباشر وواضح القلب النابض لشبكة تمويل حزب الله، "مُركب صفقات الأعمال"أو"Business Affairs component " الذي يُعد العمود الفقري الذي استند إليه الحزب لضخ الأموال في شرايينه وتمويل الخلايا والعمليات والتدخلات، ولكن"بي ايه سي" الذي يرتبط بالذراع العسكري للحزب منظمة الجهاد الإسلامي، بعد صدور قانون المكافحة الدولية لتمويل حزب الله، الذي جعل الحزب يترنح في مواقع كثيرة.

5 قارات و12 دولة

ويؤكد التقرير أن صدور القانون الجديد، يفتتح مرحلة جديدة من الصراع بين الولايات المتحدة و"حزب الله" خاصة على المستوى المالي، في إطار استراتيجية تسعى إلى خنق الحزب المترنح مالياً واقتصادياً، بعد "بتر ذراعه" المالي أو المُركّب المالي الذي أسسه أبرز قياديي الحزب عماد مغنية منذ سنوات، وخلفه في الإشراف عليه بعد رحيل الأخير، القيادي الرسمي في الحزب أدهم طباجة، الذي ضمته الولايات المتحدة أخيراً إلى قائمتها السوداء للمنظمات والأشخاص المتورطين في الإرهاب، أو(Specially Designated Global Terrorist ) واختصاراً (SDGT)، ولتتلقى عمليات وبرامج حزب الله ضربة مؤلمة، ما يُهدد بالتأثير عليها، بطريقة أو بأخرى في طائفة واسعة من الدول وفي قارات العالم الخمس، من لبنان إلى الولايات المتحدة، مروراً بإيران، وفرنسا، وبلجيكا، وبلغاريا، والكنغو، وغانا، ونيجيريا، وقبرص، وعددٍ كبير من المدن داخل الولايات المتحدة الأميركية نفسها، وأيضاً في كامل أميركا الجنوبية، بعد حصر غير نهائي لأنشطة وحضور الحزب على المستوى الدولي.

وفي تقدير الخبراء الأميركيين، فإن حزب الله يعتبر أميركا الجنوبية، من أبرز الفضاءات التي يسعى إلى احتكار النشاط فيها.

وكشف التقرير الذي عرض على مجلس النواب الأميركي، أن تفجير "حزب الله" لجمعية الصداقة الإسرائيلية الأرجنتينية في الذكرى 24 لتأسيس الحزب في 1992، شكل إعلان ولادة الحزب رسمياً في القارة الأميركية الجنوبية، وانطلاقه رسمياً في إرساء معالم شبكة مصالح وعلاقات معقدة في كامل المنطقة.

وبحسب الخبير الأميركي، أن الحزب مقبل على فترة صعبة مالية، بسبب الضربات الموجعة التي وجهتها الولايات المتحدة أخيراً لمصادر تمويل الحزب، وإصدار قانون خاص بتجفيف موارده، بما في ذلك في لبنان نفسه، الذي كان الحزب يُسيطر على جزء كبير من نظامه المصرفي، واستهداف الممولين والمسؤولين المالين في الحزب والمتعاطفين معه، انتهاءً بمنع التعامل مع قناة المنار المملوكة للحزب، أو كما قال الخبير:" انتقلت المواجهة مع حزب الله، إلى قطع الأذرع في كل زاوية وفي كل شارع" في لبنان وفي مختلف أنحاء العالم، ما يفتح المجال ربما لتفكير الحزب في عمليات نوعية جديدة، إرهابية لفك الحصار، وخاصة لتأمين احتياجاته المالية وهو المتورط في أكثر من نقطة ساخنة، في سوريا طبعاً، ولكن أيضاً في العراق، وفي اليمن، وفي الأراضي الفلسطينية المحتلة، وفي دول الخليج وغيرها من المناطق، الأمر الذي يفرض عليه أعباء مالية خانقة.

(24)