لماذا كل هذا التهويل الروسي؟ أمس حذر ميدفيديف من الإنزلاق الى حرب باردة جديدة واضح ان موسكو هي التي تطلق رياحها، واليوم يكرر غينادي غاتيلوف التحذير من ان التدخل العسكري للدول الإسلامية لمحاربة "داعش" في سوريا قد يشعل حرباً عالمية!
حرب عالمية بين مَن ومَن بعدما توارت أميركا عن المسرح وأعطى باراك أوباما فلاديمير بوتين تكليفاً لإدارة تلك الحرب القذرة، التي لم يتوانَ جون كيري بفظاظة عن التبشير بأنها قد تؤدي الى إلحاق الهزيمة بالمعارضة السورية في خلال ثلاثة أشهر!
فعلاً حرب عالمية بين مَن ومَن، وليس في الساحة حتى الآن سوى الروس والإيرانيين. فأميركا متوارية ثم انها تدخل مرحلة السبات الإنتخابي الذي سيضاعف شلل سياستها الخارجية، وحلف شمال الأطلسي أعجز من ان يخوض حروباً عالمية في غياب أميركا؟
لكن التهويل الروسي يتصاعد على جبهتي "الحرب الباردة" و"الحرب العالمية"، لأن من الواضح ان التورط المتزايد في شن حرب تستهدف المعارضة وتقتل من المدنيين السوريين أكثر مما تقتل من الدواعش، يمكن ان يمنى بالفشل اذا حصل أي تدخل عسكري فعلي على الأرض يقاتل "داعش" ويوفّر الدعم للمعارضة السورية المتروكة للمقاتلات الروسية وبراميل غاز الكلور تدمر البيوت على رؤوس السوريين ولا توفر حتى المدارس والمستشفيات!
سيرغي لافروف وقّع في ميونيخ اتفاق وقف النار وخرج ليعلن ان الحرب لن تتوقف ضد الإرهابيين حتى هزيمتهم، وكان يمكن هذا الكلام ان يلقى التصفيق لو ان روسيا تحارب "داعش" بغير البيانات الكاذبة بينما تركّز حربها على المعارضة، جارفة معها الأحياء المدنية على ما تفيد بيانات الأمم المتحدة!
الآن مع بدء مناورات "رعد الشمال" في "حفر الباطن" التي بدأتها قوات من "التحالف الإسلامي ضد الإرهاب"، الذي اعلنته السعودية وتشارك فيه ٢٥ دولة، بينها دول الخليج ومصر وتركيا وباكستان والأردن والسودان واليمن، تتصاعد المخاوف في موسكو من ان يؤدي أي تدخل جاد ضد "داعش" والإرهابيين في سوريا الى كشف دورها وفشله، بما يعني توجيه ضربة قوية الى كل حسابات بوتين المكلفة لا بل المرهقة حيال فرض روسيا لاعباً محورياً دولياً إنطلاقاً من سوريا ودعم الأسد ولو أدى الأمر الى قيام دولة علوية كما يقول وزير خارجية بريطانيا فيليب هاموند.
أمام ٣٥٠ ألف جندي و٢٥٠٠ مقاتلة و٢٠ ألف دبابة و٤٦٠ حوامة هجومية يشاركون في السعودية لمدة اسبوعين، في أضخم مناورة في تاريخ المنطقة بعد الإعلان عن الإستعداد للتدخل لضرب "داعش" في سوريا، طبيعي ألا تجد روسيا ما يخفّف حرجها غير التهويل بالحديث عن حرب عالمية، إلا اذا كان بوتين ينوي فعلاً شن الحرب على ٢٥ دولة سنّية!