التوتر بين إيران وبين السعودية يوتر الساحة اللبنانية , ويضع الرئاسة في الثلاجة ويؤجل كل الملفات

 

السفير :

واصل التوتر بين السعودية وإيران سلوك مساره التصاعدي المفتوح، وسط غياب لأي مؤشر من شأنه أن يحدد نقطة الذروة التي قد يبلغها. وفي ظل حراك سياسي محموم من قبل المملكة النفطية لحشد الدعم ضد الجار اللدود، يتوقع أن يتسارع خلال اليومين المقبلين، تمهيداً لانعقاد الاجتماع الاستثنائي لوزراء خارجية دول مجلس التعاون الخليجي في الرياض السبت المقبل، والاجتماع الوزاري العربي في القاهرة في اليوم التالي، عززت البحرين إجراءات القطيعة مع الجمهورية الاسلامية، عبر قرار بإلغاء الرحلات الجوية، بعد يوم على قطع العلاقات الديبلوماسية، فيما امسكت الكويت، على غرار الامارات، العصا من الوسط، إذ اكتفت بسحب سفيرها من طهران، وانما من دون قطع العلاقات.
وبالرغم من أن تداعيات اعدام الشيخ نمر النمر قد اقتصرت، خلال الايام الأربعة الماضية، على تأجيج التوتر السياسي بين السعودية وإيران، فقد برز مؤشر، أمس، يشي بأن المملكة النفطية مقبلة على مزيد من التوترات الامنية، إذ شهدت المنطقة الشرقية هجوماً ليلياً، أحرق خلاله محتجون حافلة ركاب.
وأعلنت الشرطة السعودية، في بيان، أن «مثيري شغب» احرقوا حافلة كانت تقل عمالا في المنطقة الشرقية التي يتحدر منها الشيخ النمر.
وأوضحت «حافلة مخصصة لنقل موظفي وعمال احدى الشركات الى بلدات واحياء محافظة القطيف، تعرضت للاعتداء من قبل اربعة اشخاص من مثيري الشغب المسلحين، وذلك عند مرورها باحد الاحياء السكنية المجاورة لبلدة القديح»، مشيرة الى ان هؤلاء أوقفوا الحافلة «تحت تهديد السلاح واضرموا النار فيها»، وانه «لم ينتج عن ذلك اصابة احد».
وفي حين لم تحدد الشرطة السعودية الشركة التي تعود إليها الحافلة، تداول مستخدمون على مواقع التواصل الاجتماعي انها تابعة لشركة «ارامكو» النفطية السعودية.
والحادث هو الثاني على الاقل الذي تعلن عنه الشرطة السعودية في المنطقة الشرقية منذ اعدام النمر، اذ سبق أن اشارت، مساء الأحد الماضي، الى ان مسلحين اطلقوا النار على دورية تابعة لها في العوامية، ما ادى الى مقتل مدني واصابة طفل.
توتر ديبلوماسي
وفي سياق الازمة المتصاعدة بين السعودية وايران على خلفية اعدام النمر، استدعت وزارة الخارجية الكويتية، يوم امس، سفيرها من طهران احتجاجا على الهجمات التي تعرضت لها سفارة السعودية في طهران وقنصليتها في مشهد، السبت الماضي، من قبل محتجين على اعدام الشيخ النمر.
واعتبرت وزارة الخارجية الكويتية الهجمات «خرقاً صارخاً للأعراف والاتفاقيات الدولية، وإخلالاً جسيما بالتزامات إيران الدولية بأمن البعثات الديبلوماسية وسلامة طاقمها».
وبالأمس، اوقفت البحرين الرحلات من ايران واليها، غداة اجراء سعودي مماثل. وقالت هيئة شؤون الطيران المدني في وزارة المواصلات والاتصالات انه «بناء على ما اعلنته مملكة البحرين عن قطع العلاقات الديبلوماسية مع ايران، فقد وجهت الناقلة الوطنية (شركة طيران الخليج) وجميع الناقلات الاخرى بتعليق ومنع كافة رحلاتها من والى ايران».
ويأتي ذلك غداة سلسلة خطوات اتخذتها دول عدة بحق ايران. فبالإضافة الى السعودية والبحرين، قام السودان بطرد السفير الايراني، في حين اكتفت الإمارات باستدعاء سفيرها وخفضت مستوى التمثيل الديبلوماسي.
وبدا ملفتاً أن الاجراءات الديبلوماسية الكويتية والإماراتية لم تصل إلى مستوى قطع العلاقات بشكل كامل، كما فعلت السعودية والبحرين. ويبدو أن المصالح الاقتصادية المتبادلة فرضت هذا المستوى الأقل حدّة في التضامن مع الحليف السعودي. ومن الممكن كذلك، أن تكون الدولتان الخليجيتان، وبشكل خاص الكويت، تسعيان الى لعب دور الوسيط في الأزمة القائمة بين طهران والرياض، علماً بأن تقارير صحافية تحدثت عن زيارة مرتقبة، اليوم، لوزير الشؤون الخارجية في سلطنة عُمان يوسف بن علوي ووزير الخارجية العراقي ابراهيم الجعفري الى طهران لبحث التطورات الإقليمية الأخيرة.
وكان الامين العام لمجلس التعاون الخليجي عبد اللطيف الزياني دعا الى عقد اجتماع «استثنائي» على مستوى وزراء الخارجية في الرياض يوم السبت، «لتدارس تداعيات حادث الاعتداء» على السفارة والقنصلية السعوديتين. ويأتي الاجتماع عشية اجتماع لوزراء الخارجية العرب في القاهرة يوم الاحد المقبل بناء على طلب الرياض، سيخصص «لادانة انتهاكات ايران».
وانضمت تركيا، امس، الى الدول الداعية الى التهدئة بين ايران والسعودية، عارضة المساعدة في ذلك. وقال رئيس الحكومة التركية احمد داود اوغلو، في كلمته الاسبوعية امام نواب «حزب العدالة والتنمية»: «نحن مستعدون لبذل كل الجهود اللازمة لحل المشاكل بين البلدين»، مضيفا «ننتظر من جميع دول المنطقة التحلي بالعقلانية واتخاذ التدابير اللازمة لتخفيف حدة التوتر».
وكانت دعوات مماثلة صدرت خلال اليومين الماضيين من دول عدة ابرزها الولايات المتحدة وروسيا وفرنسا والمانيا.
وأدان مجلس الامن الدولي «بشدة» الهجمات على البعثتين السعوديتين. وعبر في بيان صدر فجر أمس عن «قلقه العميق ازاء هذه الهجمات»، طالباً من إيران «حماية المنشآت الدبلوماسية والقنصلية وطواقمها» و «احترام التزاماتها الدولية» في هذا الشأن.
وفي المقابل، اعتبر الرئيس الإيراني حسن روحاني أن «السعودية لا يمكن أن تغطي على جريمتها بقطع رأس رجل دين شيعي من خلال قطع العلاقات» مع إيران، مشدداً على أنه «لا يمكن الرد على الانتقادات بقطع الرؤوس».
وأضاف «نعتقد ان الديبلوماسية والتفاوض هما أفضل السبل لحل المشاكل بين الدول»، معتبراً ان «الدول الاقليمية يمكنها انقاذ المنطقة من مخاطر الارهاب بالاتحاد» في ما بينها.
وكان روحاني أدان الهجوم على البعثتين الديبلوماسيتين، فيما قال وزير العدل الإيراني مصطفى بور محمدي إنّ «ما حدث ضد السفارة السعودية يمكن أن يكون من تدبير ودعم عناصر متسللة».
ووصف المتحدث باسم الحكومة الايرانية محمد باقر نوبخت الهجوم بأنه «مريب» و «يخدم السياسات السعودية»، قائلاً ان «بضعة أشخاص ليس من الواضح يخدمون مصالح اي دولة استغلوا مشاعر الناس».
الآثار الاقتصادية
إلى ذلك، قلل نوبخت من آثار قطع العلاقات بين دول الخليج والجمهورية الإسلامية. قائلاً إن «قطع العلاقات من قبل السعودية وتابعيها ليس له اي تأثير على تطور ايران»، ومضيفا بسخرية «السعودية ستعاني من قطع العلاقات مع ايران، حتى وان دعمها بلد كبير مثل جيبوتي».
وفي هذا الإطار، أفادت ارقام رسمية نشرتها صحيفة «دنيا اقتصاد» الايرانية، ان المبادلات التجارية بين ايران والبلدان التي قررت قطع علاقاتها مع طهران ضعيفة.
وبحسب ما نشرته الصحيفة الاقتصادية، فإنّ المبادلات بين ايران والسعودية بلغت 172.5 مليون دولار في الاشهر الثمانية الاولى من السنة الايرانية (20 اذار)، في مقابل 132.2 مليون دولار للصادرات الايرانية الى السعودية (فاكهة وفولاذ بشكل خاص)، و40.2 مليون دولار للصادرات السعودية، منها منتجات تعبئة وتغليف واقمشة.
وبحسب «دنيا اقتصاد» فإن ايران صدرت الى البحرين منتجات مختلفة خلال الفترة ذاتها بقيمة 63.6 مليون دولار، في حين لم تبلغ صادرات البحرين الى ايران إلا 60 الف دولار. كما صدّرت ايران الى السودان منتجات بلغت قيمتها 37.6 مليون دولار واستوردت منتجات متنوعة بلغت قيمتها 181 الف دولار في الاشهر الثمانية الاولى من السنة الايرانية.
ومن جهة اخرى، قام 60 الف ايراني فقط في ايلول العام 2015 بتأدية فريضة الحج الى مكة. وكان حوالى 500 الف ايراني يؤدون مناسك العمرة الى مكة، وقد سجلوا رقما قياسيا بلغ 850 الفا بين اذار العام 2013 واذار العام 2014.
وعلى سبيل المقارنة، قام حوالي مليوني ايراني بزيارة العتبات المقدسة في كربلاء في العراق، احدى اكبر المدن المقدسة لدى المسلمين الشيعة.
لكن وسائل اعلام سعودية قرأت هذه الأرقام بطريقة مختلفة، إذ اشارت صحيفة «الرياض»، على سبيل المثال، نقلاً عن خبراء اقتصاديين، الى ان قطع العلاقات السياسية والدبلوماسية مع إيران «سينعكس سلباً على ايران فقط، نظراً الى أن حجم التبادل التجاري ضعيف بين الرياض وطهران، ولا يوجد له أثر على الصادرات السعودية، كما أن الصادرات الإيرانية لا تعد متطورة وتعتبر ذات جودة متدنية».
ومن جهته، أعلن الملياردير السعودي الأمير الوليد بن طلال، عبر حسابه على موقع «تويتر»، انه ألغى دراسة جميع المشاريع والاستثمارات في إيران. وأضاف انه رفض طلب السفير الإيراني للمقابلة، وأوقف جميع الرحلات التي تسيرها شركة طيران «ناس» من وإلى إيران. وتملك شركة المملكة القابضة الذراع الاستثمارية للأمير السعودي حصة نسبتها 34 في المئة في شركة الطيران هذه المنخفض التكلفة.
ولم يخض الأمير الوليد في مزيد من التفاصيل عن خططه الاستثمارية في إيران في تغريدته على «تويتر».
حروب بالوكالة.. أم صدام مباشر؟
ولكن اذا كان الاقتصاد هو الأقل تضرراً من الأزمة القائمة بين السعودية وايران، فإن المخاوف الدولية أزاء تداعيات التوتر على الملفات الاقليمية المشتعلة تبقى الأهم. ففي المرة السابقة التي قطعت فيها الرياض علاقاتها مع طهران، بعد حادثة اقتحام السفارة السعودية في العام 1988، تطلب رأب هذا الصدع تحولا في ميزان القوى الاقليمية جاء في صورة الاجتياح العراقي للكويت في العام 1990.
ويرجح ديبلوماسيون ومحللون ان تتسبب الازمة بزيادة التوتر، وحتى الاحداث الامنية، في نزاعات الشرق الاوسط، ولكن من دون ان تتسبب في مواجهة مباشرة بين الخصمين الاقليميين اللدودين.
وتوقع الخبير في شؤون الامن والدفاع في «مركز الخليج للابحاث» مصطفى العاني، خلال مقابلة مع وكالة «فرانس برس»، ان تؤدي الازمة القائمة الى «تصلب الموقف السعودي في سوريا، العراق، لبنان، واليمن»، لافتاً الى ان «السعوديين يعتقدون ان تحدي ايران ارجئ لوقت طويل، والآن هو الوقت لتحدي الايرانيين في كل مكان».
وكانت الوكالة الفرنسية نقلت عن مصدر ديبلوماسي غربي قوله إن «ايران لن تدخل في حرب مع المملكة العربية السعودية»، لكنه توقع أن «تصبح الامور اسوأ بكثير»، وأن تتزايد اساليب «الحرب بالوكالة» بين البلدين.
وأوضح الديبلوماسي الغربي ان «هذا الوقت ليس مناسبا بالنسبة للايرانيين لتفجير الاوضاع في الخليج»، لا سيما مع اقتراب الرفع التدريجي للعقوبات المفروضة على طهران بنتيجة الاتفاق النووي.
وهذا ما ذهب اليه الخبير في الشؤون الايرانية - السعودية الاستاذ في جامعة نيويورك محمد بزي، الذي قال، في مقابلة مع صحيفة «واشنطن بوست»: «لا اعتقد ان ما يجري سيقود الى حرب مفتوحة، وانما سيؤدي الى جعل الحروب بالوكالة أسوأ من ذي قبل»، موضحاً ان مسار العلاقات بين الرياض وطهران يظهر أنه «حين يصعّد طرف ما، فإن الطرف الآخر سيصعّد بدوره».

النهار :

غداة تنفيذ "حزب الله" عملية تفجير في دورية اسرائيلية في مزارع شبعا المحتلة، بدا المشهد الداخلي موزعاً بين تداعيات هذه العملية والتداعيات الاقليمية المتصاعدة للمواجهة السعودية – الايرانية على الواقع اللبناني الذي يواجه في أفضل الاحوال تمديداً غير محدود بأفق زمني للازمة الرئاسية ومشتقاتها.
وفي نيويورك ("النهار") ندّد الأمين العام للأمم المتحدة بان كي - مون بالهجوم الذي شنه "حزب الله" أول من أمس على عربتين للجيش الإسرائيلي في منطقة مزارع شبعا، معبراً عن "القلق من الرد الإنتقامي" الإسرائيلي. ودعا كل الأطراف الى "المحافظة على وقف الأعمال العدائية وضمان الاحترام الكامل لقرار مجلس الأمن الرقم ١٧٠١".
وصرح الناطق باسم الأمم المتحدة ستيفان دو جاريتش بأن الأمين العام "ندد بالهجوم الذي استهدف عربتين تابعتين للجيش الإسرائيلي في منطقة مزارع شبعا، جنوب الخط الأزرق، وأعلن "حزب الله" مسؤوليته عنه". كما "عبر عن القلق من الرد الإنتقامي للقوات الإسرائيلية عبر الخط الأزرق في جنوب لبنان، بمنطقة عمليات القوة الموقتة للأمم المتحدة في لبنان، اليونيفيل". وأضاف: "اليونيفيل والمنسقة الخاصة للأمم المتحدة في لبنان (سيغريد كاغ) اتخذا خطوات فورية من خلال الإتصالات مع الطرفين للمساعدة على استعادة الهدوء في المنطقة". وأفاد أن "اليونيفيل تجري تحقيقات في ملابسات الحادث بالتعاون مع القوات المسلحة اللبنانية والجيش الإسرائيلي". ودعا الأمين العام "كل الأطراف الى المحافظة على وقف الأعمال العدائية وضمان الاحترام الكامل لقرار مجلس الأمن الرقم ١٧٠١".
في غضون ذلك، وصلت المنسقة الخاصة للأمم المتحدة الى الرياض "في اطار مشاوراتها الجارية مع الجهات الاقليمية الفاعلة لمناقشة استقرار لبنان وأمنه والجهود لدعم حاجاته الانسانية والانمائية الحيوية"، كما جاء في بيان صادر عن المسؤولة الأممية. كما أفادت الوكالة الطالبية الايرانية "أسنا" ان نائب وزيرالخارجية للشؤون العربية والافريقية حسين امير عبداللهيان تلقى اتصالاً هاتفياً من سيغريد كاغ "وبحث الجانبان خلال المحادثات الهاتفية في أحدث التطورات في جنوب لبنان والمنطقة حيث طالبت المسؤولة الأممية ايران باستخدام نفوذها للتحكم بالتطورات في لبنان وتحقيق الاستقرار والأمن فيه وفي المنطقة، مشيرة إلي أنها تواصل مشاوراتها حول أمن المنطقة ولبنان في طهران قريباً".

مجلس الوزراء
أما على الصعيد الداخلي، فعلمت "النهار" من مصادر حكومية أن رئيس الوزراء تمّام سلام بدأ إعداد جدول اعمال الجلسة المقبلة لمجلس الوزراء والتي تأتي إنطلاقاً من التوافق المنبثق من جلسة الحوار الوطني الاخيرة والتي تناولت ضرورة تفعيل العمل الحكومي.
وفي حين رفضت المصادر تحديد موعد للجلسة أو ربط إنعقادها بحصيلة المشاورات الجارية في هذا الشأن على قاعدة أن قرار الدعوة الى الجلسة هو من صلاحيات رئيس الوزراء، أكدت أن هناك عدداً كبيراً من المواضيع المتراكمة بفعل غياب مجلس الوزراء عن الانعقاد، مشيرة الى أن سلام يعتزم وضع الملفات الملحة لتسيير شؤون المواطنين، مؤثراً الابتعاد عن الملفات التي يمكن ان تثير خلافات حولها.
وعلمت "النهار" من مصادر وزارية أخرى انه ليس في الافق هذا الأسبوع إمكان لعقد جلسة لمجلس الوزراء نظراً إلى استمرار المواقف على حالها لدى "التيار الوطني الحر" في شأن آلية عمل المجلس.

 

"المستقبل" والحوار
في غضون ذلك، علمت "النهار" ان نقاشاً يدور داخل تيار "المستقبل" حول جدوى استمرار الحوار الثنائي مع "حزب الله" في ضوء التصريحات الاخيرة التي صدرت عن رئيس كتلة "الوفاء للمقاومة" النائب محمد رعد والذي استهدف بها الرئيس سعد الحريري. وخلال الايام التي تفصل عن موعد الجولة الجديدة من الحوار الثنائي الاثنين المقبل ستتضح صورة الموقف الذي سيعتمده التيار على هذا الصعيد، علماً أن إجتماعاً جديداً للحوار النيابي سينعقد أيضاً الاثنين المقبل وفيه ستتضح معطيات إضافية على غير صعيد. وقد رأى وزير الداخلية نهاد المشنوق أمس أن تصريح النائب رعد "لا يساعد الحوار ولا يسهل اتمامه وهذا مجال تشاور في كتلة المستقبل مع الرئيس سعد الحريري لان الحوار في حاجة الى قواعد لم تكن متوافرة أبداً في كلام النائب رعد". كما حملت كتلة "المستقبل" على التصريحات الاخيرة لعدد من مسؤولي "حزب الله" التي "تكشف بقوة حقيقة مواقف الحزب الملتزمة سياسات ايران وحساباتها الاقليمية القائمة على ممارسة الهيمنة والتدخل في الشؤون العربية على حساب مصالح لبنان واللبنانيين"، واستهجنت التصريحات الاخيرة للنائب رعد، معتبرة انها "تحمل تهديداً لشخصيات سياسية لبنانية وتذكر بعودة الحزب الى لغة القمصان السود وانقلاب 7 أيار 2008".

 

المستقبل :

بينما تطوي روزنامة العطلة الميلادية آخر صفحاتها اليوم مع احتفال الطائفة الأرمنية الأرثوذكسية بحلول الميلاد، يستعد رئيس مجلس الوزراء تمام سلام لإعادة تزخيم المحركات الحكومية وقد دقّ ناقوس الخطر بالأمس من مغبة استمرار نهج التعطيل المهيمن على المؤسسات، مجدداً التحذير من أنّ «السلطة الإجرائية بطبيعتها لا يمكن أن تكون مشلولة وإذا شُلّت ينتفي مبرر وجودها». وإذ أعرب في خطابه أمس أمام موظفي السرايا الحكومية لمناسبة بدء العام الجديد عن أمله في تفعيل العمل الحكومي «بما يرضي ضميرنا وبلدنا»، أكدت مصادر رئيس الحكومة لـ«المستقبل» أنه بصدد دعوة مجلس الوزراء إلى الانعقاد الأسبوع المقبل وفق جدول أعمال «غير خلافي»، في وقت أبدت مصادر وزارية لـ«المستقبل» اعتقادها بأنّ هذه الدعوة ستكون بمثابة «جس نبض» للأفرقاء المعنيين بالتعطيل لتبيان مدى استعدادهم للتعاون إزاء عملية إعادة تفعيل عمل الحكومة بمعزل عن الاستحقاقات والملفات السياسية الخلافية الأخرى.
وأوضحت مصادر سلام أنّ جدول الأعمال المنوي توزيعه الأسبوع المقبل يتضمن «بنوداً عادية غير خلافية في محاولة من رئيس الحكومة لتسهيل وتسيير أمور الناس والإدارة والدولة»، كاشفةً في الوقت عينه أنّ البنود المتراكمة لدى الأمانة العامة لمجلس الوزراء جراء تعطيل مجلس الوزراء لامست الألف بند في ضوء وجود أكثر من تسعمائة بند تنتظر الإقرار على طاولة المجلس.
وأمس، تباحث الرئيس أمين الجميل في السرايا الحكومية مع سلام في موضوع انعقاد مجلس الوزراء، مشيراً إلى أنّ كلاً من رئيس مجلس النواب نبيه بري ورئيس الحكومة يبذلان الجهود والمساعي لإعادة تفعيل العمل الحكومي. وأبدى الجميل أمله في انعقاد مجلس الوزراء في أسرع وقت «على الأقل كي نسيّر أمور الناس وتأمين الحاجات الأساسية للمواطنين»، محذراً في المقابل المعطلين من أنهم «يتحملون مسؤولية كبيرة» تجاه البلد سيما وأنهم يدفعون اللبنانيين نحو «مسلك انتحاري» من خلال تعطيلهم الانتخابات الرئاسية والحؤول دون استقامة عمل المؤسسات.

«المستقبل»
سياسياً، برز أمس رد كتلة «المستقبل» النيابية على سياسة التصعيد والتهديد التي يمارسها «حزب الله» في مواجهة اللبنانيين غير الخاضعين لرغبته في الاستئثار بالحكم، مجددةً المطالبة في المقابل بإنجاز الاستحقاق الرئاسي باعتباره يتصدر «مقدمة المهمات الوطنية المركزية لتفعيل عمل المؤسسات الدستورية وإعادة الاعتبار والاحترام للدولة»، مع دعوتها إلى «التمسك بالوحدة الوطنية والعيش المشترك وميثاق اتفاق الطائف والدستور حمايةّ للبنان والاستقرار».
وإثر اجتماعها الدوري أمس برئاسة الرئيس فؤاد السنيورة، استغربت «المستقبل» التصريحات الأخيرة لعدد من مسؤولي «حزب الله» ورأت أنها تكشف مجدداً سعي الحزب إلى «إفشال عملية انتخاب رئيس للجمهورية وشل وتعطيل المؤسسات الدستورية وصولاً إلى إنهاء صيغة لبنان الديموقراطية»، مستنكرةً في السياق عينه الكلام الصادر عن رئيس كتلة «الوفاء للمقاومة» النائب محمد رعد الذي عبّر فيه عن رفض «حزب الله» أي تسوية داخلية لإنهاء الشغور الرئاسي بشكل يتراجع فيه عن الدعوات السابقة التي كان قد وجهها أمين عام الحزب في هذا الصدد. 

الديار :

التوتر الاقليمي بين ايران من جهة والسعودية وبعض دول الخليج من جهة اخرى، يلقي بظلاله على الساحة الداخلية ويجمد كل الملفات، خصوصاً أن الخلاف الاخير يحكمه توتر اقليمي كبير، بعد اعدام الشيخ نمر النمر من قبل المملكة العربية السعودية، وبالتالي لا يشبه الخلافات السابقة. ولهذا، تنصب جهود الرئيس نبيه بري على استمرار الحوار الثنائي بين حزب الله وتيار المستقبل، لمنع الانفلات على الارض وتحصين الساحة الداخلية، لمنع القوى الارهابية من استغلال اي ثغرة والنفاذ مجدداً لتخريب الساحة الداخلية.
ولذلك اكد الرئيس نبيه بري امام زواره ان الاستحقاق الرئاسي في الثلاجة وقال: ما حدث في المنطقة امر كبير، ولديه تداعيات كبيرة، ولسوء الحظ بات اقصى طموحنا الآن المحافظة على الحوار، هناك حواران في 11 من الجاري، طاولة الحوار الوطني والحوار الثنائي مساء، وسألتقي بالاطراف قبل هذين الحوارين.
حتى الآن المؤشرات ايجابية بالنسبة الى استمرار الحوار بين حزب الله وتيار المستقبل، وان عدم انعقاده ينطوي على رسالة سلبية جداً، لانه يجب ان يبقى خارج الفتنة التي لا تبقي ولا تذر، وللاسف اصبح اقصى طموحي...
بعدما كنا نسعى الى انتخاب الرئيس، اصبح اقصى طموحنا المحافظة على الحوار، اما الاستحقاق الرئاسي فأصبح في الثلاجة.
اما في الحوار الوطني فسأضغط بكل قوتي، لان من غير المقبول التفرج على انحلال بنية الدولة: لا رئيس ولا حكومة تجتمع ولا مجلس نيابي يشرع، المهم الآن تفعيل الحكومة، وهذا ما بدأته في جلسة الحوار السابقة. لم يعد مقبولاً بقاء لبنان بلا رئيس وحكومة ومجلس، الا اذا كان هناك من يريد انهاء لبنان كدولة. هناك خطر على البنية اللبنانية، وليس كل ما يعرف يقال. ولذلك فان عمل الحكومة لا يؤجل، فهو مثل الاكل والشرب، بينما عمل المجلس يتحمل بعض القوانين، الا ما خص الضروري جداً.

ـ سلام سيدعو الى جلسة للحكومة ـ

زوار الرئيس تمام سلام نقلوا عنه انه سيدعو الى جلسة لمجلس الوزراء قريباً، وربما سيدعو لجلسة الاسبوع المقبل، بعد مشاورات سيجريها مع الرئيس نبيه بري والقوى السياسية. وكشف الزوار ان الرئيس بري يقوم باتصالات في هذا الشأن.
لكن معلومات مؤكدة اشارت الى ان عقد الجلسة يمكن ان يحصل بعد جلسة الحوار الوطني في 11 كانون الثاني، والتي ستكون مخصصة للموضوع الحكومي وتفعيله.

ـ مصادر وزارية: الاتصالات قوبلت بالرفض ـ

استبعدت مصادر سياسية مطلعة أن تثمر الاتصالات التي يعمل عليها كل من الرئيس نبيه بري ورئيس الحكومة تمام سلام، عن تفعيل عمل الحكومة. واشارت الى ان الاتصالات قوبلت بالرفض. وقالت ان اي امكانية لذلك تراجعت الى الصفر، بعد العاصفة الكبرى التي يشهدها الوضع الاقليمي نتيجة لجوء النظام السعودي الى اعدام رجل الدين الشيعي الشيخ نمر باقر النمر.
اضافت انه اذا كان الملف الرئاسي اولى ضحايا ما يحصل في المنطقة، وتحديداً التصعيد بين السعودية وايران، فانه من غير الممكن ان يتفق الفرقاء اللبنانيون على تفعيل العمل الحكومي، لان ذلك قد يشكل مؤشراً للسير بالحلول في كل القضايا العالقة، وهذا الامر لم يعد متوافراً اليوم بعد قطع العلاقات بين الرياض وطهران.
ولهذا ترى المصادر ان الاشتباك السعودي ـ الايراني سيرخي بظلاله على كل الوضع اللبناني، من بقاء الوضع الحكومي على ما هو عليه، الى الفراغ الرئاسي من دون الدخول في صراعات فتنوية داخلية، لان هناك مصلحة لكل الاطراف بان يبقى الوضع اللبناين على ما هو عليه، الى ان تتبلور معطيات جديدة في الوضع الاقليمي.

ـ سجالات بين حزب الله والمستقبل ـ

وعلى وقع التطورات الاقليمية، وشنّ رئيس كتلة الوفاء للمقاومة النائب محمد رعد هجوماً عنيفاً على الرئيس الحريري، ووصفه بوكيل عائلة خليجية والعمل لمصلحة سياسية اميركية غربية، وأضاف: من يعيش الافلاس في ملاذه الذي يأوي اليه، لا يجب ان يجد مكاناً له في لبنان على امل نهب البلاد مرة جديدة. وبالتالي، فان ما يجري من محاولات لاجراء صفقات وتسويات تحت عنوان اعادة الاستقرار لهذا البلد، انما هدفه رسم مسار اخضاع هذا البلد لسياسات هذه المملكة وتلك الدولة الكبرى. فالمسألة ليست مسألة شخص تسلمه موقعاً في رئاسة الجمهورية، ثم لا يجد صلاحيات يستطيع ان يحكم بها البلاد، لان كل الصلاحيات مصادرة من قبل الشخص الموكل بحفظ سياسات هذه المملكة او تلك الدولة.

 

الجمهورية :

في موازاة الاشتباك الإقليمي واستمرار المحاولات الدولية لنزع فتيل التوتّر في العلاقات بين السعودية وإيران، حفلَت الساعات الماضية في لبنان بتصعيد كلاميّ بين تيار «المستقبل» و«حزب الله»، وارتفعَت وتيرة السجال بينهما، في وقتٍ أكّد وزير الداخلية نهاد المشنوق أنّ الغطاء الإقليمي الذي حمى لبنان 4 سنوات بدأ يتراجَع، ولكنّ هذا السجال ومضاعفاته سيبقى مضبوطاً بسقف الحوار بشقّيه الوطني والثنائي. قال رئيس مجلس النواب نبيه بري أمام زوّاره أمس: «ما حدثَ بين السعودية وإيران أمرٌ كبير وله تداعيات كبيرة، ولسوء الحظ بات أقصى طموحنا الآن هو المحافظة على الحوار.
هناك حواران: في 11 من الجاري طاولة الحوار الوطني نهاراً بين قادة الكتل النيابية، والحوار الثنائي بين «حزب الله» وتيار»المستقبل» مساء، وسألتقي بالاطراف قبل هذين الحوارين. وحتى الآن المؤشرات ايجابية بالنسبة الى استمرار الحوار بين «حزب الله» وتيار»المستقبل»، وإنّ عدم انعقاده ينطوي على رسالة سلبية جداً، لأنّ لبنان يجب ان يبقى خارج الفتنة التي لا تُبقي ولا تذر».
وأضاف بري: «بعدما كنّا نسعى الى انتخاب رئيس للجمهورية اصبح اقصى طموحنا المحافظة على الحوار. أمّا الاستحقاق الرئاسي فأصبح في الثلّاجة.
أمّا في الحوار الوطني فسأضغط بكلّ قوّتي لتفعيل الحكومة لأنّ مِن غير المقبول التفرّج على انحلال بنية الدولة، لا رئيس ولا حكومة تجتمع ولا مجلساً نيابياً يشرّع، المهم الآن هو تفعيل الحكومة، وهذا ما بدأته في جلسة الحوار السابقة، لأنّه لم يعُد مقبولاً بقاء لبنان بلا رئيس وحكومة ومجلس، إلّا إذا كان هناك مَن يريد إنهاءَ لبنان كدولة.
هناك خطر على البنية اللبنانية، وهذا الكلام ليس تهويلاً، وليس كلّ ما يُعرَف يقال». واعتبَر بري «أنّ عمل الحكومة لا يؤجّل، فهو مثل الأكل والشُرب، بينما عمل المجلس يتحمّل التأخّر في إقرار بعض القوانين إلّا ما خصّ الضروري جداً منها».

«8 آذار»
وإلى ذلك، أكدت مصادر قيادية في 8 آذار لـ«الجمهورية» انّ الاتصالات شبه مجمّدة في ما خصّ الملف الرئاسي الذي دخل الى الثلاجة في انتظار تبلوُر صورة الوضع القاتم المستجد في سياق الاشتباك السعودي ـ الايراني.
ورأت انّ هذا الجمود سينسحب على كلّ الملفات الاخرى، على ان يبقى المتحرّك الوحيد فيها هو الوضع الحكومي الذي ينتظر تفعيلاً جدّياً تلتقي على ضرورته معظم الاطراف، بغَضّ النظر عن الاولويات، وبالتالي فإنّ لبنان هو في مرحلة ترَقّب وانتظار لِما ستؤول إليه الاحداث مع الحفاظ على الحد الادنى من الأضرار والخسائر التي ستبقى تحت سقف هدر الفرص وتمديد الأزمات من دون ان تتحوّل اشتباكاً سياسياً يطيح الحوارات القائمة».
وكشفَت المصادر أنّ في جلسة الحوار المقررة الاثنين المقبل سيُفتح نقاش جدّي حول موضوع العمل الحكومي في مناخ إيجابي، وسيكون التوجّه لدى الجميع الاتفاق على دعمه وضرورة تفعيله.
ولفتَت المصادر الى «أنّ التدهور السريع على الجبهة الاقليمية، من مقتل قائد «جيش الإسلام» زهران علوش الى إعدام رجل الدين السعودي المعارض الشيخ نمر باقر النمر، فقطع العلاقات الديبلوماسية بين ايران والسعودية، لم يكن في الحسبان على رغم عدم التعويل كثيراً على انفراجات في المنطقة، إلّا انّ ما حدث شكّل مفاجأة خلطت الاوراق».
وتوقّعت المصادر «ان لا تخرج انعكاسات الوضع المستجد عن إطار الجمود والانتظار في لبنان وبعض المواقف التصعيدية المضبوطة، كون الإرباك أصاب جميع الأفرقاء».
العمل الحكومي
وأملَ رئيس الحكومة تمام سلام في تفعيل العمل الحكومي في المرحلة المقبلة. وقال «لا شكّ في أننا أنجزنا الكثير ولكنّنا عجزنا عن إنجاز أمور أخرى في ظلّ الشَلل الذي أصاب مؤسساتنا بدءاً من السلطة التشريعية وانتقالاً الى السلطة التنفيذية. لكنّ السلطة الإجرائية بطبيعتها لا يمكن ان تكون مشلولة، وإذا شُلّت تتوقّف وينتفي مبرّر وجودها».
حرب
وقال الوزير بطرس حرب لـ«الجمهورية»: «الحكومة صار اسمُها حكومة ولكن فعلها غير حكومي ووجودها شكليّ. فالحكومة هي جهاز ومؤسسة تعمل وتتّخذ قرارات وتحلّ مشكلات الناس والبلد، إنّما السياسة التي يَتبعها «التيار الوطني الحر» و«حزب الله» والشروط التي يضعانها والمخالفة لأحكام الدستور لتفعيل عمل الحكومة، جَعل اجتماعها صعباً، إن لم يكن مستحيلاً، ووضعت الرئيس سلام والحكومة أمام حالة من اثنتين: إمّا القبول بالأمر الواقع وبالتالي تحويل الحكومة صورة من غير ان تكون قادرة ولديها صلاحيات، وإمّا إيجاد حلّ لمواجهة هذا الواقع وتفعيل الحكومة من خلال تحميل الجميع مسؤولياتهم واتّخاذ القرارات التي تتلاءم مع توجّهنا لتفعيل عملها وتتحوّل مؤسسة فاعلة قادرة على اتّخاذ القرارات وحلّ المشكلات.
نحن نرفض بقاء الحكومة كما هي، وإذا ظلّت على ما هي عليه اليوم لا لزوم لاستمرارها، نحن لسنا ساكتين ولا نرغَب في ان نكون شهود زور، من هنا تُطرح مقاربة لدرس سُبل تفعيل عملها حتى في ظلّ الجو الخلافي القائم».
وهل مِن مؤشرات الى حلحلة قريباً؟ أجاب حرب: «يبدو أن لا حلحلة حتى الآن، فموقف «التيار» والحزب على حاله، إلّا انّ القوى السياسية الأخرى مقتنعة بوجوب تفعيل الحكومة، وإلّا فما مبرّر وجودها». وتمنّى «أن لا ننقل النزاعات الخارجية الى الداخل اللبناني لتفجيره، فيكفينا الشلل القائم والوضع الاقتصادي المتردّي والمهدّد بمخاطر جَمّة».
كلام رعد يتفاعل
وكان هجوم رعد على الحريري الذي قال فيه «إنّ من يعيش الإفلاس في ملاذه الذي يأوي إليه الآن لا يجب ان يجد مكاناً له في لبنان مرّة جديدة»، تفاعَل بشدّة في الساحة السياسية، وأثار موجة ردود لدى كتلة «المستقبل» و14 آذار.
ففي حين اعتبَر وزير الداخلية نهاد المشنوق انّ هذا الكلام لا يخدم الحوار، جَدّد النائب احمد فتفت تحميلَ الامين العام لـ«حزب الله» السيد حسن نصر الله شخصياً «مسؤولية أيّ تطوّرات أمنية مؤذية قد تَحدث، لأنّ ما نسمعه في هذه الأيام كنّا قد سمعناه قبَيل اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري»، سائلاً: هل كان رعد «يستطيع قولَ هذا الكلام لو لم يكن لديه سلاح يَستقوي به»؟ وهل هناك من تحضيرات لأعمال أمنية موازية يقوم بها الفريق السياسي نفسُه»؟
واعتبرت كتلة «المستقبل» انّ كلام رعد «بمقدار ما يَحمل في طيّاته تهديداً لشخصياتٍ سياسيةٍ لبنانية والتهويل عليها، فإنّه يُذَكِّرُ بعودة الحزب مجدّداً إلى لغة «القمصان السود» وانقلاب السابع من أيار 2008 والعمل على ممارسة الحُرم والعزل على فئة كبيرة من اللبنانيين لأنّها تقف سدّاً منيعاً وصامداً بوجه محاولات الحزب الإمساكَ بلبنان كاملاً، ووضعه تحت إمرة مشاريع الهيمنة الخارجية وتشريع التدخّل في شؤون الدوَل العربية الداخلية».

اللواء :

على خط الأزمات الإقليمية، وما يتردد في المحافل الدولية عن عام حافل بالحروب الممتدة على طول الشرق الأوسط، بحيث تشمل أفغانستان وتشاد وليبيا ودول أخرى في القرن الافريقي، إلى جانب استمرار الحروب في سوريا والعراق واليمن، توقفت مصادر لبنانية مطلعة عند المحاولات الجارية لاقفال منافذ التسوية السياسية، وقطع الطريق نهائياً على المبادرة - التفاهم التي تمّ التوصّل إليها بين الرئيس سعد الحريري والنائب سليمان فرنجية في باريس، قبل مطلع شهر كانون الأوّل الماضي.
وإذا كان الرئيس تمام سلام لامس الوضع الصعب لدى استقباله موظفي رئاسة الحكومة والاعلاميين المعتمدين، داعياً للكف عن تقطيع الوقت، من دون ان يسقط الاعراب عن أمله في تفعيل العمل الحكومي في المرحلة المقبلة نظراً لأن «السلطة الاجرائية بطبيعتها لا يمكن ان تكون مشلولة وإذا شلت تتوقف وينتفي مبرر وجودها»، معرباً عن اسفه «لحروب القتل والدمار والخراب والإرهاب التي تشهدها المنطقة»، فإن أوساط عين التينة تنسب إلى الرئيس نبيه برّي امتعاضه من الدرك الذي وصلت إليه الأوضاع، متسائلة عن البدائل المطروحة، سواء للمبادرة الرئاسية أو للحوار الوطني أو الحوار الثنائي.
وأشارت هذه المصادر نقلاً عن رئيس المجلس إلى ان مواجهة التحديات المتصلة بالاستقرار السياسي والأمني والاقتصادي يستدعي إعادة ضبط عمل المؤسسات القادرة وحدها على مجابهة التحديات.
ومن هذه الخلفية يتحرك الرئيس برّي لاحتواء التشنجات، وليس من أي خلفية أخرى، فهو معني بإنهاء الشغور وتفعيل العمل التشريعي وتفعيل عمل مجلس الوزراء، ليتمكن لبنان من إنجاز الاستحقاقات الكثيرة، في ضوء انشغال العرب والعالم بالازمات الكبيرة والمعروفة في هذه المنطقة.
المستقبل: استياء من كلام رعد وإبقاء الباب مفتوحاً
سياسياً، توقفت كتلة «المستقبل» النيابية في اجتماعها الدوري أمس، بإسهاب عند التصريح غير المسبوق لرئيس كتلة «الوفاء للمقاومة» النائب محمّد رعد، والذي تضمن «تهديداً لشخصيات لبنانية والتهويل عليها، الأمر الذي يُعيد إلى الذاكرة لغة القمصان السود وانقلاب السابع من أيّار 2008، والعمل على ممارسة الحرم والعزل».
ولاحظت الكتلة ان كلام رعد «يعبر عن توجه مستجد للاطاحة بالاستقرار الوطني والأمني والاقتصادي والمعيشي».
وتساءلت عمّا إذا كان ما تضمنه تصريح رعد من رفض الحزب لأي تسوية داخلية، ولا سيما انتخابات رئاسة الجمهورية يعتبر تراجعاً عن دعوات أمين عام الحزب السيّد حسن نصر الله للتسوية الشاملة.
وادانت الكتلة تدخل الحزب في الشأن السعودي الذي يتناول سعوديين ادينوا بجرائم إرهابية من قبل القضاء السعودي، وهي من القرارات السيادية لأي دولة، الا ان الكتلة لم تقفل الباب وأكدت انها ستستمر في دعوة حزب الله إلى العودة إلى لبنانيته وعروبته، حيث رحاب الوطن والعروبة تحتضن وتتسع للجميع.
وفي المعلومات، ان نقاشاً جرى داخل اجتماع الكتلة أمس، حول جدوى استمرار الحوار مع حزب الله، وإلى أين يمكن ان توصل مسيرته معه، في ظل المواقف الأخيرة للحزب ولا سيما تصريحات النائب رعد والتي تهجم فيها على الرئيس سعد الحريري بلهجة معيبة وغير مقبولة، على حدّ مصدر نيابي في الكتلة الذي أوضح لـ«اللواء» ان النقاش لم يتوصل إلى قرار في شأن المشاركة في جلسة الحوار المقررة الاثنين المقبل، بانتظار مشاورات سيجريها الرئيس فؤاد السنيورة مع الرئيس الحريري وقيادات تيّار المستقبل.
ولفت المصدر إلى ان الكتلة لم تتخذ قراراً بوقف الحوار على اعتبار انها حريصة عليه، لكن في الوقت عينه لا قرار بالاستمرار فيه، بعدما خرجت مواقف الطرف الآخر عن مستوياتها المقبولة، مشيراً إلى ان كرامات الأشخاص لها اعتباراتها.
وكان وزير الداخلية نهاد المشنوق، أوّل من شكك باستمرار الحوار الثنائي، حين اعتبر بعد زيارته مطران بيروت للموارنة بولس مطر، تصريح رعد بأنه لا يُساعد ولا يسهل إتمام الحوار، لأن الحوار بحاجة إلى قواعد لم تكن متوافرة ابداً في كلام رعد.
لكن المشنوق حذر، في الوقت عينه، من ان «الغطاء الإقليمي للبنان، والذي حماه حتى الآن أربع سنوات من كل الحرائق المحيطة به بدأ بالتراجع»، داعياً القوى السياسية إلى القيام بواجباتها، والالتفات إلى الداخل.
في المقابل، لاقى موقف النائب رعد الذي شكّل صدمة للأوساط السياسية والنيابية، إرتياحاً في الرابية التي غاب عنها اجتماع تكتل «الاصلاح والتغيير» الذي ألغي قبل 48 ساعة، وأبلغ النواب بإلغائه من دون معرفة الأسباب.
ومردّ هذا الارتياح، وفقاً لمصدر نيابي مطّلع رفض الكشف عن هويته، أن «فيتو» حزب الله على عودة الرئيس الحريري إلى رئاسة الحكومة تعني الإطاحة بالنائب فرنجية مرشحاً للرئاسة الأولى، وبالتالي يبقى النائب ميشال عون المرشح الأقوى، وإحياء معادلة: «عون رئيساً أو فراغ رئاسي طويل».
وفي معلومات «اللواء»، أن ثمة حرصاً عربياً على عدم انعكاس ما يحصل على جبهة العلاقات بين الرياض وطهران، على إبقاء لبنان بمعزل عن هذه التأثيرات، وبالتالي الحرص على حثّ اللبنانيين على التمسك بالحوار كإطار لحل الخلافات.
جلسة الحكومة
حكومياً، اكدت مصادر السراي الحكومي لـ«اللواء» ان  لدى الرئيس سلام قناعة اكيدة بضرورة تفعيل العمل الحكومي من خلال عقد جلسات لمجلس الوزراء في ظل الفراغ الرئاسي لتسيير شؤون الناس الضرورية، وهذا الامر يؤكد ويصر عليه سلام أمام زواره، ولكن وفي الوقت نفسه فهو لن يدعو الى عقد أي جلسة لمجلس الوزراء لمجرد الدعوة إذا لم يكن هناك اتفاق على اهمية نجاح الجلسة. 
ولفتت المصادر الى انه وحتى الساعة لا موعد محدداً لدى سلام للدعوة الى مجلس وزراء ولا حتى هناك اتفاق على جدول اعمال لجلسة.
ورداً على سؤال حول ما إذا كان هناك موعد محدد للقاء سلام مع الرئيس نبيه بري، اعتبرت المصادر ان لا شيء يمنع عقد مثل هكذا لقاء ولكن لا موعد محدداً بين الرئيسين حتى الساعة.
غير أن مصادر نقلت عن وزير البيئة محمّد المشنوق أن الرئيس سلام يتجه إلى الدعوة للجلسة يوم الجمعة أو السبت المقبلين، وأنه (أي سلام) أوعز إلى دوائر رئاسة الحكومة إعداد جدول أعمال مقتضب من المواضيع المطروحة والمتراكمة منذ انفجار أزمة النفايات، أي منذ آخر جلسة لمجلس الوزراء التي عقدت في 9 أيلول من العام الماضي، والتي تقدّر بنحو 800 موضوع.
وأشار إلى أن الرئيس سلام يحرص على أن يكون الجدول مقبولاً من جميع مكونات الحكومة، لكن من دون الدخول في مفاوضات في شأن هذا الجدول الذي دأب على توزيعه قبل 72 ساعة من موعد الجلسة.
ومن جهتها، لفتت مصادر في تكتل «الاصلاح والتغيير» إلى أن مشاركة وزراء «التيار الوطني الحر» في جلسات الحكومة المرتقبة واردة، خصوصاً إذا ما تمّ اعتماد آلية واضحة لعملها وإدراج بند التعيينات في المجلس العسكري، مشيرة إلى أن الرئيس سلام راغب في عقد جلسات للحكومة لا تتضمن بنوداً خلافية، معتبرة أن ما من أفكار جديدة في ما خص التفاهم على آلية العمل الحكومي، خصوصاً وأن المعطى القديم ما زال هو السائد لجهة أن البنود لا تسير في حال اعتراض مكونين من الحكومة.
وتحدثت المصادر عن ميل جاد للمشاركة في الجلسات ضمن هذا الإطار، متوقعة أن تلتئم الحكومة مجدداً بعد التفاهم على سير العمل الحكومي، وربما يكون ذلك في جلسة الحوار الوطني في عين التينة يوم الاثنين المقبل.