فرنسا تسعى لدى طهران لتسويق مبادرة ترشيح فرنجية

 

النهار :

طغت الذكرى العاشرة لاستشهاد النائب رئيس مجلس ادارة " النهار " الشهيد جبران تويني متزامنة مع الذكرى الثامنة لاستشهاد اللواء الشهيد فرنسوا الحاج على المشهد الداخلي امس في غمرة من المواقف والمحطات التعبيرية التي حملتها الذكرى ولامست من خلال سيرة جبران تويني وقسمه ومواقفه الصارخة في مسائل السيادة والاستقلال والحريات الكثير من تداعيات الحاضر السياسي والوطني الذي يعيشه لبنان . واذ غلبت على هذه المحطات مسحة أسى واضحة وشديدة الوطأة لجهة المآل الذي آلت اليه التراجعات التي تشهدها حال قوى ١٤ آذار والواقع السيادي خصوصا فان ذلك لم يحجب في المقابل استمرار التفاعلات التي أثارتها تطورات مشروع التسوية الرئاسية ومصيرها بعدما عكست الايام الاخيرة تراجعا واسعا في زخم هذه التسوية وعودة للانزلاق الى متاهات الفراغ الرئاسي والمؤسساتي على ما تنذر الملامح الواضحة للمأزق . واذ بدا ثابتا ان مجمل التحركات السياسية الكثيفة التي شهدها الاسبوع الماضي والتي أفضت الى نتائج سلبية لجهة حصيلة عملية جس نبض الجهتين الأساسيتين المعنيتين في قوى ٨ آذار بترشيح رئيس تيار المردة النائب سليمان فرنجية وهما "التيار الوطني الحر" و" حزب الله " واللذين ابلغا فرنجية موقفين متماثلين من استمرار ترشح العماد ميشال عون ودعم هذا الترشيح كأولوية مستمرة بدأت التساؤلات تتركز عما اذا كانت صفحة ترشيح فرنجية قد طويت تماما ام انها ستبقى معلقة وقابلة للتفاوض بشروط مختلفة عن مرحلة ولادة اتفاق فرنجية مع الرئيس سعد الحريري على ترشيح الاول . وتاليا واستتباعا للسؤال الاول ثمة تساؤلات اوسع طرحت على نطاق واسع وتتعلق بما اذا كان ممكنا في حال اعتبار ترشيح فرنجية قد بلغ طريقا مسدودة في اللحظة الحالية الذهاب الى خيارات جديدة انطلاقا من مبدأ عدم جواز ان يكون استمرار الفراغ الرئاسي البديل الوحيد من محاولة اختراق الازمة الرئاسية.

والواقع ان ثمة من رأى في الزيارة التي قام بها امس مدير مكتب الرئيس سعد الحريري السيد نادر الحريري والنائب غطاس خوري للنائب فرنجية في بنشعي ردا ضمنيا على الذين ينعون التسوية اقله لجهة استمرار ركنيها الاساسيين الحريري وفرنجية في التشاور المباشر بينهما امتدادا للقاء الذي جمعهما في باريس قبل أسابيع . ومع ان نتائج زيارة موفدي الرئيس الحريري الى فرنجية احيطت بكتمان فان ما رشح عنه افاد ان اللقاء كان تقويميا لنتائج التحركات واللقاءات والاتصالات التي قام بها كل من الحريري وفرنجية مع حلفاء كل منهما وما آلت اليه صورة التسوية الرئاسية التي طرحت عقب لقاء باريس بينهما . اذ ان فرنجية اطلع موفدي الحريري على نتائج لقائيه العماد ميشال عون والامين العام ل" حزب الله " السيد حسن نصرالله ، فيما نقل اليه الموفدان نتائج اتصالات الحريري وما يعتزم القيام به من خطوات مقبلة.
وفي غضون ذلك اعتبرت مصادر مواكبة للتحركات السياسية ان موقف " حزب الله " من ترشيح فرنجية ، اذا ثبتت سلبيته ، يعني ان لا رغبة لدى الحزب في استعجال توظيف هذا الترشيح وانه وان كان ابلغ فرنجية تحفظا ناعما عن ترشيحه ومضيه في دعم ترشيح العماد عون فانه بذلك يترك بين يديه ووفق التوقيت الذي يلائمه ورقتي الترشحين لحليفيه متجنبا بت الموضوع بتا حاسما في هذه اللحظة الداخلية والاقليمية . ولذلك تعتقد الاوساط نفسها ان ثمة ابعادا اقليمية تتحكم بوقف الحزب اكثر منها عوامل داخلية وان الخشية هنا من ان تكون ايران تحديدا لا تريد انتخابات رئاسية لبنانية في الظرف الحالي مما يعني التمديد الطويل المحتمل لأزمة الفراغ . اذ يبدو الرهان على توافق مسيحي يأتي ببديل رئاسي ضربا من المغامرة المحفوفة بمزيد من خسائر على المسيحيين علما ايا من الجهات المعنية لا يعيش اوهام التوصل الى توافق كهذا فان المفارقة التي تؤكدها الاوساط تتمثل بكشفها ان جهات ديبلوماسية غربية تضغط بقوة على الافرقاء المسيحيين للتوافق على بديل بسرعة او السير بخيار فرنجية مع ايجاد مخرج للرافضين لهذا الخيار الاخير . ولذا تبدي الاوساط تشاؤما حيال الانسداد الذي قد يحكم المناخ المقبل مجددا مع كل ما يعنيه من ارتفاع كلفة الواقع المتأزم والذي تأتت عنه تداعيات سلبية داخل تحالف ١٤ آذار ولو ان تحالف ٨ آذار أصيب بدوره بأضرار كبيرة ولكنه بات يقيم على رهان آخر هو امتلاكه " مشروعية " المرشحين اللذين ينتسبان اليه.

 

المستقبل :

في يوم جبران تويني وفرنسوا الحاج، تتشابك معاني الشهادة والسيادة لترسم بالسيف والقلم خارطة الخلاص المرتجى للوطن.. خلاص مفتدى بالروح والدم لا بد وأنه آتٍ مهما تعاظمت التضحيات واشتدت المحن. رحل الشهداء «والحزن بات مضاعفاً اليوم لأنّ دماءهم لم تزهر أحلامهم بلبنان الجديد» بل أضحى هذا البلد «المسكين بلا رأس ومؤسساته معطلة وشعبه يئنّ» كما عبّر متروبوليت بيروت للروم الأرثوذكس الياس عودة في قداس الذكرى العاشرة لاستشهاد جبران ورفيقيه اندريه مراد ونقولا فلوطي في كنيسة مار جاورجيوس في بيروت، مشدداً على أنّ «التعامي عن الحقيقة تواطؤ والرضوخ للواقع عيب وواجب الجميع أن يهبّوا للإنقاذ قبل فوات الأوان». ولأنّ ذكراه لن تغيب وقسمه سيبقى مدوياً، توجّه الرئيس سعد الحريري إلى جبران في ذكراه مجدداً العهد بالحفاظ على الأمانة وعدم التفريط بها لأنها قضية بحجم وطن تضيع إذا ضاع لبنان.
وقال الحريري في تغريدة عبر موقع «تويتر» أمس للمناسبة: «نفتقد الجرأة في القول والكلمة القاطعة بحد الصدق»، وأضاف: «لأنك تشبه النهار، فإن ذكراك لن تغيب وقسمُك سيبقى مدوياً في ضمير لبنان. أنت وكل الشهداء قضيتكم أمانة بحجم وطن، تضيع إذا ضاع لبنان».
في المقابل تواصل أيدي التنكيل بالجمهورية الدفع باتجاه تعطيل كل المبادرات الوطنية الهادفة إلى إنقاذها، ولفت الانتباه أمس إعلان رئيس «اللقاء الديمقراطي» النائب وليد جنبلاط أنّ «تسوية انتخاب رئيس «تيار المردة» النائب سليمان فرنجية رئيساً تعطلت أو تأخرت محلياً بفضل تلاقٍ عجيب غريب لقوى متناقضة شكلياً على الأقل»، مستغرباً في هذا الإطار «الصمت المريب لجبهة الممانعة التي لم تفسّر لماذا تعترض على انتخابه وموقفه السياسي واضح في تأييده لها»، متسائلاً في ضوء تلاقي هذه الجبهة مع «جبهة الصمود والتصدي السيادية الجديدة» عن الحيثيات التي يجهلها ودفعت بالجبهتين إلى خوض هذه المواجهة معاً.. وأردف متهكماً: «ولكن مواجهة ماذا؟ فحتى الآن لست أدري».
الفاتيكان
ومن روما حيث شارك في أعمال مؤتمر «حوارات المتوسط» والتقى على هامشه وزير خارجية الفاتيكان المونسنيور بول ريشار غالاغير، أوضح وزير الداخلية والبلديات نهاد المشنوق لـ«المستقبل» أن غالاغير أكد له اهتمام الفاتيكان الشديد بمصير الاستحقاق الرئاسي اللبناني ومتابعته الحثيثة لمساعي انتخاب رئيس الجمهورية، داعياً كافة الأفرقاء اللبنانيين إلى الإسراع في إنهاء الشغور مع تشديده على وجوب «إنجاح أي مسعى يمكن أن يؤدي إلى هذه النتيجة».
الراعي
وأمس، جدد البطريرك الماروني بشارة بطرس الراعي مخاطبة «ضمائر الكتل السياسية والنيابية من أجل القيام بواجبها الوطني وتطبيق الدستور وانتخاب رئيس للجمهورية فوراً»، متمنياً عليهم «أن يجلسوا معاً ويتخذوا القرار الوطني الشامل في أسرع ما يمكن وأن تكون هدية عيد الميلاد ورأس السنة انتخاب الرئيس». وأكد من مصر حيث يواصل جولته الرعوية الرسمية وقوفه «على مسافة واحدة من كل المرشحين لأنه مقتنع بأنه لا يحق لأحد تسمية الرئيس أو إقصاء أحد».

الديار :

بعد اتصال الرئيس الفرنسي هولاند بالوزير سليمان فرنجية لمدة ربع ساعة، وتهنئته على ترشيحه لرئاسة الجمهورية وقدم له نصائح بأن يتصالح مع العماد ميشال عون ومع الدكتور سمير جعجع ومع الاطراف المسيحية، وان يكون لكل لبنان، فوجىء الرئيس الفرنسي هولاند بالفيتو العنيف الذي وقف في وجه تسوية الوزير سليمان فرنجية، وتدارس الوضع مع مستشاريه فرأى ان العماد ميشال عون لا يقبل بترشيح الوزير سليمان فرنجية والانسحاب له، بل يصرّ على الاستمرار وعلى دعم حزب الله له، دون ان يطلب ذلك، وبالفعل استطاع العماد ميشال عون تعطيل التسوية بين الرئيس سعد الحريري والوزير سليمان فرنجية بالنسبة لمعركة رئاسة الجمهورية.
وجرت اتصالات بين الرئيس سعد الحريري والرئيس هولاند بعد تعطل التسوية فوعد الرئيس الفرنسي هولاند بأنه كان من المنتظر ان يأتي الرئيس الايراني روحاني الى باريس لزيارته والاجتماع به، لكن الاحداث التي قامت بها داعش في باريس من قتل وتدمير وتفجير، أدت الى تأجيل الزيارة لمرحلة لاحقة. وقال الرئيس الفرنسي هولاند انه عند زيارة الرئيس الايراني لباريس سيبحث معه موضوع انتخابات الرئاسة في لبنان، وسيتمنى عليه ان تتدخل ايران مع حزب الله في لبنان من اجل التسوية ومن اجل اقناع العماد ميشال عون بالانسحاب ودعم الوزير سليمان فرنجية لرئاسة الجمهورية.
في بيروت، ريتشارد جونز القائم بالاعمال الاميركي او شبه السفير الاميركي في بيروت، يؤيد التسوية وانتخاب الوزير سليمان فرنجية رئيسا للجمهورية، وهكذا محور السعودية - اميركا متوافق على تسوية تؤدّي لوصول الوزير سليمان فرنجية، لكن على محور ايران - بيروت هل تستطيع ايران الزام حزب الله باقناع العماد ميشال عون بالانسحاب، لان لحزب الله حساباته السياسية اللبنانية التي سيشرحها لايران ويقول لها انه لا يستطيع سحب ترشيح العماد ميشال عون وترك العماد عون وحيدا لان ذلك يؤثر على تحالفات حزب الله الهامة في لبنان، وبالتالي فان حزب الله سيخسر حليفاً هاماً هو العماد ميشال عون والتيار الوطني الحر والجمهور العوني والتغطية المسيحية الكبرى التي يؤمّنها التيار الوطني الحر والعونيين لحزب الله.
ولذلك تقول معلومات ان حزب الله استبق الامور وابلغ ايران ان هولاند سيطلب من الرئيس روحاني اقناع حزب الله بسحب ترشيح العماد ميشال عون، وهو امر لا يستطيع تحمله حزب الله، وان الرئيس روحاني تفهّم وضع حزب الله في لبنان، وسيطلب من الرئيس الفرنسي هولاند ان لا يضغط في مجال التسوية الرئاسية اللبنانية، لان الوقت حالياً لا يسمح بانتخاب رئيس جمهورية، وان حزب الله له ظروفه التي تجعله لا يستطيع الانسحاب من العماد ميشال عون، وسيبقى معه لحين يقرر العماد ميشال عون انسحابه او استمراره في المعركة، لكن حتى الآن العماد ميشال عون مرشح ومستمر حتى النهاية.
وتقول اوساط في الرابية، ان العماد ميشال عون واجه اتفاق الطائف، وواجه الاتفاق الاميركي - السعودي بشأن اتفاق الطائف وواجه سوريا وقال ان العالم كله لا يستطيع ان يأخذ توقيع العماد ميشال عون على اتفاق الطائف، ولولا الهجوم البري والدبابات السورية لما استطاع المحور الاميركي - السعودي السوري تمرير اتفاق الطائف وازاحة العماد ميشال عون بالقوة. وهذه المرة لا دبابات سورية ولا قوة عسكرية قاهرة تستطيع اجتياح الرابية وفرض على العماد ميشال عون القبول بسحب ترشيحه، لذلك يقولون ان ترشيح العماد ميشال عون ثابت ولا رجوع عنه، وكما الرئيس سعد الحريري زعيم السنّة يأتي رئيساً للحكومة، وكما الرئيس نبيه بري الاقوى شيعياً يأتي رئيساً للمجلس فان الاقوى مارونيا ومسيحيا بعدد النواب وهو العماد ميشال عون، يجب ان يأتي رئيسا للجمهورية، وما من قوة تستطيع فرض اي شرط على العماد ميشال عون كسحب ترشيحه والانكفاء عن ترشيحه لرئاسة الجمهورية.
الرئيس هولاند سيضع كل ثقله لاقناع حزب الله بسحب ترشيح العماد ميشال عون لان فرنسا تعتبر لبنان اولوية لديها ولا تقبل ان ينهار الاقتصاد والوضع المستقر في لبنان وان يبقى لبنان من دون رئيس جمهورية والمؤسسات الدستورية معطلة فيه والمؤسسات العامة معطلة فيه، ولذلك سيضع كل ثقله الرئيس الفرنسي هولاند لاقناع ايران بالامر. والمعروف ان فرنسا بعد الاتفاق النووي مع ايران تقيم افضل علاقات وتسعى لاستثمارات في ايران كذلك تفتح الابواب امام ايران في اوروبا ولدى اميركا ويمكنها ان تمون على ايران بأن تعمل جهدها من اجل انتخابات رئاسية في لبنان.
وهنا يمكن طرح سؤال: هل تجري تسوية جديدة بسحب العماد ميشال عون ترشيحه وسحب الوزير سليمان فرنجية ترشيحه والمجيء بشخصية وفاقية ثالثة ليست من 8 اذار وليست من 14 اذار، بل رئيس جمهورية وفاقي مقبول من كل الاطراف، وقادر على تفعيل المؤسسات اللبنانية. ومثالاً على ذلك، شخصية حاكم مصرف لبنان رياض سلامة، القادر سياسياً على فهم اللعبة السياسية في لبنان بعد تمرّسه 20 سنة في اهم موقع هو حاكم مصرف لبنان، ويعمل على ازدهار لبنان مالياً ويعمل على اطلاق الاقتصاد، والاقتصاد هو اهم شيء يهم اللبنانيين حالياً بعد التدهور الحاصل في النمو الاقتصادي وتراجع لبنان امام دول المنطقة كلها، مع العجز في الموازنة ومع الديون المتراكمة والوحيد القادر على وضع هندسة مالية اقتصادية سياسية لانقاذ البلاد قد يكون حاكم مصرف لبنان رياض سلامة.
من يدري قد يقنع الرئيس هولاند الرئيس روحاني بدعم ترشيح الوزير سليمان فرنجية، وعندها يأتي الوزير سليمان فرنجية، والرئيس روحاني سيناقش بشأن العماد ميشال عون، ولماذا الفيتو عليه، ولماذا لا يأتي العماد ميشال عون.
واخيرا سيتوصل الرئيسان الفرنسي والايراني الى ان هنالك مشكلة في ترشيح الوزير سليمان فرنجية والعماد ميشال عون والافضل التفكير بمرشح ثالث، ربما يكون جان عبيد او العماد جان قهوجي، او حاكم مصرف لبنان رياض سلامة، او الذي يطرح اسمه لانه في ابرشية الفاتيكان السفير جورج خوري.

الحياة :

العقبات أمام المعني في مبادرة زعيم تيار «المستقبل» رئيس الحكومة السابق سعد الحريري دعم ترشيح رئيس تيار «المردة» النائب سليمان فرنجية للرئاسة اللبنانية، دفعت الوسط السياسي اللبناني إلى صرف النظر عما سماه البعض «الفرصة» التي تجلّت بتنازل الحريري عبر قبوله بمرشح من 8 آذار، ولو موقتاً، إلا أن توقعات القوى السياسية تراوحت بين القول «بتأخر» هذه التسوية على رئاسة فرنجية وبين تجميدها لأجل غير مسمى نتيجة تعثرها، من دون أن تلغى، لتتم معاودة تحريكها عندما يحين الظرف الإقليمي المناسب، وبين من يرى أنها تعطّلت لأن تأجيلها لكثير من الوقت سيعيد الأمور إلى نقطة الصفر بحثاً عن تسوية أخرى وربما على اسم آخر أيضاً، ما يعني أن المبادرة قد يكون مصيرها النعي، بعد مدة من الزمن.

 

ما بعد المبادرة

وبدأت الأوساط المختلفة سواء من قوى 14 آذار أم من تحالف 8 آذار مع «التيار الوطني الحر»، تبحث في مرحلة ما بعد مبادرة الحريري وانعكاسها على الوضع السياسي في البلاد، لا سيما بعــد ما تسرّب عن لقاء فرنجية مع الأمين العــام لـ «حزب الله» السيد حسن نصرالله ليل الخميس الماضي، حيث أكد الثاني أن مرشح 8 آذار يبقى العماد ميشال عون والاتفاق على أن يبقى الموقف موحداً بين مكونات هذا التحالف في ما يخص حضور أي جلسة لانتخاب رئيس الجمهورية، وأن يطلب فرنجية من الحريري التريث في دعمه ترشيحه...

وتعددت الوقائع التي تدفع حلقات ضيـــقة إلى البحــــث عن أسباب خارجيــــة وإقلـيمية لتعثر التسوية على فرنجية لإنــــهاء الشغـور الرئاسي، خصوصاً أن القـــوى التي روجت لها، سواء في أوساط «المستقبل» أم غيره استندت إلى أن بدايات الحوار الذي حصل بين إيران والسعودية انتهت إلى اتفاق على حفظ الاستقرار في لبنان وتجنيبه الخلافات القائمة بين البلدين مع استعدادهما لتسهيل إنهاء الشغور الرئاسي.

ويمكن ذكر الآتي من هذه الوقائع:

1- إن العماد عون أبلغ زواره خلال الـ48 ساعة الماضية، أن ما قيل عن تسوية دولية أو إقليمية يتفرع منها التوافق على انتخاب رئيس في لبنان «غير جدي». وهي تسوية غير مكتملة. ويسأل عون أمام زواره: «ألا تسمعون ما يحصل بين الأميركيين والروس وبين السعوديين والإيرانيين حول الأزمة السورية؟». ويسترجع عون مواقف السعودية بأن على الرئيس السوري بشار الأسد أن يرحل وأن لا مكان له في المرحلة الانتقالية. ويسأل: «هل هذا يعني أن هناك حلولاً في سورية؟ ألم تسمعوا الموقف الروسي الرافض المطالبة برحيل الأسد؟».

 

عون مطمئن

ويشدد عون أمام زواره على أن من يرون أن تقارباً دولياً يحصل «يتفاءلون أكثر من اللازم، وإذا كانت هناك بعض مظاهر التقارب الدولي (في السعي لأجل الحل السياسي في سورية، فإنه تقارب غير منجز ولا بد من الانتظار».

ويستنتج عون من قراءته الوضع الإقليمي أن الاندفاع نحو التسوية على رئاسة فرنجية كان خطأ وغير مستند إلى أساس متين على الصعيد الإقليمي. وهو ردد أمام زواره «أننا لا نستطيع أن نفصل الوضع اللبناني عن الوضع في سورية، وبالتالي يجب النظر إلى الحلول المتكاملة في المنطقة ككل...».

ويرى زوار عون أنه استند إلى هذه القراءة في إبداء ارتياحه في رفضه أن يتنازل لفرنجية عن الرئاسة حين التقاه عصر الأربعاء الماضي. وهو قال لهؤلاء، أنه أبلغ رئيس «المردة» أنه لن يتراجع عن ترشحه وأن «من حقك أن تترشح ومن حق الوزير السابق جان عبيد أن يكون مرشحاً ومن حقي أنا أن أكون مرشحاً أيضاً».

وتستدل المصادر التي اطلعت على نتائج لقاء عون مع فرنجية، بوقائعه لتؤكد أن ما تبلغه الأول من حلفائه الإقليميين يعني أن طهران ليست على استعداد بعد لتسليم ورقة الرئاسة في لبنان، لا سيما إذا كانت السعودية تدعم ملء الشغور الرئاسي طالما الخلاف على القضايا الإقليمية على أشده، فهو رفض المنطق الذي تحدث به فرنجية بأن وصوله إلى الرئاسة مكسب للخط الذي يمثلانه معاً، إذ قال لرئيس «المردة»: «إنك لا تستطيع أن تحكم مع الحريري»، حين استخدم حجة أن الحريري معي كمرشح للرئاسة مقارنة بعدم تمكن عون من تأمين أكثرية توصله إلى الرئاسة. كما أن جواب فرنجية على ذلك كان: «بل لا أنوي أن أمارس الحكم من دونك ولذلك جئت أطرح الأمر عليك». واكتفى عون بالقول: «أنا ما زلت أعمل على تأمين الأكثرية. ألم تقل أنت أني مرشح فريقنا طالما أنا مستمر في الترشح؟ أنا لن أنسحب».

وسبق لأوساط عون أن أكدت أنه تلقى دعم بشار الأسد، ونصرالله للرئاسة، على رغم أن الأول كان وافق لفرنجية على اتصالاته التمهيدية مع الحريري، وكذلك نصرالله، قبل اجتماعه مع رئيس تيار «المستقبل» في باريس.

 

نعيم قاسم

2- ما أعلنه نائب الأمين العام لـ «حزب الله» الشيخ نعيم قاسم أول من أمس بقوله أن سكوت حزبه (حيال ترشيح فرنجية) «موقف ونحتاج إلى فترة لنتأمل ونستكمل الاتصالات لنعلن موقفنا النهائي... وعندما نسكت فلأننا لا نرى التوقيت سليماً ولا الفكرة ناضجة»...

وإضافة إلى أن اجتماع نصرالله مع فرنجية انتهى إلى طلب الأول من الثاني التروي، فإن الأوساط التي تفتش عن خلفيات موقف الحزب تتوزع على استنتاجين:

الأول أن الحزب اضطر إلى التراجع عن تأييد اتصالات فرنجية مع الحريري حين تبلغ بها، وأن الحزب لم يكن ليوافق حينذاك على تواصل حليفه مع زعيم «المستقبل» لو لم يكن هناك قبول إيراني بالسعي إلى تسوية في لبنان.

والثاني هو أن هناك فرقاً بين أن يشجع الحزب على التواصل مع الحريري وبين التوصل إلى اتفاق معه على ترشيح فرنجية. وأصحاب الاستنتاج الثاني يتحدثون عن استعجال وتسرّع في اعتبار التسوية قاب قوسين من أن تتحقق وهذا ما وقع به المتحمسون لها، لا سيما الحريري ورئيس «اللقاء النيابي الديموقراطي» وليد جنبلاط وفرنجية نفسه...

ويشير الذين يشككون في حصول توافق إقليمي إلى استمرار التأزم السعودي - الإيراني، عبر مواصلة طهــران حملتها على نتائج مؤتمر الرياض للمعارضة السورية، وإلى الـخلاف على أســـس التفاوض بين القوى السياسية اليمنية على الحل السياسي الذي تبدأ اجتمـــاعاته في جنيف مطلع الأسبوع، وتصـــاعد الحملة ضد الرياض من مسؤوليـــن إيرانييــــن وقيادة «حزب الله» فـــي شأن إلغاء عقد تلفزيون «المنار» التـــابع للحزب مع «عربسات» ووقف بثه الفضائي... كأدلة على أن العلاقة بينهما إلى مزيد من التدهور.