الحريري لم يقدم جديدا , غير أنه متقدم في الخطابة واللغة , وإحتفال يغيب عنه مكوّن شيعي بالكامل

 

السفير :

لعل عودة الرئيس سعد الحريري الى لبنان، أمس، للمشاركة في إحياء الذكرى الحادية عشرة لاغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري، «نافست» الخطاب الذي ألقاه في «البيال».
وإذا كانت العودة مرتبطة من حيث التوقيت البروتوكولي بإحياء ذكرى استشهاد الرئيس الحريري، إلا أنها بدت في دلالاتها على صلة بمحاولة تحسين شروط إدارة المعركة الرئاسية واستعادة المبادرة بعد «تفاهم معراب»، والسعي الى لملمة - ولو شكلية - للصفوف المبعثرة في «14 آذار»، وترتيب البيت الداخلي لـ «تيار المستقبل» بعد التصدع الذي أصاب جدرانه، والتحضير للانتخابات البلدية بأقل كلفة سياسية ومالية ممكنة، على قاعدة التوافق حيث أمكن، في زمن الشح المادي، إلا اذا أعيد الاعتبار لخطاب الشحن المذهبي.
لكن وجود الحريري في بيروت، الذي يرجح أن يطول كما توقعت مصادر مطلعة، سيضعه في الوقت ذاته على تماس مباشر مع استحقاق تسديد المتوجبات المتراكمة العائدة الى أصحاب الحقوق من العاملين في مؤسسات «تيار المستقبل» والعديد من المصارف وغيرهم من المؤسسات.
أما خطاب أمس بحد ذاته، فقط انطوى في العديد من جوانبه على إعادة استنساخ لأدبيات الحريري التقليدية المتعلقة بالهجوم على «حزب الله» وتدخله العسكري في سوريا وعلى السياسات الإيرانية في المنطقة، مع تكراره «ثابتة الوفاء» للسعودية.
وقالت أوساط قيادية بارزة في «8 آذار» لـ «السفير» إن هذا النوع من الخطاب «يفيد الحريري في طريق العودة الى السعودية وليس الى بيروت»، متسائلة: أين الحكمة والمنطق في أن يصر الحريري على مهاجمة الشريك الداخلي في الحوار والشراكة الوطنية وخصوصاً في استحقاق رئاسة الجمهورية؟
وأشارت الأوساط الى أن استمرار الحريري في الهجوم على «حزب الله» وإيران، كما فعل أمس، «لا يسهل أبدا وصوله الى رئاسة الحكومة»، ولا يمكن أن يشكل معبراً للتسوية المفترضة على قاعدة الشراكة معه في السلطة.
ولعل الإضافة الأساسية في خطاب «البيال» تمثلت من ناحية في «اللسعة السياسية» التي تعرض لها رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع، ومن ناحية أخرى في الشرح الوافي والصريح الذي قدمه الحريري للحيثيات التي دفعته الى اعتماد خيار ترشيح النائب سليمان فرنجية لرئاسة الجمهورية، بعد استهلاك فرص ميشال عون وأمين الجميل وسمير جعجع، وهو شرح يتعارض مع مقاربة «القوات» و «الكتائب» لمضمون اجتماعات بكركي بين الأقطاب الموارنة الأربعة.
صحيح أن الحريري لم يعلن رسمياً عن ترشيح فرنجية ـ وهو أمر اعتبره مؤيدو رئيس «تيار المردة» أفضل «لان الترشيح الرسمي سيوحي بأن الحريري المسلم يسمّي الرئيس الماروني وهذا يضر أكثر مما يفيد» ـ لكن الصحيح أيضا أن رئيس «تيار المستقبل» لم يتنصل من التزامه السياسي حيال فرنجية، بل أكد المضي في مبادرته، محاولاً تبرير «أسبابها الموجبة» بإعلانه عن «أننا لن نخشى وصول أي شريكٍ في الوطن الى رأس السلطة، ما دام يلتزم اتفاق الطائف وحدود الدستور والقانون، وحماية العيش المشترك، وتقديم المصلحة الوطنية وسلامة لبنان على سلامة المشاريع الإقليمية».
ولئن كان البعض قد استنتج أن هذا الكلام «حمّال أوجه» وأن الحريري تعمد أن يترك الباب موارباً أمام أي احتمال رئاسي برتقالي «قاهر» قد تفرضه الظروف لاحقا، إلا أن هناك في المقابل من اعتبر أن رئيس «المستقبل» أراد ان يقول بين السطور إن «الجنرال» لا تنطبق عليه «المواصفات الزرقاء» المشار اليها أعلاه، علما أن الحريري أكد أن الحوار السابق مع عون لم يصل الى نتيجة في الملف الرئاسي «ونحن لم نرشحه، بعكس ما يقول البعض اليوم، ولا حتّى وعدناه بتأييد ترشيحه»، ملمحاً بذلك الى أن اعتراضه على عون ليس ناتجاً من «الفيتو» السعودي، كما كان يقول «الجنرال» ومسؤولو «التيار الحر»، علماً أن من يمثلون «تيار المستقبل» في حوار عين التينة أبلغوا الجالسين معهم على طاولة واحدة أن الحريري كان مستعداً وصادقاً في انفتاحه على عون لكن المشكلة هي في السعودية، وهذا ما كرره نادر الحريري أمام جبران باسيل، خصوصاً في اللقاء الذي جمعهما مؤخراً في وزارة الخارجية.
وبهذا المعنى، فإن خطاب الحريري أقفل باب «بيت الوسط» ليس فقط على ترشيح عون، بل حتى على فرصة الحوار معه بهذا الصدد، معيداً الكرة الى ملعب «حزب الله» بعدما غادرته في أعقاب الخطاب الأخير للأمين العام لـ «حزب الله» السيد حسن نصرالله، وبالتالي فإن مواقف الحريري أعادت تثبيت معطيات الأزمة، ما يدفع الى استبعاد حصول أي خرق في المأزق الرئاسي قريباً.
وقد بدا الحريري حريصاً على استخدام «ديبلوماسية التقبيل» لاحتواء تداعيات الانقسام الحاصل في «14 آذار» حول الاستحقاق الرئاسي. حيث وزع قبلاته الحارة على أمين وسامي الجميل وسمير جعجع وفارس سعيد وسمير فرنجية.. وصولاً الى «المتمردين» أشرف ريفي وخالد الضاهر، علماً أن أولى الساعات التي أمضاها الحريري في «بيت الوسط» كانت حافلة بكلام من العيار الثقيل لم يستثن كثيرين، وخصوصاً الوزير أشرف ريفي.
وحتى تكتمل طقوس المناسبة، دعا الحريري قيادات «14 آذار» الى التقاط صورة جامعة.. قد تصبح تذكارية ومن المقتنيات النادرة في المرحلة المقبلة.
لكن مفعول القبل تلاشى سريعاً، مع تلاحق الرسائل السياسية «المسننة» التي أطلقها الحريري في أكثر من اتجاه، وكانت أولاها موجهة الى جعجع الذي أصابته «النيران الصديقة» مباشرة على الهواء، عندما توجه اليه الحريري بالقول: ليت المصالحة مع «التيار الوطني الحر» حصلت قبل زمن بعيد، كم كنتَ وفّرت على المسيحيين وعلى لبنان.
كان واضحاً من مضمون هذه العبارة ونبرتها، أن الحريري أراد أن يحمّل جعجع، وبحضوره، المسؤولية عن الانقسام المسيحي طيلة السنوات الماضية. وأكثر من ذلك، أوحى رئيس «المستقبل» في كلامه بأن ترشيح جعجع لعون هو مجرد رد فعل على خيار ترشيح فرنجية، خلافاً لطرح «القوات» التي تعتبر أن تفاهم معراب الرئاسي أتى في سياق مسار سياسي متكامل، قائم بحد ذاته.
ولم يكتف الحريري بهذا القدر من التصويب على جعجع، بل تعمد خلال التقاط الصورة الجامعة لقيادات «14 آذار» ترتيب الوقوف بطريقة جعلت الرئيس أمين الجميل يقف على يمينه والنائب سامي الجميل على يساره، مستبعداً رئيس «القوات» عن جواره.
وقال عضو كتلة «القوات» النائب انطوان زهرا لـ «السفير» إن كلام الحريري الموجّه الى جعجع «لم يكن في محله»، ملاحظاً أن الحريري، في معرض دفاعه عن خيار تفاهمه مع فرنجية «لم يوفر أحداً، لا صديقاً ولا عدواً، وبالتالي أخذنا في الطريق». وأضاف: «مع محبتنا للرئيس الحريري، لكننا لسنا نحن المسؤولين عن تفويت أي فرصة للوحدة، على المسيحيين أو على لبنان».
واعتبر زهرا أن مقاربة الحريري لما جرى في لقاءات بكركي بين الأقطاب الأربعة لم تكن دقيقة، «وأنا باعتباري كنت أحد المطلعين على مجرياتها أؤكد أنه لم يحصل اتفاق على حصر الترشيح بالأربعة».
ورأى زهرا أن خلاصة كلام الحريري تفيد بأن الظروف ليست ملائمة بعد لانتخاب رئيس للجمهورية قريبا، «وهو لم يطرح أي جديد من شأنه أن يشكل خرقاً للمأزق القائم».
وكانت لافتة للانتباه زيارة النائب وليد جنبلاط الى الرئيس نبيه بري بعد لقائه الرئيس الحريري، وتصريحه من عين التينة بأن خطاب الحريري ممتاز، داعياً الى ترك اللعبة الديموقراطية تأخذ مجراها، الأمر الذي وضعته أوساط سياسية في سياق إعادة تجديد «التحالف الرئاسي» الذي جمع بري والحريري وجنبلاط حول دعم ترشيح سليمان فرنجية.

النهار :

اذا كان "من غير المسموح في هذا الزمن ممارسة التّرف السياسي، فيما البلاد تعيش فراغاً في موقع الرئاسة، وفيما الحرائق تشتعل حولنا، وليس هناك في العالم من يطفئ النار، بل متسابقون على صب الزيت فوقها"، كما قال الرئيس سعد الحريري لدى مشاركته في احياء الذكرى الحادية عشرة لاغتيال والده الرئيس رفيق الحريري أمس في "البيال"، فان السؤال الذي لا بد ان يطرح بعد سلسلة من المواقف، المبدئية والثابتة في آن واحد، ماذا بعد؟ وهل تكون المدة الفاصلة بين 14 شباط و14 اذار كافية لاعادة لملمة الصفوف في قوى 14 اذار بعد "القيام بمراجعاتٍ نقدية داخلية، يمكن أن تتولّى الأمانة العامة تحريكها والعمل عليها، لتتناول كل جوانب العلاقة بين قوى انتفاضة الاستقلال، بهدف حماية هذه التجربة الاستثنائية في حياة لبنان"؟
ويبقى السؤال الابرز عن مأل رئاسة الجمهورية والفراغ المستمر منذ 21 شهراً، في ظل الاستمرار في ترشيحات عدة لم يبد الحريري تخوّفه من "وصول أي شريكٍ في الوطن الى رأس السلطة، طالما يلتزم اتفاق الطائف وحدود الدستور والقانون، وحماية العيش المشترك، وتقديم المصلحة الوطنية وسلامة لبنان على سلامة المشاريع الإقليمية". وكانت دعوته الابرز "تفضّلوا إلى مجلس النواب وانتخبوا رئيسا، إلا إذا كان مرشحكم الحقيقي هو الفراغ". والحريري الذي لم يرشح النائب سليمان فرنجية بالاسم شرح في سياق كلمته الظروف التي املت عليه المضي في ترشيحه.
واكتسب حضور الحريري الى بيروت بعد غياب سنة، دلالات مهمة في ظل الانقسام الواضح في قوى 14 اذار، لكن مشاركة كل مكونات هذه القوى،وخصوصا رئيس حزب "القوات اللبنانية" سمير جعجع على رأس وفد، ولدت انطباعاً جيداً عن مستقبل العلاقة بين الطرفين.
وقد وصفت مصادر في "القوات اللبنانية" لـ"النهار" المشهد الجامع في "البيال" بانه أعاد الروح الى 14 آذار، مؤكدة ان "القوات أول المبادرين والمدافعين عن حماية 14 آذار لأنها روح مجتمع وثورة، واذا اردنا بناء لبنان الدولة فلا نستطيع الا ان نكون 14 آذار". ولاحظت ان الحريري "اذ التزم حضور نواب "المستقبل" جلسات انتخاب رئيس الجمهورية، رمى الكرة في ملعب فريق 8 آذار، وان 14 آذار بكل مكوناتها، وعلى رغم مقارباتها المختلفة للرئاسة ستمارس اللعبة الديموقراطية حتى النهاية". ورأت ان الحريري لم يضع فيتو على اي مرشح للرئاسة سواء العماد ميشال عون أو النائبين فرنجية وهنري حلو أو أي مرشح اخر". وأكدت ان التفاهم مع "التيار الوطني الحر" ثابت ومستمر.
وقد جاء أول التعليقات من النائب وليد جنبلاط الذي قال: "سمعنا كلامه وكان أيضا ممتازا ويفتح الطريق على اللعبة الديموقراطية التي نؤيدها ونحن نتفق مع كلامه".

"بدنا نحاسب"
وفي شأن حياتي، كشفت حملة "بدنا نحاسب" في مؤتمر صحافي عقدته عصر السبت، أن شركة "شينوك" الملزمة ترحيل النفايات مرتبطة برجل أعمال لبناني اسمه محمد علي ع. وهو من مواليد 1954 ومحكوم عليه عام 1995 بجرم التعامل مع اسرائيل وكذلك في قضايا رشى وفساد في الصومال اذ إنه يملك شركة للتنقيب عن النفط على الشاطئ الصومالي. وتساءلت الحملة، في مؤتمرها في ساحة رياض الصلح "ما هو السبب الذي يحول دون اطلاع الرأي العام على تفاصيل ملف ترحيل النفايات ولماذا لم نسمع عن خطة موازية للترحيل ألا وهي بناء وتأهيل معامل الفرز؟ وأكدت أنه "من حق المواطن ان يعلم من اين سيتم تمويل كلفة ترحيل النفايات، علما ان الكلفة هي 300 مليون دولار لمدة 18 شهراً".
وتحدث عضو "بدنا نحاسب" هاني فياض، والى جانبه الناشط جورج عازار، كما وزّع بيان بمعلومات الحملة وملاحظاتها ومطالبها.
وعدد فياض أبرز المعلومات التي تم الحصول عليها "خلال تحري ناشطي الحملة" عن ع.، مستندين إلى "تقارير قضائية دولية" بأنه "متهم بقبض مبالغ مالية من شركة "أوش - زيف"، لمساعدتها على تقديم الرشى للحصول على عقود مع الدولة الليبية، والامر امام الاجهزة القضائية والرقابية في الولايات المتحدة، التي تتهم بالاضافة اليه مدير شركة "اوش - زيف" مايكل كوهين.

 

المستقبل :

بمزيد من الشوق والعزم والحزم عاد الرئيس سعد الحريري إلى بيروت فجر الرابع عشر من شباط متجاوزاً كل المحاذير الأمنية ليتقدم الصفوف الوطنية في إحياء ذكرى الرئيس الشهيد وليعلن «على رؤوس الأشهاد: على نهجك مستمرون أبا بهاء ولو كره الكارهون». وإذا كان بعودته طمأن اللبنانيين قولاً ويقيناً إلى أنّ أحداً لن يتمكّن «من السطو على الجمهورية بأي من وسائل التعطيل والفوضى»، حرص الحريري في خطاب 14 شباط على «بقّ البحصة» الرئاسية تبديداً لكل خيوط التحليل والتأويل التي حيكت حول مبادرته الرئاسية الأخيرة، فروى على الملأ وعلى مرأى ومسمع من الجميع، خصوماً وحلفاء، الرواية الحقيقية الكاملة لسياق مبادراته المتتالية بهدف إنهاء الشغور الرئاسي، وصولاً إلى وضعه خلاصة دستورية واحدة اليوم برسم معطلي الانتخابات ليس عنها محيد لانتخاب الرئيس: «بات لدينا ثلاثة مرشحين الوزير سليمان فرنجية، الجنرال ميشال عون والنائب هنري حلو (...) تفضّلوا إلى مجلس النواب وانتخبوا رئيساً إلا إذا كان مرشحكم الحقيقي هو الفراغ».
وفي الكلمة التي ألقاها من على منبر ذكرى 14 شباط في «البيال» وسط مشاركة رسمية وروحية ومدنية وشعبية حاشدة وبنصاب مكتمل لمختلف قادة وشخصيات قوى الرابع عشر من آذار، استهل الحريري استعراض الرواية الكاملة لمبادراته المنطلقة من أنّ مصلحة الوطن تكمن في «فك الحصار عن الرئاسة والحكومة ومجلس النواب لا في المشاركة بمحاصرة مضايا وحلب والمدن السورية»، فقال: «كانت لدينا جرأة المبادرة وتحريك المياه السياسية الراكدة، نملك الشجاعة لاتخاذ الموقف والإعلان بأننا لن نخشى وصول أي شريك في الوطن إلى رأس السلطة طالما يلتزم اتفاق الطائف وحدود الدستور والقانون وحماية العيش المشترك وتقديم المصلحة الوطنية وسلامة لبنان على سلامة المشاريع الإقليمية». ثم ما لبث أن صارح اللبنانيين بأنه يعتزم «بقّ البحصة» مذكّراً باتفاق الأقطاب الموارنة الأربعة في بكركي أنه «ما من مرشّح مقبول للرئاسة إلا أحد هؤلاء الأربعة»، إلى ما كان بعد هذا الاتفاق بدءاً من عدم القدرة على انتخاب مرشح 14 آذار رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع، مروراً بعدم ملاقاة ترشيح الرئيس أمين الجميل «قبولاً من قوى 8 آذار» وبعدم التوصل في الحوار مع رئيس تكتل «التغيير والإصلاح» النائب ميشال عون إلى نتيجة حول ملف الرئاسة مع نفيه الشائعات التي تقول إنه سبق أن رشّح عون أو حتى وعده بتأييد ترشيحه.. وصولاً إلى الوضع الراهن: «من الأربعة لم يبقَ إلا الوزير سليمان فرنجية».
وإذ أكد أنّ «التفاهم» الذي توصل إليه في باريس مع فرنجية قائم على «هدف إنهاء الفراغ ووضع حد للتدهور والعمل على تحسين وضع لبنان السياسي والاقتصادي والاجتماعي والأمني والمعيشي وحماية النظام والسلم الأهلي«، أعرب الحريري عن تفاخره بالإقدام على هكذا «خطوة خلطت الأوراق وأرغمت الجميع على إعادة وضع إنهاء الفراغ الرئاسي على رأس الأولويات السياسية بالبلد«، مبدياً اعتزازه كذلك بكون هذه الخطوة «أدّت بحلفائنا «القوات اللبنانية» لأن يتوصلوا بعد 28 سنة إلى مصالحة تاريخية مع «التيار الوطني الحر« نحن كنّا أوّل الداعين إليها وأكثر المرحبين بها»، مخاطباً في هذا الإطار جعجع بالقول: «ليتها حصلت «يا حكيم» قبل زمن بعيد كم كانت وفّرت على المسيحيين وعلى لبنان».
وبعدما دعا المرشحين الثلاثة إلى الاحتكام لصندوق الاقتراع في المجلس النيابي، توجّه الحريري بحزم إلى من يحاول تحميل «تيار المستقبل» مسؤولية الفراغ ما لم يعلن تأييده ترشيح عون «وليس هناك عجلة» بالقول: «هيدي ما بتركب عا قوس قزح« ولا تنطلي على أحد.. تقاطعون كل جلسة وتمنعون النصاب ولا تقبلون إلا أن تعرفوا النتيجة سلفاً وتريدون تحميلنا نحن المسؤولية؟»، رافضاً في الوقت عينه «أن يغطّوا السموات بالقبوات» تحت ذريعة «الوفاء للحلفاء» ليشدد في المقابل على أنّ «الوفاء الأصلي هو الوفاء للبنان». وختم الحريري سرد دوافع مبادرته الرئاسية قائلاً: «نحن عند التزامنا، وعندما نعطي التزاماً نسير فيه حتى النهاية. نحن صادقون نريد رئيساً للجمهورية».
الحريري الذي جزم بأنّ «زمن الاستقواء الإيراني لن يستطيع أن يصنع قادةً أكبر من لبنان»، سأل في مقابل «من قرّر أن يقاتل في الأماكن الخاطئة وتحت شعاراتٍ خاطئة (...) والاندفاع غير المسؤول في تعريض مصالح لبنان للخطر والتحامل على الدول الشقيقة وعلى رأسها المملكة العربية السعودية ودول الخليج العربي التي لم تبادرنا يوماً بأي أذى»: هل نحن أمام أحزاب تعمل لله أم للفتنة؟»، وأردف قائلاً: «نحن عرب على رأس السطح، ولن نسمح لأحد بجر لبنان إلى خانة العداء للسعودية ولأشقائه العرب. لن يكون لبنان تحت أي ظرف من الظروف ولاية إيرانية. نحن عرب، وعرباً سنبقى«، مع تأكيده أننا «مشروع وطني عابر للطوائف خصوصاً عندما يكون غيرنا مشروعاً طائفياً عابراً للأوطان».
أما إزاء بعض التباينات الحاصلة في الرأي بين قوى 14 آذار، فدعا الحريري هذه القوى إلى «القيام بمراجعات نقدية داخلية لتتناول كافة جوانب العلاقة بين قوى انتفاضة الاستقلال بهدف حماية هذه التجربة الاستثنائية في حياة لبنان«. وفي ختام خطابه، دعا الحريري جميع قادة قوى الرابع عشر من آذار للصعود إلى المنصة لالتقاط صورة جماعية بالمناسبة «تعبيراً عن وحدة 14 آذار».
جنبلاط: كلام ممتاز
ومباشرةً بعد انتهاء خطاب الحريري، أشاد رئيس «اللقاء الديمقراطي» النائب وليد جنبلاط من عين التينة بعد لقائه رئيس مجلس النواب نبيه بري بالخطاب منوهاً بكونه تضمّن «كلاماً ممتازاً ويفتح الطريق على اللعبة الديمقراطية التي نؤيدها ونحن نتفق مع كلامه»، مجدداً التشديد على «وجود ثلاثة مرشحين فلنتفضل وننزل إلى المجلس النيابي».

الديار :

عودة الرئيس سعد الحريري الى لبنان للمشاركة شخصياً في ذكرى اغتيال والده، اعادت بعض الحرارة الى جسم تيار المستقبل الذي يعاني من برودة بينه وبين بعض «الصقور»، وبينه وبين «القاعدة الحريرية» التي بدأت تتململ في غياب «الرأس» وكثرة المسؤولين والقياديين.
مشهدية «البيال» امس، تميزت باكتمال نصاب «البيت الازرق»، و14 آذار لتتحول الى مشهد حار بالقبلات والعناق بين الحريري واركان تياره والفريق الآذاري، لتلتقط صورة جماعية بينهم في نهاية الاحتفال للتأكيد على «وحدة 14 آذار» كما علق الحريري.
كيف كانت مشهدية «البيال» امس في الشكل والمضمون؟
- في الشكل: حضر الوزير اشرف ريفي وحتى النائب خالد ضاهر.
-حضر الدكتور سمير جعجع وعقيلته مع رصد العناق الحار مع الحريري قبل بدء المهرجان، رغم «الفراق القسري» للترشيحات الرئاسية بينهما، ليتحول في نهاية المهرجان الى فتور رغم «السلام والكلام».
-حضر للمرة الاولى ممثل عن النائب سليمان فرنجيه.
-حرارة واضحة ومتميزة مع آل الجميل، اذ جلس الرئيس امين الجميل الى يمين الحريري ووقف سامي الى يساره في الصورة التذكارية ووالده الى يمينه... و«وشوشات» مع «الفتى الكتائبي» وعناق وقبلات شملت ايضاً الاب...
-غاب النائب وليد جنبلاط وحضر نجله، الا ان جنبلاط التقاه في بيت الوسط قبل المهرجان، واجتمع مع الرئيس نبيه بري مساء.
2- في المضمون: لم يرشح الحريري فرنجيه بالمباشر بل ركز على مبادرة باريس واعلن تمسكه بها، واقرنها بسرد تجربته مع باقي الاقطاب الموارنة.
-توجه بالكلام المباشر الى الدكتور سمير جعجع قائلاً: يا حكيم... يا حكيم يا ليت المصالحة مع التيار الوطني الحر حصلت من زمان، فكم كنت وفرت على اللبنانيين.
-تحدث عن «الوفاء للحلفاء» (وهنا قصد جعجع) وقال: الوفاء للحلفاء جميل ولكن ما نفعه اذا كان على حساب مصلحة الوطن؟
-كرر هجومه على ايران وحزب الله من دون ان يسميه.
-كرر مبايعته للسعودية وقال: لن نسمح لاحد بجر لبنان الى خانة العداء للمملكة، لم تبادرنا يوماً بأي أذى، ولبنان لن يكون تحت اي ظرف من الظروف ولاية ايرانية.


-كرر الالتزام بالطائف والدستور والقانون.
-كرر ان تيار المستقبل هو تيار اعتدال.
-كرر ان تياره يهدف الى انهاء الفراغ.
-كرر ان تياره يواظب على الحضور في الجلسات الـ35 لانتخاب الرئيس.
-كرر الالتزام بخط والده الرئيس الشهيد رفيق الحريري.
فهل كل ما شهده «البيال» من قبلات وعناق أنهى حالة الجفاء في صفوف البيت الواحد؟
وهل هدّأ خطاب الحريري النفوس و«الرؤوس الحامية» في تياره، وأنهى الفراغ رغم تأكيده وتكراره أن تيار المستقبل ليس المسؤول عن استمرار الشغور الرئاسي؟
ماذا قال الحريري في ذكرى والده؟
اشار الى ان زمن الوصاية السورية، لم يستطع ان يفبرك اشخاصا اكبر من لبنان، وان زمن الاستقواء الايراني، لن يستطيع ان يصنع قادة اكبر من لبنان.
واشار الى ان هناك من قرر ان يقاتل في الاماكن الخاطئة وتحت شعارات خاطئة، واذا كانت الدولة قاصرة عن وضع حد لهذا الخلل فان هذا القصور يستدعي رفع مستوى الاعتراض السياسي على اقحام لبنان في الصراعات العسكرية، ويستدعي هذا القصور مناشدة اهل العقل والحكمة والوطنية في الطائفة الشيعية، المبادرة لتفكيك اخطر الالغام التي تهدد سلامة العيش المشترك.
وفي الموضوع الرئاسي قال: «لم نرشح رئيس تكتل التغيير والاصلاح العماد ميشال عون، بعكس ما يقول البعض اليوم، ولا حتى وعدناه بتأييد ترشيحه، وبقي الفراغ، موضحا ان من الزعماء الاربعة المسيحيين، لم يبق الا رئيس تيار «المردة» النائب سليمان فرنجية، ففتحنا حوارا معه لانهاء الفراغ».
ولفت الى «ان هذه الخطوة ادت بالدكتور سمير جعجع الى الانسحاب من السباق واعلان الجنرال عون مرشحاً للقوات»، معتبراً ان «هذا من حقه ومن حق عون».
وقال الحريري: بات لدينا 3 مرشحين، فرنجية، عون والنائب هنري حلو، ويمكن ان يكون هناك مرشحون آخرون، اضاف: «تفضلوا الى مجلس النواب وانتخبوا رئيساً، الا اذا كان مرشحكم الحقيقي هو الفراغ. واكد: «اننا نقبل اي مرشح يلتزم الطائف والقانون وحماية العيش المشترك».

 

الجمهورية :

لم يعلن الرئيس سعد الحريري رسمياً ومباشرة ترشيح رئيس تيار «المردة» النائب سليمان فرنجية، لكنّ إدراج اسمه الى جانب رئيس تكتل «التغيير والإصلاح» النائب ميشال عون ومرشح «اللقاء الديموقراطي» النائب هنري حلو كان كافياً ليستمر في نهج الترشيح غير الرسمي الذي يبدو أنه لم يصبح رسمياً بعد لدى الجهات الاقليمية والدولية التي أيّدَته. وقد كشف الحريري، من خلال لقائه السريع والأول مع رئيس «اللقاء الديموقراطي» النائب وليد جنبلاط، ومن ثم زيارة الأخير لرئيس مجلس النواب نبيه بري، انه يعمل وجنبلاط على سيناريو يَقضي بنزول جميع الكتَل والنواب الى المجلس لانتخاب مرشّح من الثلاثة، علماً انّ بري كان قد قال أخيراً بأن ينزل المرشحون الى المجلس وليَفز من ينال أكثرية الأصوات. لكنّ السؤال الذي طرحته الأوساط السياسية: هل انّ هذا السيناريو قابل للتنفيذ في ظلّ النزاع الدائر حول النصاب الدستوري لجلسة الانتخاب ؟ فالمجلس لم يتمكّن من الانعقاد لانتخاب رئيس في 34 جلسة متتالية نتيجة عدم اكتمال النصاب الدستوري البالغ 86 نائباً، فكيف له أن ينعقد بهذا النصاب الآن في وجود ثلاثة مرشحين متنافسين على الأقل؟ وقالت هذه الاوساط انّ إمكانية التزام اللعبة الديموقراطية التنافسية في الاستحقاق الرئاسي كانت ولا تزال غير مُتاحة الّا في حال التوافق على الرئيس العتيد. وأشارت الى انّ التحركات والاتصالات ستظهر من اليوم المنحى الذي سيتخذه الاستحقاق الرئاسي في ظل استمرار التوقعات بأنّ أوان إنجازه ما زال بعيداً. ودعت هذه الأوساط الى مراقبة ما سيكون عليه واقع فريقي 8 و14 آذار في ضوء مواقف الحريري التي جاءت عنيفة ضد «حزب الله» وحلفائه الى جانب الرسائل المبطّنة التي وَجّهها الى بعض حلفائه. وكذلك في ضوء المواقف التي سيعلنها الامين العام لـ«حزب الله» السيد حسن نصر الله غداً، علماً انّ بعض المراجع السياسية تؤكد انّ الاستحقاق الرئاسي سيبقى بعيد المنال طالما انّ التوافق لم يتحقق بعد بين «المستقبل» و«حزب الله» ومن خلفهما الرياض وطهران. مع عودة الرئيس سعد الحريري المفاجئة الى لبنان والمشاركة في ذكرى اغتيال والده والمواقف التي أطلقها في المناسبة، إنطلقت تكهنات وتساؤلات كثيرة حول مدى مساهمة هذه العودة في ترميم العلاقات المتصدعة داخل فريق «14 آذار» وتقليص مساحة الخلافات السياسية بين أبناء الصف الواحد منذ «التسوية الباريسية» وما تلاها من تطورات وخطوات تتصل بالاستحقاق الرئاسي.
فمشهدية «البيال» خطفت الانظار وخالفت التوقعات، فحضر رئيس حزب «القوات اللبنانية» الدكتور سمير جعجع على رغم التباعد بين الطرفين عقب تَبنّي الحريري ترشيح رئيس تيار «المردة» النائب سليمان فرنجية، وتَبنّي جعجع ترشيح رئيس تكتل «التغيير والاصلاح» النائب ميشال عون.
وعلى رغم كلّ ذلك، تبادلَ الطرفان العناق والقبلات في بداية الاحتفال. كذلك حضر وزير العدل أشرف ريفي بعد الاشتباك السياسي الاخير بينه وبين الحريري على خلفيّة ملف الوزير السابق ميشال سماحة، فيما تمثّل رئيس «اللقاء الديموقراطي» النائب وليد جنبلاط بنجله تيمور بعدما كان أوّل زائري الحريري في «بيت الوسط»، ولفتت مشاركة تكتل «الإصلاح والتغيير» بالوزير الياس بو صعب والنائب ادغار معلوف.
لماذا شارك الحريري شخصياً؟
وقبل ساعات على احتفال «البيال» سَرت عصر أمس الاول رواية مفادها انّ الحريري سيشارك شخصياً، وأنّ كلمته لن تكون مُتلفزة للعام الثاني، فالإستحقاقات الداخلية كانت ضاغطة وقد تلقّى الحريري سيلاً من النصائح بضرورة الحضور لطَي عدد من الملفات الداخلية التي لن يحلّها الظهور المُتلفز، خصوصاً على مستوى تركيبة «المستقبل» التي كانت قد أنجزت تحضيراتها ليكون حضور التيار ومناصريه من الحلقة الضيقة جداً جداً، وهو أمر يفرض حضوره.
وعلى هذه الخلفيات، قالت مصادر المستقبل لـ«الجمهورية» انّ رسائل واضحة وجّهت الى جميع أطراف «14 آذار» تدعو الى حَصر الحضور بالمدعوين من التيارات والأحزاب اللبنانية الحليفة والصديقة، خصوصاً عندما صدر بعض الكلام عن حضور شعبي لحزب «القوات اللبنانية» الذي قالت مصادره انه سيتمثّل في الاحتفال بوفد رفيع تتقدمه النائب ستريدا جعجع، وانّ مناصريه سيشاركون في الاحتفال شعبياً.
وعليه، فإنّ مجرد الإعلان صباح أمس عن وصول الحريري الى بيروت غَيّر منسوب التمثيل الحزبي، فتقرّر ان يحضر جعجع شخصياً وسقطت المحاذير الأمنية التي كان يتذرّع بها البعض لتبرير التغيّب، فيما لم تغيّر عودة الحريري من تمثيل باقي الأطراف في «14 آذار» فظلت على حالها، خصوصاً على مستوى القيادة الكتائبية التي تمثّلت بمشاركة الرئيس امين الجميّل ونجله النائب سامي الجميّل رئيس الحزب ووفد كبير من أعضاء مكتبه السياسي. كذلك شارك الوزير أشرف ريفي والنائب خالد الضاهر، ولم يُثِر حضورهما أي تساؤل أو استغراب لدى جمهور «المستقبل».
خطاب نصرالله
وتوقعت مصادر سياسية مطلعة تواكِب التطورات الأخيرة، عبر «الجمهورية»، أن يغيّر خطاب الحريري في شكل خطاب الأمين العام لـ»حزب الله» السيد حسن نصرالله ومضمونه، الذي سيلقيه غداً.
وقالت انّ نصرالله كان حريصاً على تجنّب الدخول في كثير من تفاصيل الإستحقاق الرئاسي، معتبراً انّ ما تناوله في مناسبات سابقة كان كافياً للإشارة الى موقف الحزب من هذا الإستحقاق والمرشحين. لكنه، وبعد خطاب الحريري، لا بد من ان يردّ على مضمونه ويوضح بعض المواقف.
وفي جانب من الخطاب سيتوسّع نصرالله في الحديث عن الوضع في سوريا، وسيحذّر من مخاطر التدخل السعودي ـ التركي في شمال سوريا بعدما تبيّن انّ معظم التحضيرات الجارية تشير الى احتمال تدخّل بَرّي وجوّي قريب، بعدما نقلت الرياض طائراتها الى قاعدة إنجرليك التركية لتكون قريبة من المواقع المستهدفة في شمال سوريا، ولا سيما منها مواقع «داعش».
الحريري
وكان الحريري جَدّد حملته على «حزب الله» وانتقد مشاركته في الحرب الدائرة في سوريا، وقال: «عندما يجعلون من لبنان ساحة لمخالفة القوانين وحماية المجرمين، سيَهون عليهم تعطيل المؤسسات وتبرير الشغور وإسقاط اعلان بعبدا، وتجنيد الشباب للتورّط في الحرب السورية».
ورأى «انّ لبنان يدفع يومياً من استقراره، ضريبة الارتجال السياسي والارتباك الاقتصادي والاندفاع غير المسؤول، في تعريض لبنان لعلاقات غير مسؤولة، خصوصاً تجاه السعودية ودول الخليج»، سائلاً: «أيّ عقلٍ متهوّر يحرّك هذه السياسات في مقاربة العلاقات الأخوية؟
هل نحن أمام أحزاب تعمل لله أم أمام أحزاب تعمل للفتنة؟ نحن عرب على رأس السطح، ولن نسمح لأحد بجَرّ لبنان الى خانة العداء للسعودية ولأشقائه العرب.
لن يكون لبنان تحت أي ظرف من الظروف ولاية إيرانية. ورفض تحميل تيار «المستقبل» المسؤولية عن الفراغ، واكد انّ «مصير رئاسة الجمهورية بيَد اللبنانيين»، موضحاً: «لن نخشى وصول أيّ شريك من الوطن الى السلطة، يلتزم اتفاق الطائف وحماية العيش المشترك وسلامة لبنان على سلّم المشاريع الإقليمية».
وعَدّد الأسباب التي دفعته الى ترشيح رئيس تيار «المردة» النائب سليمان فرنجية، وقال: «أربعة مرشحين موارنة اجتمعوا في بكركي، واتفقوا بعضهم مع بعض وبرعاية بكركي، وكانت هذه بداية إنهاء الفراغ، وذهبنا الى مجلس النواب بمرشّحنا الدكتور جعجع، ولكن بعد 35 جلسة يبقى الفراغ. بعد ذلك تمّ طرح اسم الرئيس أمين الجميّل في حال قبوله، وعندها ينسحب جعجع، لكن بقي الفراغ.
وكنّا قبل ذلك فتحنا حواراً مع ميشال عون وكانت النتيجة تشكيل حكومة جديدة، لكننا لم نرشّح عون، على عكس ما يقوله البعض اليوم من أننا رشّحناه، ومع ذلك بقي الفراغ».
أضاف: «بقي من الأربعة سليمان فرنجية، ففتحنا حواراً معه والتقيتُه في باريس، وتوصّلنا معه الى تفاهم، وقد شَرحه». وباركَ الحريري مبادرة معراب، وتوجّه الى جعجع قائلاً: «ليتَ هذه الخطوة حصلت من زمان، فكم كنت وَفّرتَ على المسيحيين واللبنانيين».
وتحدث عن وجود «ثلاثة مرشحين هم: سليمان فرنجية وميشال عون وهنري حلو»، لافتاً إلى أنه «قد يكون هناك مرشحون آخرون، فلدينا نظام ديموقراطي، ويطالب النواب في الذهاب الى مجلس النواب، إلّا إذا كان مرشحكم الحقيقي هو الفراغ». وأكّد «مباركة أي رئيس يصِل الى رئاسة الجمهورية».
فرنجية يزور الحريري
وقالت مصادر بنشعي إن فرنجيّة أبدى إرتياحه الى موقف الحريري، خصوصاً لجهة تبنيه ما كان كان قدّ قاله في مقابلته التلفزيونيّة حول لقائهما في باريس. وأشارت الى أنّ فرنجيّة سيزور الحريري اليوم.

اللواء :

شكّل إحياء الذكرى الحادية عشرة لاستشهاد الرئيس رفيق الحريري حدثاً بكل معنى الكلمة بأبعاده السياسية والوطنية والعربية والمستقبلية.
فالحدث الذي شارك فيه رئيس تيّار «المستقبل» الرئيس سعد الحريري شخصياً، حوّل «بيت الوسط» إلى خلية إتصالات ضمن توجّه محدد وواضح وشجاع يتصل بكيفية حماية منجزات ثورة الاستقلال الثاني، والحفاظ على البنية التنظيمية لقوى 14 آذار، وانتشال البلد من حالة اليأس وانعدام الوزن إلى مرحلة تثبيت الاستقرار، والتطلّع إلى أفق مفتوح لإنهاء الشغور الرئاسي، على خلفية ثوابت وطنية لبنانية لا لبس فيها، بأنه من غير الممكن تحويل لبنان إلى «ولاية إيرانية»، أو تمكين «حزب الله» من «الإندفاع غير المسؤول في تعريض مصالح لبنان للخطر، والتحامل على الدول الشقيقة وعلى رأسها المملكة العربية السعودية ودول الخليج التي لم تبادلنا يوماً بأي أذى»، على حدّ ما جاء في خطاب المناسبة الذي ألقاه الرئيس الحريري، مؤكداً «أننا لن نسمح بجرّ لبنان إلى خانة العداء للسعودية ولأشقائه العرب.. فنحن عرب وعرباً سنبقى».
وقبل الخطاب وبعده، تركزت اتصالات الرئيس الحريري على مناقشة الأوضاع الداخلية، في ضوء احتدام الوضع على الجبهة السورية، وحاجة اللبنانيين إلى التكاتف وإنهاء الشغور الرئاسي كضمان لمنع النار السورية من الاقتراب من لبنان.
أول اللقاءات كانت مع رئيس اللقاء الديموقراطي النائب وليد جنبلاط برفقة نجله تيمور الذي زار عين التينة مساءً ووصف خطاب الحريري في «البيال» بأنه «ممتاز»، مؤيداً الدعوة للاحتكام إلى الديموقراطية للخروج من الفراغ الرئاسي.
وفي جانب من الاجتماعات في «بيت الوسط» ركّز الحريري مع الرئيس فؤاد السنيورة والوزراء نهاد المشنوق ورشيد درباس ونبيل دو فريج على الوضع داخل الحكومة، والوضع النيابي، وهنّأه مفتي الجمهورية الشيخ عبد اللطيف دريان بسلامة العودة، فضلاً عن اتصالات من الرئيس نبيه برّي والشيخ عبد الأمير قبلان والمرشح الرئاسي جان عبيد.
ومن الاتصالات المهمة التي تلقاها الرئيس الحريري إتصال التعزية باستشهاد والده وعودته بالسلامة من المرشح الرئاسي النائب سليمان فرنجية، والذي وصفه الرئيس الحريري في خطابه بأنه «نقل في مقابلته التلفزيونية ما حدث من تفاهم في لقائهما في باريس».
وينتظر أن يكون للرئيس الحريري لقاء قريب مع الرئيس تمام سلام الذي لم يتمكّن من حضور احتفال «البيال» بسبب وجوده في «ميونيخ» لتمثيل لبنان في مؤتمر الأمن العالمي، لكنه رأى في بيان أصدره وهو هناك أن «الرؤية التي حملها رفيق الحريري للبنان يجب أن تكون نبراساً يهتدي به كل حريص على قيام مجتمع لبناني تسوده قيم الاعتدال والتعايش الرحب والسلم الأهلي»، وشدّ على أيدي حامل الأمانة الرئيس سعد الحريري، مؤكداً أن لبنان لن ينسى من جعله هاجسه الأول والأخير، ودفع حياته في سبيله.
الخطاب المفصلي
من إحياء المناسبة الجامعة، واكتمال عقد 14 آذار في حضور الرئيس أمين الجميّل ونجله رئيس حزب الكتائب سامي الجميّل والدكتور سمير جعجع وأركان 14 آذار، الذين ناداهم الرئيس الحريري بعد الفراغ من خطابه الذي استغرق 45 دقيقة إلى المنصة لأخذ صورة جامعة تأكيداً على وحدة 14 آذار، وتمسّك تيّار «المستقبل» بهذه الحركة التاريخية العزيزة على قلب رئيسه، إلى إطلاق دينامية جديدة، وفتح الباب على مصراعيه لإنهاء الشغور الرئاسي، والتأكيد على الثوابت بتفعيل عمل الحكومة والمجلس النيابي ودعم المؤسسات الشرعية والدستورية والأمنية والعسكرية.
ووصفت مصادر سياسية محايدة خطاب الحريري بأنه كان خطاباً مفصلياً، امتنع فيه عن الشعبوية والتعبئة السياسية أو المذهبية، متوقفة عند مفاصل رئيسية اختلط أمرها في الأسابيع والأشهر الماضية، وكادت تشوّش عقول اللبنانيين، بعدما أدخلت 14 آذار في مناخات غير مستقرة، وكادت أن تقلب الحقائق فتصوّر 14 آذار وتيار «المستقبل» بأنها المسؤولة عن الفراغ الرئاسي، وهذا مجافٍ للحقيقة.
أما المفاصل التي توقفت عندها المصادر، في خطاب الحريري فهي:
1- التأكيد على وحدة النهج بين خط الرئيس الشهيد والتيار الذي أسسه وعلى رأسه الرئيس الحريري، منطلقاً من «على نهجك مستمرون يا أبا بهاء ولو كره الكارهون»، لينتهي إلى «أن أحداً لن يتمكّن من السطو على الجمهورية اللبنانية لا بترهيب السلاح (في إشارة إلى حزب الله) ولا لإرهاب التطرّف (في إشارة إلى الجماعات الإرهابية) ولا بمخالفة الدستور (في إشارة إلى تعطيل جلسات انتخاب الرئيس) ولا بالأحكام العسكرية الزائفة (في إشارة إلى أحكام المحكمة العسكرية وآخرها ميشال سماحة).
2- تحميل «حزب الله» معظم الموبقات: «فلتان السلاح، حماية المجرمين والهاربين من العدالة، تعطيل المؤسسات، تبرير الشغور الرئاسي، إسقاط إعلان بعبدا، وتقمّص أدوار الدول العظمى بتجنيد آلاف الشبان للتورّط في الحرب السورية».
3- امتلك الرئيس الحريري الشجاعة واعترف أن طاولة الحوار ليست قادرة على سحب «حزب الله» من صراعات المنطقة العسكرية، فناشد «أهل العقل والحكمة والوطنية في الطائفة الشيعية تفكيك الألغام التي تُهدّد سلامة العيش المشترك».
4- بالشجاعة والصراحة ذاتها، قدّم جردة حساب لمسار المبادرات الرئاسية من ترشيح جعجع إلى ترشيح فرنجية. وبالقياس المنطقي، اعتبر أن خلفية هذه المبادرات كانت أن «الفراغ كارثة»، داعماً وجهة هذا التفكير بإجراء مقارنة بين لحظة انتهاء ولاية الرئيس ميشال سليمان واللحظة الحالية، وما حفلت به من تدهور في كل الحقول والمجالات.
5- قارب الرئيس الحريري اللقاء مع النائب فرنجية، متوقفاً عند: التفاهم بين الرجلين لإنهاء الفراغ الرئاسي، أي تبنّي ترشيحه للرئاسة الأولى، وخلط الأوراق الذي سببته هذه الخطوات وما ترتّب عليها من خطوات أهمها كانت المصالحة بين «القوات» و«التيار الوطني الحر» في 18 كانون الثاني الماضي.
6- وبالشجاعة والمصارحة التي شاء أن تكون سمة خطابه المفصلي، أو ما أسماه «بقّ البحصة»، داعب رئيس تيّار «المستقبل» حليفه جعجع بالقول: «يا ليتك أقدمت على هذه الخطوة قبل 28 عاماً لكم كنت وفّرت على المسيحيين».
7 - ردّ تهمة التعطيل بصورة جازمة وقاطعة إلى الذين يتمنعون عن حضور الجلسات، ولا يرون في الأمر عجلة (في إشارة إلى ما قاله السيّد حسن نصرالله في اطلالته التلفزيونية الاخيرة)، فهم «يقولون إما المستقبل يعلن أن الجنرال عون مرشحه أو أن الفراغ سيستمر»، واصفاً هذه المعادلة بأنها «لا تركب على قوس قزح.. وهم يغطون السموات بالقبوات ويعطون دروساً بالوفاء»، ولن نقبل بالتالي أن يحملنا أحد مسؤولية الفراغ، رافضاً كل مبررات المقاطعة والغياب عن الجلسات ومعزوفة الحق الدستوري والغياب.
8 - طمأن الرئيس الحريري شريكه في تفاهم باريس نائب زغرتا الذي شارك لأول مرّة في إحياء ذكرى الرئيس الشهيد بإيفاد ممثّل عنه هو الوزير روني عريجي، إلى انه عند التزامه، «وعندما نعطي التزاماً نسير فيه حتى النهاية».
ويتضمن هذا الموقف رسالة إلى النائب عون بأن لا حق لك علينا، فنحن لن نعطيك أي التزام، والتزمنا معك فقط على تشكيل الحكومة وقد تشكّلت.
وبعيداً من الثوابت المتعلقة بموقع تيّار «المستقبل» وسط حركة 14 آذار العابرة للطوائف والمناطق والمذاهب، والتي أسقطت الوصاية السورية ولم تقو عليها اي وساطة بديلة، كان لافتاً، على هامش الخطاب والاحتفال، لقاءات الود والمصافحات الحارة والقبل التي حصلت بين الرئيس الحريري وكل من وزير العدل اللواء أشرف ريفي، والنائب خالد الضاهر الذي حرص على الاقتراب من الرئيس الحريري لمصافحته والذي حرص بدوره على التوقف لمصافحة والد الشهيد اللواء وسام الحسن، فيما فتح الخطاب نفسه باب الحراك السياسي، حيث ان فريق 8 آذار، بدأ منذ ليل امس دراسة مضامين الخطاب ورسائله، وإن حملت إيماءتين أولويتين:
الأولى: موقف بالغ السلبية لحزب الله، عبّرت عنه قناة «المنار» بتجاهل خبر الاحتفال جملة وتفصيلاً في نشراتها الإخبارية.
والثانية: تشوش وقلق لدى التيار العوني ظهراً في التعاطي الإعلامي والسياسي، مع العلم أن قناة «او.تي.في» نقلت الخطاب، إلا أنها مررت بعض «اللطشات» في المعالجات المسائية أيضاً، وإن كان وزير التربية الياس بو صعب اعتبر إشارة الحريري إلى تبني بكركي للمرشحين الاقوياء الأربعة، وانطلاق الرئيس الحريري من ذلك لتسمية فرنجية «مؤشراً ايجابياً»، في حين لم ير عضو تكتل الإصلاح والتغيير النائب فريد الخازن أي موقف محدد من الرئاسة الأولى، وإنما فقط توصيفاً عاماً.