أكثر من عشرين خرقاً لوقف النار الهش في سوريا والحصيلة ثلاثون قتيلاً يوم الأحد، لكن كل ذلك لن يغير في النتيجة من التقدم في إتجاه ما يسمى "الخطة ب"، التي كانت دائماً تمثل الأرجحية الأولى في حسابات الجميع؟

ما هي "الخطة ب"؟
انها تضافر أو استعمال القتال والمفاوضات بما يكفل الوصول الى خلاصة واحدة هي التقسيم، فلا روسيا مستعدة للإنغماس في حرب طويلة توقع مئآت آلاف القتلى لإعادة بسط سلطة الأسد على ما خسره من مساحة سوريا وهو ٧٥٪‏ تقريباً، ولا ايران في وارد خوض حرب من هذا النوع، ولا الأسد قادر على الإحتفاظ حتى باللاذقية لولا دعم الروس والإيرانيين، وليس في حسابات أميركا سوى مباركة خطط اسرائيل التي طالما حلمت بمنطقة مقسّمة تجعلها المحور الأقوى في الإقليم.
تقسيم سوريا يمثل جائزة ترضية للنظام ومؤيديه ولو أنكروا، انه جائزة لروسيا التي ستحتفظ بقاعدة على المتوسط وعند شواطىء طرطوس، التي تختزن كميات كبيرة من النفط والغاز، وهو جائزة ترضية لإيران التي قدمت وتقدم تضحيات مالية وبشرية منهكة دعماً للنظام، فإن لم تتمكن من الإحتفاظ بسوريا فعلى الأقل تبقى الدولة العلوية الكوريدور الذي يصلها بالجنوب اللبناني.
والدليل انه عندما قدم الأسد في ١٨ من الجاري تفسيره لموضوع الحكم الإنتقالي في سوريا بطريقة تنسف جنيف والقرار ٢٢٥٤ وشنّ هجوماً عنيفاً على أميركا والغرب معتبراً انها يرعى الإرهاب، لم يأتِه الجواب من واشنطن بل من موسكو وعلى شكل توبيخ صريح او تقريع باغت الجميع.
التقارير الديبلوماسية العليا تقول إن الإتفاق العسكري بين الأسد وروسيا يمنعه من تقديم الإجتهادات التي تتعارض مع نظرة موسكو، ولذلك عندما قال إن الحكم الانتقالي هو فقط الإنتقال من الفوضى الى الإستقرار ومن خلال الدستور القائم، جاءه الرد على لسان فيتالي تشوركين الذي قال: "لا تركّزوا على ما يقوله الأسد بل على ما سيقوم به في النهاية" بما عنى ما سنملي عليه القيام به!
أكثر من ذلك قال تشوركين ما معناه، فقط اذا عمل الأسد بوحي ما تراه موسكو فستكون لديه الفرصة للخروج من الأزمة بكرامة. ميخائيل بوغدانوف بدوره ذكّر الأسد بأن عليه ان يمتثل لتوصيات موسكو "لأن قواته لم تكن لتصمد طويلاً لولا التدخل الروسي".
لا داعي للتذكير بما سبق الفلاديمير بوتين ان قاله لصحيفة "بيلد" عن الأخطاء الكثيرة التي ارتكبها الأسد، ولكن من الضروري الإنتباه الى ان التحضير للبدائل في سوريا لن يتوقف عند شخص الأسد بل سيطاول شكل سوريا التي نعرفها، وهو ما يعمّق القلق الإيراني الى مداه الأقصى هذه الأيام!