14 آذار في الشارع إستنكارا للإفراج عن سماحة ومحاولة لاستعادة حضورها الغائب

 

السفير :

صفقة الهبة السعودية للجيش اللبناني عن طريق فرنسا في الطريق الى التحقق. المفاوضات انتهت، الاتفاقات مع شركات التصنيع أُبرمت، بل إن عدداً منها تلقت الدفعات الأولى لإطلاق عمليات التصنيع واحترام رزنامة التسليم، والأرجح أن يختم الشهر الحالي على اكتمال الصفقات والاتفاقات، ودفع المقدم مع الشركات كافة، على أن تسلم الدفعة الثانية في الربيع المقبل، وتتضمن ألبسة عسكرية وأجهزة اتصال حسب مصادر فرنسية.
الأسئلة كثيرة إزاء صفقة هي الأولى من نوعها في تاريخ الجيش اللبناني منذ الاستقلال حتى الآن. ففي سياق أية استراتيجية دفاعية تندرج، أو بسؤال أوضح، هل هدف «الأوصياء» هو مواجهة الخطر الإرهابي او الإسرائيلي أم «الخطر الإيراني»، وأية أولويات تعكس هذه الخيارات التسلحية، وهل كان بالإمكان أفضل مما كان؟
الإجابات متعددة، لكنها تفضي إلى «لا» كبيرة. فالواهب السعودي كبّل اللبنانيين بشروطه، واضعاً القرار السيادي اللبناني بيده، وفي خدمة حساباته الإقليمية، وعلى رأسها محاصرة «حزب الله» داخلياً، وإجباره على الانكفاء من سوريا، نحو لبنان، بأي ثمن.
لم يترك الواهب السعودي للبنانيين سوى حرية اختيار لائحة المشتريات المرتفعة الثمن مقارنة بما تعرضه أسواق الأسلحة، بلا انسجام بين مكوناتها، فضلاً عن عدم استجابتها للنقاش المستمر في لبنان حول الاستراتيجية الدفاعية منذ العام 2006 حتى الآن، حتى صح القول إن اللبنانيين كانوا محكومين بالذهاب الى سوق التسلح الفرنسي وحده، تحت سقف الخيارات السعودية، التي حوّلت الهبة الى هدية للفرنسيين عبر شراء أسلحتهم، أكثر مما هي هبة تلبي احتياجات المؤسسة العسكرية. ذلك أن البعد الآخر للهبة، يندرج أيضاً في إطار حرص السعودية على مكافأة الديبلوماسية الفرنسية، بصفقات السلاح، على خدماتها الكثيرة في التشدد خلال مفاوضات الملف النووي الإيراني، والتحالف من دون شروط في مواجهة الرئيس السوري بشار الأسد.
ولقد خيّمت «عقيدة التسلح» على مسيرة هذه الهبة، منذ السؤال الذي وجهه الملك السعودي الراحل عبدالله بن عبد العزيز لضيفه الرئيس اللبناني السابق ميشال سليمان في خريف العام 2013، «لماذا لا يمنع الجيش اللبناني «حزب الله» من تجاوز الحدود اللبنانية (اعتراضاً على تدخل الحزب في سوريا)، ليتولى سعد الحريري شرح قلة حيلة الجيش اللبناني، وهو ما دفع الملك الراحل إلى إصدار أمر ملكي بمنح مكرمة الـ 3 مليارات دولار من الأسلحة الفرنسية حصراً، حتى يتمكن جيش لبنان من الوقوف مستقبلاً في وجه «حزب الله»!
وكان بديهياً أن تكون الأهداف التسلحية للهبة انعكاساً لمزاج ملكي عدائي لإيران وأذرعتها الإقليمية، وأبرزها «حزب الله»، لأن القرار السياسي بالتسلح، وليس التمويل فحسب، بقي سعودياً إلى حد كبير، بدليل أن الهبة لم تستقر، بعد تعرجات وتعقيدات كثيرة، إلا بعد إعادة صياغتها من قبل فريق ولي ولي العهد الأمير محمد بن سلمان.. ودائماً بعد محاولة تبديد الهاجس الأكبر: التحكم ما أمكن بمستقبل هذه الأسلحة حتى بعد شرائها وتخزينها، وتسليمها إلى الجيش اللبناني.
وليس قليلاً أن يحصل السعوديون على ضمانات بتعطيل ما يمكن تعطيله عن بعد للمعدات، من دون أن يكون للبنانيين كلمتهم بالمناسبة، وهو ما يرهن للمرة الأولى جزءاً من الدفاع الوطني والقرار السيادي اللبناني لكبسة زر الحسابات الإقليمية السعودية، التي قد تتسع لتشمل أطرافاً أخرى ولا تتوقف عند «حزب الله». ولا توجد أي ضمانات بألا يطلب السعوديون تعطيل أي جزء من الأسلحة، مهما تدنت أهميتها، إذا ما تطلبت مصالحهم أو التطورات الإقليمية ذلك، ما يضع مفاتيح كل ما يحصل عليه الجيش بيد الواهب السعودي و «المفبرك» الفرنسي!
الخيارات التسلحية لا تحدد عدواً واضحاً ولا تعكس عقيدة متكاملة، ولا تستجيب إلا إلى همّ واحد: تجهيز الجيش كيفما اتُفق وبمكونات متناقضة الاستخدام والأهداف. فالجيش اللبناني لم يتسلم أية أسلحة هجومية، لا جواً ولا براً ولا حتى بحراً برغم أن الزوارق الثلاثة التي ستصنعها شركة اسكندر صفا («النورماندي») هي زوارق هجومية في الأصل، قبل ان يتم تعديلها، ونزع صواريخها، وتزويدها بمدافع 75 ملم و30 ملم. وهذا السلاح هو الوحيد الهجومي في الصفقة، لكن ليس مفهوماً تماماً كيف سيتم شراء 3 قوارب هجومية «كومباتينت اف اس 46»، بـ 200 مليون يورو، على أن تكون قادرة على تغطية جبهة البحر المتوسط بمدى 2600 ميل بحري، فهل يضع الجيش اللبناني احتمال شن حروب بحرية بهذا الاتساع؟
كما أن هذه الزوارق قادرة على تنفيذ هجمات بحرية سريعة وتتمتع بمزايا خفية وبضآلة بصْمَتها الرادارية، فلماذا يوافق لبنان على نزع تسليحها وهو ميزة تفوّقها، أي الصواريخ المخصصة لحماية الزوارق نفسها، الأمر الذي يهدد بتحويلها الى مجرد زوارق مكلفة.. للسباق البحري!.
إن هذه الزوارق التي جرى تصميمها في العام 2013 لم تجد مشترياً آخر غير لبنان حتى الآن، فما هو الدافع لشرائها برغم عدم تناسبها مع أهداف البحرية اللبنانية، وأبرزها غياب البنى التحتية للصيانة، وحاجتها إلى أحواض جافة غير متوفرة حالياً في القواعد العسكرية في لبنان.
الجواب أنه لم يجر استخلاص دروس حرب تموز لبنانياً، بقدر ما جرى استخلاصها إسرائيلياً، خصوصاً في ما يتعلق بالشواطئ وحمايتها، ففي 14 تموز 2006 دمر صاروخ «سي 802» (مداه 40 كلم) سفينة «حانيت»(طراز ساعر 5) الإسرائيلية قبالة بيروت، لتثبت المقاومة أنه بوسع صاروخ فعّال، وقليل الكلفة، أن يدمر سفينة حديثة وعالية الكلفة. وإذا كان صحيحاً أن المقاومة باتت تملك صواريخ «ياخونت» اليوم، كما تروّج إسرائيل، فالأرجح أن هذه الصواريخ التي يبلغ مداها 300 كلم، تشكل أحد الخيارات التي كان يمكن اللجوء إليها.
الرادارات التي سيتسلمها الجيش اللبناني لن تكون متزاوجة مع نظام دفاعي صاروخي، والمروحيات السبع التي ستحملها الصفقة، برغم تعدد مهامها مبدئياً، إلا أنها لن تكون أكثر من مروحيات لنقل الجنود (من 10 الى 20). وينبغي أيضاً مقارنة ما حصل عليه الجيش اللبناني من معدات، وما حصلت عليه جيوش دول أخرى، تشبهه حجماً ودوراً، كتونس مثلاً، من أجل محاولة فهم طبيعة صفقة المروحيات، وكيف تم التفاوض حولها، وينبغي النظر الى خيارات لبنان التسلحية من زاوية ما اشتراه الآخرون من أسلحة تستجيب لعمليات الدفاع، أو الهجوم، بشكل أفضل، ودائماً على قاعدة أولوية عنصر السيادة الوطنية.
فهل كان من الممكن، لو كان قرار الشراء لبنانياً، الحصول على تجانس في المعدات والوظيفة؟ الجواب نعم، وهذه بعض المقارنات على سبيل المثال لا الحصر.
لبنان يتسلم سبع مروحيات «غوجر» التي بلغ سعرها 350 مليون يورو، ومن المنتظر ان تستمر في الخدمة من 20 الى 30 سنة تبعاً لصيانتها.عند المقارنة، يتبين أن تونس اشترت بالسعر نفسه «سوبر غوجر» (300 مليون يورو)، لقاء ست مروحيات لنموذج أكثر تطوراً، بدأ تصنيعه في العام 2005، وهو قادر على حمل 28 جندياً ويحتوي على تقنيات أكثر تقدماً. العراق تعاقد على شراء 15 نموذجاً من المروحيات الروسية الناقلة للجند والمتعددة المهام بكلفة 15 مليون دولار للمروحية الواحدة، وهي تنقل 27 جندياً وصواريخ موجهة وحمولة 9 أطنان مقابل نصف الحمولة في «غوجر». وتستخدم مصر نماذج من الناقلات الروسية منذ السبعينيات، أي أن هذه المروحيات لا تزال في الخدمة منذ 45 عاماً، مع مواصلة الجيش المصري توفير صيانة عالية المستوى لأسطوله الروسي من هذه الطائرات.
الجيش اللبناني سيحصل على مئة عربة «شيربا» لنقل الجند مزودة بمدافع رشاشة من عيار 12.7 ملم. البرازيل، الهند، مصر، تشيلي تعاقدت أيضاً على شرائها. العربة الفرنسية نسخة مُحسّنة عن «هامفي» الأميركية وتكلف الواحدة منها مليون يورو. النسخة الأميركية الأقرب إليها هي «أوشكوش» وتكلف 470 ألف دولار، وتتفوق عليها بتصفيحها من الأسفل، ومقاومتها للعبوات الناسفة والألغام. هذه العربة استخدمتها دولة الإمارات على نطاق واسع في اليمن، وتعاقدت إسرائيل على شرائها ولجأ إليها الجيش المصري لقمع تظاهرات ميدان التحرير قبل خمس سنوات.

النهار :

اذا كانت ساحة ساسين في الاشرفية عاشت مساء أمس مشهدا يختصر حجم الاحتقانات الحادة التي أثارها قرار محكمة التمييز العسكرية بتخلية الوزير السابق ميشال سماحة وخصوصا على الصعيدين السياسي والشعبي، فان استمرار عاصفة الاصداء السلبية حيال هذه الخطوة رسم مزيدا من الارباكات على مجمل الوضع الداخلي وخصوصا بعدما توغلت الحملة المتصاعدة على القضاء العسكري نحو خطوات تنفيذية يزمع فريق 14 آذار الشروع فيها. وقالت مصادر بارزة في قوى 14 آذار التي نفذت هيئاتها الشبابية والطالبية اعتصاما حاشدا مساء أمس في ساحة ساسين قبالة منزل سماحة، ان هذا "الخطأ الفادح" الذي ارتكب بتخلية سماحة شكل انذارا متقدما لقوى 14 آذار وحليفها في هذه المواجهة الحزب التقدمي الاشتراكي من محاولات استغلال لحظة سياسية شديدة الالتباس والحساسية تتعلق بالازمة الرئاسية لتمرير أمور باتت من معالم اعادة ربط لبنان بالنظام السوري وانعاشه واظهاره مجددا مظهر القادر على التأثير في المجريات اللبنانية. وأشارت الى ان هذا الامر الذي جاء بعد الخطأ الاول الخطير الذي ارتكب الاسبوع الماضي بخروج لبنان عن الاجماع العربي في القاهرة أدى الى استنفار سياسي استثنائي لقوى 14 آذار التي تدرك تماما ان رهان خصومها على التباينات الداخلية بين بعض مكوناتها قد تضخم أخيرا الى درجة توظيف هذه التباينات في اختراقات مرفوضة كتلك التي كشفتها خطوة تخلية سماحة والتي تدرجها قوى 14 آذار في اطار الواقع المرفوض للمحكمة العسكرية من الناحيتين القضائية والسياسية. ولذا فإن قرارا سياسيا واضحا اتخذته هذه القوى وترجمته أمس التنظيمات الشبابية باعادة شد عصب قواها لمواجهة هذا الاختلال الكبير من جهة والرد بما يلزم من وسائل سياسية وقانونية وسلمية على "تشريع الجريمة" الذي حصل مع تخلية سماحة.
والواقع ان عاصفة الردود على تخلية سماحة اتسعت في يومها الثاني أمس، فتواصلت مظاهر الاحتجاج من خلال اضراب السجناء الاسلاميين وغيرهم في سجن رومية عن الطعام واقفالهم أبواب الزنزانات احتجاجا على ذلك مطالبين بالمعاملة بالمثل. كما نفذ أهالي السجناء في طرابلس اعتصاما في باحة المسجد المنصوري الكبير احتجاجا على اطلاق سماحة.واعلن النائب خالد الضاهر انه سيدعي على سماحة بجرم محاولة قتله ورجال دين في الشمال وزرع الفتنة بين اللبنانيين. أما اعتصام الهيئات الشبابية لقوى 14 آذار والحزب التقدمي الاشتراكي في الاشرفية فشهد حملة عنيفة على المحكمة العسكرية ورفضا لوجود سماحة في الاشرفية وتردد انه غادر المنطقة منذ الصباح.
وبرزت على الصعيد الرسمي خطوة رئيس الوزراء تمام سلام الذي استوضح المدعي العام التمييزي القاضي سمير حمود بصفته نائبا لرئيس مجلس القضاء الاعلى القاضي جان فهد الموجود خارج لبنان طبيعة القرار الذي أصدرته محكمة التمييز العسكرية بتخلية سماحة وطالب رئاسة مجلس القضاء الاعلى بالقيام بما يلزم للتعجيل في محاكمة سماحة الجارية "احقاقا للحق أولا ونظرا إلى حساسية الملف واهميته باعتباره يتعلق بقضية تمس بالأمن القومي". وشدد على انه "يتطلع الى سلطة قضائية لا تنحني الا لقوة الحق ولا تعمل الا لخدمة العدالة".

ريفي
وعلمت "النهار" ان وزير العدل أشرف ريفي سيقدم في مهلة أقصاها بعد غد الاثنين طلبا الى مجلس الوزراء لتحويل محاكمة سماحة الى المجلس العدلي، كما سيقدم الى مجلس الوزراء مشروع القانون الذي أعده بإلغاء المحاكم الاستثنائية والذي يلحظ إنشاء محاكم ودوائر قضائية متخصصة بجرائم الارهاب وبعض الجرائم المهمّة. ويتضمن المشروع أيضا تعديلا لصلاحيات المحكمة العسكرية لكي تقتصر على محاكمة العسكريين وحدهم بما يمنع محاكمة أي مدني أمامها.
على صعيد مواز، علمت "النهار" ان هناك إتجاها داخل قوى 14 آذار الى إعتماد مشروع ريفي وتقديمه كإقتراح قانون إلى مجلس النواب مقترنا بتواقيع 10 نواب يمثلون مختلف الكتل النيابية لهذه القوى.

 

مجلس الوزراء
على صعيد آخر، علمت "النهار" ان مجلس الوزراء سيعود الى الانعقاد بعد أسبوعيّن لإرتباط الرئيس سلام بالسفر الى بروكسيل ومنتدى دافوس في سويسرا الاسبوع المقبل. وقد رأس مساء أمس الاجتماع الثاني للجنة الوزارية خلال أيام للتحضير لمؤتمر المانحين الدوليين للاجئين السوريين في لندن في 4 شباط المقبل. وقد عكف أعضاء اللجنة على مراجعة ورقة العمل التي سيحملها سلام الى المؤتمر في ضوء تلقيه معطيات من الجانب البريطاني راعي المؤتمر تفيد أن لبنان يمكنه الحصول على هبات من الدول المانحة تمكّنه من تحمّل أعباء اللاجئين. من هنا سيقدّم لبنان الى المؤتمر ستة مشاريع نموذجية تفيد هذا الغرض وتغطي عددا من القطاعات الحيوية.
على صعيد متصل، أبلغت مصادر وزارية "النهار" ان رئيس الوزراء ووزير الزراعة المكلف ملف ترحيل النفايات أكرم شهيّب أبديا تفاؤلا بقرب توقيع العقد مع الشركة الانكليزية التي ستتولى الترحيل وسط معلومات ان التوقيع النهائي مع مجلس الانماء والاعمار سيتم في غضون 24 ساعة.
كما علمت "النهار" ان إتصالات جارية بين رئيس مجلس النواب نبيه بري ووزير الدفاع سمير مقبل وقائد الجيش العماد جان قهوجي من أجل إيجاد مخرج لتعيين ثلاثة عمداء في المجلس العسكري بما يمهد لنصاب كامل في الجلسة المقبلة لمجلس الوزراء.

 

المستقبل :

غداة الخميس الأسود المشؤوم قضائياً ووطنياً، ومن أمام منزل المجرم الأسدي المدان صوتاً وصورة بالتحضير لتفجير صواعق القتل والفتنة بالتآمر مع نظام الأسد وبالائتمار لأعوانه المجرمين، تواصلت التحركات الوطنية المنددة بقرار المحكمة العسكرية تخلية سبيل ميشال سماحة على الرغم من هول المؤامرة الفتنوية الدنيئة التي اقترفها بالتواطؤ مع أربابه الممانعين. وبينما شهد نهار أمس سلسلة احتجاجات ميدانية عمد خلالها الأهالي إلى قطع الطرق في عدد من مناطق العاصمة والشمال والبقاع تنديداً بالقرار المشبوه، أشعلت المحكمة العسكرية بقرارها المنحاز للإرهاب ومجرميه فورة غضب كذلك في صفوف الموقوفين الإسلاميين في سجن روميه فباشروا إضراباً عن الطعام والماء والدواء مطالبين بعفو عام عن جميع السجناء أسوةً بإخلاء سماحة. أما مساءً فقالت «الأشرفية» كلمتها رفضاً لإيواء مجرم الأسد بين أحيائها وفق ما عبّرت الكلمات واليافطات الكتائبية والقواتية باسم المنطقة خلال اعتصام المنظمات الشبابية في «تيار المستقبل» وسائر أحزاب وقوى 14 آذار و«الحزب التقدمي الاشتراكي» أمام منزل سماحة.
في الأثناء، وتوكيداً على «أول الغيث» الذي وعد به الرئيس سعد الحريري رداً على «الهرطقة القانونية»، كشف وزير العدل أشرف ريفي لـ«المستقبل» أنه سلّم أمس رئيس كتلة «المستقبل» النيابية الرئيس فؤاد السنيورة نسخة عن مشروع اقتراح بديل عن المحكمة العسكرية تمهيداً لرفعه إلى مجلس الوزراء، موضحاً أنّ «مشروع القانون المقترح ينصّ على إنشاء محاكم ودوائر قضائية متخصصة بدلاً من المحكمة العسكرية تشمل محاكمة على درجتين كما هو الحال في الدول المتقدمة بشكل يراعي حقوق الإنسان والعدالة»، مع إشارته إلى أنّ «هذه المحاكم تُعنى بمحاكمة الإرهابيين والمتهمين بالجرائم الهامة كتجارة السلاح والإتجار بالبشر وتبييض الأموال». ورداً على سؤال، أجاب: «إذا تمت عرقلة المشروع في مجلس الوزراء فسيتقدم به 10 نواب كاقتراح قانون إلى المجلس النيابي لإقراره».
وبالتوازي، أكد ريفي أنه أعطى أمس تعليماته «لتحضير كتاب مخصص لرفع قضية سماحة إلى المجلس العدلي بهدف إعادة محاكمته مع كل المشاركين معه في الجريمة من قبل قضاة يثق بهم الشعب اللبناني»، مشيراً إلى أنّ كتاب الإحالة إلى المجلس العدلي سيتم رفعه قريباً إلى مجلس الوزراء لمناقشته واتخاذ القرار بشأنه.
وفي معرض تشكيكه بعدالة المحكمة العسكرية، قال ريفي: «فقدتُ الثقة بهذه المحكمة منذ زمن لأنها بدل أن تكافح الإرهاب أصبحت تكافئ الإرهاب من خلال انحيازها وعدم مساواتها بين اللبنانيين الذين تبحث مع بعضهم كيف ترمي مواد قانونية على أكتافهم بينما تبحث مع البعض الآخر عن كافة أسباب التخفيف والتبرير وكأنّ هناك إجراماً حميداً وإجراماً خبيثاً سرطانياً».
سلام لتسريع المحاكمة
وأمس، استقبل رئيس مجلس الوزراء تمام سلام المدعي العام التمييزي القاضي سمير حمود بصفته نائباً لرئيس مجلس القضاء الأعلى القاضي جان فهد الموجود خارج لبنان، واستوضح منه طبيعة القرار الذي صدر عن محكمة التمييز العسكرية القاضي بتخلية سبيل سماحة، طالباً من رئاسة المجلس «القيام بما يلزم لتسريع المحاكمة الجارية تمهيداً لإصدار حكمها النهائي في هذه الدعوى»، من منطلق التشديد على وجوب «إحقاق الحق أولاً» مع الأخذ في الاعتبار «أهمية الملف وحساسيته باعتباره يتعلق بقضية تمس الأمن القومي لبلد خاض وما زال يخوض معركة مع إرهاب متعدد الأشكال يستهدف استقراره ونسيجه الاجتماعي ووجهه الديموقراطي».

14 آذار و«الاشتراكي»
وكانت المنظمات الشبابية لقوى 14 آذار و«الحزب التقدمي الاشتراكي» قد نفذت اعتصاماً حاشداً انطلاقاً من ساحة ساسين باتجاه محيط المبنى الذي يقطنه المجرم سماحة في الأشرفية حيث رُفعت لافتات قواتية كُتب عليها: «أخرج من الأشرفية عرين الأبطال»، بينما طالب النائب نديم الجميل بشطب اسم سماحة من لوائح عضوية حزب الكتائب القديمة، في حين وصفته الإعلامية مي شدياق بأنه «خائن ترفضه الأشرفية» لافتةً الانتباه إلى أنّ بعض المتفجرات التي أحضرها من سوريا لتفجيرها في لبنان واغتيال شخصيات بها إنما هي من النوعية نفسها التي سبق واستخدُمت في محاولة اغتيالها وفي عملية اغتيال الشهيد جورج حاوي.
وإثر انتهاء الكلمات التي تخللت الاعتصام مطالبةً بإلغاء المحكمة العسكرية ورافضةً عودة فلول نظام الوصاية، وهو ما تناوب على تأكيده كل من رئيس «حزب اليسار الديمقراطي» النائب السابق الياس عطا الله وأمين السر العام في «الحزب الاشتراكي» ظافر ناصر بالإضافة إلى منسق قطاع الشباب في «تيار المستقبل» وسام شبلي ورئيس مصلحة الطلاب في «القوات» جاد دميان ورئيس مصلحة طلاب «الكتائب» رالف صهيون ورئيس منظمة طلاب «الوطنيين الأحرار» سيمون درغام وأمين عام منظمة «الشباب التقدمي» أحمد مهدي، دعت المنظمات الشبابية في 14 آذار في نهاية تحركها أمام منزل سماحة إلى الاعتصام في السادسة من مساء بعد غد الاثنين في طرابلس احتجاجاً على إخلاء سبيل المجرم سماحة، ثم توجّه المعتصمون إلى موقع اغتيال اللواء الشهيد وسام الحسن حيث تم وضع الورود في المكان تكريماً لإنجازاته الوطنية والسيادية ولتفانيه حتى الشهادة في مكافحة شبكات العمالة والإرهاب والإجرام المنظم. 

الديار :

تبين ان التفاهم الذي حصل بين العماد ميشال عون وحزب الله هو الاقوى وهو الاثبت ولم يتغير رغم 10 سنوات مرت عليه، وقد تجاوز كل المحن والمشاكل والامتحانات، واهمها معركة رئاسة الجمهورية حيث كان الجميع يراهن على ان حزب الله سيصل الى نقطة يضطر فيها التخلي عن عون لكن حزب الله لم يتخل عن عون رغم ان حليفه الوزير سليمان فرنجية وحليف سوريا رُشح لرئاسة الجمهورية ومع ذلك بقي حزب الله الى جانب عون ملتزما تأييد عون دون اي تغيير.
وتقول مصادر قريبة من اجواء حزب الله ان العرض الذي قدمه الوزير فرنجية عن اجتماعه بالرئيس الحريري وكيفية التفاهم على التعيينات وعلى تشكيل الحكومة وعلى رئاسة الحريري للحكومة، اظهر ان الوزير سليمان فرنجية وقع في سرعة بين ايدي الرئيس سعد الحريري وهو ما لم يعجب حزب الله ورأى ان الوزير فرنجية تسرع في خطواته وكان عليه العودة الى حركة 8 اذار للبحث في اعادة الرئيس سعد الحريري لرئاسة الحكومة، وفي البحث في قانون الانتخابات وغيرها، واعتبرت هذه المصادر القريبة من اجواء حزب الله ان الوزير سليمان فرنجية اعطى الرئيس سعد الحريري اكثر مما يلزم، وانه اعطى السعودية في تصريحاته في المقابلة التلفزيونية اكثر مما تستأهل، وبالتالي ليست هذه هي سياسة 8 اذار التي ينطلق منها الوزير سليمان فرنجية. لذلك احجم حزب الله عن دعم الوزير سليمان فرنجية وفي كل الاحوال حزب الله مصر على الاستمرار بدعم العماد ميشال عون، لان المسألة هي مسألة مواجهة 14 اذار ومواجهة الجهات السياسية التي تطالب بنزع سلاح المقاومة او هي معادية لموقف المقاومة سواء من ناحية السلاح ام من ناحية القتال في سوريا، وموقف حزب الله في المقاومة والممانعة. وان حزب الله لا يرى اي فائدة الا في تأمين الاستقرار والامان في لبنان في الدخول في الحكومة مع 14 اذار، الا انه سياسياً لا يرى اي فائدة من 14 اذار، لانها سعودية الهوى، اميركية النزعة، وستبقى معادية لسلاح حزب الله، كما كانت منذ عام 2000 وحتى الان.
وبالتالي لا فائدة من عودة الرئيس سعد الحريري الى رئاسة الحكومة، ولا الى الاتفاق معه كما يريد الوزير سليمان فرنجية، ولا اعطاء الرئيس سعد الحريري حجم اختيار رئيس جمهورية لبنان، وهذا ما لا يقبل به العماد ميشال عون وما لا يقبل به حزب الله بشكل كامل، وبالتالي فان ترشيح الوزير سليمان فرنجية على مستوى حزب الله والعماد ميشال عون مغلق كلياً، هذا اضافة الى تقارب الدكتور سمير جعجع من العماد ميشال عون وقراره بأنه سيرشح العماد ميشال عون اذا رشح الرئيس سعد الحريري الوزير سليمان فرنجية، وقال في شرحه للاعلاميين في جهاز التواصل في القوات اللبنانية، انه بين الوزير فرنجية والعماد عون اختار العماد عون لان العماد عون حليف حزب الله وحليف سوريا، بينما الوزير سليمان فرنجية هو ابن المدرسة السورية وابن مدرسة حزب الله، وخاصة ابن المدرسة السورية وآل الاسد ولذلك فهو يفضل الحليف العماد ميشال عون مع سوريا وحزب الله على ابن المدرسة السورية مع حزب الله.
لقد اثبت تحالف عون - حزب الله انه الاثبت والاقوى وانه لا يتغير كما تغير تحالف جعجع - الحريري او تغيرت قوى كثيرة في تحالفاتها، وانه لا يكون في الوسط تارة وتارة اخرى يكون في الطرف كما يلعب ورقته الوزير وليد جنبلاط، بل التحالف ثابت ولا يتغير ولذلك ادى الى نتائج هامة في السياسة اللبنانية. وهو صاحب الورقة الكبرى في انتخابات رئاسة الجمهورية ولن يعطي هذه الورقة الى الرئيس سعد الحريري مهما كلف الامر. ومع ان الرئيس سعد الحريري اخذ موافقة ملك السعودية على ترشيح الوزير فرنجية واتصلت السعودية بفرنسا واميركا وطلبت منهما دعم هذا الترشيح، فقام الرئيس الفرنسي هولاند بالاتصال لمدة ربع ساعة بالوزير سليمان فرنجية بعد اعلان ترشيحه، وهو امر يعطي اشارة كاملة الى ان القوى الدولية تؤيد ترشيح الوزير فرنجية، لكن وقوف حزب الله الى جانب العماد ميشال عون، اضافة الى وقوف الدكتور سمير جعجع الى جانب العماد ميشال عون عطل القرار السعودي وعطل الدعم الدولي للوزير سليمان فرنجية، وادى الى تجميد انتخابات الرئاسة الى أجل غير معروف.


وتبين ان الرئيس سعد الحريري ضائع، ولا يعرف ان كان عليه ترشيح الوزير سليمان فرنجية علنا، ام يبقى ساكتا كما يتصرف حاليا، بالخجل، وهو تلقى ضربة قوية من الدكتور سمير جعجع في تقارب الدكتور جعجع مع العماد ميشال عون وتلقى ضربة قوية من قوة تحالف حزب الله مع العماد عون وتأثير حزب الله على الرئيس بري الذي يؤيد الوزير فرنجية لكن بري لن يخرج عن تحالفه مع حزب الله ولن يسير ابدا عكس حزب الله بل سيؤيد العماد ميشال عون اذا قام حزب الله بتأييد عون وهو امر حاصل ذلك ان حزب الله اعلن اكثر من مرة انه ملتزم نهائيا بترشيح العماد ميشال عون، لا بل ان حزب الله يقول ان للعماد عون دين في رقبة حزب الله لن يوفيه اياها طوال عمره.
اما على صعيد السفراء الغربيين خاصة سفراء اميركا وفرنسا وروسيا وبريطانيا فقد التقوا مع بعضهم في جلسة رباعية وبحثوا الوضع في لبنان وانتخابات الرئاسة، وخرجوا بنتيجة الى ان انتخابات الرئاسة في لبنان لن تتم الا بعد انتهاء الحرب في سوريا، وان كل بحث في ترشيح اسم لرئاسة الجمهورية يتعرض للحرق ويتعرض للاستبعاد لان المرحلة ليست مرحلة انتخاب رئيس جمهورية، واكد السفير الاميركي ان واشنطن راغبة هي وفرنسا في استعجال انتخاب رئيس جمهورية، لكن الوضع في سوريا له الاولوية على الموضوع اللبناني، والدول الكبرى ليست منشغلة حالياً في ورقة رئاسة الجمهورية التي حاول الرئيس سعد الحريري وضعها على الطاولة، بل هي منصرفة الى امرين، الاول موقف الكونغرس الاميركي من الاتفاق النووي مع ايران، والثاني الموقف من سوريا وتحضير المفاوضات بين النظام والمعارضة التكفيرية. وبالتالي فان اجتماع جنيف - 3 هو الاساس الان لدى واشنطن وفرنسا وبقية الدول، وعندما يحين زمن انتخابات رئاسة لبنان، سوف تتدخل واشنطن مع موسكو وفرنسا وبريطانيا ويتم فرض رئيس جمهورية على لبنان وعلى الاطراف بالوسائل المتاحة، وهي الضغط المعنوي والسياسي على ايران والسعودية، والرئيس بشار الاسد، وبالتالي عندها يتم انتخاب رئيس جمهورية خلال 24 ساعة.

 

الجمهورية :

لا تزال قضية إطلاق الوزير السابق ميشال سماحة تستأثر باهتمام الساحة السياسية والقضائية، في ظلّ تصميم قوى «14 آذار» على إكمال المواجهة حتى النهاية، خصوصاً مع إعلان وزير العدل أشرف ريفي أنّه سيطلب من مجلس الوزراء إحالة الملف إلى المجلس العدلي، ونزولِها إلى الشارع أمس مع الحزب التقدمي الاشتراكي لتعلنَ من أمام منزل سماحة أنّ القضية «تتخطّى حدود «14 آذار» لتصلَ إلى حدود الوطن ومصيرِه»، في وقتٍ حرّكَ قرار إطلاق سماحة السجَناء الإسلاميين في سجن رومية، وتَردّد صداه في طرابلس. وفي حين يستنفر لبنان مختلف أجهزته لمواجهة الإرهاب وسط مخاوف أميركية «من الوضع الأمني أينما كان في العالم»، تتواصَل الاتصالات على المستوى الرئاسي على رغم تراجُع المشاورات العلنية في هذا السياق، وقد بَرز أمس موقف وزير «المردة» ريمون عريجي العائد من لقاء باريس بين الرئيس سعد الحريري ورئيس تيار «المردة» النائب سليمان فرنجية، أكّد فيه أنّ «النائب سليمان فرنجية لا يزال مرشّحاً لرئاسة الجمهورية». لم يسجَّل أمس أيّ جديد على جبهة الاستحقاق الرئاسي، وخطفَ الأضواءَ الحراك السياسي في الشارع، والذي تخوضه قوى 14 آذار وأفرقاء سياسيّون وسَطيون، ضدّ قرار المحكمة العسكرية بإطلاق الوزير السابق ميشال سماحة، وهو حراك مرشّح إلى التفاعل والاتّساع أكثر فأكثر في قابل الأيام.
المر وفتحعلي
لكنّ الاستحقاق الرئاسي والأوضاع في المنطقة حضرا أمس في لقاء نائب رئيس مجلس الوزراء السابق النائب ميشال المر مع سفير الجمهورية الإسلامية الإيرانية في لبنان محمد فتحعلي الذي زاره أمس في مكتبه في العمارة.
وخلال هذا اللقاء عرضَ المر وفتحعلي لمجمل التطورات التي تشهدها الأوضاع في لبنان والمنطقة، وتبادَلا وجهات النظر حول هذه التطوّرات، وكانت الآراء متّفقة على أهمية تعزيز الاستقرار في لبنان، وعلى ضرورة إنهاء الأزمة اللبنانية بدءاً بانتخاب رئيس جديد للجمهورية، وكذلك إنهاء الأزمات التي تَشهدها المنطقة لأنّ ذلك ينعكس إيجاباً على لبنان وكلّ دوَل المنطقة.
سماحة
إلى ذلك، ظلّ ملف إخلاء سبيل ميشال سماحة يتردّد في الأوساط السياسية والقضائية، بحيث استوضح رئيس الحكومة تمام سلام من المدعي العام التمييزي القاضي سمير حمود، بصفته نائباً لرئيس مجلس القضاء الأعلى القاضي جان فهد الموجود خارج لبنان، طبيعةَ القرار الذي صَدر عن محكمة التمييز العسكرية.
وطلبَ من رئاسة مجلس القضاء الأعلى «القيام بما يلزم لتسريع المحاكمة أمام محكمة التمييز العسكرية تمهيداً لإصدار حكمِها النهائي في هذه الدعوى، إحقاقاً للحقّ أوّلاً ونظراً لأهمّية الملف وحساسيته في اعتباره يتعلّق بقضية تمسّ الأمنَ القومي لبلدٍ خاضَ وما زال يخوض معركةً مع إرهاب متعدّد الأشكال يستهدف استقرارَه ونسيجَه الاجتماعي ووَجهه الديموقراطي».
ريفي
وفي المعلومات أنّ وزير العدل أشرف ريفي سيقدّم في مهلة أقصاها بعد غدٍ الاثنين إلى مجلس الوزراء طلباً بإحالة ملف سماحة إلى المجلس العدلي، كذلك سيقدّم مشروع القانون الذي أعَدّه والمتعلق بإنشاء محاكم ودوائر قضائية متخصّصة تعنى بمحاكمة جرائم الإرهاب وبعض الجرائم المهمة، والذي ينصّ على تعديل صلاحية المحكمة العسكرية فقط ويَمنع محاكمة أيّ مدني أمامها أسوةً بالدول المتقدمة في هذا المجال.
وفي هذا الإطار، أكّد ريفي لـ«الجمهورية»: «لن أتراجع حتى إحالة ملف سماحة الى المجلس العدلي، فهذه القضية ليست قضيتي فقط، بل قضية كرامة لبنان والعدالة في لبنان وأمانة حفظ دم الشهداء».
وفي هذه الأثناء، حرّكَ إطلاق سماحة السجَناء الإسلاميين في سجن رومية، وتَردّد هذا القرار عند أهاليهم في طرابلس التي شهدَت موجةً من الاستنكارات على إخلاء سبيله. وبدأ منذ منتصف ليل أمس الأوّل، عددٌ من السجناء في سجن رومية، ولا سيّما الإسلاميين منهم، إضراباً عن الطعام والماء والدواء، احتجاجاً.
واتّخذَت القوى الأمنية الاحتياطات كافة، ووُضِعت سيارات الإسعاف في حال تأهّب لنقلِ أيّ حال طارئة. وشهدَت طرابلس إقفالَ طرُق واحتجاجات، واعتصَم أهالي الموقوفين الإسلاميين بعد صلاة الجمعة في باحة المسجد المنصوري الكبير مستنكِرين إطلاقَ سماحة.
إلى ذلك، نظّمت المنظمات الشبابية لقوى «14 آذار» تجمُّعاً في ساحة ساسين - الأشرفية، وتوجّهَت إلى منزل سماحة وسط تدابير أمنية كثيفة، حيث هاجمَت الكلمات قرارَ الإخلاء، مؤكّدةً أنّه «في حال عجزَت السلطة المهترئة عن تصحيح خطأ المحكمة العسكرية، فالشعبُ اللبناني مطالَب باسترداد وكالتِه من القضاء وتصحيح صورته أمام العالم، فلا يجب أن يُقاصَص الشهيد البطل ويكافَأ المجرم».
موجة غضب
وقد أثار قرار إخلاء سماحة موجة غضبٍ داخل الجسم القضائي، وذهب البعض الى اعتباره فضيحةً، وسأل البعض الآخر عن غياب مجلس القضاء الأعلى عن ممارسة دوره، فيما طالبَ آخرون بتفتيش قضائي.
وقد سيطرَ الاستغراب وتساءلَ البعض كيف يمكن أن يُسجَن ناشط مثل بيار حشاش وآخرين 15 يوماً لأنه حاوَل إزالة الشريط الشائك في ساحة الشهداء، بينما يطلَق سماحة المتّهَم بنقل متفجّرات والتخطيط لتفجيرات تشعِل الفتنة.
وفي هذا السياق، أشار مصدر قضائي رفيع لـ«الجمهورية» إلى وجود مخالفات فاضحة في قرار محكمة التمييز العسكرية، وفَنّدها كالآتي:
أوّلاً: إنّ القرار معلّل بأنّ مدّة التوقيف انتهَت، لذلك أخلِي سبيله لمتابعة الإجراءات. لكن في الواقع هناك طعن قدَّمه مفوّض الحكومة لدى المحكمة العسكريّة الى محكمة التمييز بهدف إنزال عقوبة أقسى من التي حكَمت بها المحكمة العسكرية الدائمة في حكمها الأوّل، ومِن المفترض أن لا تُخليَ سبيل سماحة بل أن تزيد العقوبة أو تتركها كما هي، أي 4 سنوات أو 3 ونصف سنة جنائيّة.
ثانياً: إنّ قرار محكمة التمييز يخالف من جهة السبب الذي جرى فيه الطعن ومن جهة أخرى منطق القرار والطعن. وإنّ محاكم التمييز لا تنظر في الوقائع بل في القانون، أي في مدى صحّة تطبيق القانون، وهنا السؤال: هل هناك تشويه أو سهوٌ في تطبيق القانون أو سوء تعليل في تفسير النصوص القانونية؟
ثالثاً: هناك مخالفة إجرائية، إذ إنّ محكمة التمييز لم تتّبِع الأصول في معالجة ملف سماحة كونها محكمة قانون، وكان عليها قبول الطعن من مفوّض الحكومة واتّخاذ قرار جديد إذا ما وجدَت أنّ المحكمة العسكرية قد أخطأت أو سهَت عن النصوص، عندئذ تقرّر فسخ القرار الصادر عن المحكمة العسكرية وبالنتيجة تقرّر عقوبة جديدة، وتبعاً لذلك تقرّر تركَ المحكوم أو زيادة العقوبة، لذلك أخطأت محكمة التمييز في إخلاء سماحة قبل البتّ بالطعن. فكان من المفترض السير في الجلسات ثمّ اتّخاذ القرار بالترك.
رابعاً: التعليل: لا يمكن لمحكمة التمييز العسكرية بعد قرارها الأخير أن تدين سماحة بعقوبة أعلى كونها أخلت سبيله، ما يَعني أنّها أقفَلت الطريق فعلياً أمام مدى صحّة وقانونية الطعن الذي قدّمه مفوّض الحكومة كونها أعطته رأياً مسبَقاً في إخلاء سبيله وقالت لا شائبة في ملف سماحة وأخلت سبيله.
خامساً: إنّ الادّعاء بأنّ سماحة أنهى السَنة السجنية وبالتالي مِن حقّه إطلاق سراحه، هو ادّعاء غير صحيح لأنّه عندما يقدّم الطعن لدى محكمة التمييز تصبح نتيجة الحكم وكلّ ما يتصل بهذا الحكم معلّقاً، لذلك لا تستطيع محكمة التمييز تركَه بل كان يجب أن يبقى موقوفاً بموجب مذكّرة التوقيف الوجاهية التي كان أصدرَها قاضي التحقيق العسكري الأوّل. فهذا شخص محكوم وليس موقوفاً رهن التحقيق ولا يحق لرئيس محكمة التمييز إطلاق سراحه قبل البتّ بالطعن وأساس الحكم.
والطعن في الأساس هو أنّ المحكمة العسكرية كانت اعتبرَت سماحة مجرّدَ مهرِّب أسلحة ومتفجّرات (محاولة)، فيما يعتبر مفوّض الحكومة أنّ سماحة ينتمي إلى مجموعة إرهابية هدفُها الاعتداء على أمن الدولة والمواطنين وإحداث فتنة طائفية ومذهبية، وهو عميل لبناني لجهة أجنبية ويَدخل ضمن مشروع لقتلِ مسؤولين لبنانيين ويشكّل خطراً على الأمن اللبناني.

اللواء :

لليوم الثاني على التوالي، بقى قرار محكمة التمييز العسكرية اخلاء سبيل ميشال سماحة في عين الحدث.
ولليوم الثاني على التوالي أيضاً، هزّ هذا الحدث لبنان من اقصاه إلى اقصاه، مخلفاً شظايا كادت تلامس الاحتكاك، لا سيما وأن تفاعل تخلية سبيل سماحة لم تقتصر على المواقف أو التجمعات أو قطع الطرقات، بل عبرت مجموعات غاضبة من المواطنين في غير منطقة في بيروت وطرابلس، وصولاً إلى موقوفي سجن رومية عن حالة الغضب باحتجاجات في الشارع، بلغت ذروتها بتجمع المجموعات الشبابية أمام منزل «المتهم» سماحة في الأشرفية، وسط شعارات وهتافات ويافطات ومواقف، تركزت على:
1- المطالبة بإعادة سماحة إلى السجن وإصدار المحكمة حكماً بسجنه لسنوات طويلة، بعد تنحية الهيئة الحالية للمحكمة.
2- المطالبة بإخراجه من منطقة الأشرفية ومن لبنان والحاقه بالنظام الذي كان يعمل لمصلحته في سوريا.
3- إعلان ان المحكمة العسكرية خاضعة لتأثيرات نظام الوصاية السورية ولسلاح حزب الله.
4- تعهد خطباء المنظمات الشبابية الذين شاركت معهم منظمة الشباب التقدمي (الحزب الاشتراكي) بمواصلة التحرّك لإعادة محاكمة سماحة وإلغاء المحاكم الاستثنائية ومن بينها المحكمة العسكرية.
5- الإعلان عن تحرك شبابي مساء الاثنين في طرابلس، لاطلاق الحملة الوطنية لتحديد صلاحيات المحكمة العسكرية، وحصرها بالعسكر فقط.
وبدا المشهد الذي شارك فيه بعض قيادات قوى 14 آذار من نواب حاليين وسابقين، ووالد الشهيد اللواء وسام الحسن، أشبه «بميني» استعادة لتحركات قوى 14 آذار في الشارع في 14 شباط و14 آذار والمناسبات الأخرى التي كانت تتحرك فيها بنفس روحية ثورة الأرز وانتفاضة الاستقلال التي انطلقت في العام 2005.
وفيما كان أهالي الموقوفين الإسلاميين يطالبون بتسريع محاكمة ابنائهم سواء امام المحكمة العسكرية أو المجلس العدلي، طرأ على الموقف تطوران:
الأوّل يتعلق باتجاه لدى وزير العدل اشرف ريفي باحالة ملف سماحة إلى المجلس العدلي، بعد دراسة الموقف دراسة قانونية وافية، على ان يقترح عرضه امام أوّل جلسة لمجلس الوزراء تعقد ما بعد الأسبوع المقبل، من ضمن حيثية تتيح له الاقدام على هذا الاجراء، باعتبار ان ما اقدم عليه سماحة بمثابة جريمة وطنية.
والتطور الثاني، ما أعلن عنه النائب خالد ضاهر من انه سيلجأ الى الادعاء شخصياً على سماحة امام محكمة مدنية، باعتبار ان مخططات التفجير التي كان يعد لها سماحة كانت تستهدفه شخصياً.
اما موقوفو طرابلس، لا سيما منهم قادة المحاور الموقوفين في سجن رومية، فاعلنوا الإضراب عن الطعام حتى إعادة سجن سماحة ومعالجة مطلبهم بتسريع محاكماتهم وإطلاق سبيلهم.
رسمياً، وعملاً بمبدأ فصل السلطات، المبدأ الدستوري المعروف، استمع الرئيس تمام سلام من مدعي عام التمييز القاضي سمير حمود بصفته نائباً لرئيس مجلس القضاء الأعلى القاضي جان فهد الموجود خارج لبنان، واستوضح منه طبيعة القرار الذي أصدرته المحكمة العسكرية والذي قضى بتخلية سبيل سماحة، بوصفه قراراً مبرماً لا يخضع لأي طريقة من طرق المراجعة.
وشدّد الرئيس سلام على ان «اللبنانيين، وهو في مقدمتهم، يتطلعون إلى قضاء يعمل للحق فقط ولخدمة العدالة، ولا يسخر القانون الا لحماية الفرد والمجتمع».
ونظراً إلى ان قرار اخلاء السبيل أو عدمه يدخل ضمن الصلاحيات الاستنسابية لمحكمة التمييز العسكرية، ولأن المحاكمة لم تنته بعد امام هذه المحكمة، فإن الرئيس سلام «طلب تسريع المحاكمة الجارية امام المحكمة نفسها، وإصدار الحكم النهائي في دعوى سماحة، احقاقاً للحق واخذاً بعين الاعتبار حساسية الملف، باعتبار ان القضية تمس الأمن الوطني اللبناني، وأن البلد ما يزال يخوض معركة مع الإرهاب متعدد الاشكال»، في إشارة إلى ان قضية سماحة بنقل المتفجرات المعدة لاحداث فتنة جريمة تنطبق عليها كل مواصفات الإرهاب.
تحضيرات لمجلس الوزراء
وكشفت مصادر السراي لـ«اللواء» انه بعد جلسة الخميس الماضي، والتفاهم على بت التعيينات العسكرية في أوّل جلسة لمجلس الوزراء، بعد عودة الرئيس تمام سلام من بروكسل حيث سيرأس وفد لبنان إلى الاجتماع التحضيري لمؤتمر النازحين السوريين في 4 شباط في لندن، فإن عجلة الحكومة ستنشط للانتهاء من 500 بند ما تزال على جدول الأعمال متراكمة منذ خمسة أشهر، وتتناول مصالح اللبنانيين المجمدة طوال الفترة الماضية.
وكانت التحضيرات قد حضرت بقوة في نشاط الرئيس سلام، بالإضافة إلى متابعة التحضيرات الجارية بين وزير الدفاع سمير مقبل وقائد الجيش العماد جان قهوجي لرفع أسماء الضباط الذين سيجري تعيينهم أعضاء في المجلس العسكري، وفق معايير حددتها قيادة الجيش لجهة الأقدمية والمناقبية والجدارة.
ولم يُخفِ الرئيس سلام ارتياحه للنتائج الإيجابية التي نتجت عن جلسة الخميس لأهمية القرارات التي اتخذت ولا سيما على الصعيد الحياتي والمعيشي، خصوصاً وأنه تمّ خلال الجلسة توقيع الوزراء على عدد كبير من المراسيم التي ما تزال تحتاج إلى تواقيع الوزراء الذين غابوا عن الجلسة حتى تصبح نافذة.
وتوقعت مصادر السراي أن تعقد الجلسة المقبلة للحكومة قبل الرابع من شباط، أي قبل مشاركة الرئيس سلام في اجتماع لندن.
وبحسب هذه المصادر فإن الفترة الفاصلة حتى موعد انعقاد الجلسة ستكون فرصة للتشاور بين وزير الدفاع وقائد الجيش لتحضير أسماء الضباط المخوّلين ملء الشواغر في المجلس العسكري ليتم التوافق السياسي على هذه الأسماء تمهيداً لوضعها على جدول أعمال مجلس الوزراء المقبل لبتّ الموضوع، حسب مصادر وزارية.
الإستحقاق الرئاسي
سياسياً، لم تحجب تداعيات سماحة والعودة إلى الحراك المدني في الشارع، حيث يتجمّع نشطاء عند العاشرة من صباح اليوم قرب مكب الكرنتينا في إطار التحركات الجارية، متابعة تداعيات التحولات السياسية الحاصلة والمرتقبة على ضفتي 8 و14 آذار في ما خصّ الاستحقاق الرئاسي.
ففي حين أكدت مصادر تيّار «المردة» أن مبادرة الرئيس سعد الحريري بترشيح النائب سليمان فرنجية للرئاسة الأولى ما تزال قائمة، قالت مصادر قيادية في 8 آذار لـ«اللواء» أن هذا الفريق يراقب عن كثب ما يجري من دون أن يتدخّل، مع التأكيد أن رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع يناور، وأن ترشيحه للنائب ميشال عون لا يعني انتخاب الأخير لرئاسة الجمهورية، بل قد تقتصر اللعبة على توفير النصاب وإخراجه من اللعبة السياسية.
ولا تخفي المصادر نفسها أن هذا الفريق حذّر النائب عون من مخاطر هذه المحاولة، وأن التفاهم مع جعجع له أثمان خطيرة قد تبدأ من تحويل معراب إلى ممر إلزامي لحل أية شاردة وواردة تتعلق بملف المسيحيين في لبنان، ولا أحد يعلم أين تنتهي.

البلد :

بقي لبنان، لليوم الثاني على التوالي، تحت وطأة قرار المحكمة العسكرية بتخلية سبيل الوزير السابق ميشال سماحة، فيما عاد ملف الحراك المدني الى الواجهة من بوابة ترحيل النفايات.
ولم تقتصر موجة ردات الفعل على المواقف والوقفات الاحتجاجية اعتراضا على القرار بل تعدتها الى المستوى الرسمي، حيث استوضح رئيس مجلس الوزراء تمّام سلام من المدعي العام التمييزي القاضي سمير حمود، بصفته نائباً لرئيس مجلس القضاء الأعلى القاضي جان فهد الموجود خارج لبنان، طبيعة القرار بتخلية سبيل سماحة .وطلب من رئاسة مجلس القضاء القيام بما يلزم لتسريع المحاكمة أمام محكمة التمييز العسكرية تمهيداً لاصدار حكمها النهائي في هذه الدعوى، احقاقاً للحقّ ونظراً لأهمية الملف وحساسيّته باعتباره يتعلق بقضية تمسّ الأمن القومي.
وفي إنتظار الردّ السياسي والقانوني لقوى "14 آذار" على "صدمة" قرار المحكمة العسكرية بعد ان اطلقت قياداتها "عاصفة مواقف نارية" منددة بما صدر،اعتصمت المنظمات الشبابية في "14 آذار" في السابعة مساء امس في ساحة ساسين في الاشرفية امام منزل سماحة تعبيراً عن الاحتجاج العارم على تخليته ورفضاً لقرار المحكمة العسكرية. واستباقا للخطوة ، قطعت القوى الامنية الطرق المؤدية الى منزل سماحة بعد الظهر.
وفي اطار خطوات الاحتجاج على اخلاء سبيل سماحة ، استكمل امس مسلسل قطع الطرق في أحياء العاصمة وبعض المناطق، وعمد عدد من النسوة من أهالي الموقوفين الاسلاميين، إلى قطع الاوتوستراد أمام سراي طرابلس ، مطالبين بـ"محاكمة ابنائهن الذين مر على توقيفهم عشرات السنوات من دون محاكمة وهم لم يرتكبوا جرما مقارنة بجرم سماحة". وفي سجن رومية واصل عدد من السجناء الاسلاميين منذ منتصف ليل امس الاول، ، اضرابا عن الطعام والماء والدواء، احتجاجا . واتخذت القوى الامنية الاحتياطات كافة، ووضعت سيارات الاسعاف في حال تأهب لنقل اي حالة طارئة.
وسط هذه الاجواء ، وبعد المفاجأة التي سجلها الحراك المدني أمس الاول في مرمى وزارة البيئة من خلال اقتحامها والصدام مع القوى الامنية ، دعا الحراك المدني الى وقفة رمزية في الحادية عشرة من قبل ظهر اليوم "لرسم طريق الحل في ملف النفايات" وسأل في مؤتمر صحافي عقده بعد الظهر عمن يمول خطة الترحيل؟ وما مصادر هذا التمويل وما الكلفة الحقيقية؟ ولماذا السرية وغياب المناقصات؟