أعاد الإرهاب الذي يضرب في قلب الاتّحاد الأوروبي من حين إلى آخر تركيزَ البوصلة على أوروبا خصوصاً وعلى الغرب عموماً، ما يطرح السؤال، إلى أيّ مدى سيكون المعسكر الغربي قادراً على تحمّل هذا الإرهاب وتبعاته والتداعيات؟ يقول سياسيّ بارز إنّ التفجيرات الإرهابية التي تضرب بعضَ العواصم الأوروبية الكبرى تفرض على المجتمع الغربي أن يختار في التعاطي مع الأزمة السورية بين الرئيس السوري بشّار الأسد وبين «داعش» وأخواتها، فالأسد بغَضّ النظر عن رأي خصومه فيه وموقفِهم منه شخصاً ونظاماً، يواجه «داعش» وغيرَها من هذه التنظيمات المتطرّفة من جبهة نصرة وغيرها من المسمّيات التي تشنّ الحرب عليه منذ الأيام الأولى للأزمة السورية بهدف إسقاطه شخصاً ونظاماً.

وهي حظيَت بغَضّ نظرٍ، إنْ لم نقل أكثر من دول كبرى غربية وغيرها دعَمتها وسلّحَتها وسهّلت لها الدخولَ إلى سوريا وخوض الحرب على النظام، مستفيدةً من بيئات حاضنة لها هنا وهناك، وربّما هنالك، وقد دخلَ عناصر هذه التنظيمات الى البلاد السورية والعراقية وغيرها بأعداد بلغَت عشرات الألوف من دول غربية وشرقية متعددة.

ويَكشف هذا السياسي أنّ الروس أدركوا قبل أيام أنّهم أخطأوا في استعجالهم خطوةَ سحب أجزاء أساسية من القوة الروسية العاملة في سوريا برّاً وبحراً وجوّاً منذ أيلول الماضي، إذ إنّهم أقدموا عليها متجاهلين نصائحَ أسداها لهم حلفاؤهم في الميدان وعلى المستوى الديبلوماسي، دعَتهم إلى استئخار خطوة هذا الانسحاب إلى مرحلةٍ لاحقة، ولكن يبدو أنّ القيادة الروسية أصرّت على هذه الخطوة تنفيذاً لقواعد لعبة جديدة، أو ربّما التزاماً لتسوية حصَلت بينها وبين إدارة الرئيس باراك أوباما، يستفيد منها الحزب الديموقراطي الذي ينتمي أوباما إليه في تنافسه على رئاسة الجمهورية مع الحزب الجمهوري الجاري هذه الأيام في مختلف الولايات الأميركية.

وإذ يكشف السياسي نفسُه عن أنّ الجانب الروسي اعترفَ لحلفائه بخَطئه في الانسحاب في التوقيت الخاطئ، فإنّه ليس معروفاً لديه مدى قدرة القيادة الإيرانية على التوسّط لإعادة وصلِ ما انقطعَ بين الروس والأتراك، ولكنّ الجميع يُعوّلون على اللقاء المقرّر اليوم في العاصمة الروسية بين الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ووزير الخارجية الاميركي جون كيري، ويصفُ السياسي هذا اللقاءَ بأنّه «تاريخي»، بحيث يتوخّون أن يؤدّي بنتائجه إلى إطلاق مفاوضات جنيف بفعالية بين ممثّلي النظام والمعارضة، لكي يتمّ التوصّل إلى حلّ سياسي للأزمة السورية.

كذلك يعوّل كثيرون على أهمّية اللقاء الذي سيَعقده بوتين أيضاً مع وليّ عهد أبو ظبي ونائب القائد العام للقوات المسلحة الإماراتية الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، إذ يتوقعون أن يتناول الأزمة اليمنية والتحرّك الجاري لإيجاد حلّ سياسي لها، فهناك حاليّاً حوار يَجري بين المملكة العربية السعودية والحوثيين، وفي موازاته هناك طاولة مفاوضات وحوار ستُعقد في الكويت بين طرفَي الأزمة اليمنية برعاية القيادة الكويتية.

فيما يدور همسٌ هنا وهناك عن انطلاق تواصُل فعلي بين الرياض وطهران، يمكن أن يتوّج بزيارة يقوم بها الرئيس الإيراني الشيخ حسن روحاني في الفترة المقبلة.

وفي انتظار ما ستسفِر عنه مفاوضات جنيف الجارية حالياً، يقول هذا السياسي المتابع من قرب تطوّرات الأزمة السورية، إنّ الميدان السوري سيَشهد في الأيام القليلة المقبلة مزيداً مِن التقدّم الميداني لقوات النظام وحلفائه، خصوصاً لجهة استعادة السيطرة على مدينة تدمر الأثرية، ومعها نحو 30 ألف كيلومتر مربّع من البادية، أي ثلاثة أضعاف مساحة لبنان.

وفي ضوء كلّ هذه المعطيات يرى السياسي نفسُه أنّ إنجاز الاستحقاق الرئاسي لن يتحرّك عملياً إلّا بعد تبلوُر معالم الحلّ السياسي للأزمة السورية والتي يفترض أن تظهر بعد انقضاء المرحلة الأولى التي تدوم 8 أشهر وتنتهي في آب المقبل، حسبما حدّدها قرار مجلس الأمن الدولي الخاص بهذه الأزمة أواخر العام الماضي.

ولذلك يتوقع بعض السياسيين أن يبدأ البحث الجدّي في انتخاب رئيس للجمهورية اللبنانية انطلاقاً مِن جلسة 18 نيسان المقبل التي حدّدها رئيس مجلس النواب نبيه برّي أمس إثر فشلِ مجلس النواب في الانعقاد في الجلسة الـ37 للانتخاب، بسبب عدم توافر النصاب الدستوري والقانوني المطلوب.