إنسحاب روسي غير مفاجيء من سوريا لأنه متوقع وبدون أي مكسب , وإرباك في صفوف حلف الممانعة

 

السفير :

إعادة تموضع روسي، أو انسحاب تدريجي من سوريا، في لحظة إطلاق عملية سياسية، متعثرة كما يبدو بوضوح من عودة الشروط المسبقة في جنيف، يراهن الروس عليها لاستكمال الإمساك بقرار السلم، بعد الحرب في ميادين الضفة الشرقية للمتوسط حيث دخلت الحرب السورية عامها السادس.
الرئيس الروسي فلاديمير بوتين فاجأ من دون شك دمشق، بالإعلان عن «سحب القوة الرئيسية» من الحشد الروسي الجوي، بعد أن أسهم إلى حد كبير، بالعودة إلى جنيف، وخصوصاً، وهذا الأهم بقلب المعادلة الميدانية في سوريا، ودفع الجيش السوري، للخروج من الحصون التي بدأت تضيق حوله في الصيف الماضي، داخل خطوط سوريا المفيدة، وبعد غزو المجموعات المسلحة، تركياً وسعودياً، لإدلب وجسر الشغور.
وقال مسؤولون أميركيون إنهم لم يتلقوا أي إشعار مسبق لقرار بوتين البدء في سحب جزء من القوات العسكرية من سوريا، وعبّروا عن دهشتهم من الإعلان المفاجئ الصادر عن موسكو.
وأعلن البيت الأبيض أن الرئيس الأميركي باراك أوباما تناقش هاتفياً مع بوتين حول «الانسحاب الجزئي» للقوات الروسية.
وبرغم أن الروس أعلموا السوريين مسبقاً، وقبل 24 ساعة، من نشرهم نبأ سحب القوة الرئيسية إلى الإعلام، إلا أن التدبير الروسي، في توقيته وحجمه يظل مفاجئاً، خصوصاً أنهم كانوا قد نقلوا قبل ثلاثة أيام من الإعلان عن سحب جزء من قواتهم، سرباً من 10 طوافات مقاتلة، فيما تحتشد أعداد كبيرة منها في مطار الـ «تي فور» شرق حمص، لرفع وتيرة العملية ضد تنظيم «داعش» في تدمر، وطرده من المدينة.
ويبدو القرار متناقضاً تماماً مع إعلان وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف عن «امتلاك موسكو دلائل عن وجود عسكري تركي داخل الأراضي السورية»، أو تقرير وزارة الدفاع الروسية الذي تحدث عن عشرات قوافل الأسلحة والذخائر التي تتدفق إلى الشمال السوري، من تركيا، بعد أن أعلنت الوزارة أنها قامت بتدمير مستودعات أسلحة وذخائر أمضت المجموعات المسلحة خمسة أعوام في تخزينها، وهي عناصر كلها تحمل على الاستنتاج أن القرار الإنسحابي وليد الساعات الأخيرة وتطوراتها، مؤكداً وصول التباين بين موسكو ودمشق مرحلة متقدمة، خصوصاً أن التواجد في سوريا لا سقف زمنياً له، كما كشف عن ذلك الاتفاق الموقع مع دمشق في 26 آب الماضي، ما يزيد من حدة التساؤلات.
والأرجح أن التعايش الروسي - السوري حول أهداف هذه العملية وأثمانها السياسية قد وصل مرحلة حرجة، خصوصاً أن القرار جاء أحادياً، وصدر من موسكو، وليس بشكل متزامن أو متفق عليه بين دمشق وموسكو.
ويقول مصدر روسي إن السوريين لم يُظهروا مرونة كافية في الأسابيع الماضية في مقاربة المطالب الروسية بالانخراط في العملية السياسية. إذ يربط الروس، كما قالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية ماريا زاخاروفا، مطلع آذار الحالي، بين إجراء الانتخابات التشريعية في 13 نيسان المقبل وبين إشراك المعارضة فيها، برغم أن الكرملين عاد في ما بعد ليرى ، ورداً على مواقف أميركية وسعودية، أن إجراء انتخابات تشريعية سورية، في قلب مفاوضات جنيف، لن يعرقل هذه المفاوضات.
ويقول مصدر روسي إن بوتين اعتبر الإعلان عن إجراء تلك الانتخابات، في يوم الإعلان عن الهدنة في 28 شباط الماضي، تجاهلاً لخريطة الطريق التي تبنتها موسكو وواشنطن في فيينا. وكان جلياً أن توقيت الهدنة، في ذروة تقدم الجيش السوري في ريف اللاذقية، وشمال وشرق حلب، وبدء إحكام الطوق على المدينة، وإغلاق الحدود والمعابر مع تركيا، كان تنازلاً غير مفهوم من السوريين، فضلاً عن أنهم كانوا يرفضون الهدنة بأكملها.
والجيش السوري، الذي كان يعيش قبل «عاصفة السوخوي» مرحلة تراجع نحو حصونه التقليدية، كان سيجد الهدنة خطأ استراتيجياً، وكبحاً لديناميكية بدأت تحقق إنجازات كبيرة، وتحوّل مناطق المجموعات المسلحة إلى مجرد جيوب معزولة يمكن إسقاطها، واستراحة للمقاتلين الذين بدأوا يعيدون تنظيم صفوفهم، وبناء قوتهم العسكرية. وجاء كلام فيتالي تشوركين في الأمم المتحدة، على مداخلة الرئيس السوري بشار الأسد أمام نقابة المحامين وإشارته إلى أنه لم يلتزم بالسياق الروسي، نقداً علنياً للخيارات الروسية، بعدم التوقف في منتصف الطريق، في حين تلوح بشائر النصر.
وإذا كان الموقف الروسي يعبّر عن حاجتهم إلى أفق سياسي لعمليتهم ويبدون أكثر استعجالاً من السوريين، للانخراط في العملية السياسية، وقد لا يتمسكون بالخطوط الحمراء التي تحدث عنها الوزير وليد المعلم، فإن موقف الأسد في التمسك بالانتخابات التشريعية، وبرؤية متوازنة إلى الحل السياسي لا تخضع لجنيف واحد وتسليم الموقع السوري لتركيا والسعودية وقطر ومجموعاتهم، ويحمل الموقف في طياته، حتى إزاء الحليف الروسي، إرادة الاحتفاظ بالقرار السوري المستقل برغم أن البدائل عن الروس صعبة وغير متوفرة. ويتقاطع الإعلان الروسي مع وصول نائب وزير الخارجية السوري فيصل المقداد إلى طهران برفقة وفد عسكري رفيع غير معتاد.
كما أن القرار يتجاوز بكثير ما قيل في حاشيته، سواء البوتينية عن «تنفيذها غالبية مهمات وزارة الدفاع والقوات المسلحة» أو في ديباجة وزارة الدفاع من أن القوات الروسية في سوريا قتلت ألفي إرهابي روسي. وهي ديباجة توجه رسالة مزدوجة إلى الداخل الروسي، الذي تعصره العقوبات الاقتصادية تدريجياً، وتهديدات الإرهاب، معيداً الحرب على الإرهاب إلى مقاييس لا تسمو إلى ما كان الروس يتحدثون عنه في بداية «عاصفة السوخوي» عن حرب على كل الفصائل التي ترفع السلاح في وجه الجيش السوري. كما أن في طيات القرار طمأنة للخائفين من انزلاق روسي في الحرب السورية.
وتقول مصادر سورية إن الروس لم يباشروا حتى الأمس بسحب أي من طوافاتهم وقاذفاتهم الـ120 في قاعدة حميميم الجوية، فيما تقول واشنطن إنها لم تلحظ أي تغيير في قاعدة حميميم حتى الأمس. وكان لافتاً أن الهدنة انعقدت بعد عشرة أيام من لقاء سعودي - فنزويلي - روسي - قطري لتثبيت كميات الإنتاج النفطي، ومحاولة رفع أسعار النفط، التي قفزت من 28 دولاراً للبرميل الواحد، فور دخول الهدنة حيز التنفيذ في 28 شباط، الى 41 دولاراً أمس، وهو مؤشر على ارتباط الاتفاق الرباعي، لا سيما الروسي السعودي بمسار الهدنة، التي أوقفت انهيار المجموعات المسلحة في سوريا.

النهار :

في قرار مفاجئ تزامن مع بدء الجولة الثانية من محادثات جنيف غير المباشرة بين النظام السوري والمعارضة، أوعز الرئيس الروسي فلاديمير بوتين الى وزير الدفاع الروسي سيرغي شويغو بسحب القوات الرئيسية من سوريا بدءاً من اليوم. وقالت سوريا إن الرئيس بشار الأسد اتفق في مكالمة هاتفية مع بوتين على "خفض" حجم القوات الروسية. وصدر القرار بعد خمسة أشهر ونصف شهر من التدخل العسكري الروسي في سوريا الذي ساعد على تحويل دفة الحرب لمصلحة النظام بعد أشهر من المكاسب التي حققتها المعارضة المسلحة في غرب سوريا بدعم إمدادات عسكرية أجنبية منها صواريخ أميركية مضادة للدبابات.

وآخذاً في الاعتبار توقيت القرار، يسعى الكرملين الى الاستفادة سياسياً من التطورات الميدانية التي تحققت بفعل الغارات الجوية الروسية وتفادي تورط عسكري اوسع في الحرب السورية.
وكان لقاء ثلاثي جمع بوتين وشويغو ووزير الخارجية سيرغي لافروف في الكرملين الذي أعلن أن "كل ما خرج به اللقاء تم بالتنسيق مع الرئيس السوري بشار الأسد".
وقال بوتين خلال اللقاء: "أعتبر أنه تم انجاز أكثر مهمات وزارة الدفاع والقوات المسلحة، لذلك آمر وزير الدفاع ببدء سحب الجزء الأساسي من مجموعتنا الحربية من الجمهورية العربية السورية... العمل الفعال لجيشنا هيأ الظروف لبدء عملية السلام". واكد أن القوات المسلحة السورية تمكنت بمشاركة الجيش الروسي "من تحقيق تحول جذري في الحرب ضد الإرهاب الدولي وملكت زمام المبادرة في جميع النواحي تقريباً"، مشيراً الى أن "الجانب الروسي سيحافظ من أجل مراقبة نظام وقف الأعمال العدائية على مركز تأمين تحليق الطيران في الأراضي السورية". كذلك فإن "القاعدتين الروسيتين في حميميم وطرطوس ستواصلان عملهما كما في السابق".
وأمل أن يشكل بدء سحب القوات الروسية من سوريا دافعاً إيجابياً لعملية التفاوض بين القوى السياسية في جنيف. وكلف وزير الخارجية "تعزيز المشاركة الروسية في تنظيم العملية السلمية لحل الأزمة السورية".
وصرّح الناطق باسم الكرملين دميتري بيسكوف بأن بوتين تحدث هاتفياً مع الأسد لإبلاغه القرار الروسي، موضحاً أن المحادثة الهاتفية لم تتطرق الى مستقبل الرئيس السوري.
وأعلن المجلس الاتحادي الروسي بلسان رئيس لجنته لشؤون الدفاع والأمن فيكتور أوزيروف، أن سحب القوات الروسية لا يعني الامتناع عن الالتزامات المتعلقة بتصدير السلاح والتقنيات العسكرية للحكومة السورية، فضلاً عن تدريب الخبراء العسكريين.
واعتبر "أنه سنح للحكومة السورية بفضل مساعدة القوات الفضائية الجوية الروسية، امكان للتعامل مع الإرهابيين بقواها الذاتية".

 

شويغو
الى ذلك، أبلغ شويغو الرئيس الروسي أن القوات السورية يدعمها سلاح الجو الروسي تمكنت منذ بدء العملية الروسية في البلاد من تحرير 400 مدينة وقرية سورية واستعادة السيطرة على أكثر من 10 آلاف كيلومتر مربع من أراضي البلاد.
وقال إن سلاح الجو الروسي نفذ، في إطار عمليته في سوريا منذ 30 أيلول 2015، أكثر من تسعة آلاف طلعة، مشيراً إلى أن القوات الروسية تمكنت خلال هذه الفترة من عرقلة اتجار الإرهابيين بالنفط أو القضاء عليه تماماً في بعض المناطق، كما استطاعت وقف أو تدمير الإمدادات الأساسية لتمويل الإرهابيين ونقل الأسلحة إليهم.
وأضاف أن الطيران الحربي الروسي دمر في سوريا نحو 209 منشأة خاصة بإنتاج النفط، فضلاً عن أكثر من 2000 شاحنة لنقل المنتجات النفطية.
وقتلت القوات الجوية الفضائية الروسية في سوريا أكثر من 2000 مسلح، بينهم 17 قائداً للمجموعات الإرهابية، تسللوا إلى البلاد من أراضي روسيا.
وشدد على أن العسكريين الروس ضمنوا متابعة التزام أطراف الهدنة نظام وقف الأعمال العدائية، وذلك باستخدام طائرات من دون طيار ووسائل استخبارية أخرى ومجموعة الأقمار الاصطناعية الروسية.

دمشق
وجاء في بيان للرئاسة السورية في صفحتها الرسمية بموقع "فايسبوك" للتواصل الاجتماعي: "اتفق الجانبان السوري والروسي خلال اتصال هاتفي بين الرئيسين الاسد وبوتين على خفض عديد القوات الجوية الروسية في سوريا مع استمرار وقف الأعمال القتالية، وبما يتوافق مع المرحلة الميدانية الحالية، مع تأكيد الجانب الروسي على استمرار دعم روسيا الاتحادية لسوريا في مكافحة الإرهاب".
وأضافت ان ذلك يأتي "بعد النجاحات التي حقّقها الجيش العربي السوري بالتعاون مع سلاح الجو الروسي في محاربة الارهاب، وعودة الأمن والأمان الى مناطق عدة في سوريا، وارتفاع وتيرة ورقعة المصالحات في البلاد".
ونفت الرئاسة السورية في بيان ما تردّد عن أن الاعلان الروسي يعكس خلافاً بين البلدين قائلة إن تلك الخطوة جرى التنسيق لها ودراستها منذ فترة.
وأعلن الجيش السوري أنه سيواصل "مقاتلة تنظيم "داعش" و"جبهة النصرة" وغيرها من التنظيمات الارهابية المرتبطة بها بكل حزم واصرار بالتنسيق مع الحلفاء".

المعارضة
ورحبت المعارضة السورية بالاعلان الروسي. وصرّح الناطق باسم الهيئة العليا للمفاوضات سالم المسلط، بأنه إذا كانت هناك "جدية" في تنفيذ الانسحاب، فسيعطي ذلك دفعة إيجابية للمحادثات. وقال إنه إذا كانت هذه خطوة جدية فستشكل عنصرا أساسياً للضغط على "النظام" وستتغير الأمور كثيراً نتيجة لذلك.

واشنطن
وفي واشنطن، افاد مسؤولون أميركيون إنهم لم يتلقوا أي إشعار مسبق بقرار بوتين وعبروا عن دهشتهم من الإعلان المفاجئ الصادر عن موسكو.
وقال مسؤولان أميركيان طلبا عدم ذكر اسميهما إن الولايات المتحدة لا ترى مؤشرات حتى الآن لاستعدادات للقوات الروسية للانسحاب من سوريا.

 

المستقبل :

في تطور مفاجئ قد تكون له تبعات على مسار الأزمة في سوريا ومصير رئيس النظام بشار الأسد، قرر الرئيس الروسي فلاديمير بوتين سحب قواته الرئيسية من سوريا، في خطوة وصفتها مصادر ديبلوماسية في موسكو لـ«المستقبل» بأنها جاءت «بهدف الضغط على نظام الأسد وإيران للكفّ عن عرقلة المسار السياسي». وجاء هذا التطور بالتزامن مع مفاوضات جنيف التي سبقتها إشارة دلت على أنها ستكون مختلفة عن سابقاتها لجهة إمكان أن توصل الى تسوية بعد خمس سنوات من الدم والدمار، مع تأكيد المبعوث الدولي ستيفان دي ميستورا أن الانتقال السياسي سيكون «أساس كل القضايا» التي ستتم مناقشتها مثبّتاً مرجعية قرار مجلس الأمن 2254 المغطى من قبل الراعيين الدوليين للمفاوضات، روسيا والولايات المتحدة، وذلك في رد مباشر على تصريحات لرموز في النظام السوري حاولت رسم «خط أحمر» تحت مصير بشار الأسد باعتباره خارج التفاوض.
إشارة دي ميستورا جاءت في مؤتمر صحافي عقده قبيل انطلاق مفاوضات جنيف، اعتبر خلاله أن «هذه هي لحظة الحقيقة»، اكتسبت دلالة أكثر إيلاماً لنظام الأسد، مع إعلان الرئيس بوتين مساء قرار سحب الجزء الرئيسي من القوات الروسية، التي لعبت دوراً بارزاً منذ أيلول الماضي في إمالة دفة الميزان الميداني لمصلحة الأسد، ما يعني عملياً سحب الغطاء عن هذا النظام وإجباره على الانخراط في التفاوض وفقاً للمرجعية الدولية التي حددها دي ميستورا.
المعارضة السورية سارعت الى التقاط دلالة قرار بوتين فرحبت به معتبرة أن الانسحاب الجاد سيضغط على النظام ويعطي محادثات السلام قوة دفع إيجابية، خصوصاً أن الكرملين قال إن بوتين أبلغ الأسد في اتصال هاتفي بأن الهدنة السارية في سوريا، أسهمت في تهيئة الظروف المواتية لبدء عملية التسوية السياسية للنزاع تحت إشراف الأمم المتحدة.
وقال الكرملين في بيان إن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ونظيره الأميركي باراك أوباما ناقشا الأزمة السورية عبر الهاتف، وأبلغ بوتين أوباما أن القوات الروسية ستبدأ الانسحاب من سوريا بعدما استكملت «المهام الأساسية» في مكافحة الإرهاب. ونقلت فضائية «العربية» أن أوباما رحّب بالخطوة الروسية.
وقال الكرملين «دعا الرئيسان إلى تكثيف العملية من أجل تسوية سياسية للصراع السوري، وعبرا عن دعمهما للمحادثات التي ترعاها الأمم المتحدة وبدأت في جنيف بين الحكومة السورية والمعارضة«. 
وأعلن البيت الأبيض أن الرئيس الأميركي تناقش هاتفياً مع نظيره الروسي حول «الانسحاب الجزئي» للقوات الروسية الذي أعلنه الكرملين. وأوضح البيت الأبيض في بيان أن الرئيسين تناقشا في «إعلان الرئيس بوتين انسحاباً جزئياً للقوات الروسية من سوريا والخطوات المقبلة اللازمة للتنفيذ الكامل لوقف الأعمال القتالية».
وكان البيت الأبيض تعامل بحذر مع إعلان الرئيس الروسي، واعتبر أنه من السابق لأوانه التكهن بالتداعيات المحتملة لقرار من هذا النوع على المفاوضات الجارية في جنيف. وقال جوش ايرنست، المتحدث باسم الرئيس الأميركي باراك أوباما، «لا بد لنا من أن نعرف بدقة ما هي النيات الروسية». وأضاف في مؤتمره الصحافي اليومي «من الصعب علي أن أقوّم التداعيات المحتملة لهذا القرار على المفاوضات الجارية».
وذكر المتحدث أن الولايات المتحدة كانت على الدوام تشدد على أن التدخل العسكري الروسي يجعل الجهود الآيلة للتوصل الى مرحلة انتقالية سياسية في سوريا «أكثر صعوبة». 
وقال مسؤول أميركي طلب عدم الكشف عن اسمه «نأمل أن نعرف المزيد عن الموضوع خلال الساعات المقبلة».
وقال مسؤولان أميركيان طلبا عدم نشر اسميهما إن واشنطن لم تتلق أي إشعار مسبق لقرار بوتين. وأضافا أن الولايات المتحدة لا ترى مؤشرات حتى الآن على استعدادات للقوات الروسية للانسحاب من سوريا. 
وقال وزير الخارجية الألماني فرانك فالتر شتاينماير إن الأسد سيكون تحت ضغط للتفاوض على انتقال سلمي لإنهاء الحرب الأهلية السورية إذا سحبت روسيا معظم قواتها من البلاد. وأوضح شتاينماير في بيان «وإذا تحقق إعلان سحب القوات الروسية فسيزيد ذلك الضغط على نظام الأسد للتفاوض بجدية في نهاية المطاف على انتقال سياسي سلمي في جنيف» في إشارة إلى محادثات السلام الجارية في المدينة السويسرية.
وعبر ديبلوماسي أوروبي عن تشككه، وقال «من الممكن أن يضع ذلك كثيراً من الضغط على الأسد والوقت ملائم لذلك«. لكنه أضاف «أقول أيضاً من الممكن لأننا شاهدنا من قبل أن ما تعد به روسيا ليس دائماً ما يحدث«.
وأكد وزير الدفاع الفرنسي جان إيف لودريان في مقابلة أجرتها معه صحيفة «لوفيغارو« إن القوات الروسية توقفت عملياً عن قصف المعارضة السورية المعتدلة. وجاءت تصريحات لودريان قبل أن يعلن بوتين أنه سيبدأ في سحب قواته المسلحة من سوريا. وأضاف لودريان «الروس.. توقفوا عملياً عن قصف المعارضين المعتدلين»، مضيفاً أن الروس ينفذون هجمات على تنظيم «داعش» المتشدد.
وكان وزير خارجية النظام السوري وليد المعلم، أعلن الأسبوع الماضي أن الحديث عن مصير الأسد «خط أحمر» وهو «ملك الشعب السوري»، وأن وفد النظام الذاهب إلى جنيف «لن يحاور» أحداً يبحث في «مقام الرئاسة»، ما استدعى رداً من وزير الخارجية الأميركي جون كيري الذي رأى أنها «محاولة واضحة لتعطيل العملية السياسية»، مطالباً الرئيس الروسي بأن «ينظر كيف يتصرف بشار الأسد«.
وقال كيري متّهماً رئيس النظام السوري بالتعطيل المتعمّد ومؤكداً موافقة الروس والإيرانيين على طرح بند مصير الأسد في المفاوضات، بأن الأخير أرسل «وزير خارجيته كي يخرّب ما وافق عليه الرئيس بوتين والإيرانيون«.
ويبدو من مسار التطورات أن «المعلم الروسي» نظر فعلاً كيف يتصرف الأسد، فكان قرار سحب القوات عقب اتصال أجراه بوتين مع الأسد، سارع بعده الى استدعاء وزيري الدفاع سيرغي شويغو والخارجية سيرغي لافروف الى الكرملين وإبلاغهما بقراره.
ففي خطوة مفاجئة قال الرئيس الروسي إنه أصدر تعليمات لقواته المسلحة للبدء في سحب «الجزء الرئيسي» للقوات من سوريا وأمر بتكثيف الجهود الديبلوماسية الروسية بغية التوصل لاتفاق سلام في سوريا مع استئناف محادثات السلام برعاية الأمم المتحدة في جنيف بهدف إنهاء الحرب المستمرة منذ خمس سنوات.
وأوعز الرئيس الروسي لوزير الدفاع الروسي سيرغي شويغو بسحب القوات الرئيسية من سوريا خلال لقاء ثلاثي جمع بوتين بشويغو ووزير الخارجية سيرغي لافروف في الكرملين، الذي أعلن ناطق باسمه أن «ما خرج به اللقاء (الثلاثي) تم بالتنسيق مع الرئيس السوري بشار الأسد«.
واعتبر بوتين أن «المهمات التي كلفت بها القوات الروسية في سوريا تم إنجازها«. وقال خلال اللقاء: «أعتبر أنه تم تنفيذ أغلب مهمات وزارة الدفاع والقوات المسلحة، لذلك آمر وزير الدفاع ببدء سحب الجزء الأساسي من مجموعتنا الحربية من الجمهورية العربية السورية»، مؤكداً أن «الجانب الروسي سيحافظ من أجل مراقبة نظام وقف الأعمال القتالية، على مركز تأمين تحليق الطيران في الأراضي السورية«. وأكد أن «القاعدتين الروسيتين في حميميم وطرطوس ستواصلان عملهما كما في السابق«.
وأعرب بوتين عن أمله بأن بدء سحب القوات الروسية من سوريا سيشكل دافعاً إيجابياً لعملية التفاوض بين القوى السياسية في جنيف، وكلف بوتين وزير الخارجية «بتعزيز المشاركة الروسية في تنظيم العملية السلمية لحل الأزمة السورية«.
وقال بيان الكرملين إن بوتين والأسد، أكدا خلال اتصال هاتفي أمس بأن «الهدنة أسهمت في تراجع حاد لوتيرة سفك الدماء في سوريا، وتحسن الوضع الإنساني في البلاد، وتهيئة الظروف المواتية لبدء عملية التسوية السياسية للنزاع تحت إشراف الأمم المتحدة«. وأشارا إلى أن عمل سلاح الجو الروسي «سمح بتحقيق نقلة نوعية في محاربة الإرهابيين وتشويش بنيتهم التحتية وألحق بهم خسائر بشرية جسيمة«.

الديار :

كما كان قرار الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بدخوله العسكري الى سوريا في ايلول مفاجئا للعالم فان قرار انسحابه شكل مفاجأة اكبر حيث تناقلت وسائل الاعلام العالمية الخبر بشكل سريع مع طرح مئات الاسئلة عن الخطوة الروسية ومفاجآت بوتين وما هي خلفياتها واسبابها وتأثيرها على الصراع في سوريا والرئيس السوري بشار الاسد وموازين القوى العسكرية في سوريا التي «مالت» الى جانب النظام السوري وحلفائه في حلب واللاذقية وحمص ودمشق، حيث تعرض المسلحون لضربات كبيرة.
الخطوة الروسية كانت مفاجأة وبررتها بان المهمات التي كلفت بها القوات الروسية في سوريا تم انجازها.
لكن من المعلوم، ان الرئيس بوتين اكد في ايلول ان القوات الروسية ستبقى في سوريا حتى القضاء على المجموعات الارهابية من داعش والنصرة وغيرها. وهذا الامر لم يتم حتى الان، كما ان القرار جاء قبل ساعات عن اعلان وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف انه لا مانع لروسيا من مشاركة الطيران الاميركي الى جانب الطيران الروسي في تحرير الرقة من مسلحي داعش وبالتالي فان السؤال الاساسي ما هي الاسباب التي دفعت بوتين لاتخاذ هذا القرار المفاجئ.
سلسلة من الاسئلة رافقت الخطوة الروسية وهل تمت بالتنسيق مع الادارة الاميركية وهل هناك توافق اميركي روسي على الوصول الى حل سياسي للازمة السورية من خلال مباحثات جنيف عبر ضغط موسكو على النظام السوري وضغط واشنطن على المعارضة في ظل حديث روسي - اميركي عن الوصول الى تفاهمات معينة بينهما حول مستقبل سوريا وبالتالي اعطاء روسيا دفعاً للمفاوضات ودفع النظام والمعارضة الى تقديم تنازلات للحل؟ كما عزا البعض الخطوة الى ظروف اقتصادية صعبة تعاني منها موسكو جراء انخفاض اسعار النفط بينما العملية العسكرية مكلفة جدا، وان روسيا ربما اقتنعت انه لا يمكن حسم الامور عسكريا على الارض من خلال القصف الجوي فقط ولذلك اعلنت روسيا الانسحاب حاليا وباستطاعتها القول للشعب الروسي انها انتصرت في سوريا عبر خلق توازنات جديدة على الارض وان سلاح الجو الروسي اثبت فاعليته الحربية، وبات الشعب الروسي يستطيع الاطمئنان الى قوة روسيا وحماية الاراضي الروسية. كما برر البعض الخطوة الى خلاف عسكري - روسي - سوري في ظل اصرار دمشق على الاستمرار بعمليتها العسكرية للقضاء على الارهاب فيما ترى موسكو ان العملية السياسية هي الحل، خصوصا ان روسيا دولة لها مصالحها الشرق اوسطية التي تختلف كليا مع نظرة سوريا؟ وهناك من يشير الى تباين روسي - ايراني حول الوضع في سوريا، وتحديدا بعد اعلان المسؤول الايراني امير حسين عبد اللهيان ان الامام خامنئي يعتبر ان الاسد خط احمر ولا يقبل برحيله، فيما روسيا تريد حكومة انتقالية ومسار سياسي تتفق عليه مع واشنطن؟ في حين ان الاحاديث الروسية ودي ميستورا عن الفيدرالية في سوريا ردت عليها ايران بالحديث عن وحدة الاراضي السورية؟
كما اشارت معلومات ان الخطوة الروسية ربما له علاقة بعودة التصعيد على الجبهة الاوكرانية وكذلك حشد القوى الاسلامية المتطرفة قواتها في الجمهوريات الاسلامية على حدود روسيا وهذا ما يفرض اجراءات واسعة؟
كما طرح البعض اسئلة حول تخوف بوتين من الغرق في المستنقع السوري وعدم تكرار سيناريو افغانستان؟ اما المعارضة السورية فتحدثت بايجابية عن الخطوة وقالت اذا كان الانسحاب الروسي جاداً فسيعطي محادثات السلام دفعة ايجابية ورأى قياديون في المعارضة، ان الخطوة الروسية تؤكد استحالة بقاء الرئيس بشار الاسد في السلطة بعد احاديث وزير خارجية سوريا وليد المعلم ان الاسد خط احمر وكذلك مندوب سوريا في الامم المتحدة بشار الجعفري، ان الذين يتحدثون عن رحيل الرئيس الاسد هم واهمون.

ـ الموقف الاميركي ـ

ونقلت «وكالة رويترز عن مسؤولين اميركيين اشارتهم الى ان واشنطن لا ترى حتى الان اي علامات للتحضير لانسحاب القوات الروسية من سوريا.
العقدة الروسية جاءت مع بدء المفاوضات الجدية في جنيف وطرح مخارج للحلول وربما بطمأنة اميركية - روسية بعدم انهيار واسع لاتفاق اطلاق النار في ظل صمود الهدنة، ومن الطبيعي ان تبقى هذه الخطوة موضع متابعة دولية وعربية.

ـ بوتين يأمر بسحب القوات الروسيةـ

وكان الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أمر ببدْء سحب القوات الاساسية من سوريا اعتبارا من اليوم مع إبقاء عديد القوات والمعدات العسكريةِ اللازمة في قاعدتَي حميميم الجوية وطرطوس، ويقر في اتصال مع نظيره السوري ، بأن الهدنة أسهمت في تراجع حاد لوتيرة سفك الدماء وأن الجيش السوري وحلفاؤه قلبوا المعادلة وهم يمسكون بزمام المبادرة العسكرية.
وأوعز الرئيس الروسي فلاديمير بوتين لوزير الدفاع الروسي، سيرغي شويغو، بسحب القوات الرئيسية من سوريا بدءاً من اليوم.
جاء ذلك عقب لقاء ثلاثي جمع بوتين بشويغو ووزير الخارجية سيرغي لافروف، امس في الكرملين.
واعلن الكرملين أن «جميع ما خرج به اللقاء (الثلاثي) تم بالتنسيق مع الرئيس السوري بشار الأسد».
واعتبر بوتين أن «المهمات التي كلفت بها القوات الروسية في سوريا تم انجازها»، وان قرار سحب القوات الأساسية إتخذ بعد تحقيق العملية العسكرية أهدافها الرئيسية في إلحاق هزيمة بالارهاب وإطلاق العملية السياسية في سوريا.
وقال خلال اللقاء: «أعتبر أنه تم تنفيذ أغلب مهمات وزارة الدفاع والقوات المسلحة، لذلك أمر وزير الدفاع ببدء سحب الجزء الأساسي من مجموعتنا الحربية من الجمهورية العربية السورية»، منوها بأن «الجانب الروسي سيحافظ من أجل مراقبة نظام وقف الأعمال القتالية على مركز تأمين تحليق الطيران في الأراضي السورية».
وأكد بوتين كذلك أن «القاعدتين الروسيتين في حميميم وطرطوس ستواصلان عملهما كما في السابق»،مؤكداً على وجوب تأمين القاعدتين بشكل محكم من البحر والبر والجو.
كما كلف بوتين وزير الخارجية «بتعزيز المشاركة الروسية في تنظيم العملية السلمية لحل الأزمة السورية».
وفي اتصال هاتفي أجراه بوتين مع نظيره السوري بشار الأسد، أقر الجانبان بأن الهدنة أسهمت في تراجع حاد لوتيرة سفك الدماء في سوريا، وتحسن الوضع الإنساني في البلاد، وتهيئة الظروف المواتية لبدء عملية التسوية السياسية للنزاع تحت إشراف الأمم المتحدة.
وأشار الرئيسان إلى أن عمل سلاح الجو الروسي سمحت بتحقيق نقلة نوعية في محاربة الإرهابيين وتشويش بنيتهم التحتية وإلحاق بهم خسائر بشرية جسيمة، حسبما جاء في بيان صدر عن الكرملين.


وقال الرئيس الروسي إن الجيش السوري وحلفاءه قلبوا المعادلة ويمسكون بزمام المبادرة العسكرية في سوريا.وأن القوات المسلحة الروسية قد نفذّت المهمات الرئيسية التي كلفت بها، وتم الاتفاق على سحب الجزء الأكبر من مجموعة الطيران الحربي الروسي من سوريا، مع إبقاء مركز مكلف بضمان تحليقات الطيران في سوريا، وذلك بهدف مراقبة تنفيذ شروط وقف الأعمال القتالية.
وقال بيان الرئاسة السورية بعد اتصال بوتين بالاسد إنه «بعد النجاحات التي حقّقها الجيش العربي السوري بالتعاون مع سلاح الجو الروسي في محاربة الإرهاب، وعودة الأمن والأمان لمناطق عديدة في سوريا، وارتفاع وتيرة ورقعة المصالحات في البلاد.. اتفق الجانبان السوري والروسي خلال اتصال هاتفي بين الرئيسين الأسد وبوتين على تخفيض عديد القوات الجوية الروسية في سوريا، مع استمرار وقف الأعمال القتالية، وبما يتوافق مع المرحلة الميدانية الحالية، مع تأكيد الجانب الروسي على استمرار دعم روسيا الاتحادية لسوريا في مكافحة الإرهاب».
وجاء في البيان أن الرئيس السوري أشاد بمهنية وبطولة الجنود والضباط الروس الذين شاركوا في الأعمال القتالية، وأعرب عن امتنانه العميق لروسيا على إسهامها الكبير في محاربة الإرهاب وتقديم مساعدة إنسانية إلى السكان المدنيين السوريين.
وقالت الرئاسة السورية إن روسيا تعهّدت بمواصلة دعم سوريا لمحاربة الارهاب، كما أشار بشار الأسد إلى استعداد دمشق لبدء العملية السياسية في البلاد أسرع ما يمكن، معرباً عن أمله أن تثمر المفاوضات التي بدأت في جنيف بين الحكومة السورية وممثلي المعارضة بنتائج ملموسة.
وعدد الرئيس الروسي لأهم الانجازات الميدانية في سوريا فقال إنه تم انشاء قوة عسكرية ضاربة في سوريا خلال فترة زمنية قصيرة، فضلاً عن «نظام حديث جدا للدفاع الجوي يضم مجمعات اس 400 التي لا مثيل لها».
وأضاف، «استخدمنا احدث المعدات العسكرية التي اثبتت فعاليتها، لا سيما الصواريخ المجنحة التي أطلقت من السفن والغواصات ومن بحار عالمية مختلفة».
من جهته، كشف وزير الدفاع الروسي سيرغي شويغو أنه قد تم تحرير حقول النفط والغاز في محيط تدمر وتسليمها للسلطات السورية وهي بدأت العمل بشكل طبيعي».
وأضاف أن القوات الجو - فضائية دمرت 209 منشأة نفطية غير شرعية وثلاثة الاف ناقلة نفط كان يستخدمها داعش، كاشفاً أن القوات الروسية ساعدت على تحرير 400 بلدة وما يقارب عشرة الآف كم مربع من الأراضي السورية.
وفي ردود الفعل، قالت وسائل إعلام اسرائيلية إن إعلان بوتين سحب قوات من سوريا فاجأ كل دول العالم بما في ذلك اسرائيل، في حين قالت القناة الإسرائيلية الأولى إن الخط الساخن بين اسرائيل وروسيا سيعمل قريباً لمعرفة حجم القوات التي ستغادر سوريا.
بدورها أفادت وكالة إنترفاكس الروسية إن الناطق باسم الهيئة العليا للمفاوضات لوفد الرياض رحّب بقرار موسكو بدء سحب قواتها من سوريا.واعتبرت المعارضة السورية أن «انسحاب روسي حقيقي من سوريا سيزيد الضغط على السلطات ويفضي الى التغيير»، وقال المتحدث باسم المعارضة السورية أنه «إذا كان الانسحاب الروسي جاداً فسيعطي محادثات السلام دفعة إيجابية».

 

الجمهورية :

سرقَ الأضواء مساء أمس قرار الرئيس الروسي فلاديمير بوتين البدءَ بسحب الجزء الرئيسي من القوة الروسية في سوريا اليوم، بعدما حقّق التدخّل العسكري الروسي أهدافه الى حد كبير، ما أثار تساؤلات عدة محلّياً وإقليمياً ودولياً حول جهة توقيته وأبعاده والخلفيات، خصوصاً أنّه تزامنَ مع استئناف مفاوضات السلام السورية في جنيف بنسختها الثالثة أمس، فيما يستمرّ وقفُ إطلاق النار في سوريا صامداً. وكاد هذا التطور الروسي أن يحجب الاهتمام الداخلي عن القضايا المطروحة، من موضوع الأزمة مع الدول العربية، إلى خطة النفايات التي اتّخِذت كلّ الإجراءات الأمنية لمواكبة تنفيذها، فيما انشَدّت الأنظار مساءً إلى مواقف أطلقَها رئيس تكتّل «التغيير والإصلاح» النائب ميشال عون الذي أعلن «أنّنا لن نسمح بالتمديد للوضع القائم منذ الـ 1990» متوجّهاً إلى جمهوره قائلاً: «إيّاكم أن تقعوا في اليأس، وجهّزوا سواعدكم». واعتبَر أنّ «مجلس النواب انتهَت صلاحيته منذ 2013 ولا يحقّ له انتخاب رئيس جمهورية شرعي». فقد أمرَ بوتين في قرار مفاجئ وزارة الدفاع الروسية بالبدء اليوم بسحب الجزء الرئيسي من القوة الروسية في سوريا، وأكد أنّ التدخّل العسكري الروسي حقق أهدافه إلى حد كبير.
وأعلنت الرئاسة السورية في بيان أنّ الجانبين السوري والروسي أكّدا خلال اتصال هاتفي بين الرئيسين ‫الأسد وبوتين على تخفيض عديد القوات الجوية الروسية في سوريا، مع استمرار وقف الأعمال القتالية». (راجع صفحة 14 ـ 15).
السعودية
وفي غمرة الانهماك الخارجي والداخلي بمتابعة التدابير الخليجية عموماً والسعودية خصوصاً ضد «حزب الله» والتي استمرّت مفاعيلها امس مع اعلان البحرين إبعاد عدد من اللبنانيين، أكد مجلس الوزراء السعودي «أنّ قرار جامعة الدول العربية اعتبار ما يسمّى «حزب الله» منظمة إرهابية واستنكار التدخّلات الإيرانية في الشؤون الداخلية للدول العربية، يجسّد الحرص على محاربة الإرهاب والوقوف في وجه كل من يدعمه ويسانده ويحاول إثارة النعرات الطائفية لزعزعة الأمن والاستقرار بما يتنافى مع حسن الجوار ومبادئ ميثاق الأمم المتحدة والقانون الدولي.
وأشار المجلس في هذا الشأن إلى إدانة وشجب مجلس وزراء الداخلية العرب الذي عقد في تونس مؤخراً للممارسات والأعمال الخطيرة التي يقوم بها «حزب الله» الإرهابي لزعزعة الأمن والسلم الاجتماعي في بعض الدول العربية.
وفي الشأن الداخلي شدد المجلس على ما تضمنه بيان وزارة الداخلية من تأكيد على أن كل مواطن أو مقيم يؤيد أو يظهر الانتماء إلى «حزب الله» أو يتعاطف معه أو يروّج له أو يتبرع له أو يتواصل معه أو يؤوي أو يتستّر على من ينتمي إليه فسيطبّق بحقه ما تقضي به الأنظمة والأوامر من عقوبات مشددة بما في ذلك نظام جرائم الإرهاب وتمويله، إضافة إلى إبعاد أيّ مقيم تثبت إدانته بمثل تلك الأعمال».
إطلالات بالمفرّق
على صعيد آخر، وفي ذكرى «انتفاضة الاستقلال»، استعيض عن مشهدية 14 آذار الجامعة بإطلالات لبعض اركانها بالمفرّق، فأطلّ بعضهم «تويتريا» كالنائب وليد جنبلاط، وبعضهم عبر مؤتمر صحافي كرئيس حزب «القوات اللبنانية» الدكتور سمير جعجع ومنسّق الامانة العامة لقوى 14 آذار النائب السابق الدكتور فارس سعيد، فيما اختار الرئيس سعد الحريري التوجّه الى وزارة الدفاع والاجتماع مع قائد الجيش العماد جان قهوجي، قبل ان يغادر بيروت مساء متوجّهاً إلى باريس في زيارة خاصة.
وكان الحريري وضَع زيارته الى اليرزة في إطار «شُكر الجيش على ما يقدّمه للبنان وخصوصاً انّه حمى تظاهرة «14 آذار» 2005، ويواجه الإرهاب».
وأكد ثقته بأنّ «العرب لن يتركوا لبنان، فهم لطالما وقفوا الى جانبه وساعدوه في السرّاء والضرّاء، وأتمنى أن تكون الأمور مستقبلاً أفضل، وهذا مسعى، نحن السياسيين علينا أن نقوم به، خصوصاً أمام هذه العاصفة التي نواجهها». وقال إنّ «الهبة جُمِّدت، ولكنّنا نحن السياسيين يجب أن نسعى ونعمل ونطمئن ونقول إننا مع الجيش اللبناني وإنه جيش لكلّ اللبنانيين» (تفاصيل ص 6).
قهوجي عند برّي
ولاحقاً، زار قهوجي ومدير المخابرات الجديد كميل ضاهر، رئيس مجلس النواب نبيه بري، وجرى عرض للوضع الامني في البلاد وشؤون المؤسسة العسكرية.
جعجع
في هذا الوقت، قال جعجع :»إذا شاءت الظروف ان نستعيض هذه السنة عن الإطلالة الجامعة بإطلالات منفردة، فهذا لا يعني إطلاقاً أنّ ١٤ آذار انتهت». ودعا كلّ قيادات ١٤ آذار إلى «مراجعة لتجاوز الانقسامات الحالية والتمسك بمشروع ١٤ آذار، أي التمسّك بلبنان الحلم».
سعيد لـ«الجمهورية»
بدوره، أكد سعيد لـ«الجمهورية» انّه سيستمر في تحمّل مسؤولياته «إذا كان هناك فعلا إقتناع داخل 14 آذار لإعادة حمل القضية اللبنانية كما كنّا نحملها في العام 2005 «. لكنّه طبعاً مستقيل من معالجات الوضع داخل 14 آذار «من خلال العلاقات الخاصة والترميم بالمسكّنات».
عون
مِن جهته، أكّد رئيس تكتّل «التغيير والإصلاح» النائب ميشال عون «أنّنا لن نسمح بالتمديد للوضع القائم منذ الـ 1990، وإيّاكم أن تقعوا باليأس، وجهّزوا سواعدكم».
قال عون خلال احتفال التيار الوطني الحر بذكرى 14 آذار «لدينا خَللٌ في التوزيع الديموغرافي، وخطأُ المسيحيين أنّهم عاشوا وتوزّعوا بـ 22 قضاءً مع كلّ الطوائف، فعاشوا كأقلية، ونحن لا نتكلّم بطائفية، لكنْ لا إنصافَ بالتوزيع، وقد طالبنا ونطالب بقانون نِسبي يتضمّن أكثرية وأقلّية من كلّ الطوائف، فيكون البرلمان صورةً كاملة عن خارطة الشعب اللبناني»، معتبراً أنّه «عندما مدّدوا للمجلس اغتصَبوا السلطة، فالشعب مصدر السلطات، يمارسها من خلال المؤسسات الدستورية. والشرعيةُ تعطى من الشعب وليس النواب من يمدّدون لأنفسهم، ومجلس النواب انتهَت صلاحيته منذ 2013 ولا يحقّ له انتخاب رئيس جمهورية شرعي».
وأضاف: «يتّهموننا بالتعطيل، ولكنّنا لن نعطي شرعيةً لمن ليس لهم شرعية، ونحن لا نطلب تغييرَ (إتفاق) الطائف بل نطلب شرحَه بشكل صحيح. فأين المناصفة بالتمثيل والقانون الانتخابي الذي سيحافظ على صحّة التمثيل لمختلف شرائح الشعب؟ هل تَحرمني مِن حقّي وتطلب منّي احترامَ قواعد العيش المشترك.
وبعد تجربة 11 عاماً لستُ مرتاحاً، الحاكمون حاوَلوا تأخيرَ عودتي إلى لبنان إلى ما بعد الانتخابات، وقالوا لي إنتبِه إلى المعارضة لا نريدها أن تنقسم، هم سرَقوا منّا الهدف والتاريخ والشعار وسمّوا أنفسَهم 14 آذار، واليوم سَقطت «14 آذار» التايوانية وبقيَت الأصلية، وسرَقوا منّا التاريخ والشعار، ولكن لا بدّ لكلّ شيء سيّئ من نهاية، وأنا جَدُّ المعارضة «وبَيّها «و «إبنها».
ورأى عون أنّ «الميثاق الوطني يُعيّن رئيس الحكومة الأكثر شعبيةً، وكذلك رئيس مجلس النواب، فلماذا لا يتمّ انتخاب رئيس للجمهورية يكون الأكثر تمثيلاً؟ هذه القصّة انتهَت ولن نقبل بعد اليوم أن تكون مصالح الشعب للبناني فريسة الأهواء والمصالح.»
إجتماع أمني
وفيما يَسود ترقّب لتنفيذ خطة النفايات على الارض، طلب رئيس الحكومة تمام سلام من قادة القوى العسكرية والأمنية مواكبة الخطة الشاملة للنفايات تنفيذاً لقرار مجلس الوزراء واتّخاذ كل التدابير اللازمة لمنع أيّ محاولة للإخلال بالنظام العام.
وكان سلام ترأسَ اجتماعاً أمنياً حضرَه وزيرا الدفاع والداخلية وقائد الجيش وقادة الاجهزة الامنية، وعرض المجتمعون لآخر التطورات الأمنية والجهود المبذولة لضبط الأمن ومكافحة الجريمة في كلّ أنحاء البلاد، فضلاً عن العمليات التي يقوم بها الجيش والأجهزة الامنية ضد الارهابيين في الداخل وعند الحدود الشرقية. وطلبَ سلام من قادة القوى العسكرية والأمنية مواكبة الخطة الشاملة للنفايات تنفيذاً لقرار مجلس الوزراء، واتّخاذ كلّ التدابير اللازمة لمنع أيّ محاولة للإخلال بالنظام العام.
وفي المعلومات أنّ سلام تحدّثَ في بداية اللقاء شارحاً الظروفَ الأمنية التي استدعت انعقاده، لافتاً إلى أنّ ما تحقّقه الأجهزة الأمنية من إنجازات داخلياً وعلى الحدود يلقي عليها مهمات وطنية اضافية كبرى، وتحديداً في هذه المرحلة التي تمر بها البلاد، مكرّراً التأكيد أنّ معظم هذه القضايا لم تكن مطروحة بهذا النحو لو كان هناك رئيس للجمهورية. وقال «إنّ الإجتماع مخصّص لقراءة أمنية للتطورات بشمولية وعلى مختلف المستويات الداخلية والخارجية، فالقضايا الأمنية متشعّبة ومتعدّدة ولا بدّ من مواجهتها».
ثمّ قدّم قائد الجيش وقادة القوى والأجهزة العسكرية والأمنية تقارير تناولت الأحداث الأمنية من جوانبها المختلفة، كذلك تناولت العملية العسكرية التي نفّذها الجيش في عرسال الأسبوع الماضي. وشرح قهوجي أهمّيتها والنتائج المترتبة عليها مؤكداً أنّها «عملية استثنائية ناجحة بكلّ المقاييس».
وتحدّث اللواء بصبوص عن الوضع الأمني، وتوقّف ورئيس شعبة المعلومات عند الجرائم التي ارتكِبت اخيراً بحقّ بعض المواطنين الكويتيين، فلفتا الى انّ التحقيقات التي أجريَت مع منفّذي هذه الجرائم وجميعهم من السوريين ليست مترابطة وأنّ هدف السرقة واضح، وليس هناك ما يهدّد أمنَ الخليجيين عموماً أو الكويتيين، خصوصاً المقيمين على الأراضي اللبنانية.
ومن جهته، قدّم اللواء ابراهيم تقريراً مماثلا تناوَل ما تقوم به مديرية الأمن العام في مواجهة الجريمة المتعددة الوجوه. وعرضَ المجتمعون للتقارير الأمنية الداخلية والخارجية، معتبرين أنّ الوضع الأمني ممسوك وليس هناك ما هو غير استثنائي. ونوّهوا بحجم التعاون بين الأجهزة الأمنية والقضائية التي تكمل بعضُها بعضاً.
وفي جزء من الاجتماع لفتَ رئيس الحكومة ووزير الداخلية الى مقررات مجلس الوزراء الخاصة بمعالجة ملف النفايات، فأكدوا أنّ القرار السياسي متوافر لتنفيذ الخطة هذه المرّة وأنّ على قوى الأمن الداخلي ان تكون جاهزة متى أنهَت المراجع الإدارية المختصة وشركات النقل التي ستتولّى نقل النفايات سواء المجمَّعة في بيروت والمناطق وتلك التي ستُجمع من الشوارع لتوفير الحماية لها الى المطامر المحدّدة على أن تكون قوى الجيش للمؤازرة في حال حصل أي طارئ.
وأكدوا أنّ الساعة صفر لم تحدّد بعد لبدء الجمع، في انتظار التدابير الخاصة بمواعيد بدء النقل يومياً، فهناك برنامج سيحدّد لحركة الشاحنات لمنع انعكاسها على حركة السير بين العاصمة والمناطق والمطامر، وسيعلن عنه.

اللواء :

في خطوة مفاجئة خطفت الاضواء من مفاوضات جنيف التي كانت أنظار العالم متجهة اليها، أمر الرئيس الروسي فلاديمير بوتين امس بسحب القسم الاكبر من القوات العسكرية المنتشرة في سوريا منذ 30 ايلول، والتي سمحت الاف الغارات الجوية التي قامت بها للجيش السوري باحراز تقدم على الارض. 
وجاء هذا الاعلان المفاجئ متزامنا مع جولة جديدة من المفاوضات في جنيف بين النظام والمعارضة، واثر اتصال هاتفي بين الرئيسين الروسي والسوري بشار الاسد. 
ومساء أعلن البيت الأبيض أن الرئيس الأميركي باراك أوباما تناقش هاتفيا مع نظيره الروسي فلاديمير بوتين حول «الانسحاب الجزئي» للقوات الروسية. 
وأوضح البيت الأبيض في بيان أن الرئيسين تناقشا في «إعلان الرئيس بوتين إنسحابا جزئيا للقوات الروسية من سوريا والخطوات المقبلة اللازمة للتنفيذ الكامل لوقف الأعمال القتالية».
وقال بوتين لوزير الدفاع سيرغي شويغو عبر التلفزيون «ان المهمة التي طلبت من وزارة دفاعنا والقوات المسلحة انجزت عموما، لذلك امرت وزارة الدفاع ببدء انسحاب القسم الاكبر من قواتنا العسكرية من الجمهورية العربية السورية اعتبارا من الغد (الثلاثاء)». 
وجاء في بيان الكرملين ان الطرف الروسي سيحتفظ بقوة جوية على الاراضي السورية لمراقبة وقف اطلاق النار. 
وأكد الكرملين ان قرار الرئيس الروسي تم بالاتفاق مع نظيره السوري و«ان الرئيسين أكدا ان تدخل القوات الجوية الروسية سمح بتغيير الوضع جذريا في محاربة الارهاب وضرب البنى التحتية للمقاتلين (الاعداء) وتوجيه ضربة كبيرة اليهم». 
وكان البيت الابيض قد تعامل بحذر مع الإعلان الروسي واعتبر أنه من السابق لأوانه التكهن بالتداعيات المحتملة لقرار من هذا النوع على المفاوضات الجارية في جنيف.
وقال جوش ايرنست، المتحدث باسم الرئيس الأميركي باراك أوباما «لا بد لنا من أن نعرف بدقة ما هي النوايا الروسية».
وأضاف في مؤتمره الصحافي اليومي «من الصعب علي أن اقيم التداعيات المحتملة لهذا القرار على المفاوضات الجارية».
وكان مسؤولون أميركيون قالوا بأن واشنطن لا ترى مؤشرات بعد على استعدادات لانسحاب روسي من سوريا.
من جهة ثانية، قال دميتري بيسكوف المتحدث باسم الكرملين إن بوتين والأسد لم يناقشا مستقبل الأسد في المكالمة الهاتفية امس.
كما اكد السفير الروسي لدى الامم المتحدة فيتالي تشوركين ان الانسحاب العسكري الروسي من سوريا سيساعد على تكثيف الجهود للتوصل الى تسوية سياسية للنزاع. 
من جانبها وإزاء التكهنات التي رافقت القرار الروسي المفاجئ، اصدرت الرئاسة السورية مساء بيانا ثانيا نفت فيه ان يكون اعلان الانسحاب الروسي «يعكس خلافا سوريا روسيا»، بحسب ما «تروج» له بعض وسائل الاعلام واعلنت ان موسكو اكدت الاستمرار في دعمها لها في مجال «مكافحة الارهاب».
ورحبت المعارضة السورية بإعلان بوتين قائلة إن الانسحاب الجاد سيضغط على النظام ويعطي محادثات السلام قوة دفع إيجابية.
وقال سالم المسلط المتحدث باسم الهيئة العليا للمفاوضات إنه إذا كانت هناك «جدية» في تنفيذ الانسحاب فسيعطي ذلك دفعة إيجابية للمحادثات.
وأضاف المسلط أنه إذا كانت هذه خطوة جادة فستشكل عنصرا أساسيا للضغط على «النظام» وستتغير الأمور كثيرا نتيجة لذلك.
وأعلن المسلط ان المعارضة تريد التحقق من تنفيذ القرار الروسي «على الأرض» . 
وقال «لا بد من ان نتحقق من طبيعة هذا القرار وما المقصود به» مضيفا «اذا كان هناك قرار بسحب القوات (الروسية) فهذا قرار ايجابي ولا بد من ان نرى ذلك على الارض».
 في موازاة ذلك، بدأت في جنيف جولة جديدة من المفاوضات السورية تحت رعاية الامم المتحدة في محاولة لوقف النزاع في سوريا. 
واعتبر مبعوث الامم المتحدة الى سوريا ستيفان دي ميستورا ان الانتقال السياسي هو «اساس كل