جولات للحريري لتحريك الملف الرئاسي واليوم سيرد عليه نصرالله

 

السفير :

معظم المعطيات التي تتراكم عند الشريكين الروسي والإيراني، تشي بأن الأزمة السورية قد وضعت على قطار التسوية السياسية. حُددت هوية معظم الركاب وهوية القبطان، لكن تحديد سرعة القطار، والمحطات التي يمكن أن يتوقف فيها، وكذلك النقطة الأخيرة التي سيبلغها «كلها أمور متوقفة على الميدان السوري».
بهذه العبارة يقارب مرجع لبناني المجريات السياسية والعسكرية السورية، غير آبه بكل ما يجري من تطورات على الساحة الداخلية، خصوصاً بعد خطاب الرئيس سعد الحريري الأخير في ذكرى 14 شباط، وهو الخطاب الذي علّق عليه قيادي بارز في «8 آذار»، أمس الأول، بالقول إنه «خطاب العودة إلى السعودية.. لا إلى بيروت»!
شمّر الإيرانيون والروس عن سواعدهم بطريقة غير مسبوقة منذ خمس سنوات. الانخراط الخجول لـ«حزب الله» في الأزمة السورية في مطلع صيف 2012، بعنوان «حماية المقدسات الدينية» صار لزوم ما لا يلزم. الآن، لا يخجل الحزب من تكريسه عملياً معادلة «سنكون حيث يجب أن نكون»، وهي معادلة جعلت الحزب ومعظم حلفاء النظام السوري، ينتشرون على طول الخريطة السورية، وبالتالي صاروا شركاء في حرب لم يعد سراً أن من يقرر فيها ليس طرفاً وحيداً بل مزيج من الشركاء، بينهم جيش دولة عظمى.. وتشكيلات فدائية لحزب ولد في ثكنة عسكرية مهجورة في البقاع قبل 34 عاماً.. وصار اليوم قادراً على التأثير في المعادلات الإقليمية التي تتجاوز ساحة الصراع العربي ـ الإسرائيلي.
حتى الآن، لا هاجس لدى حلفاء النظام السوري من احتمال إمكان انخراط السعوديين والخليجيين في حرب برية على الأرض السورية بعنوان دعم المعارضة السورية المعتدلة ضد «داعش»، ولكن يكون مضمونها تمدد مظلة الحماية الملتبسة لتشمل لاحقا «داعش» و«النصرة» وأخواتهما!
هذه الفرضية غير واردة في قاموس أي منهم. هناك سؤال مختلف يتعلق بالمدى الذي يريده الأميركيون للدور السعودي أو التركي في معادلة المنطقة و«الجبهات المفتوحة» في سوريا والعراق، وذلك بهدف احتواء الاندفاعة الروسية ـ الإيرانية التي لا مثيل لها منذ بداية الأزمة السورية.

«الشريك السني» في الحرب ضد الإرهاب التكفيري
في المعطيات أن الأميركي، ومذ قرر إعادة تنظيم وجوده العسكري في العراق تحت مظلة «خبراء» يتولون تدريب الجيش العراقي والمقاتلين الأكراد في مواجهة الإرهاب، بدأ يعزز القناعة، دولياً، «حول ضرورة إيجاد شريك سني يخوض المعركة ضد الإرهاب التكفيري»، خصوصاً أن سلوكيات بعض مجموعات «الحشد الشعبي» والمجموعات الكردية المسلحة، كان مردودها سلبياً لا بل أدانته مرجعيات دينية وسياسية وعواصم إقليمية ودولية.
بهذا المعنى، يمكن أن تؤدي تحضيرات ومناورات «التحالف الإسلامي» واجتماعات رؤساء أركان «التحالف الدولي» إلى تنظيم انخراط السعودية ودول مجلس التعاون الخليجي في معركة الموصل ودير الزور والرقة في مواجهة «داعش»، بحيث يؤدي ذلك تلقائياً الى جلوس هذا «الشريك السني» للمرة الأولى على طاولة المفاوضات الإقليمية التي سترسم مستقبل سوريا والعراق، وفق إيقاع لن يكون بعيداً عما سيرسم لليمن (يجري الحديث عن مبادرة روسية جديدة منسقة مع الإيرانيين قد تشكل مخرجاً للسعوديين ولباقي أطراف الصراع هناك).
ولعل لسان حال الروس والإيرانيين أن مستويات التنسيق بينهما سياسياً وعسكرياً وأمنياً، قد بلغت حدود الشراكة الكاملة على أرض سوريا، ومن يراقب غرف العمليات في الشمال السوري، يدرك القيمة الميدانية لهذه «الشراكة» من خلال تكامل منظومتي الجو والبر في أكثر من معركة، خصوصاً في ريف اللاذقية الشمالي كما في ريف حلب الشمالي والغربي.
والمفارقة اللافتة للانتباه أن ذلك يحصل وفق إيقاع أميركي متفهم الى حد كبير، برغم بعض التناقضات أحياناً، لكن الإيرانيين يلمّحون إلى أن مواقف الولايات المتحدة ومعظم الدول الأوروبية في الملفين السوري والعراقي باتت أقرب الى وجهة النظر الروسية ـ الإيرانية أكثر من أي وقت مضى.
حتى أن كل مسار فيينا، ثم جنيف وميونيخ، يتحرك على إيقاع المبادرة الإيرانية التي كانت مؤلفة من أربع نقاط: وقف إطلاق النار، تشكيل حكومة وحدة وطنية، إجراء تعديلات دستورية، إجراء انتخابات (نيابية ثم رئاسية) بإشراف أممي وبمشاركة حتى السوريين الذين هُجّروا سواء في بلدهم أو الى دول الجوار، بكل ما يمكن أن تتضمنه هذه الخطوة من مجازفة، نتيجة قدرة القوى الإقليمية التي تحتضن اللاجئين السوريين على التأثير في خياراتهم الانتخابية.
ومن الواضح أن العودة السريعة للموفد الدولي ستيفان دي ميستورا الى سوريا كانت منسقة مع المجموعة الدولية، والهدف واضح وهو محاولة سحب البساط من تحت أقدام السعوديين والأتراك والمعارضات السورية المحسوبة عليهما، وذلك عبر إعطاء الملف الإنساني حيزه. وفي هذا السياق، يقول المواكبون لدي ميستورا الذي انتقل ليل أمس من بيروت الى العاصمة السورية، إنه ليس على جدول أعماله البحث بوقف النار بل استكمال درس النقاط الإنسانية المتفاهم عليها أميركياً وروسياً وإمكانية تنفيذها من زاوية الواقع العملي على الأرض، بما يكفل وصول المساعدات الى من يستحقونها وليس الى المجموعات الإرهابية. هذه النقطة ستقتضي وضع خريطة للعمليات الميدانية وكيفية الوصول الى النقاط التي تم الحديث عن حصارها سواء من قبل النظام أو من قبل المجموعات المسلحة (على سبيل المثال هناك مناطق محاصرة من «داعش» و «النصرة» ولا يمكن وصول المساعدات إلا عن طريق التفاهم معهما).
أما قضية وقف إطلاق النار، فإنها تدور حتى الآن في حلقة مفرغة، خصوصاً لجهة كيفية تحديد قوائم المجموعات الإرهابية التي لن تشملها هذه الخطوة (العودة الى قرارات مجلس الأمن في هذا السياق)، وهذه نقطة تثير حساسية السعوديين والأتراك الذين يريدون تمديد مظلة وقف النار لتشمل منطقة حلب (المدينة والريف) وكل منطقة الحدود السورية ـ التركية لقطع الطريق على العملية العسكرية المتدحرجة جنوباً وشمالاً.

 

النهار :


أسبوع مثقل بالمواقف السياسية واللقاءات والاتصالات محوره الرئيس سعد الحريري الذي وإن لم يحدد أمس في السرايا الحكومية مدة إقامته، فقد بدا في سباق مع الوقت في مواعيد متلاحقة، تشير حكماً الى انه يعمل على اعادة ترتيب البيت الداخلي في "تيار المستقبل" أولاً، ومحاولة الانطلاق الى رأب الصدع في تحالف قوى 14 اذار، وصولاً الى إطلاق التحضيرات للانتخابات البلدية والاختيارية. وهذه الاهتمامات لا تحجب في كل حال قراره الخوض في الملف الرئاسي من قرب وبطريقة مباشرة تفيد في توضيح الامور وفي دفعها قدماً، على رغم علمه بأن الملف الرئاسي بات مرتبطاً بشكل أو بآخر بأزمات المنطقة.
واذا كان الحريري زار بيت الكتائب في الصيفي أمس والتقى رئيس الحزب النائب سامي الجميل في متابعة للاهتمام الذي أبداه الحريري بالجميل الاحد في "البيال"، واعتبر بمثابة "إقصاء" لرئيس حزب "القوات" سمير جعجع، فان الامانة العامة لـ "تيار المستقبل" استبقت الزيارة بتوضيح اعتبر بمثابة رسالة ايجابية في اتجاه "القوات" قبل زيارة ليلية للحريري لمعراب. وقوبلت الرسالة الصباحية من جعجع بتأجيل لقاء مع الاعلاميين كان مقررا اليوم الى الجمعة المقبل، لاتاحة المزيد لحركة الاتصالات الجارية لتخفيف الاحتقان الذي ساد بين محازبي الطرفين، والذي تم تظهيره بشكل بشع عبر وسائل التواصل الاجتماعي، كما لامرار كلمة الامين العام لـ"حزب الله" السيد حسن نصرالله التي يلقيها مساء اليوم في ذكرى "تكريم القادة الشهداء". وعلمت "النهار" أن التحضير للقاء معراب بين الحريري وجعجع تم في مروحة إتصالات قامت بها النائبة ستريدا جعجع وشملت أركان 14 آذار وركزت فيها على ان الرئيس الحريري في مضمون خطابه الأحد "يمثلنا" وقالت: "لسنا زعلانين من المزحة، والمهم هو مضمون الخطاب والايجابيات التي تناولها".
وبعد اللقاء الليلي الذي شارك فيه من فريق الحريري غطاس خوري ونادر الحريري وهاني حمود، صرح الحريري: "ما يجمعني بالحكيم أكبر من خطابي، هو 14 اذار و14 شباط. يقولون أنهم انتصروا،عظيم، صارعليهم النزول الى المجلس لينالوا انتصارهم. والذين يتكلمون عن حقهم الدستوري بعدم النزول الى الجلسات فاقول لهم هذا ليس بحق دستوري". وقال جعجع: "نحن رفاق درب وهذه الزيارة مقررة من قبل ونرفض القول إنها زيارة إعتذار. في الأمس كانت كلمة فصل للرئيس الحريري الذي أكد أنه لن يقاطع الجلسة ومن سيتم إنتخابه سنقوم بتهنئته، وبالتالي لا مبرر لـ8 آذار لعدم النزول إلى الجلسة وانتخاب رئيس".
وفي انتظار بيان "تكتل التغيير والاصلاح" بعد ظهر اليوم، وما سيصدر عنه من مواقف، قبل الجولة الخامسة عشرة للحوار الوطني غداً الاربعاء في عين التينة، علمت "النهار" ان العماد ميشال عون سيتغيب عن طاولة الحوار، وقد يمثله النائب ابرهيم كنعان، في ضوء "نقزة" "التيار" من الجلسة التي جمعت الحريري والنائب وليد جنبلاط قبل القاء الاول خطابه الاحد، ولقاء جنبلاط الرئيس نبيه بري مساء اليوم نفسه وقوله: "لننزل الى المجلس ولتكن اللعبة ديموقراطية". وسبق لبري ان ردد هذا المصطلح قبلهما. وفهم من هذا الموقف أن طريق انتخاب النائب سليمان فرنجية مشرعة والأصوات النيابية المطلوبة ستصب في مصلحته من دون زيادة أو نقصان. لكن مصادر متابعة قالت لـ"النهار" إن تمسك الحريري بترشيح فرنجية ومحاولة فرضه بقوة عدد الاصوات سيزيد التصلب في رفضه، مما يرجئ الاستحقاق الرئاسي الى أجل طويل.
من جهة ثانية، بدأ الهمس في أجواء 14 آذار عن إمكان الضغط على فرنجية للانسحاب، والسيناريوات المحتملة لمواجهة الحالة ان حصلت، اذ ان قوى 14 اذار ملتزمة النزول الى المجلس وتأمين النصاب، بما يضمن ساعتئذ فوز النائب ميشال عون بالاكثرية المطلقة. ويجري بحث في مرشح بديل، أو التمسك بترشيح النائب هنري حلو، لضمان توزع الاصوات.

المستقبل :

تحت عنوان «احترام الدستور واللعبة الديموقراطية» استهلّ الرئيس سعد الحريري حراكه الرئاسي بمروحة زيارات واستقبالات واتصالات دامت منذ الصباح حتى منتصف الليل، وامتدت من السرايا الكبيرة إلى الصيفي وصولاً إلى معراب مروراً ببيت الوسط. ولعلّ أبرز ما ميّز هذه الجولة أنّها أظهرت تقاطعاً واضحاً وصريحاً بين موقف الحريري الذي أعلنه في خطاب «البيال» أول من أمس وأعاد تأكيده أمس، وبين مواقف رئيس حزب «الكتائب» النائب سامي الجميّل ورئيس حزب «القوّات اللبنانية» الدكتور سمير جعجع، والتي أجمعت وبصوت واحد، رغم التباين حول الترشيحات، على وجوب مشاركة المقاطِعين من قوى 8 آذار في جلسة انتخاب رئيس.

«قوّة الدفع» هذه، كما وصفها أحد أقطاب 14 آذار، التي عادت مع عودة الحريري إلى بيروت، حرّكت المياه «الرئاسية» الراكدة مثلما فعلت مبادرته بدعم النائب سليمان فرنجية الذي أكّد أمس التزامه بها «إلى النهاية»، ووضعت سقفاً جامعاً بين قوى 14 آذار عنوانه الاستمرار في حضور جلسات الانتخاب مع احترام «حقّ» كل مكوّن من مكوّناتها بترشيح أو انتخاب مَن يريد و«تهنئة مَن يُنتخَب رئيساً»، كما قال الحريري والجميّل وجعجع.
في السرايا
يوم الحريري الماراتوني بدأ في السرايا الحكومية حيث أقيم له استقبال رسمي والتقى رئيس مجلس الوزراء تمام سلام. وقال رئيس «المستقبل» بعد اللقاء إنّه «لا يوجد أي سبب لأن لا تكون هناك انتخابات رئاسية خصوصاً أنّ اثنين من المرشّحين ينتميان إلى 8 آذار فما هو السبب في تأخير الانتخابات؟».
في الصيفي
وبعد الظهر زار الحريري النائب الجميّل في الصيفي حيث أكد أنّ اللقاء تركّز على أهمية «احترام الدستور واللعبة الديموقراطية وأهمية أن ينزل النواب ليؤدّوا واجبهم النيابي وينتخبوا رئيساً»، داعياً إلى ممارسة اللعبة الديموقراطية وعدم القبول بأن «نُجبَر بمرشح واحد مع كل احترامنا للجنرال (ميشال) عون».
أمّا الجميّل فقال إنّه بصرف النظر عن «الاختلاف بين الكتائب والمستقبل في موضوع الترشيح نحن متفقون على ما هو أهم من الترشيح وهو ممارسة الحياة الديموقراطية والاعتراف بالنتائج». وأشاد بـ«اعتدال» تيار «المستقبل» والرئيس الحريري وبـ«استعداده للخروج من السلطة والقبول باللعبة الديموقراطية كما برهن في السنوات الخمس الأخيرة».
في معراب
أمّا في معراب فكرّر الحريري «حثّ الجميع للنزول إلى جلسة الانتخاب»، فيما أكد جعجع أنّه «لم يعد لدى فريق 8 آذار أيّة حجّة في حال كان يعتبر الجنرال عون مرشّحه الأول للتغيّب عن الجلسة، ولو أنّ سعد الحريري لا يريد التصويت له، وهذا حقّه»، مذكّراً بكلام الحريري في «البيال» عندما أكد صراحة «أنّه لا يؤمن بمقاطعة الجلسات ولن نقاطعها مهما كانت الأسباب ولا فيتو لدينا على أي مرشح ومَن يربح بالانتخاب اللهمّ إذا لم يضعوا المسدس في رؤوسنا الأمر الذي شهدناه سابقاً سنذهب ونهنّئه جميعاً».

الديار :

حقق تحالف من فصائل كردية وعربية تقدما ملحوظا في محافظة حلب شمالي سوريا، رغم القصف المدفعي التركي المتواصل ضد مواقعه لليوم الثالث على التوالي، وفق ما أفاد المرصد السوري لحقوق الإنسان، الاثنين. وتمكن عصر امس من السيطرة على مدينة تل رفعت الاستراتيجية.
وقال مدير المرصد السوري رامي عبد الرحمن لوكالة «فرانس برس» إن «الاشتباكات مستمرة منذ أمس الأحد بين قوات سوريا الديمقراطية والفصائل المقاتلة تل رفعت»، أبرز معاقل تلك الفصائل في ريف حلب الشمالي إلى جانب مارع وأعزاز.
وقوات سوريا الديمقراطية عبارة عن تحالف لفصائل كردية وعربية، أبرزها وحدات حماية الشعب الكردية، وقد أثبتت فعالية في قتال تنظيم داعش في سوريا.
وتسيطر فصائل مقاتلة منذ العام 2012 على تل رفعت التي تبعد مسافة عشرين كيلومترا عن الحدود التركية. وتقاتل فيها حاليا حركة «أحرار الشام» و«لواء الفتح» و«الجبهة الشامية».
وواصلت المدفعية التركية قصفها لمواقع قوات سوريا الديمقرطية لليوم الثالث على التوالي، ويتركز القصف على الطريق بين مطار منغ العسكري ودير الجمال باتجاه تل رفعت، في محاولة لقطع طريق التعزيزات عن تلك القوات.
وتستهدف المدفعية التركية أيضا مناطق تواجد الأكراد بين أعزاز وعفرين وتحديدا قريتي قطمة ومريمين. وبالرغم من القصف التركي، نجحت قوات سوريا الديمقراطية، الاثنين، في السيطرة على بلدة كفرنايا التي تقع على بعد كيلومترين فقط إلى الجنوب من تل رفعت، وفق المرصد.
وبالتالي أصبحت قوات سوريا الديمقراطية على بعد ثمانية كيلومترات من مناطق وجود تنظيم داعش في ريف حلب الشمالي والشمالي الشرقي.
وبموازاة تقدم قوات سوريا الديمقراطية في ريف حلب الشمالي، يتقدم أيضا الجيش السوري بغطاء جوي روسي منذ شن هجومه بداية الشهر الحالي، وباتت الفصائل المقاتلة بين فكي كماشة، القوات الحكومية والمقاتلين الأكراد.
وتعرضت أعزاز لإطلاق نار كثيف مرة أخرى امس. وقال مسعف واثنان من السكان إن 14 مدنيا على الأقل قتلوا عندما أصابت صواريخ مستشفى أطفال ومدرسة ومواقع أخرى.
ويقول معارضون سوريون بعضهم مدعوم من الولايات المتحدة وتركيا وحلفاء آخرين إن وحدات حماية الشعب تقاتل بجانب الجيش السوري ضدهم خلال الصراع المستمر منذ خمس سنوات. وتنفي وحدات حماية الشعب ذلك.
ذكرت وكالة «سانا» أن وحدات من الجيش والدفاع الشعبي بسطت سيطرتها على قرية الطيبة ومزارعها، في ناحية كويرس بريف حلب الشرقي.
وأوضحت الوكالة أن الجيش وسع نطاق سيطرته بريف حلب الشمالي والشرقي بعد القضاء على آخر تجمعات إرهابيي تنظيم «داعش» في الطيبة.
وتابعت، نقلا عن مصادر عسكرية، أن وحدات الهندسة عملت على «تمشيط قرية الطيبة ومزارعها لتفكيك العبوات الناسفة والألغام التي زرعها الإرهابيون بهدف إعاقة تقدم الجيش، قبل وقوع عدد منهم قتلى وفرار من تبقى منهم إلى المناطق المجاورة».
وأكدت المصادر العسكرية أيضا «إعادة الأمن والاستقرار إلى قرية كفر نايا» الواقعة على بعد نحو 25 كم شمال مدينة حلب.
وفي وقت سابق، استعاد الجيش سيطرته على قريتي جب الكلب والطامورة، الواقعة جنوب غرب الزهراء والمشرفة على كامل بلدة حيان والأجزاء الشمالية الغربية من بلدة عندان.

ـ الاسد هاجم السعودية وتركيا ـ

قال الرئيس السوري بشار الاسد، ان تركيا والسعودية ليستا دولتين مستقلتين وهما في تلويحهما بشن عملية برية في سوريا تنفذان «أجندة أسيادهما».
ولدى استقباله اعضاء مجلس نقابة المحامين المركزية والمجالس الفرعية في المحافظات بدمشق، قال الأسد: «الحقيقة، عندما نناقش اذا كانت تركيا أو السعودية ستهاجم فهذا يعني اننا نعطيهما حجما كبيرا وكأنهما دولتان تمتلكان قرارا وتمتلكان ارادة وتستطيعان ان تغيرا الخريطة، هما مجرد تابعَين منفذين حاليا».
واستطرد الرئيس السوري قائلا ان أنقرة والرياض «تقومان بدور البوق بهدف الابتزاز... لو كان مسموحا لهما لبدآه منذ زمن طويل على الأقل منذ أشهر. فاذن علينا أن ننظر للسيد، لسيد هؤلاء... اذا كانت هناك رغبة في الدخول في مثل هذه الحرب بين القوى الكبرى أم لا، وليس بين قوى هامشية لم يكن لها دور سوى تنفيذ أجندة الأسياد»...

ـ دي ميستورا في دمشق ـ

الى ذلك، وصل المبعوث الأممي الى سوريا، ستيفان دي ميستورا، الى العاصمة السورية دمشق بشكل مفاجئ.
وأشار المصدر الحكومي السوري الى ان ستيفان دي ميستورا سيتطرق في لقائه مع المعلم الى مسألة استئناف المفاوضات في 25 شباط والى وقف اطلاق النار وكيفية وصول المساعدات الانسانية ال المناطق المحاصرة.
ولم يذكر مدة الزيارة التي يقوم بها المسؤول الأممي الى سوريا، علما بأن دي ميستورا أرجأ مؤتمرا صحافيا كان من المنتظر ان يعقد الثلاثاء، 16 شباط الى الجمعة 19 شباط.

ـ مصر ترفض التدخل العسكري ـ

وفي ظل تقدم الجيش السوري في ريف حلب الشملي وقوات الحماية الكردية والسيطرة على مدينة تل رفعت تصاعدت حرب التصريحات بين موسكو وانقرة، فيما رفضت مصر ما دعت اليه الرياض وانقرة من استعدادات لخوض حرب برية في سوريا بقيادة التحالف الدولي.
وقال وزير الخارجية المصري سامح شكري اعتبر أن الحلَّ العسكري في سوريا أثبت خلال السنوات الماضية عدم جدواه، وأن الحلول السلمية هي المثلى.
الوزير المصري في مقابلة مع ديتشه فيلله في إطار تعليقه على اقتراح سعودي بإرسال قوات برية إلى سوريا، قال إن العمل من خلال الأمم المتحدة والمبعوث الدولي هو الوسيلة المثلى لتحقيق وحدة سوريا.
وهدد الرئيس السابق للامن الفدرالي الروسي نيكولاي كوفاليوف الى انه «على السلطات التركية والسعودية أن تدركا، أنه من غير المستبعد، في حال دخول قواتهما إلى الأراضي السورية، أن تقوم القوات الجوية الروسية بقصف مواقعهما».
وفي تصريح له، اوضح كوفاليوف انه «في حال التدخل البري السعودي والتركي سيكون من الصعب تميزيهم عن المسلحين، وروسيا ستتصرف بدعوة من الحكومة الشرعية السورية».

ـ رد سعودي ـ

وقال وزير الخارجية السعودي عادل الجبير ان سوريا بلد عربي واسلامي ولا احد يمنعنا من التدخل في شؤونه ومن سيحاول فليجرب.
وفي رد على ما أعلنه وزير الخارجية المصري قال الكاتب والإعلامي السعودي جمال خاشقجي، إن الموقف الرسمي لمصر معروف بتأييد التدخل الروسي في سوريا، وأن هناك تقاربا بين النظام في مصر والرئيس السوري بشار الأسد، مشيراً إلى أن رد الوزير سامح شكري يتوافق مع السياسة التي تعلنها القاهرة.
في المقابل، اعتبر وزير الخارجية القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، أن إرسال قوات برية إلى سوريا في إطار التحالف الدولي لمحاربة «داعش»، بات «ضرورة ملحة».
وجاء تصريح الوزير القطري خلال مؤتمر ميونيخ للأمن المنعقد في ألمانيا، وردا على سؤال حول استعداد السعودية ودول أخرى في المنطقة، لشن عملية برية في سوريا.

 

الجمهورية :

إختلط أمس حابل المبادرات بنابل الخلافات، ما استدعى عشاءً عاجلاً في معراب أقامَه رئيس حزب «القوات اللبنانية» الدكتور سمير جعجع على شرف الرئيس سعد الحريري، أُريدَ منه لجمُ المضاعفات التي أحدثها خطاب «البيال» بشقّه «القواتي» في القاعدة القواتية والتي كادت أن تعطّل خطّة لمِّ شملِ 14 آذار التي أُنيطت بمنسّقها العام النائب السابق الدكتور فارس سعيد. وفي الوقت الذي مهَّد الحريري بتوضيحات نهارية لهذا لعشاء مشفوعةً بتأكيد تمسّكِه بترشيح رئيس تيار «المردة» النائب سليمان فرنجية، انتظمَ فريق 14 آذار من قمّته إلى قاعدته، وإلى جانبه رئيس «اللقاء الديموقراطي» النائب وليد جنبلاط في دعوة الجميع للنزول إلى المجلس النيابي لانتخاب الرئيس من بين المرشحين الثلاثة المطروحين، وذلك في سياق السيناريو الذي لاحَت ملامحُه على وهج ذكرى 14 شباط. لكنّ الاهتمامات ستنصَبّ اليوم على المواقف التي سيعلِنها الأمين العام لـ«حزب الله» السيّد حسن نصرالله على رغم أنّ البعض توقّعَ أن تكون هذه المواقف عابرةً لمواقف الحريري وحلفائه إلى الوضع الإقليمي ومستقبله ومستقبل الأزمة السورية ودور المقاومة. ظلّت عودة الرئيس سعد الحريري متصدّرةً العناوين والاهتمامات السياسية لليوم الثاني ومُحدِثةً استنفاراً سياسياً على جبهات عدة، لكنّ المؤشرات لا تدلّ إلى أنّها ستساهم في فكفكة العقد التي تعوق إنجاز الاستحقاق الرئاسي وإنهاء الشغور في قصر بعبدا.
ويبقى التعويل على ما ستحمله الأيام المقبلة من تطورات، بعدما كشَف الحريري أنّ إقامته في لبنان ستطول هذه المرّة، وأكد التزامه موقفَه تجاه ترشيح رئيس تيار «المردة» النائب سليمان فرنحية، واعداً بالمشاركة في جلسة انتخاب رئيس الجمهورية المقررة في 2 آذار، مكرّراً أنّ على الجميع النزولَ الى المجلس النيابي لانتخاب رئيس للجمهورية من بين المرشحين الثلاثة.
مع «القوات»
وكان الحريري توّجَ نهاره الطويل أمس بزيارة معراب، لإسدال الستار على المضاعفات السلبية التي أثارها كلامه الذي وجّهه الى رئيس حزب «القوات اللبنانية» الدكتور سمير جعجع في «البيال» في صفوف «القوات» قيادةً وقاعدة،
ورفض جعجع بعد اللقاء الذي تخَلله عشاء أقامه على شرف الحريري، القول إنّ زيارة الحرير ي له هي «زيارة اعتذار»، قائلاً «إنّ بيننا وبين الشيخ سعد لا يوجد اعتذارات بأيّ شكل من الأشكال»، وهو» لم يقصد أيّ شيء سلبي ضدّي أو ضد «القوات» أو ضد المسيحيين».
ومن جهته أكّد الحريري أنّ ما عناه في خطابه في «البيال» هو «أنّ لبنان كان ليكون أفضل لو حصلت كل المصالحات في وقت أبكر»، مُعتبراً «أنّ شباب «القوات» و«المستقبل» ضيَّعوا الأساس في هذا الخطاب بسبب حماسهم».
وشدّد الحريري وجعجع على وجوب أن ينزل جميع النواب والمرشحين الى مجلس النواب لانتخاب رئيس الجمهورية. وتساءل الحريري «ألا يقولون إنّهم انتصروا؟ ويوجد مرشّحان لـ8 آذار؟ فليتفضّلوا ويحَصّلوا انتصارهم»...
ورأى جعجع أنّه «لم يعُد لدى فريق 8 آذار أيّ مبرّر في حال كان يَعتبر الجنرال عون مرشّحه الأوّل، ولو أنّ سعد الحريري لا يريد التصويت له، وهذا حقّه، وبالتالي لم يعُد لديهم من حجّة للتغيُّب عن الجلسة».
وقالت مصادر قريبة من «القوات» لـ«الجمهورية» إنّ اللقاء استمرّ من التاسعة إلا ربعاً وحتى الثانية عشرة منتصف الليل، ونوقشت خلاله كل القضايا بعمق وصراحة ومكاشفة، وقرّر الحريري وجعجع في نهايته التفاهم على طريقة التعاطي مع المرحلة على الرغم من استمرار التمايز بينهما في الموقف من ملف رئاسة الجمهورية.
وكان الحريري استهلّ لقاءاته بزيارة رئيس الحكومة تمام سلام في السراي الحكومي قبل التوجّه الى الصيفي للقاء رئيس حزب الكتائب النائب سامي الجميّل، وأوضَح أنّه سيلتقي رئيسَ مجلس النواب نبيه بري، وأكّد «أن لا أحد يمكنه اللعب على علاقته مع «القوات اللبنانية». وأنّ كلامه في الأمس لم يكن موجّهاً لجعجع، وقال: «نمدّ يدَنا للجميع، ولن ألتقيَ المرشحين للرئاسة، ويَللي بِحِبّ يِجي لعندي أهلاً وسهلاً».
بالتوازي، أكّد تيار «المستقبل» أنّ العبارة التي توجّه بها الحريري الى جعجع في احتفال 14 شباط «لم تقصد من قريب أو بعيد، تحميلَ «القوات اللبنانية» مسؤولية تأخير المصالحة المسيحية، إنّما قصَدت التعبير«بكلّ محبّة وأمانة»، عن تمنّيات الرئيس الحريري بحصولها منذ سنين».
بدورها، رفضَت النائب ستريدا جعجع التعليق على كلام الحريري عن المصالحة المسيحية، «لكي يبقى التركيز على مضمون كلمته»، ولفتت إلى «أنّ ما يجمعنا هو سيادة لبنان ودماء شهداء 14 آذار».
في الصيفي
وقال أحد المشاركين في لقاء الصيفي لـ«الجمهورية» إنّ الجميّل رحّبَ بـ»أوّل مَن يزور مكتبَه في البيت المركزي بحلّته الجديدة بعد ترميمه، وتقبّل التهاني بالديكور الجديد» ، وأوضَح «أنّ الحريري استرسَل في الحديث عن الظروف التي رافقَت خطوتَه الأخيرة بترشيح فرنجية والتي ما زال متمسّكاً بها من دون أيّ تعديل، لملء الشغور الرئاسي، بعدما انعكسَ انهياراً في الأوضاع الاقتصادية والمالية والاجتماعية، واهتراءً في المؤسسات الدستورية المتمثلة بالشَلل في مجلس النواب الذي تَعطّل دوره التشريعي نهائياً وعمل الحكومة بالتقسيط».
وأشار إلى أنّ الحريري والجميّل جدّدا موقفَهما من التطورات الأخيرة وأهمّية إقناع مقاطعي الجلسات الانتخابية بضرورة النزول الى مجلس النواب في 2 آذار المقبل لانتخاب الرئيس العتيد، وأكّدا استعدادهما لتهنئة الفائز أيّاً كان والوقوف إلى جانبه.
وكرّر الجميّل رفضَه ترشيحَي فرنجية وعون، وطالبَ بـ»رئيس يلاقينا في منتصف الطريق لنؤكّد له أنّ أصوات كتلة نواب الكتائب ستكون له، وإلّا سنشارك في الجلسة التي يَكتمل فيها النصاب وسنهنّئ مَن يفوز بأصواتنا أو بغير أصواتنا مذعِنين لِما يسمّى الديموقراطية متى تحقّقَت».
جنبلاط والرئيس المقبل
وحضَر الاستحقاق الرئاسي في تغريدات رئيس «اللقاء الديموقراطي» النائب وليد جنبلاط «التويترية»، حيث رأى فيها مواكبَ المرشّحين تتّجه نحو المجلس النيابي. وغرّد قائلاً: «لا يمكننا الاستمرار في البحث عن الرئيس عبر الحاسوب، كما أنّه لا يمكننا الانتظار أكثر، فلنذهب الى المجلس النيابي للتصويت، لدينا ثلاثة مرشحين وربّما أكثر، فسعد الحريري كان واضحاً في الأمس، ونحن ندعمه».
وأضاف: «على ما يبدو أنّ مواكب المرشّحين تتّجه نحو المجلس النيابي، أحدُهم قادم في قطار وهو على عجَلة من أمره، والآخر على متن قارب، أتمنّى أن يصل في الوقت المناسب»، وخَتم: «يبدو أنّ صورة الرئيس المقبل بدأت تتّضح».
خطاب الحريري
وكان الحريري عَقد لقاءات ديبلوماسية وسياسية في «بيت الوسط» وتلقّى اتصالات تهنئة بعودته، أبرزُها من نائب رئيس مجلس الوزراء السابق النائب ميشال المر، فيما لاقى خطابُه ترحيباً أميركياً وسعودياً وإماراتياً، وقال القائم بالأعمال الاميركي ريتشارد جونز بعد زيارته الحريري إنّ الخطاب «كان قوياً» وإنّ الحريري «وجَّه رسالة واضحة مفادُها أنّه آنَ الأوان لانتخاب رئيس، وهذا الأمر لطالما عملت الولايات المتحدة لإنجازه».
وأملَ السفير السعودي علي عواض عسيري في أن «يشكّل هذا الخطاب خطوةً أولى في مسيرة حوار ومصارحة تفضي للتوصّل إلى الحلول المطلوبة، وأن تلاقيَه كافة القوى السياسية بروحٍ منفتحة تساهم في إطلاق دينامية جديدة تنهي الشغور في موقع رئاسة الجمهورية وتطلِق عجَلة الاقتصاد وتحصّن لبنان من الأخطار الإقليمية المحيطة به».
أمّا السفير الإماراتي حمد بن سعيد الشامسي فاعتبَر «أنّ الخطاب يعبّر عن رؤية واضحة للحفاظ على ثوابت لبنان ومؤسساته الدستورية والشرعية». وأملَ في أن يكون وجود الحريري «عامل خير يؤدّي لإنهاء الشغور». والتقى الحريري وزيرَ العدل أشرف ريفي والنائب أحمد فتفت فمنسّق الأمانة العامة لقوى 14 آذار الدكتور فارس سعيد.
نصرالله
وفيما يَنتظر الجميع ما سيعلِنه الأمين العام لـ»حزب الله» السيّد حسن نصرالله مساء اليوم في مهرجان «الوفاء للقادة الشهداء» في الضاحية الجنوبية لبيروت، وسط تساؤلات عن موقف الحزب ممّا احتواه خطاب الحريري في «البيال»، استبعَدت مصادر معنية أن يردّ نصرالله على هذا الخطاب، وأكّدت لـ«الجمهورية» أنّه سيركّز على الشأن الإقليمي وعلى دور المقاومة ومعنى الشهادة والنزاع مع إسرائيل والوضع في المنطقة، والأزمة السورية من باب الحلول السياسية والواقع الميداني والتهديدات السعودية بالدخول البَرّي إلى سوريا.

«8 آذار»
في الموازاة، قالت مصادر قيادية في فريق الثامن من آذار لـ«الجمهورية» إنّ خطاب الحريري لم يحمل أيّ معطى سياسي جديد، بل كان الهدف منه لملمة 14 آذار بالتصويب على «حزب الله».
وسألت هذه المصادر: «طالما إنّ الحريري يهاجم الحزب الى هذا الحد، ويَعتبره حزبَ فِتنة، ويحمّله مسؤولية كلّ الموبقات السياسية في البلد، فمع مَن سيتحاور إذاً؟ ومع مَن سيُجري انتخابات رئاسية وبلدية ونيابية، خصوصاً أنّه يدرك كما الجميع أنّ «حزب الله» هو الفريق الأساسي في 8 آذار وأنّه لا يستطيع أن يتجاوزه، وهو القائل إنّ إقامتَه في لبنان ستطول، فمع من سيتحاور إذن؟. واستبعَدت المصادر أيّ حلحلة في الملف الرئاسي قريباً.

اللواء :

لليوم الثاني على التوالي، بقيت حركة الرئيس سعد الحريري هي الحدث. ففي أقل من 24ساعة تمكّن رئيس تيّار «المستقبل» من إجراء حركة واسعة من الزيارات واللقاءات بعضها يتعلق بتفعيل العمل الحكومي عشية جلسة بعد غد الخميس، والتي سيشارك فيها وزير العدل أشرف ريفي، بعد زيارة «بيت الوسط» برفقة النائب أحمد فتفت، وبعضها الآخر بمراجعة التباينات التي طرأت بين القوى المكوّنة لـ14 آذار، وتمثّلت بزيارتين وصفتا بأنهما على غاية من الأهمية، الأولى إلى الصيفي حيث التقى رئيس حزب الكتائب النائب سامي الجميّل، وكان التزام الرئيس الحريري بدعم النائب سليمان فرنجية، مرشحاً للرئاسة البند الأساسي بين الرجلين، والثانية ليلاً إلى معراب، حيث عقد جلسة مطوّلة مع رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع تناولت «الإشكالات» التي طرأت على العلاقة بين الطرفين، فضلاً عن جلسة 2 آذار المخصصة لانتخاب رئيس للجمهورية والتي سيشارك فيها الرئيس الحريري شخصياً، مع التأكيد على مرشحه النائب فرنجية، في حين أن جعجع ما يزال داعماً للنائب ميشال عون.
ويمكن اعتبار أن زيارة الحريري إلى معراب يرافقه مدير مكتبه نادر الحريري ومستشاره الإعلامي هاني حمود، كانت من بين اللقاءات الأكثر أهمية، حيث تناول الوفد الزائر العشاء إلى مائدة جعجع، وحيث أكد الحريري وجعجع في المؤتمر الصحفي المشترك أن ما يجمع الطرفين هو 14 آذار و14 شباط، ذكرى استشهاد الرئيس رفيق الحريري وولادة حركة 14 آذار التي أنهت عهد الوصاية، وأعادت صهر اللبنانيين في بوتقة وحدة وطنية جديدة، ووضعت إعادة بناء الدولة كهدف استراتيجي على قاعدة الشراكة الوطنية والاحتكام إلى عمل المؤسسات.
والأهم في الموضوع أن جعجع لم يرَ في الزيارة إشارة للإعتذار عمّا أُسيء فهمه في العبارة الظرفية التي خاطب فيها الرئيس الحريري رئيس حزب «القوات» لجهة تحبيذه أن تكون المصالحة مع «التيار الوطني الحر» قبل عقود لوفّرت على المسيحيين واللبنانيين الكثير من الويلات.
ولم يخلُ المؤتمر الصحفي من إضفاء طابع الممازحة عندما أشار جعجع إلى أنه «سيتوسط لدى الجنرال عون للمشاركة في الجلسة والشيخ سعد لدى النائب فرنجية، وهو يدعو النواب للمشاركة في الجلسة لكن مرشحه لا ينزل أيضاً».
وكشف مصدر مطّلع أن مسألة تشجيع النواب على المشاركة في جلسة 2 آذار التي تصادف بعد أسبوعين، كانت محور اللقاء في الصيفي وفي معراب، في محاولة لإيصال رسالة أن الوقت حان لإنهاء الشغور الرئاسي، ليس على خلفية إتفاق سياسي شامل، وإنما على أساس تنافس ديموقراطي بعد توفير النصاب للجلسة، أي ما مجموعه 86 نائباً.
لقاء السراي
المهم أن جولة الرئيس الحريري على السراي، حيث التقى الرئيس تمام سلام، ومن ثمّ إلى الصيفي ومعراب، وحركة اللقاءات الديبوماسية التي أجراها في «بيت الوسط»، وكذلك لقاء المصالحة بينه وبين الوزير ريفي بمسعى من النائب فتفت، أرست مجموعة من الإشارات، أولها أن إقامته في بيروت ستطول في هذه المرحلة، وثانيها مشاركته في جلسة 2 آذار المخصصة لانتخاب رئيس للجمهورية، وثالثها التزامه بدعم ترشيح فرنجية، ورابعها أن أحداً لا يمكن إجباره بمرشح واحد، في ردّ مباشر على الموقف المعلن من قبل «حزب الله» وعون.
وفي المعلومات، أن الاجتماع الذي عقد بين الرئيسين سلام والحريري، تركز، بحسب مصادر السراي، حول مجمل المستجدات السياسية الراهنة لا سيما بالنسبة الى تعطيل الانتخابات الرئاسية والشغور في موقع الرئاسة، وأثنى سلام خلال اللقاء على خطاب الحريري الذي القاه في «البيال» في ذكرى الحادية عشرة لاستشهاد الرئيس رفيق الحريري ورفاقه، وأستمع منه لشرح حول اللقاءات والاتصالات التي اجراها في الفترة الاخيرة خصوصا في ظل غيابه عن لبنان، وأطلعه على طرحه بترشيح النائب فرنجية.
وأكد الحريري دعمه الكامل لسلام ولتفعيل العمل الحكومي. ومن ناحيته عرض رئيس الحكومة للحريري العقبات التي تعترض عمل حكومته والمناكفات التي ادت الى تعطيل الكثير من امور المواطنين، وسعيه الدائم لجمع كامل مكونات الحكومة في ظل المشاكل الكبيرة التي تعصف في لبنان والمنطقة، وعمله الدؤوب من اجل تسيير شؤون البلاد في ظل هذه الظروف الصعبة وتحمله المسؤولية في ظل الفراغ الرئاسي  من خلال مؤسسة مجلس الوزراء.
لقاء الصيفي
من ناحيته وصف وزير الاقتصاد الان حكيم لـ«للواء» لقاء الرئيس الحريري ورئيس حزب الكتائب سامي الجميل بالممتاز وأكد ان وجهات النظر كانت متطابقة بين تيار المستقبل وحزب الكتائب، لا سيما بالنسبة الى احترام القانون وتطبيق الدستور وضرورة اجراء الانتخاب الرئاسية وفقا للعملية الديموقراطية.
وكشف حكيم الاتفاق على استمرار التواصل والتشاور بين الحزب والتيار، واوضح وزير الاقتصاد ان الرئيس الحريري كان واضحا بمواقفه التي اعلنها وهو اكد على اقتراحه بالسير في ترشيح النائب فرنجية وبتطوير هذا الاقتراح، اما النائب الجميل فجدد تأكيده لموقف الحزب غير المعترض على اي اسم او شخص طالما يوافق البرامج والمبادىء الذي يطالب بها حزب الكتائب، مشيرا ان لا مشكلة مع الاشخاص بل مع البرامج.
ونفى عضو المكتب السياسي الكتائبي ألبير كوستانيان في تصريح لـ«اللواء» ان يكون الرئيس الحريري سعى إلى إقناع رئيس حزب الكتائب بترشيح فرنجية لرئاسة الجمهورية، وقال: ان موقف حزب الكتائب ثابت وينم عن استقلالية وهو قائم على عدم الدخول في بازارات وايلاء الأهمية لبرنامج المرشح وعدم انتخاب مرشّح من الثامن من آذار، وبالتالي فإن الموضوع لا يتعلق بالاقناع أو عدمه، مضيفاً: «نحن اليوم في حلقة حوارية مع فرنجية بشكل مباشر وليس هناك حاجة لأي وسيط».
مصالحة ريفي
ووصفت مصادر مطلعة لقاء الحريري بالوزير ريفي في «بيت الوسط» بأنه كان جدياً وصريحاً، وانه حقق كسراً حقيقياً للجليد بينهما، وهما تحدثا عن مجمل ما حدث من مستجدات حول الموقف الذي اتخذه ريفي في جلسة مجلس الوزراء الاخيرة ورد الحريري القاسي على موقفه، وشددت المصادر على ان الخلاف بين الرجلين ليس خلافا مبدئيا، واشارت الى ان السبب الرئيسي لهذا الخلاف هو بسبب صعوبة التواصل بين الحريري وريفي، خصوصا وان من المعروف عن ريفي اتخاذه لمواقف دون العودة او التشاور مع الرئيس الحريري.
واعتبرت المصادر حضور ريفي احتفال «البيال» بالخطوة الجيدة باتجاه كسر الجليد.
وردا على سؤال اكدت المصادر ان الوزير ريفي سيشارك في جلسة مجلس الوزراء الخميس طالما ان بند احالة ميشال سماحة الى المجلس العدلي مطروح على الجلسة..
لكن المصادر لفتت الى انه في حال اتخذت المحكمة العسكرية قرارها النهائي في ملف سماحة يوم الخميس المقبل موعد انعقادها فسيصبح من المستحيل ان يحيل مجلس الوزراء الى المجلس العدلي هذا الملف، اما في حال لم يبت بمصير البند فلكل حادث حديث.
وكشفت المصادر أن ريفي لن يستسلم بل سيلجأ الى العدالة الدولية في ملف سماحة من خلال الخيارات التي كان أعلن عنها.
تقاطر دبلوماسي إلى «بيت الوسط»
في هذا الوقت، سجل «بيت الوسط» تقاطراً دبلوماسياً عربياً ودولياً تناول في بعض أحاديثه الخطاب المفصلي للرئيس الحريري بأبعاده الحوارية والتصالحية.
وكان في مقدمة هؤلاء سفير المملكة العربية السعودية في بيروت علي عواض عسيري الذي أمل ان يُشكّل خطاب الحريري في البيال خطوة أولى تسهم في إطلاق دينامية جديدة تنهي الشغور الرئاسي وتطلق عجلة الاقتصاد وتحصن لبنان من الاخطار الإقليمية.
ووصف سفير الإمارات في لبنان حمد بن سعيد الشامسي الخطاب بأنه «يعبر عن رؤية واضحة للحفاظ على ثوابت لبنان ومؤسساته الدستورية، معرباً عن أمله بأن يكون وجود الرئيس الحريري عاملاً لإنهاء الشغور في الرئاسة الأولى.
ورأى القائم بالأعمال الأميركي السفير ريتشارد جونز بعد زيارة «بيت الوسط» ان الوقت حان لانتخاب رئيس للجمهورية، وهذه الرسالة يجب ان تصل للجميع، معتبراً ان الإسراع في ملء الشغور هو الأفضل للبنان في هذه المرحلة.
وفي السياق نفسه كان موقف السفير الفرنسي ايمانويل بون وممثلة الأمين العام للأمم المتحدة سغيريد كاغ.