يواصل نواز شريف رئيس الوزراء الباكستاني جهوده الرامية إلى تخفيف التوتر في العلاقات الإيرانية السعودية قبيل عقد اجتماع وزراء خارجية منظمة المؤتمر الإسلامي في جدة والذي خُصّص للبحث في موضوع الهجوم إلى السفارة السعودية في طهران.

وبعد زيارته العاصمة السعودية الرياض ولقاءه الملك السعودي سلمان بن عبد العزيز ووزير الدفاع محمد بن سلمان، من أجل الوساطة بين الرياض وطهران، وصل نواز شريف يوم الثلاثاء إلى العاصمة الإيرانية حيث كان في استقباله وزير الدفاع الإيراني الجنرال حسين دهقان، والتقى شريف بالرئيس حسن روحاني ومعاونه الأول اسحاق جهانغيري، وكان رئيس الوزراء الباكستاني حاملاً لرسالة الملك سلمان إلى الرئيس الإيراني.

إن المملكة السعودية جمهورية إيران الإسلامية متفقتان على جدارة جمهورية باكستان الإسلامية للوساطة بينهما من أجل تخفيف التوتر أو تطبيع العلاقات وذلك لأسباب عدة: أولاً : إن من المعيب على البلدين الإسلاميتين إيران والسعودية أن يصل الصراع بينهما إلى نقطة تدفع البلدان الأوروبية للتوسط بينهما و لهذا يبدو إن توسط بلد إسلامية كباكستان مريح لهما.

ثانياً إن باكستان لم ترضخ حتى الآن لضغوط السعوديين من اجل الانضمام إلى التحالف ضد الحوثيين أو حملة قطع العلاقات السياسية التي شنتها السعودية بعد أن تعرضت سفارتها في طهران للهجوم والحرق من قبل محتجين على إعدام النمر، مما يجعل باكستان في موقع حيادي صالح للوساطة. ثالثاً: إن باكستان لن تستغني عن استمرارعلاقاتها السياسية والأمنية والتجارية مع إيران، كونها جارة وصديقة. فإن الشعب الباكستاني يكنّ احتراماً كبيراً للشعب الإيراني ولديهما تاريخ طويل من العلاقات الاقتصادية والثقافية، فضلاً عن أن 40 ميليون من سكان باكستان من الشيعة، ليس لمصلحة الحكومة خسارة ثقتهم وهم مرتبطون مع إيران دينياً وطائفياً.

ولهذه الأسباب يبدو إن محاولة السعوديين في جرّ باكستان إلى أي تحالف ضد إيران أو الشيعة لن تنجح، إذ إن باكستان ليست سودان أو صومال تغترّ بحوافز مالية تقدمها السعودية لهما كرشاوى لقطع العلاقات السياسية مع إيران. وبالرغم من أن سلطنة عمان أيضاً صالحة للتوسط بين إيران والسعودية والإيرانيون لديهم خبرة وتجارب ناجحة جداً معهم وأهمها المفاوضات النووية مع الدول 5+1 التي تمّت بالوساطة العمانية، إلا أن السعودية لا تحبذ عمان ولا ثثق بها والدليل هو التزامها السرية المطلقة أثناء المفاوضات النووية بين إيران وبين الدول الست.

جاءت زيارة رئيس الوزراء الباكستاني إلى كل من الرياض وطهران في وقت مناسب حيث إن نتائج هاتين الزيارتين ستلقي بظلالها على اجتماع المؤتمر الإسلامي في السعودية وستساهم في تحفيف التوتر وتجنيب التصعيد. وأخيراً إن إيران والسهودية مضطرتان لتحكيم لغة العقل والمنطق على علاقاتهما وتجنب التوتر فيما بينهما حيث إن نجاح أي منهما حتى في النطاق الداخلي رهن على تحسن العلاقات مع الآخر، فضلاً عن المجال الإقليمي.

وأخيراً ينبغي للسعوديين تجنب لغة الاستفزاز وشنّ حملة دبلوماسية ضد إيران والكف عن الأساليب غير الدبلوماسية إدارة الأزمات، فإن السفارة السعودية ليست أولى السفارات في العالم تعرضت للهجوم. فعلى سبيل المثال تعرضت السفارة الايرانية في لندن في بداية الثمانينيات إلى الهجوم العسكري والاحتلال مما أدى إلى مقتل موظف في السفارة. 

الهجوم للسفارة السعودية كان خطيئة كبيرة ارتكبها عناصر غير منضبطة تم إلقاء القبض على عدد كبير منهم وتسليمهم للقضاء ويجب أن تُنهي السعودية استثمارها هذا الهجوم لتغطية إعدام مدنيين مطالبين بالحرية وعلى راسهم الشيخ النمر.