المبادرة تحاول إستعادة الروح , الحريري لفرنجية نحن معا ...

 

السفير :

 إنها مرحلة لملمة الأوراق وترتيبها، بعدما تبعثرت وتناثرت، تحت تأثير قوة العصف التي ترتبت على مبادرة الرئيس سعد الحريري بطرح اسم النائب سليمان فرنجية لرئاسة الجمهورية.
هي مرحلة «إعادة الانتشار» السياسي. القوى الداعمة للمبادرة تحاول «تعويمها» عبر سياسة النَفَس الطويل، والأطراف المعترضة عليها تسعى الى «قضمها» بالتدريج. والمفارقة ان كلا من المعسكرين يراهن على عامل الوقت للوصول الى حيث يريد.
وبينما تتخبط المبادرة الرئاسية في الرمال السياسية المتحركة، استطاع «فرع المعلومات» تحقيق إنجاز أمني إضافي، من خلال نجاحه في إلقاء القبض مساء أمس الاول على المخطط والمدبّر لتفجيري برج البراجنة المدعو بلال البقار، بعد فترة من التعقب انتهت بوقوعه في قبضة القوة الضاربة في «المعلومات». ويُعتبر البقار (28 عاما) أحد أبرز المنتمين الى تنظيم «داعش» والمتعاملين معه في لبنان.
في المقابل، لا تبدو الظروف مؤاتية بعد لتحقيق إنجاز رئاسي بفعل استمرار التجاذب الداخلي حول ترشيح فرنجية، فيما التقطت الأرصاد السياسية أمس إشارة الى تطور إيجابي في مسار العلاقة السعودية ـ الايرانية، عكسها مساعد وزير الخارجية الايراني للشؤون القنصلية حسن قشقاوي في مقابلة مع تلفزيون «العالم»، بقوله إن مستوى من الحوار بدأ بين السعودية وإيران حول العلاقة الثنائية والملفات الإقليمية.
وتجدر الإشارة الى أن الرياض رشحت سفيراً جديداً لها لدى طهران التي تتولى درس أوراقه، تمهيداً لقبول اعتماده.
وفي انتظار تبيان مدى إمكانية انعكاس المناخ الاقليمي المستجد على الملف الرئاسي، أجرى الحريري أمس اتصالاً هاتفياً بفرنجية «تبادلا خلاله الرأي حول مستجدات الأوضاع السياسية والاتصالات الجارية».
وخلص الاتصال، وفق البيان الصادر عن مكتب الحريري، الى تأكيد متابعة التشاور والمضي في المسار المشترك لانتخاب رئيس الجمهورية.
وكان لافتا للانتباه في البيان، الذي صدر عن الحريري ويُفترض ان يكون فرنجية قد اطلع عليه قبل نشره، تأكيد «المضي في المسار المشترك لانتخاب الرئيس»، ما يعني أن رئيس «تيار المستقبل» لا يزال متمسكاً بدعم ترشيح فرنجية، على الرغم من الاعتراضات التي تواجه هذا الترشيح على ضفتي «8 و14 آذار».
وعُلم أن الاتصال استمر قرابة عشر دقائق، شدد خلاله الحريري على جدّيته في مواصلة المبادرة، ووضع رئيس «المردة» في أجواء الاتصالات التي يجريها، والمعطيات التي يملكها، كما أطلعه على حصيلة المداولات التي تمت بينه وبين رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع عبر الهاتف، واتفق الرجلان على مواصلة التنسيق بينهما.
وأبلغت مصادر واسعة الاطلاع «السفير» ان الاهم في اتصال الحريري بفرنجية أنه ينطوي على رسالة بأن المبادرة مستمرة ولو أنها تباطأت، وان رئيس «المستقبل» لا يناور بطرحها.
وفي المعلومات، أن الحريري مصمم على السعي الى إنجاح مبادرته، وهو أبلغ المتحمسين لها أنه يجب الصمود لتجاوز الصعوبات والعوائق التي تواجهها، مراهناً على عامل الزمن لتليين المواقف، خصوصاً أن أحداً لم يقدم بديلاً موضوعياً من اسم فرنجية.
وكان نادر الحريري والنائب السابق غطاس خوري قد التقيا فرنجية ايضا.
محاولة لترميم «8 و14 آذار»
.. أما وان مبادرة الحريري لا تزال عملياً متعثرة، ولو انها لم تسقط، فإن كلا من فريقي «8 و14 آذار» يحاول الدفع في اتجاه إعادة ترميم بيته الداخلي الذي تصدعت جدرانه، تحت وطأة «هزة» ترشيح فرنجية لرئاسة الجمهورية.
شعر كل فريق أنه مهدد بأن يفقد تماسكه عبثاً، من دون أن يربح في المقابل رئيساً، فكان لا بد من السعي الى لملمة الجراح في انتظار حسم الخيارات.
بالنسبة الى الحريري، لا ضرورة لخسارة تحالفه مع جعجع، مبكراً، ما دامت القوى الاساسية في «8 آذار» لم تتلقف بعد مبادرته، ولم توافق عليها، وبالتالي فهو يعتقد أنه ليس هناك ما يستحق التضحية المجانية بجعجع في الوقت الضائع.
وتفيد المعلومات بأن الاتصال الهاتفي الذي أجراه جعجع بالحريري، عبر خط آمن محصن ضد التنصت، كسر الجليد لكنه لم يُذبه.
وعندما أقفل الرجلان السماعة، كان كلاهما لا يزال عند رأيه. الحريري مقتنع بجدوى ترشيح فرنجية كخيار وحيد للخروج من المأزق الحالي، وجعجع مصر على أن موازين القوى لا تبرر الذهاب في التنازلات الى حد القبول بانتخاب رئيس «المردة» رئيساً.
لم ينجح أي منهما في إقناع الآخر بوجهة نظره، لكنهما اتفقا على تنظيم الخلاف.
وقال مصدر قيادي في «القوات» لـ «السفير» إن الاتصال بين الحريري وجعجع كان عملياً وعلمياً، وجرت خلاله مقاربة الملف الرئاسي من كل النواحي، بسلبياته وإيجابياته، وتم الاتفاق على متابعة التواصل الأسبوع الحالي.
أما بالنسبة الى «المردة»، فالمعادلة باتت واضحة. «حزب الله» لن يتخلى عن العماد ميشال عون، وفرنجية لن يتخلى عن الحزب. والنتيجة: رئيس «المردة» باق الى جانب الجنرال، ما دام يعتقد وحليفه الشيعي أن فرصه لم تنعدم بعد.
لكن هناك جزءاً آخر لهذه المعادلة تتمسك به بنشعي، وهو أن فرنجية ليس بصدد سحب مبدأ ترشيحه من التداول، بل ان أهمية المبادرة الحريرية تكمن في أنها كرّسته مرشحاً أصيلاً وربما الأكثر جدية، بمعزل عن نتائجها الفورية.
ودعت مصادر قيادية في «المردة» الى انتظار الكلمة - الفصل التي سيدلي بها فرنجية في مقابلته التلفزيونية الخميس المقبل، موضحة أنه سيكشف عن التفاصيل المتعلقة بالمبادرة الرئاسية، منذ ولادتها، وسيشرح الخيار الذي سيعتمده في التعامل معها، تبعاً لما أفضت اليه لقاءاته مع السيد نصرالله والعماد عون والرئيس الحريري والنائب وليد جنبلاط.
وأبلغت مصادر سياسية مواكبة للاتصالات «السفير» أن مبادرة الحريري لم تمت لكنها ليست في صحة جيدة، وهناك حاجة الى مزيد من الوقت والتشاور لإنضاجها، لافتة الانتباه الى أن وتيرتها ضعفت إنما هي مستمرة، كونها الطرح الوحيد الواقعي والقادر على تحقيق خرق في الاصطفافات الداخلية، وسط انعدام البدائل القابلة للتطبيق لدى المعترضين.

النهار :

بات مؤكداً أن الجلسة الثالثة والثلاثين لانتخاب رئيس للجمهورية بعد غد الأربعاء لن تكون "ثابتة" ولن تشكل نهاية مسار الشغور الطويل، بل رقماً جديداً كمثيلاتها من حيث عدم توافر النصاب، في ظل تعثّر المساعي للتوافق على النائب سليمان فرنجيه رئيساً، ورفض الجهة المعطلة على الدوام هذه التسوية، أي فريق 8 آذار الذي ينتمي اليه، إذ يتركز الرفض لدى تحالف "حزب الله - التيار الوطني الحر".
لكن الرئيس سعد الحريري ماض في مشروع التسوية في ظل استمرار الشغور وعدم تقديم أي من المعترضين مشروعاً بديلاً، أو عرض اسم بديل يكون مقبولاً لدى كل الافرقاء. وقد اتصل الحريري هاتفياً أمس بفرنجيه وتبادلا الآراء في مستجدات الأوضاع السياسية والاتصالات الجارية. وخلص الاتصال الى تأكيد متابعة التشاور والمضي في المسار المشترك لانتخاب رئيس الجمهورية.
وكان الحريري أوفد السبت مدير مكتبه السيد نادر الحريري والنائب السابق غطاس خوري الى بنشعي في رد ضمني على الذين ينعون التسوية أقله لجهة استمرار ركنيها الأساسيين الحريري وفرنجيه في التشاور المباشر بينهما.
وقالت أوساط قيادية في 14 آذار لـ"النهار" أن الفترة الحالية تمثّل منعطفاً للمبادرة الرئاسية التي أطلقها الرئيس الحريري، فإما ان تستمر بأشكال جديدة وهذا يمثل علامة انفراج، وإما ان تتلاشى وهذه ستكون علامة سلبية في ما يتعلق بالمرحلة المقبلة في لبنان. وأعربت مصادر أخرى عن اقتناعها بأن الرئيس الحريري ومعاونيه ماضون في اتصالاتهم مع الأفرقاء السياسيين في الداخل ومع عواصم التأثير في الخارج لإنجاح المبادرة، في حين أن حزب "القوات اللبنانية" ومَن يرون رأيه ماضون في موقفهم، أما الغاية من اتصال رئيس "القوات" سمير جعجع بالحريري فهي الاتفاق على أن الاختلاف في الرأي يجب ألا يؤدي إلى خلاف، وقد تحققت هذه الغاية، وستكون هناك اتصالات مماثلة بينهما في بحر هذا الأسبوع.
وأبلغت مصادر حزب "القوات" "النهار" أن جعجع بادر إلى الاتصال بالرئيس الحريري أول من أمس قرابة الظهر، وناقشا الاستحقاق الرئاسي وكل الخيارات المتعلقة به وسلبيات كل خيار وإيجابياته بطريقة عملية، واتفقا على متابعة الاتصالات.
وعلمت "النهار" ان الرئيس الحريري اتصل أمس أيضاً برئيس حزب الكتائب النائب سامي الجميّل.
وقالت مصادر في 14 آذار لـ"النهار" على هامش إحياء الذكرى العاشرة لاستشهاد جبران تويني، التي أعادت تحريك الهواجس من انفراط العقد السيادي، "إن ما يجري في الأيام الأخيرة محاولة لتضييق هامش الخلاف بين هذه القوى ورفع قضيتها الى مستوى أرفع من الخلاف على التفاصيل، لأن الفريق الآخر سيحقق انتصاراً بمجرد زرع الشقاق في ما بينها".
من جهة بنشعي، يمتنع المحيطون بفرنجيه عن التصريحات في انتظار ما سيقوله الخميس في إطلالته عبر برنامج "كلام الناس" في "المؤسسة اللبنانية للإرسال"، لكنهم يشيعون أجواء تفاؤل بمواقف الافرقاء من المبادرة، وأنها ماضية وإن تأخرت.

سلام والحكومة
على صعيد آخر، فهم أن اعتصام رئيس الوزراء تمّام سلام بالصمت لا يعني انه لم يبلغ مرحلة نفاد الصبر، وخصوصاً بعدما دخل التعطيل الحكومي شهره الرابع. وفي حين وصف سلام الأوضاع أمام زواره أمس بأنها غير مريحة، بل ملبّدة، بعدما ظهر ان التسوية الرئاسية قد جمّدت او تعثّرت، قال لـ"النهار" إن لا شيء حتى الآن يدل على أنها توقفت، مشيراً الى ان الرئاسة تحتاج الى التوافق ولا بد من الوصول إليه بين مختلف القوى حتى يصبح الانتخاب ممكناً ومنجزاً. وسئل هل يُعدّ النائب فرنجيه، وهو من فريق ٨ آذار، مرشحاً توافقياً، فأجاب: "عندما يؤيده الرئيس سعد الحريري وهو في قوى ١٤ آذار، فهذا يجعله توافقياً".
وعن إمكان عقد جلسة لمجلس الوزراء قريباً، أكد سلام أنه لن يوجه الدعوة قبل ان تكتمل كل عناصر ملف النفايات، مشيراً الى أنه ليس على استعداد لعقد أي جلسة قبل ان يقفل هذا الملف نهائياً، لأنه لا يمكن التفرّغ لأي أمر آخر أياً تكن أهميته قبل رفع النفايات من الشوارع. وأفاد في هذا السياق ان الحكومة قطعت شوطاً كبيراً وأحرزت تقدماً ملحوظاً في مسألة التصدير، لكنه رفض تحديد مهل قبل ان تكتمل كل العناصر لديه.
أما عن عقد جلسة للبحث في مرسومي النفط، فقال إنه على استعداد لتوجيه الدعوة إذا لمس ان هناك توافقاً على هذا الموضوع، لافتاً الى ان النفايات والنفط ملفان مهمان جداً، وإذا تم التوافق عليهما فهذا إنجاز كبير للحكومة.
ونفى سلام أن يكون متشائماً بالأوضاع، لكنه في الوقت عينه لم يبد تفاؤله، عازياً ذلك الى تلمسه أن كل القوى باتت تدرك أنه لا يمكن الاستمرار في الوضع على ما هو عليه ولأن السلبيات باتت كبيرة جداً ولم يعد في الإمكان الاستمرار فيها.
وعن تحول الحكومة الى تصريف الأعمال بفعل الواقع بعد تعطل جلساتها أربعة أشهر، قال: "قد نذهب الى هناك فعلاً لا واقعاً وأنا سبق لي أن قلت ان الحكومة التي لا تجتمع ولا تنتج، لا حاجة الى بقائها".

 

موفد أميركي
في غضون ذلك، علمت "النهار" ان مساعدة وزير الخارجية الاميركي لشؤون السكان واللاجئين آن ريتشارد وصلت الليلة الماضية الى بيروت تمهيداً لإجراء محادثات مع المسؤولين.

 

المستقبل :

بدّد الاتصال الهاتفي الذي أجراه الرئيس سعد الحريري بالنائب سليمان فرنجية، مساء أمس، الشكوك التي أحاطت بالمبادرة الرئاسية المطروحة، والتي ذهب بعضها إلى حدّ الحديث عن طيّ صفحتها، فخلص الاتصال الذي جرى خلاله «تبادل الرأي حول مستجدات الأوضاع السياسية والاتصالات الجارية»، بحسب بيان صدر عن المكتب الإعلامي للرئيس الحريري، الى التأكيد على «متابعة التشاور والمضي في المسار المشترك لانتخاب رئيس الجمهورية». فيما تلقّت المساعي الجارية لإتمام الاستحقاق الرئاسي جرعة دعم مصرية عبّر عنها الرئيس عبدالفتاح السيسي خلال استقباله البطريرك الماروني مار بشاره بطرس الراعي في القاهرة.
وعلّق وزير الثقافة روني عريجي على اتصال الحريري بفرنجية موضحاً أن بيان رئيس «المستقبل» كان «وافياً وشرح ما حصل في الاتصال». ولفت في مداخلة تلفزيونية الى أن التشاور بين الرجلين «مستمر لتأمين انتخابات الرئاسة بما فيه مصلحة لبنان».
السيسي ـ الراعي
وقالت مصادر شاركت في اجتماع الرئيس المصري مع البطريرك الماروني أن لقاءهما كان «ودّياً للغاية» أظهر خلاله الرئيس السيسي حرصه على لبنان وعلى تجاوز المخاطر المحيطة به «بوحدة أبنائه وتضامنهم». وكشفت هذه المصادر أن البطريرك الراعي عرض أمام الرئيس المصري المبادرة المطروحة لانتخاب رئيس، وأن الرئيس السيسي أكد للراعي ترحيب مصر بأي مبادرة تؤدي الى انتخاب رئيس للجمهورية وتنهي الشغور في الموقع الرئاسي الأول.
شيخ الأزهر
وكان البطريرك الراعي زار شيخ الأزهر الدكتور أحمد الطيّب، وهو أول لقاء بينهما، وجرى التأكيد خلال اللقاء، بحسب المصادر، أن «لا مشكلة أساساً بين المسلمين والمسيحيين في المنطقة، وأنه ينبغي العمل معاً من أجل مواجهة آفة الإرهاب». كما كشفت المصادر أن الراعي وجّه دعوة لشيخ الأزهر لزيارة لبنان وأن الدكتور الطيّب وعد بتلبيتها.
اتصال جعجع بالحريري
وكانت المشاورات الرئاسية تواصلت أول من أمس في اتصال أجراه رئيس حزب «القوات اللبنانية» الدكتور سمير جعجع بالرئيس الحريري، دام ساعة كاملة. وقال رئيس جهاز الإعلام والتواصل في «القوات» ملحم الرياشي في أحاديث صحافية إن الاتصال كان «علمياً وواضحاً»، مضيفاً أن الاستقرار لا يؤمّنه «إلا تسوية بالسياسة لا تسوية بالنظام لأننا ارتضينا جميعاً باتفاق الطائف». وأكد أنه وإن كان هناك «اختلاف بين «المستقبل» و»القوات» لكن لن يصبح خلافاً يوماً ولن نترك بعضنا البعض أبداً».

الديار :

قال السفير الاميركي في بيروت ريتشارد جونز لوزير صديق له ان تسوية الوزير سليمان فرنجية لم تمر لان الرئيس سعد الحريري ارتكب خطأ كبيرا عندما جلب لها الموافقة السعودية - الفرنسية فقط، ولم يؤمّن لها الدعم الاميركي وخاصة الروسي، كي تمر المبادرة فتلعب روسيا دورها مع ايران، وتلعب دورها واشنطن مع الاطراف في المنطقة ومع ايران ايضا، لتمرير التسوية، لكن الحريري اتكل فقط على فرنسا وعلى الرئيس هولاند المهتمين لتسوية فرنجية، ولذلك تجمّدت التسوية ولم تمر.

 


ماذا عن موقف العماد ميشال عون؟
تؤكد المعلومات ان العماد عون ابلغ قيادة حزب الله أنه لن ينسحب من معركة الرئاسة وهو ماض فيها حتى النهاية، وأنّه لن يقبل أن يحكم البلد جنبلاط والحريري، ولن يقبل أن يأخذ المركز الرئيس الأول سعد الحريري ووليد جنبلاط. وقد كانت الصدمة كبيرة لدى فرنجية عندما قال للعماد عون : ان حظ العماد عون انخفض في الرئاسة وحظوظ فرنجية عالية جدا، فردّ: «لو كان حظي صفراً فأنا مستمر حتى النهاية ولن أنسحب من معركة الرئاسة».
وقد درست قيادة حزب الله موقف العماد عون وترشيح فرنجية وتوصلت الى قناعة أنها لن تستطيع أن تجعل عون يغضب وبالتالي لا نصاب لانتخاب رئيس الجمهورية لا في 16 كانون الجاري ولا غيره.
وقال العماد عون: «هناك حل أن يقوم الحريري بتأييدي لرئاسة الجمهورية ويلحق به جنبلاط وعندها يكون الحل ناجزاً وهذا كان موقف قيادة حزب الله بتأييد عون وعدم تأييد فرنجية حالياً».

 


هل اخطأ رجل الاعمال جيلبير شاغوري بحق العماد عون؟
تؤكد المعلومات ان شاغوري هو صديق حميم جداً للعماد عون، وهو صديق حميم جدا للوزير فرنجية، وهو صديق جداً للرئيس نبيه بري، وبالمبدأ ليس له اعداء على الساحة اللبنانية، لكن منذ 3 اشهر فتح الحديث مع الرئيس سعد الحريري، لماذا لا يرشح الوزير سليمان فرنجية لرئاسة الجمهورية، فقال الرئيس سعد الحريري ان الموضوع قابل للبحث، وقام جيلبير شاغوري بابلاغ فرنجية عن جواب الحريري. وتابع شاغوري وساطته بين فرنجية والحريري دون علم عون، واخفى الخبر عنه كلياً، الا ان شاغوري كان يطلع بري على وساطته وعلى خطته في الترشيح والسعي لوصول فرنجية رئيساً للجمهورية.
وبعد 3 اشهر «استوت» الطبخة، واقتنع الحريري بترشيح فرنجية فأجرى الحريري اتصالاته مع القيادة السعودية التي وافقت على ترشيح فرنجية من قبل الحريري وان لا «فيتو» سعودياً على فرنجية، بينما هنالك فيتو سعودي على عون. فدعا رجل الاعمال النيجيري من اصل لبناني جيلبير شاغوري الحريري وفرنجية وعقدوا اجتماعا في باريس على مرحلتين، واتفقوا على التسوية بترشيح فرنجية لرئاسة الجمهورية، وترشيح الحريري لرئاسة الحكومة، وان الاكثرية مضمونة وان شاغوري قادر على اقناع عون بالانسحاب لصالح فرنجية، وان حزب الله سيجد في فرنجية حليفه القديم فرصة لايصال مرشح من حركة 8 اذار الى رئاسة الجمهورية، وهكذا سيؤيد حزب الله الوزير فرنجية في رئاسة الجمهورية.
اما فرنجية، فكان يتفاهم مع بري على الموضوع واطلع قيادة حزب الله على اتصالات شاغوري، وابلغهما ان التسوية تتقدم مع الحريري، فكان جواب حزب الله : نحن نعطيك الضوء الاخضر للاتصال بالحريري، استمع له ولكن اياك ان تلتزم معه بقرار دون التنسيق مع حزب الله. كذلك اطلع فرنجية الرئيس بشار الاسد على اتصالاته مع الحريري وان السعودية لا تضع فيتو على ترشيحه، وكان جواب الاسد : اتمنى من كل قلبي ان تصل الى رئاسة الجمهورية، لكن لا بد من التنسيق مع حزب الله، فسوريا سلمت موضوع لبنان سياسياً وأمنياً ومن كل النواحي الى حزب الله، ودعاه للتنسيق مع الحزب بشأن انتخابات الرئاسة.
عندما وصل خبر التسوية الى عون عن ان الحريري رشّح فرنجية لرئاسة الجمهورية، قال لنائب من التيار الوطني الحر «انسَ الموضوع لن تحصل انتخابات الرئاسة»، فحاول نائب من التيار مناقشة عون وابلاغه ان المسألة جدية، وان فرنجية مرشح تسوية، ولا «فيتو» سعودياً عليه، وان حزب الله قد يطلب من عون الانسحاب لصالح فرنجية. فكرر العماد عون الاجابة «انسَ الموضوع ما في رئاسة». وكان العماد عون يتكلم بثقة في النفس وثقة في المستقبل، رغم ان البلد كله كان في ضجيج كبير حول التسوية التي تمت لترشيح الحريري لفرنجية.
ثم حضر نواب من «تكتل التغيير والاصلاح» لزيارة العماد عون والاستفهام منه عن الموضوع، وكان عون لا يتكلم كثيرا، بل يقول عبارتين، الاولى «انسوا الموضوع»، والثانية «ما في رئاسة». ولم يهتم كثيرا بخبر التسوية بترشيح فرنجية، بل كان غير مهتم، وحتى عندما «حشروه» بالقول ان حزب الله والرئيس بشار الاسد قد يتدخلان لسحبك من المعركة، أجاب: «انا مرشح حتى النهاية، وليتخذ كل فريق موقفه وانا اعرف كيف اتصرف، لكن اقول لكم انسوا الموضوع، ما في رئاسة».
وعندما حاول حزب الله طمأنة عون بأنه ما زال على موقفه بدعمه لرئاسة الجمهورية، اجاب عون: «لكم الحرية وخذوا الموقف الذي تريدون، وانا آخذ الموقف الذي اريده، ولكل فريق حريته، ولا اريد ان يطمئنني احد بشأن الرئاسة». لكن حزب الله أصرّ على ابلاغ عون بأن الحزب يؤيده لرئاسة الجمهورية ولن يتخلى عنه، فشكرهم العماد ميشال عون، لكنه كان مصمماً دائما على خوض معركة الرئاسة حتى النهاية، وكان واثقا من ان الانتخابات لن تحصل رغم ان الاخبار أتته بأن بري والحريري وجنبلاط متفقون على دعم فرنجية، وان نواباً مستقلين سيؤيدون فرنجية في معركة رئاسة الجمهورية.
جلس العماد عون في الرابية، وسمع من معراب بأن جعجع سيرشحه لرئاسة الجمهورية اذا قام الحريري بترشيح فرنجية، فشكر عون جعجع، لكنه كان مرتاحاً ولم يعط اهمية لمواقف الاطراف السياسية، أو انه كان مستسلماً للقدر او أنه كان يملك معلومات تفيد بأنه لن يستطيع أحد خرق الحدود التي وضعها عون لرئاسة الجمهورية.
ثم تدخل جيلبير شاغوري رجل الاعمال النيجيري، وطلب موعدا من عون، فاستقبله العماد عون ببرودة بالغة، رغم انهما كانا صديقين للغاية، وعبثاً حاول شاغوري بحث موضوع الرئاسة، فرفض عون بحث الموضوع، وقال: «رشّح انت يا جيلبير الوزير فرنجية وانا مستمر في الترشيح»، وقام شاغوري بعرض مبلغ كبير من المال لا نعرف قيمته، منهم من قال ملياراً ومنهم من قال نصف مليار دولار ومنهم من قال 250 مليون دولار، لكنها تبقى شائعات بشأن المبلغ، أما الاكيد فإن شاغوري عرض مبلغا من المال على عون، فرفض عون الفكرة كليا، وقال لشاغوري : انك تهينني بعرض اموال عليّ لانسحب من الرئاسة، ارجو ان تكتفي بهذا الحد ولا تبحث معي بعد الان موضوع الرئاسة.
وذهب شاغوري خائباً لان المال لم ينفع مع عون، بشأن الرئاسة، ولان مشروعه بتسوية الحريري - فرنجية، لم ينجح.
التقط الموضوع الرئيس نبيه بري وعرف ان التسوية مصابة بعقدة كبيرة هي العماد عون وعدم انسحابه من الرئاسة، وبدأ جمهور عون يهاجم فرنجية بأنه قبل بالتسوية، مع ان عون ذهب بالسر واجتمع في روما بالحريري من اجل تسوية انتخابات رئاسة الجمهورية، كما فعل فرنجية عند سفره الى باريس واجتمع سرا بالحريري، لكن عون كان غاضبا من فرنجية، واعتبر انه طعنه في ظهره في التسوية، والقبول مع الحريري بالترشيح لرئاسة الجمهورية، مع ان عون مرشح للرئاسة ولم يبحث معه فرنجية هذا الموضوع.
وكان جواب فرنجية في جلسة المصارحة مع عون، «انه اذا لم يكن عندك حظ يا جنرال بالوصول الى الرئاسة وحليفك من ذات الخط ومن ذات التكتل له 70 و90 بالمئة في الوصول الى الرئاسة، فلماذا لا تؤيده وتكون انت مرتاحا في هذا العهد وكل حقوقك واصلة لك كأنك رئيس جمهورية؟، فردّ العماد عون : «انا مرشح للرئاسة حتى النهاية». وشعر فرنجية ان الباب مغلق مع عون فأنهى زيارته بعد ساعة في الرابية، وذهب للاجتماع والعشاء عند السيد حسن نصرالله مع نجله طوني وبحث مع الحزب في موضوع ترشيحه لرئاسة الجمهورية، وكان جواب السيد نصرالله انه شرح الاوضاع في المنطقة، ثم وصل الى لبنان، وشرح حجم التحالف القائم بين حزب الله وعون وكيف ان عون وقف في حرب الـ 2006 الى جانب حزب الله، وكيف ان عون يؤمن تغطية مسيحية كبرى لحزب الله، وانه مستحيل على حزب الله ان يترك العماد عون، مع حبه وتقديره للوزير سليمان فرنجية. لكن الظروف لا تسمح لحزب الله بترك العماد ميشال عون. وهذا الامر مستحيل بالنسبة الى الحزب، لانه يعتبره خيانة من الحزب بحق العماد ميشال عون. وهو يتمنى ان يصل الوزير سليمان فرنجية وان يستطيع اقناع العماد عون بالانسحاب له لكنه لن يتدخل مع عون كي ينسحب من الرئاسة.
وهنا ايضا عرف فرنجية ان التسوية مؤجّلة وباتت في الثلاجة وانه كما عاند عون بشأن الطائف ولم يرضخ حتى جاءت الدبابات السورية والطيران وفرضت عليه ترك قصر بعبدا، دون ان يوقّع على الطائف رافضا التنازل والتوقيع على الطائف، فعناد عون الآن هو ذاته، وهو يرفض كلياً الانسحاب من معركة الرئاسة، وليس هناك من قوة تستطيع الزامه الان بالانسحاب، فشعر فرنجية بأن التسوية التي أتمّها مع الحريري قد تجمدت ووقفت عند هذا الحد ولا احد يعرف ماذا سيحصل بعد 3 أو 4 اشهر، لكن فرنجية كرّس نفسه مرشحا لرئاسة الجمهورية مدعوما من الحريري وجنبلاط، واذا سنحت الفرصة ام لم تسنح فهو سيبقى مرشح تسوية لرئاسة الجمهورية وبات اسمه مسجلا في اولوية الاسماء التي يمكن ان تأتي الى رئاسة الجمهورية.
في هذا الوقت، كان الغضب يعمّ جعجع ويرفض التكلم مع الحريري على الهاتف، ويقول ان الحريري فاتحه في الموضوع قبل 3 اشهر وابلغه جعجع رفضه كليا ترشيح فرنجية، وان الحريري طعن جعجع في ظهره وهو يعرف ان هناك خلافا عميقا بينهما، فكيف سمح لنفسه بترشيح فرنجية. عندها قرر جعجع التحالف الى آخر الحدود مع العماد عون وترشيحه في وجه فرنجية لرئاسة الجمهورية، وانضم حزب الله الى «القوات» والعونيين واصبحوا يشكلون حلفا ثلاثيا اضافة الى نواب مسيحيين مستقلين، ونواب سنّة، رافضين ترشيح الوزير فرنجية حتى من كتلة المستقبل.
وتم نقل كلام عن لسان الامير طلال ارسلان بأنه زار الرئيس الاسد وبحث معه موضوع ترشيح فرنجية لرئاسة الجمهورية وكان الجواب من الاسد لارسلان: «عليكم التنسيق مع السيد حسن نصرالله فهو الذي يتولى الموضوع وانا لن اتدخل في انتخابات رئاسة جمهورية لبنان، فالعماد عون حليفنا وفرنجية حليفنا ولن اتدخل والموضوع متروك للسيد حسن نصرالله، فابحثوا معه الموضوع لوحده، ولا تضيعوا وقتكم في غير مكان». وفهم ارسلان الرسالة وجاء الى بيروت، وابلغ فرنجية ما قاله الاسد، وتوقفت اندفاعة ارسلان باتجاه فرنجية وعاد الى التوازن بين فرنجية وعون.
اما جعجع، فاعتبر انه اذا خاض الحلف الثلاثي الانتخابات النيابية خاصة على قاعدة النسبية، مع نواب مستقلين ومع فاعليات فانهم سيحصلون على نصف اصوات مجلس النواب بسهولة بالغة، اذا تم اعتماد النسبية في قانون الانتخابات. على كل حال، يعرف جعجع ان قانون النسبية لن يمر في مجلس النواب لان جنبلاط وبري والحريري يعارضونه وبالتالي هنالك معركة كبرى قبل انتخابات الرئاسة هي معركة قانون الانتخابات ورفض النسبية فيها واصرار عون و«القوات» على وضع مبدأ النسبية في قانون الانتخابات النيابية.

 

الجمهورية : هل هدأت عاصفة ترشيح الرئيس سعد الحريري غير الرسمي لرئيس تيار «المردة» النائب سليمان فرنجية ام انتهت، في وقت يتساءل الجميع عن اسباب عدم اعلان هذا الترشيح رسمياً حتى الآن؟ وهل انّ الجهات الاقليمية والدولية طرحته وهي تترقب ردات الفعل عليه ودرسه تمهيداً لخطوة لاحقة؟ وهل انّ الظروف الراهنة تتيح إنجاز الاستحقاق الرئاسي أم انّ الوضع ما زال يتطلب مزيداً من الانتظار؟ ففرنجية الخارج من لقاء طويل مع الامين العام لـ«حزب الله» السيد حسن نصرالله سيطلّ تلفزيونياً هذا الاسبوع ليتحدث عمّا حصل معه من باريس الى بيروت مع الحريري فعون فنصرالله، وما سيكون عليه الموقف لاحقاً، فيما ليس هناك أي مؤشرات على طَلّة مماثلة للحريري تكمل عناصر المشهد. الاوساط السياسية على اختلافها خرجت بعد كل ما حصل حتى الآن، بانطباع مفاده ان لا عجلة ولا استعجال لحرق المراحل وصولاً الى إنجاز الاستحقاق الرئاسي، وانّ البلاد ستبقى مشدودة الى موقف رئيس تكتل «التغيير والاصلاح» النائب ميشال عون الذي كان ولا يزال «الممر الالزامي» الى الاستحقاق الدستوري، كما سمّاه السيد نصرالله. وكل المؤشرات والمعطيات تدلّ حتى الآن الى انّ عون لم يتزحزح قيد أنملة عن ترشيحه ولم يفكر للحظة بعد بالتزحزح. فحلفاؤه الاقربون والابعدون يشدّون على أزره وحريصون عليه، على ما يعلنون، ويتركون له حرية الخيار مع التأكيد أنهم سيلتزمون ما يختار. وتؤكد هذه الاوساط لـ«الجمهورية» انّ كل فريق سيعود في هذه المرحلة الى بيته الداخلي ليعاود ترتيبه استعداداً للمراحل اللاحقة التي ما تزال غامضة المعالم، ما يعني انّ لبنان سيودّع هذه السنة بأيامها المتبقية بلا رئيس آملاً في ان تحمل السنة الجديدة تباشير خير. مع دخول البلاد بعد ايام في مدار عيدي الميلاد ورأس السنة، يتوقع ان يتراجع الزخم الديبلوماسي عموماً والاميركي خصوصاً حيال لبنان، في وقت يستعد القائم بالاعمال الاميركي ريتشارد جونز للسفر الى بلاده لتمضية عطلة العيد.
وعلمت «الجمهورية» من مصادر ديبلوماسية مطّلعة على الموقف الاميركي انّ واشنطن تستعجل انتخاب رئيس جمهورية في لبنان اليوم وليس غداً، إذا أمكن، ولكن ليس ايّ رئيس او بموجب اي تسوية، بل رئيس يحظى بإجماع وطني عام ويتمتع بدعم مسيحي اساسي وواسع لكي يستطيع ان يحكم.
وأكدت هذه المصادر انّ الاستقرار الامني والمالي في لبنان هو العنوان الاساس بالنسبة الى الولايات المتحدة الاميركية وايّ طرح رئاسي يتسبب بأيّ خلل في اي منهما خط أحمر. فلا يجب لأي طرح ان يكون عامل عدم استقرار وانما المطلوب العكس. واشارت المصادر في الوقت نفسه الى انّ ليس لواشنطن ايّ مرشح رئاسي ولا تضع «فيتو» على اي اسم.
الى ذلك، تتداول الاوساط السياسية الحديث عن وجهتي نظر دولية ومحلية في موضوع التسوية: الاولى تقول انّ من دفع بها هو السفير الاميركي دايفيد هيل والسفير البريطاني طوم فليتشر قبل انتهاء مهماتهما الرسمية في لبنان، ورئيس «اللقاء الديموقراطي» النائب وليد جنبلاط لتستكمل مع الحريري وآخرين.
ولكنّ هذه التسوية أثارت شكوك «حزب الله» الذي اعتبر انها جاءت لتحدث خللاً في صفوف فريق 8 آذار، وتحديداً في العلاقة بين عون وفرنجية، وخللاً في العلاقة بين جعجع والحريري وكذلك داخل صفوف مسيحيي 14 آذار حيث كان هذا الخلل بدأ في ملف النفايات والحراك في الشارع لتطيير الحكومة وفرض انتخابات رئاسية. لكن عندما سقطت خطة الحراك انتقل الحديث الى خطة التسوية في محاولة لإمرار رئيس من دون دفع ايّ ثمن في المنطقة.
امّا وجهة النظر الثانية فتؤكد انّ التسوية بدأت محلية مع جنبلاط، بلا دفع خارجي، واستكملت مع الحريري وفرنجية، والتقطتها بعض القوى الخارجية فدخلت على خطها للاستفادة من التصدع الذي أحدثته وتمرير انتخاب رئيس بلا سلّة متكاملة ومن دون دفع ايّ ثمن في سوريا، وهذا الامر ولّد نقزة اولاً لدى الروس فسارعوا الى التشديد على بقاء الرئيس بشار الاسد، ومن ثم لدى ايران و»حزب الله» الذي تنبّه الى انها إن كانت بريئة في الشكل الّا انها ليست كذلك في المضمون والنتائج، فتلقّف الكرة وعمل على احتوائها.
ولاحظت الاوساط السياسية انّ جنبلاط، وإزاء ما بلغته الامور، بدأ يحمّل الحريري وفرنجية مسؤولية تعطيل التسوية في محاولة منه للتنصّل من دوره فيها. وأكدت ان عرّابي التسوية في الداخل لديهم حسن نية، في الحالتين، لكنهم دُفعوا دفعاً الى تصدع الصفوف للاستفادة من حركتهم بغية خلق بلبلة في الساحة اللبنانية عموماً والمسيحية تحديداً، لتمرير صفقة في الرئاسة من دون دفع اي ثمن في سوريا.
الى ذلك، أخذت أوساط في «كي دورسيه» على الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند «تسرّعه في إجراء اتصال هاتفي مع فرنجية في اعتبار انّ الرئيس الفرنسي لا يتّصل بمرشح رئاسي ويضع بلاده في موقع المواجهة مع الآخرين، ففرنسا هي لجميع اللبنانيين ولجميع المسيحيين.
وبالتالي، لقد كان هذا الاتصال خطأ خصوصاً انه صُوّر كأنه ضد المرشحين: امين الجميّل وميشال عون وسمير جعجع». وأشارت الى انّ الرسالة الفرنسية يجب ان تكون للبنانيين ديموقراطية، اي انّ فرنسا مع انتخاب رئيس ولكنها ليست مع رئيس في مواجهة الآخرين وليست فريقاً او ضد فريق».
الحريري ـ جعجع
وفي هذه الاجواء، عادت مظاهر الحوار بين «بيت الوسط» ومعراب بعدما ردّ جعجع على الإتصال الذي تلقّاه من الحريري منتصف الأسبوع الماضي، باتصال مماثل ليل امس الاول استمر ساعة خُصّص للبحث في التطورات الجارية والأجواء التي جمّدت مختلف القرارات الخاصة باستمرار الحريري في ترشيح فرنجية وتفكير جعجع بترشيح عون على ما تردد في فترة التجاذبات بين الطرفين.
وعلمت «الجمهورية» انّ التسوية الرئاسية كانت في صلب النقاش بين الحريري وجعجع، لا بل كانت الموضوع الأساس. شَرحَ الحريري وجهة نظره وكان لجعجع مطالعة طويلة، واتفقا على استمرار الاتصالات بين «القوات» و»المستقبل» هذا الاسبوع لتنسيق الخطوات والمواقف وترتيب العلاقة بينهما وداخل بيت ١٤ آذار. (راجع ص 10)
موفدا الحريري الى بنشعي
وتزامنت عودة الحوار بين «القوات» و«المستقبل» مع استئناف لقاءات التشاور بين الحريري وفرنجية الذي استقبل ظهر السبت في بنشعي نادر الحريري والنائب السابق غطاس خوري، ودار البحث لساعة ونصف الساعة في التطورات المحيطة بالإستحقاق الرئاسي وحصيلة مشاورات الحريري في باريس وتحديداً مع هولاند وعدد من الشخصيات في فريق 14 آذار وما تركته من تداعيات على مستوى العلاقات بين القيادات اللبنانية.
بدوره، أطلع فرنجية موفدي الحريري على نتائج لقاءاته بكلّ من عون ونصرالله وما آلت اليه الإتصالات الجارية على أكثر من مستوى ورؤيته للخطوات المقبلة، وما يمكن القيام به إزاء ردّات الفعل التي تركتها مبادرة الحريري.
وانتهى اللقاء بين فرنجية والموفدين الى اتفاق على بقاء خطوط التواصل مفتوحة للتشاور في ما هو مقبل من تطورات، ما يوحي انّ الحريري مصمّم على مبادرته وان لا بدّ من معالجة الترددات التي تركتها والتنسيق في كل الخطوات المقبلة.
واتصال من الحريري بفرنجية
وترجمة لنتائج زيارة بنشعي أعلن المكتب الاعلامي للحريري مساء امس انه اجرى اتصالاً بفرنجية «تبادلا خلاله الرأي حول مستجدات الأوضاع السياسية والاتصالات الجارية». وقال البيان انّ الإتصال «خلص الى التأكيد على متابعة التشاور والمضي في المسار المشترك لانتخاب رئيس الجمهورية».
الراعي
في غضون ذلك، بقيت بكركي محط الانظار ترقباً لخطوتها الهادفة الى جمع الاقطاب الموارنة الاربعة بعد عودة البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي اليها مساء أمس، مختتماً زيارته الرسمية والرعوية لمصر والتي توّجها بلقاء مع الرئيس عبد الفتاح السيسي وشيخ الجامع الازهر الامام احمد الطيب.
وفيما أعلن الراعي انه يرفض تسمية ايّ مرشح، مؤكداً وقوفه على مسافة واحدة من جميع المرشحين، أمل السيسي أن يدرك اللبنانيون قيمة وطنهم الذي يعتبر جوهرة في الشرق ويشكّل مع مصر دعامة مشتركة ومتبادلة، مُبدياً حرصه الشديد على لبنان وعلى ضرورة ان يجد طريقه الى الاستقرار السياسي. ولبنان يستحق التضحية من اجله وان يتعالى الجميع عن حساباتهم الخاصة لإنقاذه.
وشدد السيسي على أهمية الحوار بين كل مكونات الوطن، مؤكداً انه لن يألو جهداً لمساعدة لبنان للخروج من أزماته. وقال: «انّ الشرق بحاجة الى النموذج اللبناني والى دور لبنان الذي لن يستعيده الّا بوحدة أبنائه وتضامنهم، ونحن متمسكون بهذا البلد العزيز».

الاخبار :

 

الجمود هو المسيطر على مسعى الرئيس سعد الحريري لدعم ترشيح النائب سليمان فرنجية لرئاسة الجمهورية، بفعل اعتراض رئيس تكتّل التغيير والإصلاح النائب ميشال عون ورئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع بشكل أساسي، وتمسّك حزب الله بترشيح عون. وزاد الأمر تعقيداً اللقاء الذي جمع فرنجية بالأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله، بعدما تسرّبت أجواء اللقاء، ولا سيّما استمرار حزب الله بالوقوف خلف ترشيح عون طالما بقي الأخير مستمراً في هذا الترشيح.

ومن المقرر أن يكون لدى فرنجية المزيد من التوضيحات من جانب حلفائه، بعد اجتماع قريب مقرر بينه وبين الرئيس بشار الأسد في دمشق. وقالت مصادر مطلعة إن الاجتماع يعوّل عليه لجهة تشديد وحدة فريق 8 آذار، وإن الأسد شخصياً مهتم بهذا الموضوع. وأوضحت المصادر أن الرئيس السوري بعث بأكثر من رسالة في الآونة الأخيرة «تؤكد على احترام سوريا ودعمها للعماد عون».
إلّا أن كثرة الاعتراضات والمعترضين داخل فريقي 8 و14 معاً، لم تدفع بتيار المستقبل والحريري إلى العدول عن فكرة السير في ترشيح زعيم المردة. فعلى رغم ما تردّد عن إيجابية طبعت اتصال الحريري بجعجع أمس، إلّا أن مصادر أشارت لـ«الأخبار» الى أن الحريري أكّد لـ«حليفه» استمراره في مبادرته، وأن «جعجع لم يكن سعيداً بهذا الإصرار». واتفق الطرفان على تنظيم الخلافات بعيداً عن السجالات العلنية وضبط جمهورَي الفريقين، لاستمرار الوحدة داخل فريق 14 آذار.
وأكّد الحريري في اتصال آخر أجراه أمس بفرنجية الاستمرار في مسعاه «في معزلٍ عن العرقلة الحاصلة». وأشارت مصادر لـ«الأخبار» إلى أن زيارة النائب السابق غطاس خوري ومستشار الحريري نادر الحريري لفرنجية، هدفت إلى إبلاغه موقف الحريري. وأكد خوري ونادر الحريري لكل من سألهما عن فحوى الزيارة أن «الترشيح مستمر ولا عودة عنه، رغم كل الاعتراضات». فيما قالت مصادر أخرى إن هدف الزيارة كان معرفة أجواء اللقاء مع السيد نصرالله.
كذلك أكدت مصادر مطلعة في قوى 14 آذار لـ«الأخبار» أن الحريري أبلغ شخصيات في هذه القوى أنه لن يسحب هذا الترشيح ومستمر في مبادرته. وردّاً على سؤال «الأخبار» حول الإصرار على الاستمرار في المسعى في ظلّ الاعتراضات الكثيرة، عبّرت مصادر بارزة في تيار المستقبل عن ثقتها بوجود أجواء إقليمية ودولية مؤاتية للمبادرة في لبنان. واستغربت ما وصفته بـ»تحوّل» في الموقف الإيراني أدى إلى التراجع عن تأييد انتخاب فرنجية، مشيرة الى أن مساعد وزير الخارجية الإيراني للشؤون العربية والأفريقية حسين أمير عبد اللهيان أشار أمام رئيس الحكومة تمام سلام في زيارته الأخيرة لبيروت، قبل أسابيع، الى تسوية بين طهران والرياض تقضي بتحييد لبنان عن الاشتباك الإقليمي. وأقرّت المصادر بأن «تسوية انتخاب فرنجية لا تزال في حاجة إلى وقت لتنضج. فلننتظر شهراً، شهرين أو ثلاثة أشهر. المسعى سينجح في النهاية، برضى العماد ميشال عون أيضاً». وعن المقابل الذي ينوي تيار المستقبل طرحه على عون في مقابل موافقته على التنازل عن ترشّحه والقبول بضمان رئاسة الحكومة للحريري لست سنوات والإبقاء على قانون انتخابات نيابية يضمن حصوله على الأكثرية وغيرها من المطالب، ردّت المصادر بأن «الأمر عند فرنجية، ورئيس الجمهورية المقبل هو من يستطيع أن يقدّم الضمانات للقوى المختلفة وليس تيار المستقبل». ولفتت المصادر إلى وجوب أن يبادر فرنجية إلى مناقشة الرئيس الحريري في شأن قانون الانتخابات النيابية، فضلاً عن أن التسوية ستضمن لقوى 8 آذار والتيار الوطني الحر الحصول على الثلث الضامن في أي حكومة في العهد الجديد.
في المقابل، قالت مصادر نيابية في قوى 8 آذار لـ«الأخبار» إن «أهم ما حصل في لقاء فرنجية بالسيد نصرالله هو التأكيد على وحدة قوى 8 آذار، والاتفاق على استمرار توحيد الموقف، فإما الدخول إلى أي مسعى مجتمعين أو الخروج مجتمعين». وقالت المصادر إن «تيار المستقبل بإصراره الحالي يحاول رمي الكرة في ملعب قوى 8 آذار وترك الأمر كالجرح داخل الفريق الواحد، علّه يحدث شرذمة وانقساماً، وهذا ما لم يحصل، وهذا أيضاً ما اتفق على إفشاله السيد نصرالله وفرنجية».