شهدت الايام القليلة الماضية حدثان مهمان ، الاول انعقاد مؤتمر " كيفية مواجهة التطرف " في مكتبة الاسكندرية في مصر بحضور حوالي 300 مفكر وباحث واعلامي ودبلوماسي عربي، والثاني التصعيد الخطير بين السعودية وحلفائها وعدد من الدول العربية من جهة والجمهورية الاسلامية الايرانية وحلفائها من جهة اخرى وذلك على ضوء اعدام الشيخ نمر النمر مع 46 اخرين اتهموا بارتكاب اعمال ارهابية وبينهم عدد من قادة القاعدة ، وما نتج عن الاعدام من ردود فعل قاسية وابرزها الهجوم على سفارة وقنصلية السعودية في طهران ومشهد وقطع العلاقات بين السعودية ودول عربية اخرى وبين ايران. ومن يحضر مؤتمر الاسكندرية ويستمع الى تقارير الخبراء والدراسات المعمقة التي قدمت خلاله حول التطرف بشكل عام وخصوصا حول تنظيم داعش ، يكتشف خطورة ما نواجهه من تحديات وكيف تتمد التنظيمات المتطرفة في ظل الصراعات السياسية والمذهبية والدينية، وقد حذر بعض المشاركين في المؤتمر بان المرحلة المقبلة قد تشهد تطورات خطيرة وعمليات تمدد لداعش في العديد من الدول العربية والاسلامية وخصوصا دول الخليج وافريقيا وتركيا وصولا لاوروبا وان لدى التنظيم قدرات كبيرة اعلامية ومالية وعسكرية وهو منتشر في عشرات الدول. وقد جاءت الازمة بين ايران والسعودية كي تعطي التنظيم مساحة جديدة من الانتشار والتوسع في ظل ازدياد اجواء التشنج والحرب الاعلامية والسياسية والدينية ضد ايران وحلفائها وربط ذلك بالصراع السني – الشيعي في المنطقة ، وكل ذلك يشجع على اعمال العنف والقتل والتكفير.

وهكذا وبينما ينتشر داعش ويتوسع ، تغرق الدول العربية والاسلامية في صراع جديد قد يشبه ما جرى بين ايران والعراق في ثمانينات القرن الماضي والذي استمر حوالي الثماني سنوات وادى لمقتل مئات الالاف من ابناء البلدين وتدمير البلدين وخسارة مليارات الدولارات ومهد لحرب صدام حسين على الكويت وما جرى بعد ذلك من احتلال اميركي للمنطقة وانتشار تنظيم القاعدة وحصول عدة حروب اميركية ضد افغانستان والعراق ولا زلنا الى اليوم ندفع ثمن كل هذه التطورات. ومع ان الظروف السياسية الاقليمية والدولية اليوم لا تشبه الاوضاع التي ادت الى حصول الحرب العراقية – الايرانية في الثمانينات ، فان مخاطر الحرب قائمة واذا لم تكن الحرب مباشرة فستكون بشكل غير مباشر في عدة دول وساحات ، والمستفيد من هذه الحروب داعش والتنظيمات المتطرفة والكيان الصهيوني وشركات الاسلحة واعداء العالم العربي والاسلامي.

ومع اهمية انعقاد المؤتمرات لدراسة ظاهرة التطرف وكيفية مواجهته ومنها مؤتمر مكتبة الاسكندرية وغيره من المؤتمرات ، فان الاهم اليوم العمل لمنع حرب جديدة بين ايران والسعودية وحلفائهما ، لانه اذا اندلعت هذه الحرب فان التطرف وداعش هما المستفيدان وداعش ستتوسع وتنتشر ونحن نتفرج عليها ونعطيها المزيد من عناصر القوة والنشاط والحيوية.