اراد الروس ان يظهروا كطرف مفاوض خلال المفاوضات جنيف السوري ويتحببوا الى المعارضة بعد ما شنوا غارات على مواقع المعارضة العسكرية  بجميع اطيافها من داعش وجبهة النصرة والجبهة الاسلامية واحرار الشام والجيش الحر.

وبما ان الروس متمرسون في الفكر النظامي او السستمي يعرفون جيدا بان عليهم الآن ان يغيروا موقعهم في الفسيفساء السوري ويعيدوا توازنا لموقعهم من طرفي المعارضة بعد ما غيروا موقع طرفي الاشتباك في سوريا من بعضهما البعض.

 وبناء عليه ارى بان تصريح الرئيس بوتين المفاجئ باتخاذ القرار بسحب قسم كبير من القوات الروسية من سوريا إذا يوضع في سياقه الزمني يمكن اعتباره وتحليله كاداة ضغط على النظام السوري محاولة منه لدفع المفاوضات السوري- السوري إلى الأمام، لأن هذا التصريح  جاء بعد تأكيد وزير خارجية سوريا على أن مصير بشار الأسد خط أحمر في المفاوضات، وتصريح كبير مفاوضي النظام إيراهيم الجعفري بأن لا يوجد هناك شيئ اسمه المرحلة الانتقالية.  

إذا ما ننظر إلى تصريح الرئيس بوتين في سياق هذين التصريحين يمكن اعتبار كلامه ليس قراراً جدياً بل إنه يوجّه عبر هذا التصريح تهديدا أو إنذاراً للنظام السوري حتى لا يجهض المفاوضات في وقت مبكر جداً ولا يُفرغ المفاوضات من أي دلالة وجدوى عبر طرحه شروطاً تعجيزية يرفضها المعارضة.  

وبموازاة ذلك يكون الغرض من إعلان هذا القرار تطمين المعارضة بالنسبة للمفاوضات  أو جرّها إلى طاولة المفاوضات وشراء الوقت لتعميق الهدنة التي ستصب لصالح النظام.    كما يمكن القول بأن تلك القوات قد أدت مهامها حتى الآن بقلب توازنات القوى على الأرض من السماء السوري، ولم تعد لها نفس الدور الذي ادته خلال الأشهر السبعة الماضية. فضلاً عن أن قسم كبير من القوات الروسية سيبقون في قاعدة حميميم الجوية قاعدة طرطوس البحرية.

  لا شك في أن النظام السوري و حلفاؤه لا يملكون القدرة على الاحتفاظ بإنجازات حصلت خلال تلك الشهر عبر التنسيق بين الطائرات الروسية وبين الجيش السوري والمستشارين العسكرين الإيرانيين وحلفاء إيران، وهذه الحقيقة ليست خافياً على الروس وهم لن يكونوا "كالتي نقضت غزلها من بعد قوة أنكاثاً" ولهذا اعتبر أن هذا التصريح لن يرقى إلى مستوى قرار يؤثر على مجريات الأمور في سوريا، وفي ظل الهدنة التي تستمر إلى أسابيع على الأقل، يجد الروس فرصة للتخفيف من حجم قواتهم في سوريا خلال مناورة دبلوماسية مفاجأة.