لبنان دخل في مرحلة الخطر الحقيقي , والحوار بين حزب الله وتيار المستقبل تعثر , والعلاقات مع الخليج تتدهور إلى أقصى الحدود

 

السفير :

كل شيء في خطر: الحكومة، الحوار الوطني، الحوار الثلاثي.. والأهم مظلة الأمان التي حمت لبنان في خضم السنوات الخمس الصعبة من عمر الأزمة السورية.
المفارقة غريبة للغاية، إذ إن لبنان تمكن حتى الآن من اجتياز الحريق السوري بأقل خسائر ممكنة. صحيح أن مئات اللبنانيين من مدنيين وعسكريين (وبينهم تسعة جنود ما زالوا مجهولي المصير) دفعوا ثمن الإرهاب الذي حاول مراراً وتكراراً الزحف إلى الداخل اللبناني بعناوين «الإمارات التكفيرية» وغيرها، لكن كل أهل السياسة والأمن لطالما رددوا أن الأثمان كان يمكن أن تكون أكبر بكثير.. وصولاً إلى جعل لبنان على صورة ما يجري في العراق وسوريا واليمن، خصوصاً أنه يفتقد تاريخياً المناعة الوطنية.. وهو منذ أكثر من عقد من الزمن، وتحديداً منذ الاجتياح الأميركي للعراق، يتأثر بتداعيات الصدع المذهبي الكبير في المنطقة.
كل شيء في خطر، في لحظة إقليمية مفصلية تستعد معها سوريا لاختبار تجربة هدنة، لطالما اختبر لبنان مئات الهدن المماثلة في زمن حروبه الأهلية، لكأنه يراد لهذا البلد الصغير أن يدفع دائماً ثمن التسويات الكبرى في المنطقة.
كل شيء في خطر، ما دامت القيادة السعودية تواصل ضغطها غير المسبوق على حلفائها اللبنانيين، إلى حد صارت مهتمة بالبحث عن صياغات لغوية تعيد لها كرامتها وعلى اعتذارات ترفع لها شأنها، فإذا لم تنل مرادها، ستكون للبنان بالمرصاد بلقمة عيشه الصعبة واقتصاده المترنح وأبنائه الموزعين في أربع رياح الأرض يعطون عمرهم وجهدهم لبلدان تبادلهم الوفاء والعطاء.
كل شيء في خطر، بدليل أن ما صدر عن حكومة الرئيس تمام سلام يوم الإثنين الماضي ليس مقبولاً سعودياً.. بل المطلوب «دوز» أكبر ليس معروفاً ما اذا كان يمكن أن يقبل به بعض أهل الحكومة من غير «قوى 14 آذار»، فإذا لم يتنازل الطرفان، فلربما نكون في الساعات أو الأيام المقبلة أمام حكومة تصريف أعمال ألمح سلام ليل أمس إلى احتمالها بقوله لشبكة «سكاي نيوز العربية» إن البعض يقول إن هذه الحكومة تصرّف الأعمال وليست قادرة على إنجاز الكثير من الأمور، «وأنا أدرك ذلك وربما قد نصل الى وقت نجد أنفسنا فعلاً في تصريف أعمال»، وأردف: «الاستقالة واردة وعدم استمرار الحكومة وارد، ليس فقط عندي بل حتى عند القوى السياسية التي يمكن أن تأخذ هذا القرار».
مؤشر الخطر على الحكومة تم التعبير عنه من خلال مؤشرات عدة، أبرزها الخطر الذي تهدد جلسة حوار عين التينة ليل أمس. وفي التفاصيل، أن المعاون السياسي للرئيس نبيه بري الوزير علي حسن خليل تبلّغ من «تيار المستقبل» قراره بتأجيل الجلسة، فبادر إلى إبلاغ الرئيس نبيه بري الموجود في بروكسل، الأمر الذي استوجب سلسلة اتصالات هاتفية مكثفة بين رئيس المجلس النيابي من جهة وبين سلام من جهة ثانية، فيما كان الرئيس سعد الحريري يتابع من «بيت الوسط» مجريات المشاورات بتواصله المفتوح مع كل من مدير مكتبه نادر الحريري والرئيس سلام والوزير خليل.
وتمنى بري على سلام المساعدة لدى قيادة «المستقبل» في حماية الحوار، قائلاً له: لا يصح أن نساهم بأيدينا في خراب وطننا، داعياً إلى حماية الحوار «باعتباره أحد الإنجازات اللبنانية لتحصين السلم الأهلي ومنع الفتنة».
وفي الوقت نفسه، فتح علي حسن خليل خطوطه مع المعاون السياسي للأمين العام لـ«حزب الله» الحاج حسين الخليل الذي أبلغه منذ اللحظة الأولى أن المشكلة ليست عند الحزب بل عند الفريق الآخر.
وفيما طرح الحريري خلال «المفاوضات» تأجيل الجلسة، مقترحاً على بري أن يجتمعا فور عودته من بلجيكا للتداول في مصير حوار عين التينة، رفض بري هذا الطرح، وأصرّ على عقد الجلسة في موعدها، حتى ولو كانت مختصرة سواء في الوقت أو في عدد أعضاء الوفدين، واتفق مع الحريري على اجتماع عاجل فور عودته إلى بيروت نهاية الأسبوع الحالي.
وانطلق بري في إصراره على موقفه من خطورة الدلالات والتداعيات التي ستترتب على تأجيل جلسة الحوار في هذا التوقيت، «لأن عدم انعقادها سيعطي إشارة سلبية إلى مسار الوضع اللبناني وربما يترك انعكاسات سلبية على الحكومة والحوار الوطني»، لا سيما أن «حزب الله» الذي استجاب لمسعى بري قد يتخذ قراراً بالانسحاب من الحوار إذا قاطع «المستقبل» الجلسة المقررة (أمس).
وبعد مفاوضات مكوكية، تقرر عقد جلسة حوارية اقتصر حضورها على حسين الخليل ونادر الحريري بحضور علي حسن خليل، بعدما تبلغ وزيرا «حزب الله» حسين الحاج حسن و«المستقبل» نهاد المشنوق ونائبا «حزب الله» حسن فضل الله و«المستقبل» سمير الجسر، بأن الجلسة «ستكون مختصرة هذه المرة».
واستمرت الجلسة في عين التينة حوالي التسعين دقيقة وصدر عنها بيان مقتضب مفاده أن الاجتماع «بحث الأوضاع الراهنة».
وعُلم أن الوزير خليل أكد على أهمية استمرار الحوار خصوصاً أنه أثبت في محطات عدة فاعليته وقدرته على تدوير الكثير من الأمور لا بل شكّل رافعة للعمل الحكومي وللكثير من الخطوات التي تم اتخاذها، مشدداً على أن طاولة الحوار الوحيدة التي ظلت ملتئمة في المنطقة طوال السنوات الماضية هي طاولة الحوار الوطني اللبناني (الموسعة منذ 2006 والثنائية منذ نهاية العام 2014 حتى الآن).
وقدم نادر الحريري عرضاً سياسياً على خلفية تداعيات القرار السعودي الأخير وما أسماها «الإساءات» التي تتعرض لها السعودية في لبنان، فيما قدم حسين الخليل مداخلة عرض فيها وجهة نظر «حزب الله» من مجمل المشهد الإقليمي وخصوصاً الانخراط السعودي في مشهد الدم في العديد من ساحات المنطقة من اليمن إلى سوريا مروراً بالعراق، محذراً من تداعيات الضغط السعودي على لبنان.
وكان لافتاً للانتباه أن المجتمعين اتفقوا على انعقاد الحوار «في جلسة مقبلة» من دون أن يحددوا موعدها أو صيغتها الجديدة، في انتظار اللقاء الموعود بين بري والحريري بعد عودة رئيس المجلس من زيارته الأوروبية، علماً أن المحاذير نفسها تسري على جلسة الحوار الوطني المقررة يوم الأربعاء في التاسع من آذار المقبل.

النهار :

الى أين تتجه الاجراءات التصعيدية الخليجية المتصلة بلبنان بعد استكمال الموجات الاولى التي تعاقبت عبرها دول خليجية عدة على الطلب من رعاياها مغادرة لبنان وعدم التوجه اليه؟ وماذا عن توقيف الرحلات الجوية بين السعودية وربما سواها ولبنان؟ ثم ماذا عن الاحتمال الراجح لعدم الاستجابة حالياً على الاقل لرغبة رئيس الوزراء تمّام سلام في زيارة المملكة قبل التصويب العملي الحاسم للموقف الرسمي؟ وأكثر من ذلك هل تتوغل الاجراءات العقابية السعودية الى ما يخشاه الجميع في موضوع اللبنانيين العاملين في المملكة او في موضوع الودائع المالية في لبنان والتحويلات المالية اليه؟
هذه التساؤلات المحفوفة بكثير من القلق والمخاوف طرحت دفعة واحدة أمس في ظل تفاقم أزمة كارثية لم يشهد لبنان مثلها في تاريخ علاقاته مع السعودية والدول الخليجية وباتت تشكل بمعالمها التصعيدية نذيراً باستعادة الأزمات الانقسام الداخلي الكبرى ولم يكن أدل على ذلك من الصعوبة الكبيرة التي واجهت جهود رئيس مجلس النواب نبيه بري ووسطاء آخرين ليل أمس لانقاذ الشعرة الواهية التي تعلق حوار عين التينة بين تيار "المستقبل" و"حزب الله" والذي بالكاد عقدت جولته الخاطفة المجتزأة مساء لنصف ساعة.

تصعيد على مسارين
وتتصاعد الأزمة على مساريها الخليجي والداخلي بما يضع لبنان أمام المجهول الذي لا أفق واضحاً له، فيما غابت كل مسائل الداخل بما فيها الازمة الرئاسية عن السياق الطارئ الذي أحكم طوقه على البلاد وجعلها أسيرة حبس الانفاس خشية مزيد من المفاجآت. حتى ان معلومات ترددت أمس ولم تتأكد بعد رسمياً عن اجراء سعودي بوقف التحويلات المالية من السعودية الى لبنان وقت كانت الكويت وقطر تنضمان الى الدول الخليجية التي دعت رعاياها الى مغادرة لبنان. وألغت السفارة الكويتية في بيروت احتفالاً بالعيد الوطني الكويتي كان مقرّراً اليوم.
وعقب لقائه الرئيس سلام وتسلمه رسالة منه الى القيادة السعودية عكس السفير السعودي علي عواض عسيري في تصريحات له جواً متشدداً اذ دعا الحكومة الى معالجة الاخطاء التي ارتكبتها "جهة معينة في الحكومة اللبنانية" حيال بلاده "بحكمة وشجاعة ". واتهم عسيري في حديث الى "وكالة الصحافة الفرنسية"، "أحد كبار المسؤولين في الحكومة اللبنانية بارتكاب خطأين في شكل متتال تجاه المملكة العربية السعودية"، مضيفاً ان "ما ارتكب من جهة معينة في هذه الحكومة هو الذي ازعج المملكة وقيادتها وبالتالي من المفروض ان يعالج هذا الامر بحكمة وشجاعة".
واعتبر عسيري ما قامت به الحكومة "لم يكن كافياً وشافيًا عن موقف لبنان في المحافل الدولية تجاه المملكة"، ذلكان "هذا البلد يرتبط بعلاقة وثيقة وتاريخية مع المملكة وبالتالي كنا نتوقع منه أفضل من ذلك".
وعلمت "النهار" ان الرسالة التي طلب الرئيس سلام امس من السفير السعودي أن ينقلها الى الرياض تتعلق بالمدى التي ستذهب اليه الاجراءات السعودية حيال لبنان. وتوقعت مصادر مواكبة أن يأتي الجواب السعودي خلال 48 ساعة مع ان بعض الأوساط المعنية استبعد استجابة سعودية سريعة لمضمون الرسالة وتحدث عن فكرة يجري العمل عليها للتمهيد لزيارة يقوم بها الرئيس سلام للسعودية ربما مع وفد سياسي رفيع المستوى.
وفي موازاة ذلك، كان ثمة مقترح أن يدلي الرئيس سلام اليوم بعد جلسة مجلس الوزراء العادية ببيان بأسمه يحدد الموقف من تطورات العلاقات اللبنانية - السعودية. ولكن فهم أن هناك مطلباً سعودياً أن يصدر عن مجلس الوزراء موقف بالاجماع وهو أمر متعذر، خصوصاً "حزب الله" يرفض الخوض في موقف جديد غير الذي صدر أخيراً عن الحكومة.
وأبلغت مصادر وزارية "النهار" ان الجلسة العادية لمجلس الوزراء اليوم ستبحث من خارج جدول الأعمال في تطورات العلاقات اللبنانية - السعودية التي حمّلت لبنان أعباء لا طاقة له على تحمّلها، علماً ان الاتصالات التي جرت أمس لإبقاء سقف المناقشات تحت السيطرة كانت نتائجها سلبية، إلا أن ذلك لا يمنع من ان يبحث المجلس في جدول الاعمال ويقرّ ما هو الضروري منها. ونقلت عن الرئيس سلام إنزعاجه مما وصفه بالمزايدات التي تتعرض لها الحكومة. وتخوفت من نتائج أمنية ضمن الاختبار الجاري للمواقف السياسية.
وصرّح وزير العمل سجعان قزي لـ"النهار" بان أصحاب بعض المواقف الصادرة "كمن يطلق النار على سيارة إسعاف وبخاصة من يطالب بمحاكمة حزب الله وهو من رشّح حليف الحزب لرئاسة الجمهورية، وعليه أن يسحب ترشيحه هذا قبل المطالبة بإستقالة الحكومة وإتخاذ تدابير ضد حزب الله".
واسترعى الانتباه في حديث أدلى به الرئيس سلام مساء الى محطة "سكاي نيوز" العربية تأكيده حصول "زلة ارتكبت ومن حق المملكة ان تغضب"، لكنه شدّد على ان وزير الخارجية جبران باسيل "لا يمثل السياسة الخارجية للبنان التي عبر عنها البيان الوزاري ولن يكون بعد اليوم أي زلة لسان". ولمح الى ان استقالة الحكومة واردة، مع انه أمل في تذليل الامور والتمكن من معالجة كل القضايا.

 

المستقبل :

بينما عواقب الديبلوماسية «العونية» الممعنة في سياسات سلخ لبنان عن جلدته العربية تتوالى فصولاً مع انضمام كل من الكويت وقطر إلى لائحة الدول التي تحظر على رعاياها زيارة الأراضي اللبنانية، تتواصل في المقابل الجهود الوطنية الحثيثة في سبيل رأب الشرخ الحاصل مع المملكة العربية السعودية وعموم دول الخليج بفعل مواقف وزير الخارجية جبران باسيل خصوصاً بعدما سعى إلى إجهاض بيان مجلس الوزراء الأخير المتمسك بالإجماع العربي من خلال إطلالة متلفزة جدّد فيها مواقفه المستفزّة للعرب. وعلى الأثر سارع رئيس الحكومة تمام سلام، بُعيد تحميله السفير السعودي علي عواض عسيري رسالة إلى خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز، إلى إعادة التأكيد مساءً على كون «تصريحات وزير الخارجية تعبّر عنه ولا تمثّل الحكومة»، جازماً في معرض شكواه من «التمدّد» الإيراني على حساب السيادة الوطنية بأنّ «لبنان لم ولن يخرج يوماً عن الإجماع العربي». وفي الأثناء كانت تداعيات التطورات الأخيرة تنعكس بشكل جلي على طاولة حوار «تيار المستقبل» و«حزب الله» أمس في عين التينة حيث علمت «المستقبل« أنّ جولة الحوار الخامسة والعشرين انعقدت على مدى نصف ساعة فقط من دون أن تخرج بأي نتيجة. 
وأوضحت مصادر رفيعة في التيار لـ«المستقبل» أنّ اتصالاً كان قد جرى بين رئيس مجلس النواب نبيه بري والرئيس سعد الحريري قبل موعد انعقاد الحوار تقرّر خلاله تقليص وفدَي التيار والحزب واقتصار المشاركة على مدير مكتب الرئيس الحريري نادر الحريري ومعاون الأمين العام لـ«حزب الله» حسين الخليل، فانعقدت الجلسة بمشاركة الحريري والخليل وبحضور معاون بري الوزير علي حسن خليل، وخلصت إلى إصدار بيان مقتضب جداً اكتفى بعبارة واحدة: «جرى بحث الأوضاع الراهنة».
وكان الرئيس الحريري قد وضع أمس الإصبع على «المشكلة» الجوهرية التي يعانيها الوطن والكامنة في وجود «فرقاء يعتقدون أنفسهم أكبر من الدولة أكان «حزب الله» أم حلفاؤه»، مشدداً على وجوب «أن يفهم الحزب أنه ليس لوحده في البلد وأنه يعرّض لبنان وكل اللبنانيين في كل العالم العربي لمشاكل ومخاطر». وخلال استقباله وفداً موسعاً من رجال الدين ورؤساء البلديات والمخاتير والشخصيات من منطقة عكار، نبّه الحريري على أنّ المرحلة الراهنة «حساسة جداً»، وقال: «لسنا لقمة سائغة لأحد ومهمتنا إنقاذ البلد ونحن حريصون على حمايته من كل ما يهدده«. 
رسالة سلام 
تزامناً، برزت أمس زيارة السفير السعودي إلى السرايا الحكومية حيث التقى رئيس الحكومة وتلقى منه رسالة إلى خادم الحرمين الشريفين لنقلها «نصاً وروحاً» إلى قيادة المملكة. وإذ وصفت مصادر واسعة الاطلاع اللقاء بـ«الجيد جداً»، أوضحت لـ«المستقبل» أنّه دام على مدى أكثر من ساعة وركّز على بحث مستجدات العلاقات اللبنانية السعودية بحيث عمد سلام إلى تسليم عسيري «رسالة شفهية معبّرة» متمنياً عليه نقلها بنصها وجوهرها إلى الملك سلمان، مع إبداء رئيس الحكومة في الوقت عينه أمله في نقل رغبته بزيارة المملكة على رأس وفد رسمي موسّع.

الديار :

فجأة ومن دون سابق انذار انقضّت السياسة والديبلوماسية السعودية على لبنان مع ان السعودية لها سياسة حكيمة هادئة لا تنفعل كيفما كان، فطلبت من لبنان ان يسحب حزب الله من سوريا وهي تعرف ان هذا ليس بقدرة الحكومة اللبنانية ولا قدرة أي فريق في الساحة اللبنانية. ثانيا، أوقفت الهبة العسكرية الى لبنان، مع ان الناطق باسم وزارة الدفاع الفرنسية قال لم نتلق أي طلب بوقف او تجميد صناعة الأسلحة، بل نحن مستمرون في تصنيع الأسلحة التي جاء الى باريس وفد من ضباط الجيش اللبناني وحددوا مواصفاتها وهي تصلح للجبال وللطقس البارد والمتوسط ولا تصلح للصحراء السعودية.
كما ان صواريخ ميسترال لا تفيد السعودية بشيء بوجود صواريخ باتريوت لديها، بل تفيد لبنان لانها تصل الى ارتفاع 30 الف قدم وهي ليست فعالة ضد السلاح الجوي للعدو الإسرائيلي، لكنها الى حد ما تحمي مراكز الجيش اللبناني ضمن حدود معينة وتحمي البنية التحتية للبنان، والتهديد بإيقاف الرحلات الجوية السعودية الى لبنان والطلب من الرعايا السعوديين مغادرة لبنان، وما جرى من اخبار عن رفض زيارة الرئيس تمام سلام الى السعودية هو امر سيصل الى هز الاستقرار في لبنان، ونحن عانينا الكثير من صراعات مذهبية وطائفية فاذا بالضغط السعودي سيشعل فتنة سنية - شيعية في لبنان نحن بامس الحاجة للابتعاد عنها وعدم حصولها في لبنان.
على كل حال الحمد لله ليس لدى أي طرف شيعي او سني مصلحة في إشتباكات ميدانية او عسكرية على الساحة اللبنانية، كما ان الجيش اللبناني قادر على ضبط الوضع اذا انفجر في أي منطقة لان لديه القدرات العسكرية على ذلك. لكن مع ذلك فان الضغط السعودي لا يجب ان يستمر بهذا الشكل على لبنان وتُوجه اليه مطالب مستحيلة، لان الامر ليس جديدا، بل ان حزب الله عمره 25 سنة واكثر، وهو متواجد بأسلحته في الجنوب وقاتل حتى حرر الجنوب اللبناني، ثم قاتل سنة 2006 إسرائيل وردعها وكان ذلك بسلاح إيراني يرتكز على الصواريخ الفاتح والزلزال وهي صواريخ كلها إيرانية وصلت الى يد حزب الله من ايران.
ويومها لم تتحدث السعودية عن شيء ضد إنجازات حزب الله، بل أرسلت 800 مليون دولار مساعدة لو لم يحتجزها الرئيس فؤاد السنيورة ويصرفها عبر هيئة الإغاثة ورفض إدخالها الى الميزانية اللبنانية، لكان الاعمار بالاموال السعودية ذا مفعول كبير بدل ان يصرفها الرئيس فؤاد السنيورة كما يريد تيار المستقبل والرئيس سعد الحريري.
ثم ان السعودية اذا كانت قد وعدت الرئيس سعد الحريري بتأييد الوزير سليمان فرنجية وضرورة التزام حزب الله والعماد ميشال عون بذلك، فان الساحة اللبنانية معتادة على الصراعات لرئاسة الجمهورية وتأليف الحكومة وتمديد الانتخابات النيابية وهذه ليست ازمة حكومية بل حصل فراغ رئاسي بعد انتهاء ولاية الرئيس اميل لحود كذلك بقينا من دون حكومة مدة سنتين. اما بالنسبة الى مجلس النواب فقد مدد لنفسه اربع سنوات مع ان هذا التمديد لم يكن له لزوم وكنا بحاجة الى انتخابات نيابية جديدة تقدم وجوهاً جديدة الى المجلس النيابي على قاعدة قانون انتخابات كي تأتي وجوه جديدة وتصل الى السلطة التشريعية فيتغير نهج السلطة ويخف الفساد واللامسؤولية والإهمال في الدولة اللبنانية كما يحصل حاليا واكبر دليل موضوع النفايات حيث يتم رمي كل يوم 3 الاف طن من النفايات، ومضى على الازمة حوالى السنة ولم تستطع الحكومة حل هذه الازمة، رغم انها ازمة بيئية كبرى تسبب امراضاً للبنانيين وتشوّه منظر لبنان الغني بطبيعته وبيئته وجباله وانهره، التي تتحوّل الى مكب نفايات.
ان السعودية تعرف تماما ان من مصلحتها ان تحافظ على الاستقرار في لبنان، والهجمة الديبلوماسية والسياسية والإجراءات التي تتخذها المملكة العربية السعودية ليست في مصلحتها، لان لبنان المستقل هو ضمانة للسعودية. اما مساعدة ايران لحزب الله فعمرها 20 سنة وليست جديدة، واذا كانت السعودية تعترض، فعليها الاعتراض على اميركا التي سلمت العراق لإيران، لإزالة الرئيس اياد العلاوي والمجيء بالرئيس نوري المالكي رئيسا للحكومة مع ان العلاوي كان يملك الأكثرية، ولو كان العراق قويا والعروبة تفعل فيه بقوة لكان ضمانة استقرار لسوريا وللبنان ولما كانت الموصل سقطت ولا محافظة نينوى سقطت في يد داعش.


على الديبلوماسية السعودية ان تتوقف عن الضغط واذا كانت تعتبر لبنان انه الابن المدلل لاميركا وأوروبا وتمارس هذا الضغط لترسل رسالة الى اميركا وأوروبا بانها قادرة على هز الاستقرار في لبنان وعلى أوروبا وأميركا الضغط من اجل سحب الإيرانيين من لبنان، فليس هنالك إيرانيون في لبنان الا عدد محدود جدا متواجد مع حزب الله لا يزيد عن 90 عنصرا. كما ان تضامن مجلس التعاون الخليجي مع السعودية وتخفيف البعثات الديبلوماسية لمجلس التعاون الخليجي في لبنان والطلب الى رعايا مجلس التعاون الخليجي عدم التوجه الى لبنان نهائيا هو امر سلبي للغاية يزيد من الازمة الاقتصادية في لبنان. والسؤال هو لماذا قطع العلاقات مع لبنان بهذا الشكل وتخفيف البعثات الديبلوماسية ومنع الرعايا الخليجيين من المجيء الى لبنان طالما ان الامن ممسوك في لبنان ولا تحصل عمليات خطف وكل يوم تقوم أجهزة مخابرات الجيش ومخابرات شعبة المعلومات ومخابرات الامن العام باعتقال إرهابيين ومنع داعش من التفجير هو وجبهة النصرة.

 

الجمهورية :

لم يظهر في الأفق أمس ما يشير إلى أنّ الأزمة الناشئة في العلاقات اللبنانية ـ السعودية ماثلة إلى الحلّ قريباً، إذ يتوقع أن يأخذ التصعيد في الموقف السعودي مداه، فيما الموقف الذي أعلنه مجلس الوزراء لم يكن كافياً من وجهة نظر الرياض. وكشفت مصادر 8 اذار لـ«الجمهورية» أنّ ما يزيد الأزمة تعقيداً هو الشروط والشروط المضادة المطروحة، فالرياض تطلب أن يعتذر «حزب الله» لها ويوقِف حملاته الإعلامية ضدّها، فيما «الحزب» يطلب في المقابل الاعتذار له. وهذا الواقع المتشنّج ولّدَ في الأوساط الرسمية والسياسية، وحتى الشعبية، مخاوفَ مِن سقوط الحكومة، الذي من شأنه أن يُدخِل البلاد في فراغ كامل. مع استمرار الإجراءات السعودية، والحملة الإعلامية لـ«حزب الله» ضد الخليج، يتخوف المراقبون من عودة لبنان ساحةً أمنية للنزاع، بعدما كان ساحة سياسية فقط.
كذلك تتخوّف مرجعيات عسكرية وامنية من عودة التفجيرات المتنقلة الى بعض المناطق اللبنانية المعنية بهذا النزاع، لذلك تجري اتصالات على مستوى دولي عالٍ جداً مع كل من السعودية وايران لتحييد لبنان أمنياً، ولكن هذه الاتصالات التي بدأت منذ ثلاثة ايام لم تبلغ نتائجها الى الحكومة اللبنانية بعد. وينتظر أن تتخذ القوى العسكرية والامنية قريباً إجراءات خاصة لتأمين مزيد من الحماية والمراقبة.
وكانت مواقف المسؤولين تقاطعَت على التحذير من خطورة الوضع. ففي حين أكد الرئيس سعد الحريري «أننا نمرّ في مرحلة حساسة جداً»، لفتَ وزير الداخلية نهاد المشنوق الى «أننا امام أزمة جدّية».
ورأى وزير العمل سجعان قزي «أنّ لبنان قادم على مطبّات أمنية دقيقة، لكي لا نقول خطرة، نتيجة تحوّله مجدداً ساحة مفتوحة للنزاعات، ولا سيّما منها النزاع الايراني - السعودي»، في وقت حذّر رئيس «اللقاء الديموقراطي» النائب وليد جنبلاط من انّ «لبنان وشعبه معرّضان للخطر من كلّ النواحي».
جلسة صاخبة وحوار مبتور
وعلى وقع الأجواء السياسية المشحونة، يعقد مجلس الوزراء جلسته الأسبوعية اليوم، وتوقع المراقبون ان تكون عاصفة، في ضوء ما استجدّ.
وبدا أنّ ارتدادات الوضع المتأزّم أصابت شظاياها الحوار بين تيار «المستقبل» و«حزب الله» الذي انعقد مساء أمس في عين التينة في جلسة مبتورة غاب عنها الوزير نهاد المشنوق والنائب سمير الجسر من «المستقبل»، والوزير حسين الحاج حسن والنائب حسن فضل الله من الحزب، واقتصَر الحضور فيها على «الخليلين»: المعاون السياسي للامين العام لـ«حزب الله» الحاج حسين الخليل، والمعاون السياسي لرئيس مجلس النواب الوزير علي حسن خليل ومدير مكتب الرئيس سعد الحريري السيد نادر الحريري. واكتفى البيان الذي اصدره المجتمعون بالاشارة الى انه «تم البحث في الاوضاع الراهنة».
وعلمت «الجمهورية» أنّ تحويل جلسة الحوار مصغّرةً كان متّفقاً عليه سابقاً نظراً للأحداث المستجدة. وقالت مصادر المجتمعين إنّ الجلسة كانت عادية وقيمتُها انّها انعقدت على رغم كل شيء، وهو الأمر الإيجابي . وأوضحت انّ الطرفين المتحاورين يعلمان انّ ما يحصل ليس له علاقة بالداخل اللبناني كما ليست اسبابه المباشرة المواقف اللبنانية، بل هو مرتبط بشكل مباشر بما يحدث في سوريا والمنطقة.
ورأت المصادر أنه وللمرة الاولى يكون استقرار لبنان تحت المجهر ويطرح حوله علامات استفهام، وأنّ التطورات التي حصلت مع المملكة بدأت تترك انعكاسات سيئة على الساحة اللبنانية نحاول قدر المستطاع تلطيفها، وجلسة الحوار اليوم (امس) حافظت على الحد الادنى، وما على اللبنانيين سوى الانتظار ومراقبة مسار الامور لمعرفة على ماذا سترسو».
وأكدت المصادر أن «لا استقالة للحكومة ولا لوزراء «المستقبل» على رغم انّ التصعيد غير مسبوق وغير مبرر في جوهره، إلّا أنّه لا نيّة لأحد في الداخل بأخذِ الأمور إلى التفجير الكامل».
وقالت مصادر مطلعة لـ«الجمهورية» إنّ الجلسة انعقدت مختصرةً ومصغّرة تلافياً لتأجيلها، وذلك نتيجة إصرار بري الذي رفضَ اقتراح الحريري عليه تأجيلَها في انتظار عودته من بروكسل وتجاوز المرحلة الصعبة التي تشهدها البلاد بسبب أجواء التوتر السائدة.
فتولّى الوزير خليل منذ ساعات الظهر مهمّة إدارة الاتصالات بين قيادتي «المستقبل» و«حزب الله» ومع برّي الذي أبلغَه إصراره على عقد الجلسة بمن حضَر ولو مختصَرة، مخافة ان يؤدّي التأجيل الى خلق سابقة يمكن ان تؤدي الى التشكيك بمسيرة الحوار المفتوح بين الطرفين في ضيافته.
وبعد المشاورات بين الأطراف المعنية تمّ التفاهم على عقد الجلسة في حضور ممثّل واحد عن كلّ طرف لضمان استمرار الحوار، وهكذا كان.
الكويت وقطر
وفي ظلّ توتّر الأوضاع مع المملكة، استمرّت أمس الإجراءات الخليجية، فيما كانت السفارة السعودية في بيروت تغصّ بالشخصيات والوفود المتضامنة.
فبعد السعودية ودولة الإمارات العربية المتحدة والبحرين، طلبَت قطر من مواطنيها عدم السفر إلى لبنان، ودعَت رعاياها فيه الى المغادرة «حرصاً على سلامتهم، والاتصال بالسفارة القطرية في بيروت لتقديم التسهيلات والمساعدة اللازمة لهم».
كذلك دعَت الكويت رعاياها في لبنان الى المغادرة «إلّا في الحالات القصوى التي تستدعي بقاءَهم». ودعت المقيمين منهم الى»أخذِ الحيطة والحذر في تنقلاتهم وتجنّب الاماكن غير الآمنة والتواصل مع السفارة والتنسيق معها عند الضرورة، وذلك حفاظاً على أمنهم وسلامتهم تجنّباً للمخاطر».

... واليمن
تزامناً، اتّهمت الحكومة اليمنية «حزب الله» بـ»الضلوع مباشرة» في الحرب الدائرة بينها وبين الحوثيين، معلنةً عن نيتها تقديم ملف كامل يثبت هذا الأمر إلى مجلس الأمن الدولي والجامعة العربية. وطالبَت باتخاذ الإجراءات الدولية القانونية بحقّه.
وقف الرحلات الجوّية
إلى ذلك، أثار كلام وزير السياحة ميشال فرعون أمس عن احتمال أن توقف الخطوط الجوية السعودية رحلاتها الى لبنان القلقَ. وعلى الرغم من انّ الجهات المختصة، ومنها إدارة المطار وشركة الخطوط السعودية نفسها، نفَت تبلّغَها أيّ قرار من هذا النوع، إلّا أنّ الغموض ظلّ يكتنف هذا الموضوع.
ولعلّ ما زاد في المخاوف أنّ فرعون الذي كان أوّل مَن تحدّث في هذا الموضوع، قال لـ«الجمهورية» إنّه تلقّى معلومات تتحدّث عن احتمال أن توقِفَ السعودية رحلاتها الجوّية الى لبنان.
وعمّا إذا كان تبَلّغ رسمياً هذا القرار من الجانب السعودي، أجاب فرعون: «ربّما كان هناك قرار بذلك لكنّه لم يُعلن بعد، أو تمّ العدول عنه. وصَلتني معلومات عن هذا القرار لكن وبما أنّ جهات عدة نفَت هذا الأمر فالأفضل أن لا نتحدث عن الموضوع».
وكان متحدث في شركة الخطوط الجوية السعودية قد نفى لـ«الجمهورية» تبلّغَه أيَّ قرار يتعلق بوقفِ الرحلات الى بيروت ومنها.
برّي
ومِن بروكسيل حيث واصَل لقاءاته على مستوى البرلمانَين الاوروبي والبلجيكي، تابَع رئيس مجلس النواب نبيه بري التطورات الساخنة في بيروت، وأجرى لهذه الغاية سلسلة اتصالات بغية التخفيف من حدّة التوتر وضمان استمرار الحوار.

اللواء :

تدخل الأزمة التي تسبب بها وزير الخارجية جبران باسيل بين المملكة العربية السعودية ولبنان لخدمة إيران و«حزب الله» اسبوعاً ثانياً من دون ان تلوح في الأفق بوادر معالجة، بل على العكس، تكشف التطورات المتصلة بهذا الموضوع عن وقائع جديدة، تنذر بتفاقم الموقف.
وكشفت مصادر دبلوماسية متابعة للأزمة ان القضية انتقلت إلى مرحلة أصبح من الضروري وضعها على سكة المعالجة، بأن تتخذ الحكومة اللبنانية إجراءات لمنع «حزب الله» من 
«تصدير مرتزقته إلى الخارج» (سوريا واليمن)، على حدّ تعبير المستشار العسكري لوزير الدفاع السعودي الأمير محمّد بن سلمان العميد الركن أحمد عسيري.
فبالتزامن مع إعلان حكومة الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي بأنها سترفع شكوى ضد حزب الله إلى مجلس الأمن، متهمة اياه بتدريب الحوثيين، أكّد عسيري ان السلطات السعودية لديها «قرائن منذ مُـدّة طويلة بقيام مرتزقة من «حزب الله» بتدريب الحوثيين»، موضحاً اننا نملك تسجيلات ومعلومات استخباراتية عن ضلوع ميليشيا «حزب الله» بدعم الحوثيين، وأن «نقل الميليشيات من صعدة إلى داماج تمّ باشراف حزب الله بصهاريج مياه، وأن هناك قتلى مرتزقة من حزب الله وإيران في اليمن، كاشفاً عن انتهاك القرار الأممي 2216 من خلال زج الحوثيين و«عصابة» «حزب الله» بالأطفال لقتال السعودية».
وتأتي هذه التطورات، بعد ان انضمت دولتا الكويت وقطر إلى المملكة العربية السعودية والامارات والبحرين في الطلب إلى رعاياهما عدم التوجه إلى لبنان.
في هذا الوقت، استمر الزحف الشعبي والسياسي لليوم الثاني على التوالي إلى مقر السفارة السعودية في بيروت، من جميع المناطق اللبنانية، لاعلان التضامن وتأييد سياسات المملكة في المنطقة، ومناشدة القيادة السعودية بإعادة النظر بمواقفها، باعتبار ان غالبية الشعب اللبناني والحكومة اللبنانية تقفان إلى جانب المملكة، وأن من يعبر عن الموقف الرسمي للجمهورية رئيسها وليس أي وزير آخر.
وفيما تعهد السفير السعودي في بيروت علي عواض عسيري الذي التقى الرئيس تمام سلام في السراي الكبير، بناء لطلبه، بنقل رسالة رئيس الحكومة إلى خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز نصاً وروحاً، دعا الحكومة اللبنانية إلى معالجة الأخطاء التي ارتكبتها جهة معينة في الحكومة تجاه المملكة بحكمة وشجاعة.
واتهم عسيري في مقابلة مع وكالة «فرانس برس» أحد كبار المسؤولين في الحكومة اللبنانية «بإرتكاب خطئين بشكل متتال باتجاه المملكة العربية السعودية»، مشيراً إلى ان «المرتكب» الذي لم يكشف عن اسمه هو الذي ازعج المملكة وازعج قيادتها، معتبراً ان البيان الذي صدر عن مجلس الوزراء لم يكن كافياً وشافياً، واننا كنا نتوقع موقفاً أفضل، مشيراً إلى ان ترحيل اللبنانيين العاملين في المملكة يعود إلى قيادة بلاده «وإلى نظرتها لما يتخذ في لبنان» مجدداً التأكيد على «حرص المملكة على الشعب اللبناني».
وزار السفير عسيري، بعد لقاء الرئيس سلام دار الفتوى واجتمع إلى مفتي الجمهورية الشيخ عبد اللطيف دريان الذي أكد على العلاقات التاريخية بين لبنان والمملكة، وتأييد وقوف دار الفتوى إلى جانب المملكة، متمنياً على الملك سلمان بن عبد العزيز الاستمرار في احتضان لبنان وشعبه المحبّ للمملكة، وعدم تحميل اللبنانيين أخطاء فريق سياسي أو وزير على قاعدة الآية الكريمة: «ولا تزر وازرة وزر أخرى».
وفي موقف يتوقع أن يطرح اليوم على جلسة مجلس الوزراء في إطار متابعة مستجدات الأزمة بين لبنان ودول الخليج، طالب وزير الداخلية والبلديات نهاد المشنوق، من السفارة السعودية التي زارها أمس متضامناً، بتقديم اعتذار على الإهانات التي تعرّضت لها المملكة، مؤكداً بأنه «من غير المقبول أن يكون لأي طرف حق «الفيتو» على الإجماع العربي».
سلام
وتأكيداً على سياسة الحكومة في الوقوف إلى جانب المملكة، أكد الرئيس تمام سلام أن «سياسة النأي بالنفس التي اعتمدناها في البيان الوزاري ومعنا حزب الله في الحكومة، والتطبيق على الأرض كان هناك فرق»، مشيراً إلى أن لبنان عربي الجذور والهوية، وأن المملكة هي الراعي والحاضن والأب للبنان وقضاياه على مدى سنين طويلة، مؤكداً أنه حصل «خطأ» أو «زلة» ارتكبت، ومن حق المملكة أن تغضب، مشيراً إلى أننا «نمر بأزمة سياسية مستفحلة، وفي ظل الشغور الرئاسي تتراكم السلبيات والعثرات»، متعهداً بألا تكون بعد اليوم أية «زلة لسان».
وجدّد الرئيس سلام التأكيد بأنه هو الناطق باسم الحكومة، وأنه لن يذهب بلبنان بعيداً عن عروبته وأشقائه، كاشفاً بأن هناك تقدّماً لنفود إيراني في لبنان، وهذا أمر نعاني منه لأنه يؤثر على سيادتنا واستقلالنا، مشيراً إلى أنه «لا بدّ من التوصّل مع حزب الله إلى مفاهيم مشتركة توحد اللبنانيين وتعزز اللحمة الداخلية، وليس المطلوب العداوة من فريق ضد فريق سياسي في لبنان».
«إختصار» الحوار الثنائي
وفي مؤشر عن تأثر الحوار بالأزمة الناشبة، اقتصرت جلسة الحوار الثنائي التي عقدت مساء أمس في عين التينة بين تيّار «المستقبل» وحزب الله على مدير مكتب الرئيس سعد الحريري نادر الحريري ومعاون الأمين العام لحزب الله الحاج حسين الخليل، واستمرت الجلسة نصف ساعة فقط في حضور الوزير علي حسن خليل.
ودلّ موضوع البحث، كما جاء في البيان، على غياب المواضيع السابقة، وبالتالي على محاولة مقاربة هادئة للخلافات والأزمة، من دون التمسك بالحوار أو قطعه، ذلك أن بيان الجلسة 26 التي لم تستغرق أكثر من نصف ساعة اقتصر على عبارة واحدة وهي أنه «جرى بحث الأوضاع الراهنة»، من دون أي تفاصيل أخرى.
ومع أن مصادر نيابية في كتلة «المستقبل» نفت علمها بوجود قرار لدى الكتلة باختصار الحوار، من خلال غياب الوزراء: المشنوق والنائب سمير الجسر من «المستقبل» وحسين الحاج حسن والنائب حسن فضل الله عن «حزب الله»، لفت الوزير المشنوق، من السفارة السعودية، إلى أنه لا يجوز تجاهل الوقائع التي نعيشها، مشيراً إلى أن الأزمة ستكون الموضوع الأول على جدول أعمال الحوار بين «المستقبل» و«حزب الله»، ويجب أن نستمر في المحاولة، وأن تيّار «المستقبل» لن يتوقف عن المحاولة ولا عن الحوار.

الاخبار :

يستهدف النظام السعودي من حملته على اللبنانيين إرباك حزب الله. لكن حتى اليوم، لم تُربك هذه الحملة سوى حلفائه الذين لم يتمكنوا بعد من اكتشاف ما يمكن فعله لإرضاء النظام. فحتى ليل أمس، لم تُفتح أمامهم قنوات اتصال حقيقية بحكام الرياض أو أبو ظبي، لمعرفة المطلوب منهم والخطوات اللاحقة

  

الحيرة التي تعيشها القوى الموالية للنظام السعودي في لبنان، لا تعكس قصر الحيلة وحسب، بل تظهر أيضاً الارتباك الناجم عن عدم فهم المطلوب منها بدقة. تصرفات وطلبات حكومة الرياض، لا تتبع مساراً محدداً يمكن معه التنبؤ بخطوات لاحقة، وإن تبين أن هذه التصرفات لا تحظى بغطاء كامل من جانب الولايات المتحدة. وبدا أن الرياض «أُصيبت بخيبة أمل لأنها كانت موعودة ببيان اعتذار علني من الحكومة». تُرجمت الخيبة غضباً على القوى الموالية لها، فعمد الرئيس سعد الحريري إلى اختراع «العريضة الشعبية»، كبديل على المستوى السياسي، وانطلقت ماكينة لحشد الوفود الشعبية والسياسية باتجاه مقر السفارة السعودية في بيروت. جرى تدارس إمكان إطلاق «يوم غضب» يكون عبارة عن مسيرات واعتصامات في بيروت وعدد من المدن اللبنانية. تردد أن الحريري بادر خلال الأيام الماضية إلى توفير تمويل خاص، كاحتياط قد يضطر إلى إنفاقه إن احتاج إلى حشود شعبية كبيرة.

السفير السعودي علي عواض العسيري طالب بالمزيد. لم يُرضِه أداء «الحلفاء»، فخرج أمس مهدداً، بلغة دبلوماسية إلى حدٍّ ما، بطرد لبنانيين من الخليج. قال: «أتمنى ألّا نصل إلى هذه المرحلة (الطرد) وأن يتخذ إجراء من الحكومة اللبنانية يرضي المملكة العربية السعودية وينهي المشكلة».
لكن القوى الموالية للسعودية في لبنان لا تزال عاجزة عن فهم ما تريده «المملكة» لتخفيف غضبها. هل المطلوب اعتذار من الرياض بسبب عدم تأييد سياستها في المنطقة؟ أم تعهّد بوقف «التعرض» كلامياً للنظام السعودي؟ أم المطلوب استقالة وزراء 14 آذار من الحكومة أسوة بما فعله الوزير أشرف ريفي؟ في 14 آذار، لم يظهر بعد من يملك إجابات عن هذه الأسئلة. لا السعودية قدّمت مطالب واضحة للرئيس سعد الحريري، ولا هو تمكن من «التقاط» ما تريده، أو سقف تصعيدها. زاد من الحيرة أداء العسيري مع ريفي، إذ تبيّن أن السفير السعودي هو من طلب من الوزير المستقيل زيارته، يوم افتتاح موسم «الحج التضامني» إلى السفارة (وهو ما أثار حفيظة عدد من مسؤولي تيار المستقبل). ورغم ذلك، يؤكد الحريري أن استقالة ريفي هي من بنات أفكاره، ولا تحظى بأي تغطية سعودية.


لقاء بين مسؤولين
من المردة والتيار الوطني الحر لتعزيز العلاقة بين الطرفين
تجزم مصادر سياسية رفيعة المستوى من فريق 8 آذار بأن «الجنون السعودي لن يؤدي إلى تغيير في موازين القوى اللبنانية الداخلية، باستثناء إضعاف قوى 14 آذار، وعلى رأسها الحريري. فأي إجراءات عقابية بحق لبنانيين في الخليج ستؤدي إلى مزيد من الالتفاف حول حزب الله في بيئته، حسبما أثبتت التجارب السابقة. والعقوبات المالية على لبنان ستصيب الموالين للسعودية بالدرجة الأولى. وكذلك الأمر بالنسبة إلى إسقاط الحكومة، فإنها ستُضعف موقع حلفاء الرياض في السلطة. وأي توتير أمني سيرتد سلباً على تيار المستقبل».
وتلفت مصادر «وسطية» إلى أن «مشاهد استجداء السعوديين استفزت شرائح كبيرة من اللبنانيين. ووصل الاستفزاز إلى داخل بيئة 14 آذار، وخاصة بين مؤيدي الأحزاب المسيحية». وضاعف درجة الغموض أمس قبول الحريري بالمشاركة في جلسة الحوار الثنائي مع حزب الله، التي يرعاها الرئيس نبيه بري في عين التينة. ورغم أن الحوار انعقد ثلاثياً (اقتصرت المشاركة على المعاونين السياسيين لكل من بري، الوزير علي حسن خليل؛ وللأمين العام لحزب الله، الحاج حسين الخليل؛ وللرئيس الحريري، نادر الحريري) إلا أن مجرد انعقاده كان حدثاً بحد ذاته، في ظل التصعيد الذي سبقه. وانعكس هذا التصعيد على مضمون جلسة الحوار، التي لم تتطرق، بحسب مصادر المشاركين، إلى رئاسة الجمهورية والملفات الداخلية الأخرى.