نصرالله يؤكد موقفه من العرب دعما لإيران غير مهتم بمصلحة لبنان وشعبه , والحكومة أمام تحدي إستقالة سلام

 

السفير :

بعد مرور أيام على تصنيف مجلس التعاون الخليجي وأغلبية وزراء الداخلية العرب «حزب الله» منظمة إرهابية، أطل الأمين العام للحزب السيد حسن نصرالله من بوابة إحياء ذكرى أسبوع الشهيد علي أحمد فياض (علاء) ليرد بشكل مفصل على هذا التصنيف ومن يقف خلفه، مفندا هشاشته، من خلال تسليط «الأضواء الكاشفة» على أدوار «حزب الله» في مواجهة الإرهابَين، التكفيري والإسرائيلي، في لبنان وسوريا والعراق.. وصولا إلى البوسنة.
وأعاد نصرالله شرح وتشريح الأسباب التي دفعت الحزب إلى المساهمة في التصدي لـ «داعش» خارج الحدود اللبنانية، مشيرا إلى أنها مزيج من اعتبارات أخلاقية وسياسية ودينية وقومية، عابرة للاصطفافات الطائفية والمذهبية.
ولعل تجربة الشهيد علاء في البوسنة دفاعا عن سكانها من أهل السنة والجماعة كانت المثال الأبلغ للرد على الاتهامات الموجهة إلى الحزب بأن وجوده في ميادين القتال ينطلق من بُعد مذهبي ضيق.
وكما فعل عام 2006، كرر نصرالله بأنه ليس مطلوبا من الأنظمة العربية المعادية سوى أن تترك المقاومة وشأنها، قائلا: حلوا عنها..
وعلى الرغم من أن قرار توصيف «حزب الله» بأنه إرهابي يوحي للوهلة الأولى بأنه أحرج الحزب أو حشره في زاوية ضيقة، إلا أن السيد نصرالله آثر التركيز على الجانب المليء من الكوب، بعدما استفز هذا القرار جانبا واسعا من الشارع العربي، ودفعه إلى التحرك احتجاجا واستنكارا، حتى كاد السحر ينقلب على الساحر.
وعلى هذا الأساس، توقف نصرالله عند دلالات رد الفعل الشعبي المتضامن مع الحزب والمقاومة في العديد من الدول العربية، وفي طليعتها تونس، مستنتجا بأن هذا التضامن يعطي إشارة إلى المكانة التي لا تزال تحظى بها المقاومة عند الشعوب العربية، كما ينطوي على رسالة لإسرائيل مفادها أنها ستبقى العدو.
ولم يفت نصرالله أن يشكر وزير الداخلية نهاد المشنوق على موقفه، لافتا الانتباه إلى أنه التزم بالسقف الرسمي الحكومي، قائلا: كثّر الله خيره وزير داخلية لبنان.
وخصَّ نصرالله تونس بجرعة إضافية من الشكر قياسا إلى حجم الاعتراض الذي أبدته أوساطها السياسية والشعبية على تصنيف الحزب منظمة إرهابية.
ورد نصرالله على وزير الخارجية السعودي عادل الجبير الذي اعتبر أن الهِبَة العسكرية للجيش أُلغيت حتى لا يصل السلاح إلى «حزب الله»، مؤكدا أن هذه الذريعة واهية، مشددا على انه لم يحصل منذ اتفاق الطائف أن أخذ الحزب بندقية أو رصاصة تعود إلى الجيش.
وربط نصرالله الغضب السعودي على الحزب بفشل المملكة في سوريا واليمن والبحرين ولبنان، مؤكدا أنها تخوض معركة خاسرة.
وخلص نصرالله إلى التأكيد أن المقاومة ستبقى سداً منيعاً أمام تهديدات إسرائيل وأطماعها، «وسنبقى في الميادين التي يجب أن نكون فيها مهما تعاظمت الاتهامات والافتراءات ومهما تعاظمت التضحيات».
ملف النفايات
أما على مستوى الشأن المحلي، فإن رائحة النفايات تفوح من الأسبوع الطالع على وقع المعادلة التي رسمها الرئيس تمام سلام في الجلسة السابقة لمجلس الوزراء، وقوامها: لا جلسة جديدة وربما لا حكومة أيضا من دون حسم ملف النفايات..
وقد استمر خلال الساعات الماضية السعي إلى تثبيت العديد من المطامر ومواقع المعالجة للنفايات التي كانت واقعة ضمن نطاق عمل شركة سوكلين، وسط استمرار النقاش مع المرجعيات السياسية حول الشروط الصحية والبيئية التي يجب أن تتوافر في تلك النقاط.
والملاحظ، أن حسابات سياسية وشخصية وبيئية ومصلحية وانتخابية تتفاعل في المناطق المرشحة لاستقبال المطامر، الأمر الذي يستدعي فرزا دقيقا للخيوط المتداخلة، وهي مهمة تكاد تكون أصعب من فرز النفايات.
وفيما عُقِد اجتماع مساء أمس بين الرئيس سلام والوزير أكرم شهيب، عُلم أن كُلًّا من الوزير علي حسن خليل وحسين خليل ووفيق صفا يتواصلون مع النائب طلال أرسلان لإقناعه بتليين موقفه حيال المطمر الصحي المقترح في الـ «كوستا برافا».
ويبدو أن العقدة المصنفة بأنها الأشد استعصاء، حتى الآن، تتعلق بالموقع المفترض في إقليم الخروب، حيث لا يزال الأهالي يرفضون رفضا تاما استقبال أي مطمر في منطقتهم، إضافة إلى صعوبات تواجه إعادة العمل بمطمر الناعمة لبعض الوقت.
وأبلغت مصادر مواكبة للمفاوضات «السفير» أن الرئيس سعد الحريري والنائب وليد جنبلاط دخلا على خط محاولة تذليل هذه العقبة، وأن هناك انتظارا لحصيلة هذا المسعى، خصوصا أن المطامر المقترحة هي بمثابة «بازل» مترابط الأجزاء، سياسيا ومناطقيا، وبالتالي إذا لم يسقط فيتو «الإقليم»، فلا إمكانية لتطبيق خطة المعالجة في المناطق الأخرى، علما أن الاتصالات مستمرة لتمهيد الطريق أمام استحداث مطامر في تلك المناطق.
وفي هذا السياق، أوضحت المصادر أن باب النقاش فُتح مع أرسلان، بعدما كان يرفض في السابق مبدأ البحث في خيار الـ «كوستا برافا»، لافتة الانتباه إلى أن الحوار معه يتناول الضمانات والحوافز التي يمكن تقديمها لتسهيل القبول بهذا الخيار الاضطراري.
وأشارت المصادر إلى أن النقاش متواصل أيضا مع الجهات المعنية حول معالجة مكب برج حمود، واستحداث خلية جديدة لاستقبال نفايات كسروان والمتن، في سياق سلة من الضمانات والحوافز.
وقال شهيب لـ «السفير» إن البحث مع القوى السياسية والبلديات ينطلق من المعادلة الآتية: لكم الحق في الحصول على الضمانات والحوافز ولنا الحق في أن نكون شركاء في اختيار المطامر.
وأكد أنه ليس مطلوبا فرض أي مطمر، وإنما يجب التشارك في تحديده، على قاعدة القناعة بأن مواقع الطمر الصحية هي بالتأكيد أفضل من الواقع الحالي، حيث تنتشر المكبات العشوائية وتسود الفوضى وتتراكم النفايات التي يُحرق بعضها في عملية نحر للبيئة والصحة.
وأشار إلى أنه سيتم تفعيل مراكز المعالجة وتطويرها (الكرنتينا.. العمروسية..)، بشكل يسمح بتخفيض حجم النفايات التي يجب طمرها.
وأوضح أنه لمس خلال اتصالاته إيجابيات، آملا في ترجمتها عمليا على الأرض في أسرع وقت ممكن بعد تجاوز أزمة الثقة المبررة في الدولة، لأن خطر النفايات لا يفرق بين منطقة وأخرى، ولا يمكن لأحد أن ينجو منه أو يحيّد نفسه عنه.
وأكد الوزير الياس بوصعب لـ «السفير» أنه «متى طُرح علينا حل شامل وعرض جدي لمعالجة ملف النفايات، ستكون آذاننا صاغية وأيدينا ممدودة، ونحن لا نزال ننتظر هذه السلة المتكاملة التي لم تناقش معنا بعد».

النهار :

لم يخطئ رئيس الوزراء تمّام سلام عندما تحدث قبل أشهر عن "النفايات السياسية التي لم تعر اهتماماً لقضايا الشعب الذي ازداد تقهقراً بفعل الحسابات الفئوية"، اذ ان الاجواء لم توح بالتفاؤل حتى ساعة متقدمة من ليل أمس، فلم يدع سلام الى اجتماع للجنة الوزارية المهتمة بمعالجة ملف النفايات كان مقرراً اليوم، كما لم يوجه الدعوة إلى جلسة لمجلس الوزراء هذا الاسبوع ما لم يصر الى ايجاد حل لأزمة النفايات بالاتفاق على المطامر كخطوة نحو الحل. وتردد ان النفايات تنتظر طاولة الحوار الوطني المقررة بعد غد الاربعاء الذي سيشكل محطة فاصلة في "حياة" حكومة المصلحة الوطنية.
وبلغت المأساة حد "مذهبة" النفايات باقتراح اربعة مراكز - مطامر: الاول في برج حمود لنفايات المسيحيين، والثاني في الشويفات (كوستا برافا) لنفايات الشيعة، والثالث في اقليم الخروب لنفايات السنة، على ان يعاد فتح مطمر الناعمة لنفايات الدروزّ
لكن المفاجأة جاءت أمس من رجل الاعمال والمقاول جهاد العرب الذي اعلن عن سقوط خيار مطمر كجك في اقليم الخروب، ورفض النائب طلال ارسلان وجمعيات أهلية في الشويفات "استقبال" نفايات الضاحية الجنوبية، ومطالبة حزب الطاشناق بخطة متكاملة لازالة جبل النفايات واقامة معامل للطمر والتسبيخ واعطاء حوافز لبلدية برج حمود.
وأبلغت مصادر وزارية "النهار" ان الرئيس سلام أوضح، كما نقل عنه أمس، ان المساعي لتوفير الموافقات على خطة طمر النفايات لا تزالفي منتصف الطريق ولهذا السبب لم يوجه الدعوة الى إجتماع اللجنة الوزارية المكلفة الملف اليوم كما كان مرجحاً. ولفتت المصادر الى ان هناك عقبة لم تذلل بعد في منطقة كجك بين اقليم التفاح واقليم الخروب فيما هناك حلحلة في الكوستا برافا وبرج حمود. وأوضحت ان ربط الرئيس مصير الحكومة بملف النفايات يعني فعلاً الاستقالة التي مهد لها سلام بعد الجلسة الأخيرة لمجلس الوزراء. وتوقعت إنطلاق إتصالات غداً في إتجاه السرايا للضغط على المعنيين كي يجاوزوا بين الحل التقني والحل الامني للانطلاق بخطة الطمر.
في المقابل، استبعدت مصادر وزارية في 8 اذار ان يعلن سلام إستقالة الحكومة وان اقصى ما يمكن أن يفعله هو الاعتكاف فترة محدودة في محاولة للضغط على القوى السياسية ووضعها أمام مسؤولياتها واقناع جمهورها بالقبول بإحتضان آلاف الأطنان من النفايات الجديدة والمكدسة على الطرق وفي مكبات عشوائية في أكثر من منطقة.
وأضافت المصادر ان لا مصلحة لقوى 14 آذار أيضاً في فرط عقد حكومة المصلحة الوطنية التي تحظى فيها بغالبية الثلثين وليس النصف زائداً واحداً من دون احتساب الحصة الوزارية لكتلة الرئيس نبيه بري المتماهية مع مواقف 14 آذار في الحكومة.
وقال عضو اللجنة الوزارية للنفايات نبيل دو فريج إنه لم يلاحظ تقدماً حقيقياً في الملف واعتبر ان "اكبر غلطة ارتكبتها الحكومة هي عندما ألغت المناقصات الستّ تحت ضغط الشارع من غير أن تدرسها، اذ كانت مناقصات ناجحة، وكانت الشركات التي تقدمت بطلبات من أفضل شركات العالم في قضية النفايات".

اجتماع القاهرة
سياسياً، تستمر حال المراوحة المأزومة في علاقة لبنان بالدول العربية وخصوصاً مع المملكة العربية السعودية ودول الخليج العربي، في ضوء مواقف التصعيد التي يدأب الأمين العام لـ"حزب الله" السيد حسن نصرالله على اطلاقها، وآخرها كان أمس. ويبدو لبنان أمام تحد جديد الخميس المقبل في اجتماع وزراء الخارجية العرب في جامعة الدول العربية، ويسعى رئيس الوزراء الى التنسيق المسبق مع وزير الخارجية جبران باسيل لضمان موقف متوازن على غرار ما فعله وزير الداخلية نهاد المشنوق في تونس. وقال مصدر وزاري لـ"النهار" إن هناك غموضاً في ما يتعلق بالموقف اللبناني في ظل تصاعد الحملة على دور "حزب الله" في أزمات المنطقة. وأفاد ان سياسة النأي بالنفس لا تزال هي الأساس الذي قد يلجأ اليها الوزير باسيل في حال إستمرار الموقف العربي على ما ظهر في إجتماع وزراء الداخلية العرب الاخير في تونس.

 

المستقبل :

راوح ملف النفايات مكانه في عطلة الأسبوع من دون أن يُسجّل أي تقدّم، ما دفع رئيس مجلس الوزراء تمام سلام الى عدم توجيه دعوة لمجلس الوزراء للانعقاد هذا الأسبوع بانتظار بروز «الدخان الأبيض» الذي طال انتظاره، والذي بات تأخره ينذر باستقالة الحكومة أو تحوّلها الى حكومة تصريف أعمال. وذكّر مصدر وزاري في الحكومة بأن رئيسها سبق ولوّح بالاستقالة في حال عدم وصول ملف النفايات الى خواتيمه المرجوّة.
ومع رفض أهالي إقليم الخرّوب أمس أي مطمر في المنطقة، واجه ملف النفايات مزيداً من التعقيد، خصوصاً أن الإشارات «الإيجابية» تجاه إقامة مطامر في «الكوستا برافا» وبرج حمود كانت اقترنت بشرط «التوازن» بين المناطق، على حدّ تعبير وزير معني تحدّث الى «المستقبل» عن شروط سبق أن تحدّدت رسمياً، أبرزها «التوازن المناطقي» وإنماء المناطق المحيطة بالمطامر المقترحة، بالإضافة الى إقامة معامل لمعالجة النفايات يجري طمر ما يتبقّى منها.
ونفت شركة «أراكو» للإسفلت لصاحبها جهاد العرب نفياً مطلقاً «وجود نيّة لديها باستخدام العقار المعروف بمطمر الكجك لأغراض تتعلق بملف النفايات. وقالت في بيان أصدرته أمس إنها أنشأت في هذا العقار «معامل صناعية تشكّل جزءاً من استثمارات الشركة التي لا تنوي استبدالها بأعمال وأشغال أخرى»، آملة من أهالي المنطقة التعاطي مع هذه الحقائق «دون سواها من أخبار وشائعات».
حسن خليل
على صعيد آخر سجّل أمس تطوّر لافت للانتباه بشأن الاستحقاق الرئاسي عبّر عنه المعاون السياسي لرئيس مجلس النواب نبيه برّي وزير المال علي حسن خليل في مهرجان لحركة «أمل» في معركة، حيث تحدّث عن الاستحقاق قائلاً «ثمنّا كثيراً خطوة الرئيس سعد الحريري بتجاوز الخلاف على المستوى الداخلي بتبنّي ترشيح النائب سليمان فرنجية لرئاسة الجمهورية». ووصف خليل هذه الخطوة بأنها «كبيرة الى الأمام»، داعياً الجميع الى «إعادة النظر وإعادة قراءة هذا الأمر بمنطق إيجابي من أجل البحث عن مخرج للمأزق الذي نعيش فيه لأنه من غير المسموح أن نبقى من دون انتخاب رئيس».

الديار :

فيما ازمة النفايات تحاصر البلاد وتخنق الحكومة، وفيما غادر الرئيس سعد الحريري الى السعودية في زيارة «طابعها خاص» كما روّج، تاركا وراءه اشلاء تياره تلملم بعضها بعضا، معتقداً انه قام بـ« انجازات» في طرابلس وزحلة، وتاركاً وراءه اصداء تصعيده، اطل الامين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله في ذكرى الشهيد علي فياض ليؤكد المؤكد ان اسرائيل والسعودية وجهان لعملة واحدة.
الحريري رحل كما جاء، 22 يوماً قضاها في التوتير والقاء قنابل دخانية اعمت عيونه عما تريده السعودية من لبنان، والتي يبدو انها ليست بوارد «التعقل» بعد الرسائل الاميركية والفرنسية الحاسمة بعدم الرغبة في حصول انهيارات للاوضاع في لبنان. لكن السيد نصرالله يعرف لماذا «مملكة الخير» غاضبة من لبنان... فتشوا عن هزائمها... وانكساراتها.... وفشلها على مدى الساحات العربية.
السيد نصرالله يعرف داء ودواء المملكة، فمن يتسلّط ويهيمن بالمال والاعلام والسياسة وحتى الدين، فلا غرابة من ان «يجنّ جنونه» اذا ما وقف احد في وجهه وقال: كفى حقداً.
ولمن لا يزالون يرددون في الداخل والخارج اسطوانة انسحاب حزب الله في الميادين العربية، حسم السيد حسن نصر الله بحزم وبقوة، خلال مهرجان اسبوع الشهيد القائد علي فياض في بلدة أنصار «اننا باقون في الميادين التي يجب ان نكون فيها، مهما تعاظمت الاتهامات والافتراءات ومهما تعاظمت التضحيات، وسنبقى كلمة الحق وصرخة الحق في وجه السلطان الجائر مهما كان طغيانه وجبروته».
ولمن ينتظر سحق حزب الله والمقاومة قال وبتواضعه المعروف: «سنبقى الشركاء في صناعة النصر في زمن الانتصارات ومن المبشرين به دائما».
السيد نصر الله، اعلن عن تفهمه لغضب السعودية تجاه لبنان واللبنانيين، فالقصة تبدأ من سوريا «حيث كانوا يحسبون ان تنتهي الامور في الشهور الاولى وتسقط بين ايديهم، فسقطت رهاناتهم، كذلك الامر في اليمن حيث كانت «حساباتهم سنعطي كل العالم العربي درساً، ونفرض سطوتنا على العالم العربي ونفرض قيادتنا»، قائلا : «هذه قيادة الحزم، هذه مملكة الحزم، هؤلاء هم ملوك وامراء الحزم»
فبعد الفشل والانكسارات في الميادين العربية، «جاؤوا ليحملونا نحن المسؤولية»، قالها السيد نصر الله الذي شكر كل «من تضامن معنا ودافع عنا وادان واستنكر ورفض القرار الخليجي بتوصيف حزب الله منظمة ارهابية، ولكن غضب الملوك والامراء لن يستثني من عرّض نفسه ومصالحه الشخصية والحزبية والوطنية للخطر لانه يقف معنا، وقد لا تسامح السعودية اللبنانيين الذين يسكتون عن حزب الله وعمن تضامن معنا من مصريين وسوريين وعراقيين، وكل ذلك حيث سطوة المال والاعلام والانظمة والتكفير الديني والسياسي، هذه صرخة حق في وجه سلطان متسلّط ومهيمن بالمال»، يقول السيد نصر الله.
«ان الشعوب العربية بتحركها ومواقفها المؤيدة لحزب الله والمقاومة وجهت رسائل الى اسرائيل»، يؤكد السيد نصر الله، تقول فيها: «انت اسرائيل العدو وستبقين العدو، لن يستطيع اي نظام عربي ان يطبّع معك لا آل سعود ولا نظام ولا وعّاظ سلاطين ولا فقهاء بلاط ولا اعلام تنفق عليه ملايين الدولارات، ولا اكاذيب الفتنة الطائفية والمذهبية ولا التحريض».


السيد نصرالله يرى في الشعوب العربية التي ايدت حزب الله على «انهم هم العرب، وهذه هي الهوية العربية، هذه هي الشعوب العربية، هذه هي الامة العربية التي تتوجه الى اسرائيل قائلة: ايها المجرمون، ايها الصهاينة، يا مرتكبي المجازر في حق شعوب المنطقة، من يريد ان يرفعكم من مكانكم سيسقط معكم».
للانظمة العربية قال السيد نصرالله «نحن لا نريد منكم شيئا، لا مال ولا سلاح ولا دعم ولا تأييد «بس حلوا عن هذه المقاومة»، مكررا ما اكد عليه سابقا في خطاباته ان من يحمي لبنان هو الجيش، والشعب والمقاومة.
وسأل من يتحدث اليوم عن الكرامة العربية والهوية العربية والحقوق العربية، «من الذي اهان العرب والامة العربية والجيوش العربية كما فعلت وتفعل اسرائيل؟ ماذا فعلتم ايها العرب منذ 67 سنة حتى اليوم وماذا انتم فاعلون؟

 

النفايات

وفي موضوع النفايات، تتكثف الاتصالات بين القوى السياسية لتأمين الغطاء الذي ستحتاجه القرارات التي ستصدر عن اللجنة الوزارية المكلفة متابعة الموضوع لناحية مواقع المطامر لتنفذ سلميا وبعيدا عن الاعتـراضات الشعبية.
وتقول المعلومات ان الحل سيكون توافقياً متوازناً بعيداً عن الطائفية، والمذهبية والمصالح. واشارت المعلومات الى ان المضي في التعطيل ستكون عواقبه وخيمة هذه المرة، خصوصاً ان اكثر من وزير يتجه الى تعليق مشاركته في جلسات مجلس الوزراء.
وقالت اوساط قريبة من رئيس الحكومة تمام سلام ان لا شيء جديداً على صعيد حلحلة التعقيدات السياسية التي تحيط باقامة مطامر او اعادة فتح المطامر السابقة لحل ازمة النفايات. اضافت ان الرئيس سلام لا يزال على موقفه من حيث استيائه لما بلغته الامور على صعيد ازمة النفايات وبالتالي فهو مصر على الموقف الذي كان اعلنه في مجلس الوزراء.

 

الجمهورية :

ظلّ التوتر أمس طاغياً على الساحة السياسية، وبدا أنّ المحاولات الجارية لتطبيع العلاقات اللبنانية - السعودية ما تزال في مربّعها الأوّل، في ضوء الهجوم الجديد الذي شنّه الأمين العام لـ»حزب الله» السيّد حسن نصرالله على المملكة، وردّ تيّار «المستقبل» عليه واصفاً موقفَه بـ»العدائي تجاه الدوَل العربية الشقيقة، ولا يقيم أيّ اعتبار لمصالح اللبنانيين». وتخوّفَ المراقبون من أن ينعكس كلام نصرالله سلباً على مسعى رئيس الحكومة تمّام سلام لتصحيح الخلل في العلاقة مع السعودية وإعادتها إلى ما كانت عليه قبل قرارها وقفَ الهبات وفي حين أكّد الرئيس الإيراني حسن روحاني أنه لم يكن لإيران اتّصالات مع المملكة العربية السعودية في الفترة الأخيرة ولكن من المحتمل أن يزور وفد إيراني السعودية في القريب العاجل، لم يسجَّل أيّ خرقٍ رئاسي، في انتظار عودة الرئيس سعد الحريري إلى لبنان من الرياض التي توَجّه إليها مساء السبت، وجلسة الحوار الوطني يوم الأربعاء المقبل. ينطلق الأسبوع على وقع عدم حسم ملفات أساسيّة تشكّل عاملاً ضاغطاً على الساحة اللبنانية، ولعلّ أبرزها ملفّ العلاقات اللبنانية - السعوديّة، واللبنانيّة - العربية، خصوصاً أنّ لبنان امام استحقاق عربي جديد في 10 آذار المقبل وهو انتخاب أمين عام جديد لجامعة الدول العربيّة خلفاً للأمين العام الحالي نبيل العربي، حيث يراهن على حصول توافق مصري - خليجي على هذا المنصب لكي لا يدخل في لعبة التصويت والانحياز لأيّ مرشّح من الدول (التفاصيل ص 6).
أمّا الملفّ الثاني الذي يَدخل دائرة المراوحة، فهو ملفّ النفايات الذي يشكّل كارثة وطنيّة وبيئيّة وصحّية، والجديد فيه هو ظهور اعتراضات شعبيّة على المطامر التي اقترحتها اللجنة الوزاريّة، وكان أوّل الغيث تحرّك أهالي الجيّة المعارضين إقامةَ مطمرٍ في منطقتهم، ما يُفسّر غيابَ القرار السياسي الواضح بحسم هذا الملف، وسط ما يتردّد عن صفقات وسمسرات تعوق إقرار الحلّ حتى الآن، نظراً إلى وجود نافذين يريدون الاستفادة حتّى من النفايات.
درباس
وفي أقسى توصيف للأوضاع الداخليّة والخارجيّة المتردّية التي تعيشها البلاد، أكّد وزير الشؤون الاجتماعيّة رشيد درباس لـ«الجمهورية» أنّ «الوضع ذاهبٌ نحو أسوأ ممّا يخطر في البال، فالتصعيد والتصعيد المقابل سيكون سِمة المواقف، خصوصاً أنّ أحداً من الأفرقاء لن يتنازل عن تصلّبه».
وأوضح أنّ «الوضع هو «زبالة بزبالة» أيضاً، وهذا لا ينطبق فقط على ملفّ النفايات العصيّ عن الحلّ، بل على كل الملفات الحياتيّة والسياسيّة»، محذّراً من «مزيد من التدهور، لأنّ المؤشرات تدل إلى ذلك».
واستبعدَ درباس سَفر سلام إلى السعودية هذا الأسبوع «لأنّ السعوديين لم يحدّدوا موعداً بعد، وما زلنا نعمل على تصحيح الخلل وما شابَ العلاقات من شوائب»، نافياً أن «تكون زيارة الحريري للمملكة بهدف القيام بوساطة جديدة أو فتح الطريق أمام زيارة سلام المرتقبة».
وأضاف: «أقول للسيّد حسن نصرالله ولجميع الزعماء: إنّ المنابر لا تستطيع تحمّلَ مزيد من الخطابات العالية، فانزلوا عنها، وعلينا التهدئة والعمل لترطيب الأجواء، لكن للأسف الجميعُ لا يصغي».
التوتّر الإقليمي- الداخلي
وفي هذه الأثناء، يبدو أنّ الأفق الذي سيَصل إليه النزاع الإيراني- السعودي غير محدود، ما ينعكس لهجةً عالية في الخطابات الداخليّة، وخصوصاً بين «حزب الله» وتيّار «المستقبل»، ويبدو أنّ إمكانيّة عودة الرياض عن قرارها وقفَ الهبات لن يحصل قريباً، بعدما أشار وزير الخارجية السعودي عادل الجبير إلى أنّ الجيش السعودي «سيتسلّم أسلحة فرنسية تمّ طلبُها في الأصل من أجل لبنان».
في حين أكّد الرئيس الإيراني حسن روحاني أنه لم يكن لإيران اتّصالات مع المملكة العربية السعودية في الفترة الأخيرة ولكن من المحتمل أن يزور وفد إيراني السعودية في القريب العاجل». وأشار الى مواصلة بلاده أعمالها في المنطقة، قائلاً: «إنّ نشاطاتنا واضحة إزاء القضايا الاقليمية، وإنّ مساهمتنا مستمرّة في مساعدة الشعب والحكومة في العراق وسوريا ولبنان وسائر البلدان بما فيها اليمن».
الحريري في الرياض
وإلى ذلك غادر الرئيس سعد الحريري ليلَ السبت - الأحد إلى الرياض، في زيارة وصِفت بأنّها «عائلية، ولن تكون طويلة»، لأنّه سيكون في بيروت اليوم أو غداً على أبعد تقدير. وقالت مصادر مطّلعة لـ»الجمهورية» إنّ الحريري قرّر هذه الزيارة السريعة عقبَ اللقاء الذي جمعه ورئيس «اللقاء الديموقراطي» النائب وليد جنبلاط ووزير الصحة وائل ابو فاعور الذي قدّم انطباعاته عن زيارته الأخيرة للرياض وتحديداً بعد لقائه رئيسَ جهاز الاستخبارات السعودية خالد الحميدان، ما دفعَ الحريري إلى هذه الزيارة لإجراء الاتصالات اللازمة مع القيادة السعودية.
وأضافت المصادر أنّ تقويم نتائج زيارة بعض القادة السعوديين لباريس، ولا سيّما منهم وليّ العهد ووزير الداخلية الأمير محمد بن نايف ووزير الخارجية عادل الجبير الذي رافقَه أوجبَت زيارة الحريري للرياض، لأنّ ما طرَأ على مصير الهبة السعودية التي كانت مقررة للبنان يستأهل أن يعود الحريري إلى العاصمة السعودية للاطّلاع على نتائج زيارة باريس، وهو ما وعد به الحريري جنبلاط لوضعِه في ما يمكن أن تتوافر لديه من معلومات قبل لقاء الأخير بعد غدٍ الأربعاء مع الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند.
جنبلاط إلى باريس
وفي هذه الأجواء، تكتسب زيارة جنبلاط إلى باريس أهمّية خاصة، خصوصاً أنّ الإدارة الفرنسية تواكب الاتصالات الجارية في المنطقة ولبنان يومياً وبدقّة، ولا بدّ من قراءة ما يجري في ضوء التطوّرات الأمنية والسياسية والديبلوماسية، ونتائج لقاءات هولاند مع القياديين السعوديين في اليومين الماضيين وما أسفرَت عنه مساعيه لاستعادة الهبة السعودية أو الحفاظ عليها، في المرحلة الراهنة على الأقلّ.
وقالت مصادر ديبلوماسية غربية لـ«الجمهورية» إنّ فرنسا «نجحت في مفاوضاتها مع القيادة السعودية بالحفاظ على الهبة عبر استكمال تصنيع الأسلحة الفرنسية المقررة أصلاً للجيش اللبناني وأنّ استعادتها لمصلحة الجيش السعودي أفضل بكثير من تجميد الصفقة أو إلغائها ووقف تنفيذ مراحل التصنيع المتبقّية منها في السنوات الثلاث المقبلة».
وإلى ملف الهبة السعودية، قالت مصادر الحزب التقدمي الاشتراكي لـ«الجمهورية» إنّ جنبلاط «سيناقش مع هولاند ما يحوط بالاستحقاق الرئاسي من كلّ جوانبه. فالفرنسيون مهتمون بالملف منذ الشغور في قصر بعبدا، ولهم صولات وجولات ديبلوماسية ما بين بيروت وطهران والرياض، وهم يتابعون اتصالاتهم بهدف إنهاء الشغور الرئاسي بالوسائل المتوافرة مهما كانت متواضعة.
ورفضَت المصادر تأكيد أو نفيَ ما قيل عن اقتراحات جديدة سيقدّمها جنبلاط لهولاند تمّ التفاهم عليها مع الحريري بعدما سدّت الطرق أمام ما هو مطروح حتّى اليوم من ترشيحات.
نصرالله
وفي ظلّ التصعيد الإيراني - السعودي، وفي أوّل ردّ لـ«حزب الله» على تصنيفه إرهابياً من مجلس التعاون الخليجي، أكّد السيّد نصرالله أنّ «النظام السعودي يحتاج إلى مَن يُحمّله مسؤولية فشَله الذريع في سوريا واليمن والبحرين، وغضبُ السعودية على لبنان هو بسبب هذا الفشل».
وبعدما أكّد استمراره في القتال في سوريا والعراق، انتقد نصرالله قولَ السعوديين إنّهم أوقفوا الهبة خوفاً من وصول الأسلحة الى حزب الله، وقال: «منذ «اتّفاق الطائف» لم يحصل أن أخَذ «حزب الله» أيّ سلاح من الجيش اللبناني، لكنّ السعودية لم تجد في تراجعِها عن دعم الجيش سوى هذه الحجّة».
وتوَجّه إلى بعض الأنظمة العربية قائلاً: «قلنا لكم في حرب تمّوز لا نحتاج شيئاً منكم، فقط أن تتركوا المقاومة بشأنها، واليوم نقول لكم أيضاً لا نحتاج منكم لا دعماً ولا تأييداً ولا مباركة، فقط «حلّوا عنّا» وعن هذا البلد وهذه المقاومة وهذا الشعب».
ردّ «المستقبل»
ولم يتأخّر ردُّ تيار «المستقبل» على خطاب نصرالله، إذ وصَفه عضو كتلته النائب أحمد فتفت بأنّه «عدائيّ جداً تجاه السعودية والدوَل العربية، ولم يأخذ في الاعتبار الرأيَ العام اللبناني أو مصالحَ اللبنانيين، فهو يعاود الإصرارَ على شعار «الجيش والشعب والمقاومة» المرفوض والذي يَرفضه قسم كبير من اللبنانيين المهتمّين بالجيش والشعب والدولة، وعندما يقول للدول العربية «حلّو عن ضهرنا» يَنسى أنه هو مَن «لا يحلّ» عنهم، فهو من نظّمَ خلايا في الكويت والسعودية واليمن، ويَعترف بأنه يتدخّل في العراق واليمن على أنّ هذا من حقّه، ثم يطلب منهم أن يتركونا وشأنَنا، وهذا فعلاً غريب».
وأضاف: «لكنّ الأسوأ من ذلك قوله إنّ الدول العربية تحارب الأسد لأنّه كان يتصدّى لإسرائيل، مع أنّ الجميع يعلمون أنّ الأسد حمى حدود الجولان 40 عاماً ولم تُطلَق رصاصة واحدة تجاهه، بل على العكس، إسرائيل تحميه وتدافع عنه في الولايات المتحدة، وهو ما يفسّر الموقفَ الأميركي الرافض إسقاطه منذ بداية الحرب في سوريا، ذلك لأنّ إسرائيل لا تريد إسقاطه».
ورأى فتفت أنّ «الحليف الموضوعي اليوم لإسرائيل في الشرق الأوسط هو الأسد، وبالتالي «حزب الله» متحالف مع الأسد ويقاتل في العراق ويدّعي أنّه يقاتل ضدّ «داعش»، لكن يا ليت لو ذكر لنا السيّد نصرالله معركة واحدة بين الحزب و«داعش».
وعن استمرار تصعيد «حزب الله» ضدّ السعودية وموقف تيار «المستقبل» من هذا الموضوع، اعتبَر فتفت أنّ «كلّ ما يهمّ تيار «المستقبل» حاليّاً هو المصلحة الوطنية ومصلحة اللبنانيين، ونحاول قدر المستطاع إنقاذ ما يمكن إنقاذه على هذا المستوى، لكنّ المؤسف أنّ «حزب الله»، في رأيي الشخصي، لم يعُد مهتمّاً بالمصلحة الوطنية، ويجب حصول تصدّي سياسي سقفُه أعلى من التصدي الحالي ولو أدّى ذلك الى قطع الحوار وتسلّم الحزب للدولة، فهو فعلياً مسيطر عليها وينكِر هذا الأمر، لذا فليتسلّمها ويتحمّل مسؤوليتها تجاه اللبنانيين وتجاه العالم كلّه، فاليوم لا أحد يَحصد نتائج إيجابية من وجود «حزب الله» سوى شعارات وخطابات، وللأسف قتلى بالعشرات». واعتبر أنّ «اللبنانيين في الخليج سيتأثّرون أكثر طالما إنّ «حزب الله» مستمرّ بعنجهيته وعدوانيته».

اللواء :

بتكرار رتيب، يطرح اللبنانيون على أنفسهم وعلى الوسطين السياسي والإعلامي، مطلع كل أسبوع، ماذا على الأجندة، وهل من تقدّم باتجاه الانتقال من حالة الانتظار إلى حالة القرار، سواء في ما خص إنهاء ملف النفايات، أو وقف ضمور الدولة ومؤسساتها أو انتخاب رئيس جديد للجمهورية؟
أسست الأسابيع الثلاثة التي قضاها الرئيس الحريري في بيروت والتي غادرها مساء السبت في زيارة عائلية، بحسب مكتبه الإعلامي، مناخاً سياسياً متدحرجاً لمصلحة إنهاء الشغور الرئاسي، على أن تستكمل الجهود والاتصالات السياسية والديبلوماسية من أجل توظيف التقاء 72 نائباً وما يزيد مع اهتمام كل من واشنطن وموسكو وباريس وعواصم عربية أخرى لانتخاب الرئيس الجديد للجمهورية يُشكّل المدخل الموضوعي لتحريك عجلة المؤسسات الدستورية المصابة إمّا بالشلل أو بالعقم، وآخر مثالبها المؤلمة ما حدث ويحدث في التفتيش المركزي من إتهامات بين رئيسه جورج عوّاد والمفتش المالي صلاح الدنف.
وبقدر ما ساهمت إتصالات الرئيس الحريري في كبح جماح التأزّم الداخلي، والتي لاقت ترحيباً من الرئيس نبيه برّي عبّر عنه وزير المال علي حسن خليل لجهة تسمية أو ترشيح النائب سليمان فرنجية لرئاسة الجمهورية، واصفاً ذلك «بالمنطق الإيجابي بحثاً عن مخارج للمأزق الراهن»، لأنه «لم يعد من المسموح أن نبقى من دون انتخاب رئيس للجمهورية»، أدّت إلى تأخير خطوة كان من الممكن أن يُقدم عليها الرئيس تمام سلام ولكنها ما تزال قائمة، وهي إستقالة الحكومة.
وفي اعتقاد مصدر وزاري أن الرئيس سلام ربما يكون تمهّل في اتخاذ قراره بانتظار إنعقاد طاولة الحوار الوطني بعد غد الأربعاء في عين التينة وتحمل الرقم 16، وهو عازم على إعادة طرح موضوع النفايات أمام المتحاورين، مع العلم أنه سبق وطرحه عدّة مرات، ولكن هذه المرة لوضعهم أمام مسؤولياتهم الوطنية، فإذا لم يُحسم ملف المطامر بصورة قاطعة ونهائية، فإنه لن يبقى على رأس الحكومة ولو بساعة واحدة.
تجدر الإشارة إلى أن هيئة الحوار في جلستها الأخيرة أخذت بمطلب رئيس الكتائب العودة إلى جدول الأعمال، بما يعني العودة إلى مناقشة موضوع إنتخاب رئيس الجمهورية، مما يعني في رأي أحد المشاركين في طاولة الحوار أن الطاولة نفسها تصبح مهدّدة ما لم يتم الاتفاق على مقاربة توفّر نصاب الـ86 نائباً المطلوب لانتخاب رئيس للجمهورية.
وأضاف المصدر الوزاري أن إعادة نظر بأسماء المرشحين الذين يمتنعون عن حضور جلسة 23 الشهر الحالي، أي قبل يومين من يوم الجمعة العظيمة لدى الطوائف المسيحية التي تتبع التقويم الغربي، يتصدّر أجندات الكتل، لأنه من غير الممكن المراوحة والإنتظار لوقت أطول، وعلى الأخص إذا وجدت الحكومة نفسها أمام حائط النفايات المسدود.
وكدليل على جدّية الرئيس سلام بعدم المضي في تلقي ضربات التفشيل بصدره، لم يوجّه الدعوة أمس لا لجلسة مجلس الوزراء الخميس ولا للجنة النفايات، واكتفى بتكليف وزير البيئة محمّد المشنوق بالسفر إلى جاكرتا لتمثيله في مؤتمر القمة الإسلامية.
ولمس زوّار المصيطبة إستياءً وانزعاجاً على محيّا الرئيس سلام الذي ما يزال يعتصم بالصبر، وهو يستمع إلى مطالب وشكاوى المواطنين، رافضاً التطرق إلى ملف النفايات أو إلى أي شأن سياسي.
ولعلّ الإشارة المعبّرة هي أنه في معرض رفضه الإجابة على أسئلة الصحافيين وضع يده على فمه، وهذه الحركة تعني أنه لا يريد التحدث لا في موضوع الحكومة ولا في موضوع النفايات، ولا في أي شأن سياسي آخر.
وعلى هذا الصعيد، تجزم مصادر الرئيس سلام أنه لن يبقى مكتوف الأيدي طويلاً، ولن يواظب على أخذ تنصّل السياسيين من أزمة النفايات بصدره، «فليتحمّلوا مسؤولياتهم»، تقول المصادر، وتذكِّر بأن رئيس الحكومة انتشل البلاد من الشلل مرات ومرات حتى لا تكون فريسة لمزيد من التفسّخ والتشرذم أو الإنهيار، مشيرة إلى أن «لصبر سلام حدوداً».
وأخذت المصادر على السياسيين «إستغلالهم» حرص الرئيس سلام على مصلحة البلاد العليا، فالجميع يعلم أن أحوال البلد غير صحيّة وغير طبيعية، ولكن لا يجوز استغلال الشعور بالمسؤولية عند رئيس الحكومة ورمي كرة الأزمات في وجهه والقول أن الحكومة عاجزة.
وفي هذا الإطار، أكد وزير الدولة لشؤون التنمية الإدارية نبيل بو فريج لـ«اللواء» أن خيار الإستقالة هو إجراء سياسي، داعياً الوزراء الممثلين للكتل والأحزاب إلى تحمّل مسؤولياتهم والتوقف عن تعطيل الحلول، وإلا «ما هو مبرّر بقاء حكومة لا يمكنها رفع النفايات من أمام بيوت النّاس»؟.
المشنوق
وفي سياق تفاعل الأزمة بين لبنان ودول الخليج العربي، وعشية اجتماعات عربية واسلامية يُشارك فيها لبنان، ولعدم الخلط بين موقفه في اجتماع وزراء الداخلية العرب في تونس، وموقف وزير الخارجية جبران باسيل في مؤتمري القاهرة وجدة، أكد وزير الداخلية والبلديات نهاد المشنوق ان الإهمال العربي للبنان على مدى 30 عاماً أوصلنا إلى ما نحن عليه اليوم، مشيراً إلى ان قرار المواجهة العربية عمره أسابيع فقط، بينما نحن واجهنا منذ عشرات السنوات وقدمنا الشهداء تلو الشهداء وحتى اليوم مسلسل الشهداء لم ينته في لبنان.
وأعرب المشنوق عن اعتقاده بأن لبنان لن يكون شوكة فارسية في خاصرة العرب، فنحن خياراتنا سلمية، ولن نسمح بالإنجرار إلى مواجهات عسكرية ولا إلى فتنة مذهبية.
وبشأن موقف لبنان في مؤتمر تونس، قال: «وافقنا على مقررات البيان الختامي وضمنها إدانة تدخل حزب الله في الدول العربية وادانة التدخلات الإيرانية في الشؤون العربية، ونأى لبنان بنفسه فقط عن كلمة واحدة تتعلق بوصف «حزب الله» بأنه «إرهابي» وذلك في البند الثامن من المقررات التي تحفظ عليها العراق وبالتالي لم يكن هناك إجماع عربي في مؤتمر تونس، خلافاً لما كان عليه الحال، في اجتماع وزراء الخارجية العرب في القاهرة واجتماع منظمة المؤتمر الإسلامي في جدّة، حيث كان هناك إجماع عربي، ولبنان خرج عن هذا الإجماع.
نصرالله
في هذا الوقت، أحدث خطاب الأمين العام لحزب الله السيّد حسن نصرالله، صدمة في الأوساط السياسية اللبنانية والدبلوماسية الأجنبية لجهة مع كشفه عن دور لكوادر الحزب وقيادييه في عمليات قتالية وتدريبية سواء في البوسنة أو العراق، فضلاً عن سوريا.
وفي أسبوع أحد قادة الحزب الذي سقط في سوريا علي أحمد فياض (علاء البوسنة) ردّ على قرار مجلس التعاون الخليجي باعتبار «حزب الله» منظمة إرهابية، معتبراً أن «من يواجه السعودية في سوريا هو المدافع عن المصالح الوطنية اللبنانية»، معرباً عن شكره لكل من تضامن مع الحزب لجهة رفض توصيفه بالإرهاب.
وقال: «لو كنا نقاتل تحت قيادة أميركية لما وصفونا بالارهاب»، مجدداً التأكيد على معادلة الجيش والشعب والمقاومة، معتبراً أن من يحمي لبنان هي القوة الذاتية.
ولم يتطرق السيّد نصر الله إلى الشأن اللبناني الأمر الذي وصفه مصدر في 14 آذار بأنه «إهمال سياسي يكشف عن أن لا أولوية للحزب في إحداث أي خرق في ما يتعلق بالملفات الساخنة اللبنانية».

الاخبار :

آخر الصفات التي انتحلها نظام آل سعود، هي العروبة مع ادعاء «الإجماع» على قراراته. في مواجهته، خرجت في مصر وتونس والجزائر وسوريا وباقي الدول العربية مواقف قوى لا يمكن الزعم أنها تمثل غالبية، لكن تجمَع أكثريتَها قيمُ التحرر ورفض التبعية والابتعاد عن الطائفية. المعادلة بسيطة: شرفاء العرب ينتهجون الخيار العربي المقاوم، في مواجهة إجماع آل سعود

  

ينتحل النظام السعودي، وحلفاؤه، منذ عشرات السنين، صفات متعددة، لتحقيق هدف رئيسي: مواجهة حركة التحرر في العالم العربي، كونها تمثّل خطراً على أنظمة السلالات الحاكمة في الجزيرة العربية وخارجها، ومعها عدد من الأنظمة التي ارتضت لنفسها تأدية وظيفة خدمة المستعمر، مهما كانت هويته. كان الإسلام هو الشعار عندما كانت القومية العربية هي رافعة التحرر والمقاومة.

ثم صار انتحال العروبة هو السبيل إلى طعن المقاومة، بعدما زال «خطر الشيوعية والاشتراكية والعلمانية». جديد النظام السعودي هو الزعم بأنه يمثّل الإجماع العربي. ما شهدته تونس، بعد قرار «مجلس التعاون الخليجي» بإدراج حزب الله على لائحة المنظمات الإرهابية، ثم بيان مجلس وزراء الداخلية العرب الذي تبنى وصف الحزب بالإرهابي، يحمل أهمية خاصة كونه يفكك سردية النظام السعودي بشأن «الإجماع».


نصرالله: حماية إسرائيل
ومعاداة المقاومة ضمانة لعروش الأنظمة
فتونس، هي حالياً، الدولة الوحيدة التي تمكّن شعبها، بعد انطلاق «الربيع العربي» منها، من التعبير عن مواقفه السياسية بأوسع قدر من الحرية، مقارنة بباقي الدول العربية. هي، في الزمن الحالي، تحتل أعلى «مراتب الديموقراطية» في العالم العربي. كما أنها، صاحبة السجل العلماني الأنصع (أيضاً، مقارنة بباقي الدول العربية)، والأقل تأثراً بالدعاية السعودية والرجعية بصورة عامة. من هذه الخلفية، أتت الاحتجاجات التونسية على قرار «التعاون الخليجي» وبيان «الداخلية العرب». ففي تونس، جاهرت قطاعات واسعة من القوى السياسية والنقابية بتأييد الخيار العربي المقاوم، في مواجهة أنظمة الرجعية والتبعية. واللافت أن أكثر تلك القوى، شديد التمسك بعلمانيته. وعندما اتخذت موقفاً من الحدث المطروح أمامها، لم ترَ في نظام آل سعود وحلفائه سوى حامل لمشروع طائفي تقسيمي يخدم العدو الصهيوني. واعتبر عدد من القوى السياسية التونسية في معركة المقاومة ضد الإرهاب في المشرق العربي امتداداً لمقاومة إسرائيل. بمعنى أوضح، لم تجد القوى التونسية العلمانية والمتحررة من التبعية، في مشروع آل سعود الطائفي الرجعي سوى امتداد للمشروع الاستعماري الذي يهدف إلى حماية إسرائيل.
ما جرى في تونس كان المثال الأقوى. لكنه لم يكن الوحيد. ففي مصر، والجزائر، وفلسطين وعدد من الدول العربية الأخرى، خرجت قوى سياسية ونقابية لتعلن دعم المقاومة في وجه الهجمة التي تنتحل صفتَي العروبة والإجماع. والجامع بين غالبية هذه القوى، هو التحرر من التبعية والطائفية، وتحديد العدو الحقيقي للأمة (إسرائيل) وإدراك خطورة التنظيمات الإرهابية بصفتها امتداداً للحرب الاستعمارية على المنطقة.
من هنا، حمل خطاب الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله أمس شكراً لهذه القوى، التي رأى في موقفها (مع عدد من الحكومات العربية كالجزائر وتونس وسوريا والعراق)، دليلاً على تهافت ادعاء النظام السعودي بتمثيله «الإجماع العربي».
وفي كلمةٍ ألقاها في الاحتفال التكريمي للشهيد علي فياض (علاء البوسنة) في بلدة أنصار، قال إنّ «قيمة صرخة التضامن مع حزب الله عالية جداً في ظل سطوة التكفير الديني والسياسي»، موضحاً أنّ إسرائيل تلقت رسالة «هي أنها ستبقى العدو ولن يستطيع أي نظام عربي التطبيع معها».
ورأى أن من يراهن على إجماع عربي وجامعة الدول العربية «يراهن على سراب ووهم». وأشار إلى أن بعض هذه الأنظمة «كانت تحرض على العدوان في تموز 2006»، حيث لم تنفِ هذه الأنظمة ما قيل عن أنها طالبت إسرائيل باستكمال حربها في لبنان وغزة. وأكد نصرالله أن «ضمانة عروش هذه الأنظمة هي الدفاع عن إسرائيل وعدم المس بوجودها، لذلك كانت دائماً تقف في الجبهة المعادية للمقاومة»، مضيفاً أن ما يحصل اليوم «استمرار للاستراتيجية القديمة».
وعن تدخل الحزب في العراق، أشار نصرالله إلى أن هذا التدخل جرى عبر تقديم المساعدة بالقادة والخبرات والتدريب، وبإدارة العمليات ضدّ خطر «داعش»، الذي سيطر على مناطق واسعة في العراق، وهو «خطر استشعر وجوده كل الشعب العراقي». وأضاف أن الحزب أرسل مجموعة كبيرة من قادته إلى العراق «وقاتلنا تحت قيادة عراقية»، مؤكداً أن «من يغير المعادلة في العراق اليوم هم العراقيون أنفسهم، من بينهم الحشد الشعبي». وقال «لو حاربنا في العراق تحت قيادة أميركية لما وُصفنا بالإرهاب»، موضحاً «ما زلنا في العراق تحت قيادة الحشد الشعبي». وتوجه إلى الأنظمة العربية قائلاً: «لولا الحشد الشعبي لكان داعش في قصوركم وعروشكم وسبى نساءكم وهتك أعراضكم».
وعن سوريا، قال نصرالله إن المشاركة في القتال في سوريا هي «الحد الأدنى من الواجب» وهي مبنية على دراسة عميقة، وعن قرار وإرادة وفهم ووعي، وأشار إلى أن الحاج علاء من أوائل الذين ذهبوا إلى سوريا، وبقي حتى اللحظة الأخيرة في الميدان.
في هذا الإطار، شكر نصرالله وقوف سوريا والجمهورية الإسلامية في إيران إلى جانب المقاومة واحتضانها ودعمها، متسائلاً في هذا الإطار عن علاقة الكثير من الدول العربية بإنجازات المقاومة التي لم تُدعم لا سياسياً ولا مالياً ولا بالتسليح. مضيفاً أنه «ما من نظام عربي يجرؤ على أن يعطي إمكانات عسكرية للمقاومة، باستثناء النظام السوري».
في الختام، تحدّث نصرالله عن قرار «مجلس التعاون الخليجي» إعلان حزب الله منظمة إرهابية، وقال إن غضب السعودية نابع من فشلها في اليمن وسوريا ولبنان، مشيراً إلى أن حسابات السعودية سقطت في سوريا، حيث فشلت توقعاتهم ورهاناتهم على «الناتو» والأميركيين. وأكد أن الأمر عينه حصل في اليمن، حيث اعتقد السعوديون أن بإمكانهم أن يفرضوا قيادتهم على العالم العربي، لكنهم فشلوا، مشيراً إلى أنّ السعودية ساهمت في إفساح المجال للإرهابي داعش والقاعدة للسيطرة على مناطق واسعة في اليمن وارتكاب مجازر، آخرها كان في دار للمسنين.
وقال «نحن شاكرون تحميلنا مسؤولية فشل السعودية السوري اليمني اللبناني البحريني، فهذا يعني إحباطنا هذه المشاريع، وهو أمر نفتخر به في الدنيا والآخرة». وأكد نصرالله أن «من يواجه السعودية في سوريا هو المدافع الحقيقي عن المصالح اللبنانية»، مضيفاً أنه ليس بإمكان للسعودية ابتزاز اللبنانيين بعملهم، وأن نترك بذلك «القاعدة تسيطر في سوريا. هذا ابتزاز غير مقبول».
وعن وضع «حزب الله» على لائحة الإرهاب، رأى نصرالله أن ردود الأفعال العربية الشعبية والرسمية، وفي تونس خصوصاً، تعبير عن حقيقتهم وحقيقة الأمة، شاكراً كل من تضامن مع المقاومة ضد القرار الخليجي. ورأى أن أهمية ما حصل أنه «يعبّر ويشير إلى مكانة المقاومة عند الشعوب العربية ومكانة فلسطين»، موضحاً أن «هذه الصرخة التي سمعناها قيمتها عالية» في وجه «الغضب الملكي»، وخصوصاً أن السعودية «لن تسامح من يرفضون قرارها»، لذا فهذه «صرخة في وجه سلطان متسلّط مهيمن بالمال والإعلام والتكفير الديني والسياسي».
وتابع نصرالله: «أهمية ردود الأفعال الرسمية والشعبية خصوصاً أنها رسالة قوية لإسرائيل التي تقدم نفسها صديقة لأهل السنّة»، مضيفاً «لا تحلموا بأن يأتي يوم يصبح فيه وجودكم طبيعياً، لا يمكن أن تصبحوا أصدقاء، أنتم أعداء، إرهابيون، ستبقون كذلك في نظرنا». وأكد: «أنتِ إسرائيل العدو وستبقين العدو، ولا يستطيع أي نظام عربي أن يطبّع مع إسرائيل»، مشيراً إلى أنه حتى عبر التحريض الطائفي والأكاذيب لا يمكن أن يجري التطبيع مع إسرائيل «حتى في مصر، التي تملك علاقات دبلوماسية مع إسرائيل، اتُخذت إجراءات بحق النائب الذي استقبل السفير الإسرائيلي وضربوه بالأحذية في مجلس النواب». وأوضح نصرالله أن «من يريد أن يرفعكم أيها القتلة سيسقط معكم»، خاتماً أن السعودية ستكتشف أنها «تخوض معركة خاسرة».