ليست هي المرة الأولى التي يقع فيها أمين عام حزب الله السيد حسن نصرالله بتناقض رهيب في سياق كلمته ، وإنّما هذه المرة كان حجم وكمية التناقض كبير لدرجة أنّ اي معارض لسياسات حزب الله ويجلس أمام التلفاز ويستمع لكلمته بمناسبة أسبوع الشيخ محمد خاتون والتي خصص النصف الاخير منها لحادثة إعدام الشيخ النمر ، يتمنى هذا المستمع لو أنّ السيد نصرالله يختلي بنفسه ويستمع بهدوء لما جاء في متنها . 

وأوّل ما اعترض عليه سماحته في سياق تهجمه على المملكة السعودية هو تسمية تلك البلاد بإسم عائلة واعتبر هذه التسمية تحمل في طياتها كل أنواع الزور والبهتان والتجني ووو ... في حين أنّ سماحته يصرّ دائماً على إطلاق تسمية سوريا الأسد على الجمهورية العربية السورية فيا ليت أحد يلفته أنّ " الأسد " هنا ما هو إلاّ اسم لعائلة حكمت هي الأخرى بلدها بالحديد والنار . 

ثم راح سماحته إلى نقطة ثانية لا تقلّ غرابة عن الأولى حين اعتبر أنّ السعودية لا مكان فيها للإختلاف وحرية الرأي واعتبر أنّ هذه المنقصة هي من أبشع العيوب في النظام السعودي في حين أنّ حزب الله يقاتل ويدفع الأضاحي للدفاع عن النظام البعثي الذي يعتبر من أبشع وأخبث الأنظمة في التاريخ من حيث قمع الحريات والتنكيل ليس بالمعارضين بل بمن يمكن أن يُتّهم بالمعارضة ، وهو نفسه أي السيد كان وصف نظام الأسد بأنّه يطحن العظام ويفري لحوم معارضيه . 

وأمّا توصيف النظام السعودي بأنّه يخيّر شعبه بين العيش كالغنم أو الذبح كالغنم فإنّه هنا تكمن الطامة الكبرى ، خاصة بأنّ سماحة السيد هو الأدرى بحجم الذبح والتقتيل الذي يصيب الشعب السوري الذي خرج سلمياً تحت شعار " سوريا بدا حرية " والقياس بين حكم إعدام بحق شخص أو أشخاص لا يمكن مقارنته بأمطار البراميل المتساقطة على رؤوس الشعب السوري . فإذا كان كل ما تقدم يمكن التغاضي عنه أو القفز فوقه يبقى أنّ التغنّي بوطنية شيعة القطيف ورفضهم التقسيم المعروض عليهم وتقديمهم لمصلحة بلادهم وأوطانهم هو الأشدّ استغراباً ، حيث يقدم سماحة السيد بنفس تلك اللحظة على ضرب مصالح لبنان واللبنانيين وبالخصوص الشيعة منهم وبالأخص العائلات المتواجدة في السعودية عبر ضرب مصالحهم في عرض الحائط ويعرّضهم ويعرّض مصالحهم لخطر الترحيل من خلال تهجمه على النظام السعودي كرمى لعيون النظام الإيراني . 

والنكتة المبكية في هذا الإطار هي عند استعراضه لحالة المساجين وأوضاعهم في سجون البحرين ، مستشهداً بأنّ هؤلاء المساجين يرسلون الرسائل إلى أهاليهم وأتباعهم ويخاطبونهم من داخل تلك السجون " الظالمة " ،  في حين أنّ السجين في النظام الأسدي ينعم بكل وسائل الراحة والحقوق بحيث يتمنى أن لا يخرج منها وهذا تماماً ما يحصل .

يبقى الحديث عن الفتنة السنية - الشيعية التي يسعى بإستمرار سماحة السيد إلى التحذير منها والعمل على تجنّبها ولكن تخونه الذاكرة في نفس اللحظة حين يعمل على استحضار التاريخ ويلجأ إلى مصطلحات مشبّعة بالمذهبية حين يعتبر أنّ مقتل الشيخ النمر هو كمقتل الإمام الحسين عليه السلام وبأنّ الرد سيكون كرد السيدة زينب عليها السلام ، مذكّراً بذلك بأبشع مراحل الفتنة في التاريخ الإسلامي و واضعاً نفسه وأتباعه كما كل مرّة إلى جانب الحسين في حين أن أخصامه هم يزيديو هذا العصر ومن ثم يحذّرنا من التمذهب ! وحين أتى بالذكر لماماً على المشروع الأميركي الإسرائيلي كان لافتاً جداً صراخ الصارخين بالهتاف الجديد البديل للهتاف القديم " الموت لال سعود " بدل " الموت لأميركا والموت لإسرائيل " ... وإن كنت أنسى فإنني لا أنسى أنّ سماحته أخبرنا عن المؤامرة التي يجهد لتمريرها الصهاينة والقاضية بتبديل العدو الإسرائيلي واستبداله بزرع العداوة بين صفوف الأمّة .  في الختام لا يسعنا إلاّ أن نُذكّر سماحة السيد بالآية الكريمة : " يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ مَا لَا تَفْعَلُونَ* كَبُرَ مَقْتًا عِندَ اللَّهِ أَن تَقُولُوا مَا لَا تَفْعَلُونَ " 

  ( احمد الموسوي )