طبخة المبادرة " شاطت " وبكركي تعلي الصوت فليخرجوا من دائرة مصالحهم الشخصية

 

السفير :

تتجه الأنظار اليوم الى «قمة الرابية» التي ستجمع العماد ميشال عون والنائب سليمان فرنجية، في لقاء مصارحة متأخر، ما سمح بتراكم الهواجس على طريق بنشعي ـ الرابية.
لقد أصبح الاجتماع بين عون وفرنجية «حدثا»، بعدما شاءت الأقدار السياسية أن تحولهما من حليفين في تكتل واحد الى مرشحين متنافسين على رئاسة الجمهورية، حتى كاد قصر بعبدا يفرّق ما جمعه الخط الاستراتيجي منذ عودة «الجنرال» الى لبنان في العام 2005.
ولئن كان البعض يرجّح أن يساهم لقاء الرجلين في تحسين الرؤية السياسية المشوّشة، وتبيان مدى قدرة المبادرة الحريرية على الصمود، إلا ان الواقعية السياسية تدفع الى الاعتقاد بأن التسوية الحقيقية هي اكثر تعقيداً من ثنائية انتخاب سليمان فرنجية رئيسا للجمهورية وتسمية سعد الحريري رئيساً للحكومة.
وهناك من يقول إن اكتمال التسوية وتحصينها يتطلبان العودة الى «السلة الشاملة» التي طرحها الأمين العام لـ«حزب الله» السيد حسن نصرالله، ومحورها المركزي قانون الانتخاب المتعلق بإعادة تكوين السلطة، والكفيل وحده بمنح الضمانات وتصحيح التوازنات، وذلك منعاً لأي اجتزاء قد يفتح باب التأويلات على مصراعيه.
وخلافاً للمناخات التي أشيعت في اليومين الماضيين حول تجميد مبادرة الحريري، أكد المتحمسون لها أنها مستمرة، من دون تجاهل العقدة المزدوجة التي لا تزال ماثلة امامها، والمتمثلة في موقف الحليف المسيحي لـ «8 آذار» العماد ميشال عون، وموقف المكوّن المسيحي في «14 آذار» سمير جعجع، مشيرين الى أن الحريري سيبادر في الوقت الذي يراه مناسباً الى الإعلان رسميا عن تأييد فرنجية وليس ترشيحه.
ولاحظ هؤلاء أنه، وبالتزامن مع طرح مبادرة ترشيح فرنجية في التداول السياسي، بدا أن المؤشرات الاقتصادية تحسنت على أكثر من مستوى، خصوصاً في ما يتعلق بالسوق العقارية وأسعار أسهم «سوليدير»، آملين في تكريس هذه المؤشرات من خلال تثبيت التسوية المقترحة، لئلا يؤدي سقوطها الى صدمة سلبية مضادة سيدفع ثمنها الاقتصاد.
وقال قيادي في «8 آذار» لـ «السفير» إن سقوط المبادرة، إذا حصل، سيترك انعكاسات سلبية على الحريري بالدرجة الاولى، معتبرا ان وصول رئيس «تيار المستقبل» الى رئاسة الحكومة على متن المبادرة يبدو بمثابة فرصة سعودية أخيرة له، للخروج من أزمته المتعددة الأبعاد.

سيناريو «القمة»
وعشية زيارة فرنجية الى الرابية، انطوى بيان «تكتل التغيير والاصلاح» الصادر بعد اجتماعه أمس برئاسة عون على رسائل عدة، من أبرزها في الشكل ان البيان خاطب فرنجية باعتباره «عضو التكتل»، وفي المضمون كان لافتاً للانتباه التأكيد أنه «لا يمكن أن يُسيّج أو يُحفّز ترشيح أيّ مرشح إلى سدّة الرئاسة بالتهويل، ذلك أنّ انتخاب الرئيس هو في جميع الأحوال خاتمة مسار ديموقراطي وميثاقي ودستوري هادئ مهما طال الزمن»، مع تعمد استعادة كلام لفرنجية حول «إنّ العماد عون لا يزال مرشح الخط الاستراتيجي الذي ينتمي إليه».
وأكد مطلعون على التحضيرات للزيارة ان فرنجية سيناقش عون بـ «روح إيجابية»، وأن رئيس «المردة» سيبدي حرصه على حماية العلاقة الشخصية مع «الجنرال»، والعلاقة السياسية بين التيارين، بمعزل عما ستؤول اليه المعركة الرئاسية.
ووفق السيناريو المتوقع للاجتماع، فإن فرنجية سيعرض بالتفصيل ما جرى معه منذ أن بدأ الاتصال السياسي به من قبل الحريري، مروراً بلقاء باريس والمبادرة التي أطلقها، وصولا الى حسابات اللحظة الحالية واحتمالاتها.
وسيشرح فرنجية المعطيات التي تجعله يعتبر ان المبادرة المطروحة هي فرصة ومكسب للخط الاستراتيجي الواحد، وسيستعيد ما تم التوافق عليه في بكركي بين الاقطاب الأربعة حول ضرورة إعطاء أي منهم الأفضلية الرئاسية في حال حظي بأكثرية نيابية، كما حصل معه. والأرجح ان فرنجية سيؤكد ان «الجنرال» هو من حيث المبدأ المرشح الاول، لكن إذا لم يكن قادرا على الوصول الى الرئاسة فلا يجب التفريط بفرصة وصول مرشح آخر، من الخط ذاته، ما دام يملك هذه الإمكانية، وسيشدد على ان ترشيحه ليس استهدافا لعون وانما هو امتداد للمشروع ذاته.
في المقابل، سيعرض عون امام رئيس «المردة» حصيلة تجربته الحوارية مع الحريري على مدى أكثر من سنة، وما تخللها من خيبات ونكسات، وسيوجه لضيفه عتابا لطيفا بسبب محاولة التكتم على لقاء باريس، وسيوضح مفهومه لما اتفق عليه الاقطاب الاربعة في بكركي وتفسيره لمعنى الاكثرية التي يجب ان ينالها أحدهم كي ينسحب الآخرون له، وسيشدد على تكامل سلة التسوية التي يشكل قانون الانتخاب مركز الثقل فيها، وسيستمع من فرنجية الى تصوره لهذه المسألة، كما سيناقشه في الاسباب المحتملة التي دفعت الحريري، ومن خلفه، الى تجاوز الأول تمثيلياً في الخط المشترك، وتأييد الثاني، وماهية الأثمان التي قد تترتب على الدعم العلني من الحريري والنائب وليد جنبلاط، والدعم المضمر من الرئيس نبيه بري، لترشيح رئيس «المردة». وسيشرح عون وجهة نظره حيال أبعاد المبادرة الحريرية ونياتها المضمرة، وسيعرض مكامن الخطر فيها، والأفخاخ التي تختزنها، وصولا الى التأكيد أنه مستمر في ترشيحه، لاسيما أن فرنجية نفسه لا يزال يشدد على استمرار دعمه لهذا الترشيح.
وبينما أفادت المعلومات ان عون مرتاح جدا الى موقف «حزب الله» ومطمئن اليه، أكدت مصادر قيادية في «التيار الحر» ان البديل عن المبادرة المفخّخة يكمن في العودة الى خيار المرشح الأصيل الذي هو العماد عون بكل ما يمثله من وزن شعبي، معتبرة انه بعد ترشيح الرئيس الحريري لزعيم «المردة» لم يعد هناك مستحيل في السياسة، وكما أصبح فرنجية مرشح «تيار المستقبل» بين ليلة وضحاها يمكن ان يتم التوافق على اسم عون.
وشددت المصادر على ان هناك فارقا بين ان يعلن عون عن انسحابه مفسحا في المجال امام فرنجية، وبين ان يتجاوز الحريري ترشيح عون ويحاول فرض اسم آخر عبر التهويل بـ «عضلات» تسوية خارجية مفترضة، لافتة الانتباه الى ان من يعتمد سياسة التهويل يغفل ان عون كان قد أكد انه مستمر في معركته حتى النهاية، حتى لو سقط شهيداً سياسياً.

 

النهار :

أسبوع يفصلنا عن الموعد المقرر للجلسة الثالثة والثلاثين لانتخاب رئيس للجمهورية، يسوده كلام كثير من جهة، وصمت مريب من جهة أخرى. فهل يكون الصمت مفتاح الفرج لهذا البعض، أم أنه تدبير يدخل التسوية الرئاسية المقترحة في نومة أهل الكهف؟ الرئاسة دخلت في جمود قسري، وهي اذا كانت معادلة داخلية فإن الفيتوات المتبادلة ورفض الثلاثي المسيحي "التيار" و"القوات" والكتائب لها تفرض ارجاءها واعادة تسويقها على نار هادئة، واذا كانت اقليمية فانها ستنتظر مزيداً من العوامل لإنجاحها في ظل الكلام عن لقاءات مرتقبة سياسية وأمنية سعودية - ايرانية في سلطنة عمان.
وعلمت "النهار" ان الاتصالات التي جرت امس أظهرت أن الاستحقاق الرئاسي مرشح للتأجيل الى ما بعد عطلتي الميلاد ورأس السنة نتيجة المواقف المعترضة أو المتحفظة على السواء، وقت سمع المسؤولون المعنيون من عدد من سفراء الدول الكبرى دعوة لعدم تفويت فرصة إنجاز الاستحقاق في وقت قريب بصرف النظر عن الاسماء المتداولة لأن لبنان لا يمكنه أن يتحمل إطالة الفراغ الرئاسي الى أبعد مما وصل اليه. وأبلغت جهات مواكبة "النهار" ان حظوظ انتخاب رئيس في 16 كانون الاول الجاري باتت قليلة لأن الاتصالات لم تنضج بعد. والامر عبّر عنه الرئيس امين الجميّل إذ قال بعد زيارته الرابية إن "الامور ليست ميسّرة في الوقت الحاضر ويجب ايجاد مخرج للوضع الراهن".
واذا كانت الانظار ستتجه اليوم ايضاً الى الرابية محور الحركة السياسية هذه الايام، حيث يعقد لقاء بين العماد ميشال عون والنائب سليمان فرنجيه، فإن مطلعين لا يعلقون عليه آمالا كبيرة، اذ سيجدد عون تمسكه بترشيح نفسه ورفضه الانسحاب من السباق الرئاسي. ويؤكدون ان عون سيبلغ زائره الموقف الرسمي لـ"تكتل التغيير والاصلاح" الذي هو أحد أعضائه، والذي يدعمه نواب "كتلة الوفاء للمقاومة".
واعتبر "تكتل التغيير والاصلاح" بعد اجتماعه الاسبوعي امس ان "التهويل بأنّ رئيس "الفرصة"، على ما يسمّون، إن لم يُنتخب لن يكون بعده وبعد اليوم رئيس للجمهورية، فيضمحلّ الاستحقاق ويصبح الشغور لازمة حياتنا الوطنية. هذا التهويل يا جماعة الخير أو الشرّ يصيب الميثاق، أي الطائف الذي ارتضيناه معاً، نحن جميعاً، سقفاً لنا لا نتجاوزه مهما اشتدت الملمّات. هو سقفكم ويجب أن يبقى سقفكم، فلا تفتحوا شهيّة تجاوزه!".
واستبق التكتل لقاء اليوم بالقول: "المهم هو أن عضو التكتّل النائب سليمان فرنجيه قال إنّ العماد عون لا يزال مرشح الخط الاستراتيجي الذي ينتمي إليه، وهذا عبارة عن مصارحة، فتقويم دقيق للوضع، فقرار، من منطلق أن البيت الواحد معني بكل ما يجري مهما كان توصيف ما يجري".

عون - فرنجيه
في الجهة المقابلة، قالت مصادر مواكبة للتسوية الرئاسية لـ"النهار" إن اللقاء الذي سيجمع عون وفرنجيه سيكون "مفصلياً". وهو لا يعني أنه سينتهي الى إعلان العماد عون قبول أو رفض ترشيح النائب فرنجيه وإنما سينتهي الى معرفة "وتيرة مسار" الاستحقاق وهل يكون طويلا تتخلله شروح ومشاريع وأسئلة وأجوبة أم يكون قضية "خطف" الاستحقاق بغالبية نيابية مطلوبة.

 

بكركي
أما البطريرك الماروني الذي دعا الى التعالي عن الانانيات، فانه سيغادر لبنان مجدداً غداً الخميس، وهو تالياً لا يفكر في جمع الاقطاب الاربعة ما دامت فرص انجاح اللقاء معدومة في ظل تمسك كل فريق بمرشحه ورفضه القبول بمرشح تسوية من خارج نادي الاربعة.

الحكومة
حكومياً، نقل عن رئيس الوزراء تمّام سلام قلقه من التعطيل المستمر وتداعياته على البلاد، لكن مصادر وزارية أكدت لـ"النهار" أنه في صدد توجيه الدعوة الى عقد جلسة لمجلس الوزراء خلال أيام "بعدما بلغ ملف ترحيل النفايات خواتيمه"، كما ان فشل المناقصة في قطاع الخليوي امس يدفع في اتجاه عقد جلسة للبحث في الامر.

 

المستقبل :

إثر زيارة استهلّها بعزاء إنساني واختتمها بنعي رئاسي انطلاقاً من كون «الأمور ليست مسهّلة حالياً»، خرج الرئيس أمين الجميل من الرابية أمس ليشدد بعد التداول بالمستجدات مع رئيس تكتل «التغيير والإصلاح» النائب ميشال عون على ضرورة «تعاون القيادات المسيحية في سبيل حماية البلد (...) لأنّ الفراغ قاتل ولن يوفّر أحداً»، مؤكداً في ما يتعلق بمسألة ترشيح رئيس «تيار المردة» النائب سليمان فرنجية أنّ «القضايا ليست شخصية»، وأردف: «فرنجية من بيت وطني وسبق لي أن تعاونت مع الرئيس (الراحل) فرنجية خلال عهدي وكان يشكّل ضماناً على الصعيد الوطني والمسيحي». ولاحقاً، كشف الجميل لـ«المستقبل» أنه اقترح خلال اللقاء على عون أن يجتمع الأقطاب الموارنة الأربعة «لإعداد ورقة مشتركة يتم من خلالها وضع مشروع مشترك، وأي مرشح يتبنى هذا المشروع أهلاً وسهلاً به ننزل جميعاً لانتخابه في المجلس النيابي»، وعن جواب عون على الاقتراح، قال: «لم يُجب».
وإذ نفى أن يكون قد طرح أي مرشح بديل للرئاسة مع عون، أوضح الجميل أنه ركّز خلال لقاء الرابية على «ضرورة تحمّل القيادات المسيحية المسوؤلية وعدم التهرّب منها لأنّ الوضع الإقليمي متفجّر والعالم كله يتدخل في المنطقة و«داعش» على الأبواب ولا بد من وضع لبنان فوق كل اعتبار»، وأضاف: «قلتُ للجنرال يجب أن نجلس مع بعضنا البعض ونحل مشاكلنا، علينا أن نقوم بنقد ذاتي ولا يجوز تحميل المسؤولية لغيرنا فنحن لنا دورنا ولا نقوم بواجبنا كما يجب، فلنتفق ونجد حلاً لأنّ استمرار الوضع على ما هو عليه أمر غير مقبول».
وعشية زيارة فرنجية المرتقبة اليوم إلى الرابية، خلص اجتماع تكتل «التغيير والإصلاح» برئاسة عون إلى «التزام الصمت» باعتباره «سمة المرحلة حتى اتضاح الصورة من المرشح (الرئاسي) عضو التكتل النائب فرنجية» كما قال مذيع البيان الوزير السابق سليم جريصاتي، رافضاً باسم التكتل «التهويل بأنّ عدم انتخاب ما أسموه رئيس الفرصة يعني أنه لن يكون بعده رئيس للجمهورية».
الراعي
أما في بكركي، فمزيد من العظات الرعوية تعلي الصوت في وجه معطلي الاستحقاق الرئاسي لحثهم على تحمل المسؤولية الوطنية و«عبور باب الرحمة إلى خلاص الوطن من معاناته السياسية المتمثلة بالفراغ الرئاسي منذ سنة وسبعة أشهر (...) إلى حياة اقتصادية منظمة تخرج الشعب اللبناني من معاناة الفقر والحرمان وحالة الإذلال» وفق ما دعا البطريرك الماروني بشارة بطرس الراعي أمس خلال ترؤسه قداساً احتفالياً بمناسبة افتتاح سنة يوبيل «الرحمة الإلهية» في الصرح البطريركي، غير أنه لفت انتباه «الأشخاص المعنيين» إلى أنهم «لن يستطيعوا ذلك من دون التحرر من عتيق نظراتهم ومواقفهم ومصالحهم».

الديار :

«لقضاء حوائجكم بالكتمان» بهذه الحكمة تتصرف الاطراف السياسية الداخلية في الملف الرئاسي وتحديداً بالموضوع المتعلق بالتسوية الرئاسية وانتخاب سليمان فرنجية رئيساً للجمهورية، وحسب مرجع بارز، فان التسوية الرئاسية تقدمت بشكل سريع وتفرملت والآن تنتظر لكنها لم تنحدر كما يتصور البعض، معتبراً ان ردود الفعل على التسوية «طبيعية» وستتراجع بعد حين وستتحكم «العقلنة» بالمواقف مجدداً، وبعد الاعياد في ظل الاتصالات المكثفة الداخلية والخارجية.
واشارت معلومات ان حركة مكثفة للسفيرين الاميركي والفرنسي باتجاه بكركي والقيادات المسيحية والنواب المعترضين لحضهم على السير بالتسوية حيث من المتوقع ان يزور السفير الاميركي ريتشارد جونز البطريرك الراعي خلال الساعات المقبلة للبحث في الملف الرئاسي كما ان البطريرك الراعي كشف انه دعا الاقطاب الموارنة الاربعة الى اجتماع في بكركي وانه لا يزال ينتظر الاجوبة، لكن المطران سمير مظلوم استبعد ان يعقد هذا الاجتماع في هذه الظروف وسيستعيض الاقطاب الاربعة عن الاجتماع الموسع بلقاءات ثنائية بدأت بين العماد عون والرئيس امين الجميل، فيما يحل النائب سليمان فرنجية ضيفاً على العماد عون اليوم، اذا لم يستجد اي طارىء قد يؤجل الاجتماع حيث سيكون اللقاء صريحاً وشفافاً وسيتناول كل الامور، وقد سبق لقاء عون فرنجية زيارة لافتة للعميد شامل روكز الى الرئىس نبيه بري وهو اول لقاء بين رئىس المجلس واحد المقربين البارزين من العماد ميشال عون منذ اعلان التسوية، وهذا يعني ان كل الامور قابلة «للاخذ والعطاء».
وفي المعلومات، فان الاجواء بين فرنجية والعماد عون والكتائب ليست مقطوعة وهناك تواصل دائم، فيما يسعى فرنجية الى فتح «ثغرة» ايجابية في العلاقة مع القوات اللبنانية والدكتور سمير جعجع لم تنجح حتى الآن، وافيد ان فرنجية سيكلف الوزير روني عريجي والوزير السابق يوسف سعاده بالاتصال بالافرقاء والنواب المستقلين وشخصيات من 8 و14 آذار.
وفي المعلومات ان نواب المستقبل وقيادات التيار الذين التقوا الرئيس سعد الحريري اكد لهم ان النقاش بالتسوية «ممنوع» والتسوية «قرار المستقبل»، وسائرون فيها وليست للمناورة وحرص الحريري على اللقاء «بالمعترضين» وابلاغهم قراره كما ان بري وجنبلاط يؤكدان على الموقف الحاسم بالسير بالتسوية وانها لن تتعطل كما يحاول ان يعمم البعض.
وفي المعلومات ايضاً ان بري والحريري وجنبلاط سيعطون فرصة قبل الشروع بهجومهم المضاد ولهذا السبب فان زيارة الحريري تأجلت حتى انضاج التسوية مسيحياً عبر الاتصالات والمشاورات والزيارات الخارجية.
لكن مصادر متابعة للملف تؤكد بأن لقاء فرنجية عون هو محطة اساسية وبان مسار التسوية بعد اجتماع عون ـ فرنجية لن يكون كما قبله، وستتوضح الكثير من المواقف بعد اللقاء وربما سلكت الامور مساراً مختلفاً والجميع ينتظر هذا اللقاء.

ـ لا رئيس في المدى القريب ـ

وفي ظل هذه الاجواء، قالت مصار سياسية لـ«الديار» بان التسوية الرئاسية مجمدة وقد فقدت زخمها بما ان العماد ميشال عون لم يسحب ترشيحه ووقوف حزب الله على كلمته بان عون سيبقى مرشحه طالما الاخير يرشح نفسه الى جانب رفض الثلاثي المسيحي كتلة الاصلاح والتغيير والقوات اللبنانية والكتائب وصول رئيس تيار المردة النائب سليمان فرنجية الى الرئاسة.
وفي ظل تراجع الزخم للتسوية حول فرنجية، يحاول الرئىس نبيه بري والنائب وليد جنبلاط ايجاد مخرج لتفعيل الاتصالات مجدداً والهادفة الى تذليل العقبات امام سليمان فرنجية بهدف انتخابه رئيساً للجمهورية. وتشير المصادر ذاتها ان الجلسات التي ستحصل في 16 كانون الاول لن تؤدي الى انتخاب رئيس وانها لا ترى رئيساً منتخباً الان اذ لا احد يعول على اللقاء الذي سيجمع عون بفرنجية اليوم.
وبناء على ذلك، سيؤجل انتخاب رئيس للجمهورية الى ما بعد الاعياد وستعود الامور الى «ستاتيكو السابق» وهو الفراغ الرئاسي حيث كل المؤشرات السياسية لا تدل على انتخاب رئيس في المدى القريب الا اذا حدثت تطورات غيرت مجرى الامور غير انها مستبعدة.

ـ بري: يستبعد الانتخاب في 16 الجاري الا.. ـ

ونقل زوار الرئيس نبيه بري عنه «استبعاده انتخاب رئيس للجمهورية في جلسة 16 الجاري، اذا استمرت الامور على هذا المنوال» لكنه استطرد قائلا «اذا حصلت تطورات مفاجئة عندها سأدعو الى جلسة خلال يوم او يومين بعد 16 الجاري، والا فان الامور ذهبت الى ما بعد الاعياد».
ونقل الزوار ايضاً ان الاقطاب الموارنة الاربعة كانوا يقولون انهم مستعدون للسير بواحد منهم، واذا وقع الاختيار على واحد منهم فانهم سيمشون في هذا الخيار، ولقد اخترنا واحداً من الاربعة، فكيف نتهم بانه نفرض عليهم رئيساً ونختار عنهم، وهذا ما يؤكد بان المشكلة عند الموارنة، وهذا الأمر اكدته تطورات الايام الماضية بان المشكلة عند الموارنة كما قلنا..

ـ مصادر في تكتل التغيير ـ

وتقول مصادر في تكتل التغيير والاصلاح ان اللقاء بين عون وفرنجية سيتم وترى المصادر انه حتى لو جرى الاتفاق على ترشيح فرنجية، فالمشكلة ابعد من ذلك، فالشيء المهم يبقى في الاتفاق على «السلة الكاملة» بدءا من قانون الانتخابات الذي يجب ان يأخذ بالنسبية، الى الحكومة وبيانها الوزاري.
وتوضح المصادر ان العماد عون لن يفصح عن مضمون موقفه قبل اعلان الحريري رسمياً عما يحكى عن ترشيحه لفرنجية، وقبل وضع «الجنرال» بتفاصيل ما حصل في لقاء فرنجية والحريري وما اذا كان هناك امور اخرى تتضمنها مبادرة الحريري، ام ان الموضوع يقتصر على الترشيح، لذلك تقول المصادر انه من المبكر حسم المواقف، فكل شيء مرهون بالتسوية الشاملة.

 

الجمهورية :

دخلت التسوية الرئاسية، في ظل القول إنها جمّدت او سقطت، في طور جديد من المشاورات بعيداً من الاضواء، على ان يتظهّر مصيرها النهائي في قابل الأيام، وربما قبل جلسة الانتخاب المقررة في 16 الجاري. وستتجه الانظار الى الرابية اليوم حيث سينعقد لقاء قد يكون مفصلياً بين رئيس تكتل «التغيير والإصلاح» النائب ميشال عون ورئيس تيار»المردة» النائب سليمان فرنجية، الذي سيضع الأول في حقيقة التسوية التي طرحها معه الرئيس سعد الحريري في لقائهما الباريسي الأخير، وهو لقاء كانا اتفقا على عقده في «الوَشوشة» التي حصلت بينهما على هامش التعزية بشقيق عون. علمت «الجمهورية» انّ رئيس مجلس النواب نبيه بري الذي التقى أمس القائم بأعمال السفارة الأميركية ريتشارد جونز، ينتظر ما ستؤول اليه المشاورات الجارية ليبني على الشيء مقتضاه في ظل انطباع بدأ يسود مفاده انّ الاستحقاق الرئاسي ستنسحب أزمته الى السنة الجديدة، اللهم إلّا اذا حصل ما يحلّ هذه الازمة فينجز في جلسة 16 الجاري. لكن المؤشرات حتى الآن تصب في خط استبعاد التوافق السريع على انجاز الاستحقاق خلال الشهر الجاري.
بوغدانوف وعبد اللهيان
وفي غضون ذلك علمت «الجمهورية» من مصادر روسية انّ الشأن اللبناني قد اختُصر بدقائق محدودة خلال اتصال تمّ صباح امس بين نائب وزير الخارجية الروسي ميخائيل بوغدانوف ومساعد وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبد اللهيان، وقد تمحور هذا الاتصال حول الأوضاع في سوريا واليمن.
وابلغ اللهيان الى بوغدانوف انّ التسوية الرئاسية في لبنان لم يكتمل نضوجها وتحتاج الى مزيد من الوقت، فيما حضّ بوغدانوف على الذهاب نحو حلّ لمسألة الفراغ الرئاسي من دون ان يدخل في التفاصيل.
وتفيد معلومات اضافية من موسكو انّ الحريري أقنع القيادة السعودية بالتسوية التي باركتها، إلّا انّ المملكة لم تُلزم نفسها تسويقها في المحافل الدولية وعلى طاولات الحوار الدولي. فيما التزم الحريري امام المملكة بإقناع حلفائه المسيحيين في لبنان وبأن يقنع فرنجية حلفاءه، ولا سيما منهم عون، بالتسوية.
وكشفت المصادر الروسية انّ الاتصال بين بوغدانوف وعبداللهيان أولى اهتماماً للشأن اليمني الذي يحاك له حل يرضي جميع الاطراف بمن فيهم السعودية وايران. اما الملف السوري فحلّ في الدرجة الثانية.
وقد ابلغ الجانب الروسي الى الايرانيين بأنّ حكومة الاردن جدّية ومتعاونة مع القيادة الروسية وقطعت شوطاً مقبولاً في إعداد لائحة المنظمات الارهابية التي تقاتل في سوريا كما اتفق في فيينا ٢، وانّ الاردنيين مشاركون في غرفة العمليات المركزية في موسكو التي تخوض الحرب ضدّ «داعش».
إنعدام التوافق
الى ذلك، قالت مصادر معنية بالاستحقاق الرئاسي لـ«الجمهورية»: «إن ما يعوق إنجازه في جانب أساسي منه هو انعدام التوافق بين القيادات المارونية».
وكررت التأكيد انّ بري والحريري ورئيس «اللقاء الديموقراطي» النائب وليد جنبلاط إنما دعموا ترشيح فرنجية استناداً الى مبادرة الحريري التي اختارت فرنجية كأحد الاقطاب الموارنة الاربعة الذين سُمّوا مرشحين أقوياء واجتمعوا في بكركي وبرعايتها واتفقوا على ان يكون الرئيس واحداً منهما اذا نال التوافق العام حوله».
واكدت المصادر أنّ الزعماء المسلمين الثلاثة لم يفرضوا على المسيحيين اسماً خارج الأسماء التي اتفقوا عليها في بكركي. مع العلم انّ احداً لا يمكنه تقييد مجلس النواب الذي في امكانه ان ينتخب اسماً آخر غير تلك الاسماء. ولم تؤكد هذه المصادر أو تنفي تجميد مبادرة الحريري أو سقوطها، لكنها اشارت الى انّ المشاورات مستمرة.
مصادر كنسيّة
وعلى جبهة البطريركية المارونية، أكّدت مصادر كنسيّة لـ«الجمهوريّة» أن التسوية الرئاسيّة «جمّدت وتوقفت حالياً»، لافتة الى أنّ «المعادلة بسيطة، ولو كانت الأمور تتقدّم مثلما يروّج رعاة التسوية لكان فرنجية انتخب رئيساً، لكن صلابة الموقف المسيحي واعتراض الأحزاب المسيحية الثلاثة فرملَ هذه التسوية التي لم تأت أصلاً بضمانات حول قانون الإنتخاب الذي هو موضوع جوهري وأساسي للمسيحيين».
واشارت المصادر الى أنّ «البطريركية المارونية التي تتابع إتصالاتها مع القيادات، لم تستطع حتّى الآن تأمين الأجواء الملائمة لنجاح لقاء الأقطاب الموارنة الأربعة إذا ما تمّ عقده»، مشيرة الى أنّ «بكركي لا تريد عقد لقاء للأقطاب من دون الخروج بنتيجة في شأن التسوية أو طرح الاقطاب أسماء توافقية لرئاسة الجمهورية».
وكان الراعي العائد الى بكركي بعد زيارته الرعوية الى سوريا، دعا «الجماعة السياسية في لبنان لعبور باب الرحمة، الى خلاص الوطن من كل معاناته ولا سيما من معاناته السياسية المتمثّلة بالفراغ الرئاسي منذ سنة وسبعة أشهر.
ولن يستطيع الأشخاص المعنيّون ذلك من دون التحرّر من عتيق نظراتهم ومواقفهم ومصالحهم». وتمنّى «العبور بالبلاد من خلال باب الرحمة الى حياة اقتصادية منظّمة تُخرج الشعب اللبناني من معاناة الفقر والحرمان وحالة الإذلال».

«الحزب»
وعلى جبهة الضاحية الجنوبية، ظلت قنوات الاتصال والتواصل مع الرابية مفتوحة. وعلمت «الجمهورية» ان لا تغيير او تعديل طرأ على موقف «حزب الله»، فهو ما زال مستمراً في دعم عون ما دام الاخير مرشحاً ولن يتدخل معه للتأثير عليه، ويعتبره صاحب قرار مستقل.

«القوات»
وعلى جبهة معراب، أكّدت مصادر «قواتية» لـ«الجمهوريّة» أنّ رئيس حزب «القوات اللبنانية» الدكتور سمير جعجع «يُبدي أمام زوّاره وخلال الإجتماعات التي يعقدها في معراب ارتياحه الى الأفق المسدود الذي وصلت اليه تسوية انتخاب فرنجية، حيث أنها فُرمِلت وتوقّفت، ويعود ذلك الى عوامل عدّة أبرزها رفض «القوّات» الحازم لهذه التسوية، والتنسيق وصلابة الموقف بين «القوّات» و«التيار الوطني الحرّ» والذي لم يعد أحد قادراً على تجاوزه، إضافة الى موقف السعودية التي لا تريد أن تتخطّى جعجع والإجماع المسيحي الرافض طريقة فرض التسوية، لكنّ جعجع يؤكد أنّ فرملة التسوية لا يعني سقوطها أو الإنتهاء منها لأنّ العاملين على خطها سيعاودون نشاطهم».
وشدّدت المصادر على أنّه «في حال تحرّكت التسوية مجدّداً فإنّ جعجع سيكون في المرصاد وسيواجهها، وستكون هناك خطوات مفاجئة». ولم تستبعد المصادر أن «يكون من بين هذه الخطوات لجوء جعجع الى ترشيح عون إذا وقعت المفاضلة بين فرنجية وعون، وهذا الخيار قد كشف عنه النائب أنطوان زهرا في اليومين الماضيين، وسيلجأ إليه جعجع في الوقت المناسب».
تفاهم غير معلن
وتزامناً مع استمرار موجة التصعيد على صفحات التواصل الإجتماعي بين «القوات» وتيار «المستقبل» في ضوء بعض المواقف والتحليلات والمقالات الصحافية بما حملته من اتهامات، كشفت مصادر واسعة الإطلاع لـ«الجمهورية» انّ تفاهماً قد تم التوصّل اليه من دون اي اتصال مباشر بين الحريري وجعجع قضى بأن يجمّد الحريري خطواته في اتجاه ترشيح فرنجية فيما تعهّد جعجع بفرملة خطواته التي كان يمكن ان تؤدي الى ترشيح عون، على ان تتواصل اللقاءات التي يقودها سُعاة الخير من أصدقاء الطرفين.
وكان جعجع غرّد على «تويتر» أمس، فقال: «في أيام المحن لا يصمد إلّا الأبطال، 14 آذار ليست تكاذباً لبنانياً كالعادة، بل معمودية دم ما فوق العادة»، مشدداً على «أنّ المصطادين في الماء العكر لن يصلوا الى مكان». وأضاف: «أكثر ما نحن في حاجة إليه في هذه اللحظة هو الهدوء والسكون»، مؤكداً «أنّ 14 آذار باقية باقية باقية لأنها روح لن يتمكن أحد من إطفائها».

«المستقبل»
وعلى جبهة تيار «المستقبل»، يلمس زوّار الحريري في الرياض «تصميماً لديه على السير في مبادرته، التي تنطلق على قاعدة: «يد واحدة لا تصفّق»، وتتطلب تجاوباً ليس من طرف واحد بل من اطراف عدة وفي مقدمهم فرنجية، إذ انّ تجاوبه معها يُعدّ اساسياً لجهة طريقة التعاطي معها وتوضيح مواقفه السياسية لكي تتحول هذه المبادرة فعلاً تسوية تحت عنوان تسوية وطنية توافقية، كذلك تتطلب المبادرة تعامل كل الاطراف معها».
وعلمت «الجمهورية» انّ الحريري الذي اجتمع اخيراً مع وزير العدل اشرف ريفي الذي غادر الرياض الى تونس، ومع النائب احمد فتفت العائد الى بيروت، ناقش معهما موضوع التسوية الرئاسية شارحاً أمامهما اسبابها وخلفياتها وضروراتها.
وبدورهما، شرح ريفي وفتفت للحريري رأيهما وطرحا هواجسهما بصراحة إزاء هذه التسوية وطريقة التعامل مع هذه المرحلة التي يعتبرانها صعبة جداً. وفي اعتقادهما انّ فرنجية اذا اراد ان يأتي رئيساً نتيجة تسوية وفاقية وطنية عليه تظهير مواقفه السياسية أولاً، وبالتالي هما سيسيران في التسوية اذا كانت فعلاً وفاقية وطنية. امّا اذا كانت فقط حلاً مؤقتاً لموضوع رئاسة الجمهورية فلن يفعلا.
وتعترف مصادر مطلعة عن كثب على أجواء «المستقبل» بأنّ «التسوية مجمدة حالياً»، وتستبعد في الوقت نفسه أي حظوظ لنجاحها، بعدما تلمّست عدم وجود نية لدى «حزب الله» بتسهيل الامور، وما تكراره لازمة «دعم عون» إلّا للاستهلاك الاعلامي فقط».
وقالت: «الحزب في الحقيقة لن يرى سبباً لقبوله بالتسوية طالما انّ السعودية اتهمته ولا تزال بالارهاب، وهي في الامس القريب اوقفت بثّ محطته الاعلامية «المنار» عبر «عربسات».
وكانت كتلة «المستقبل» دعت الى «اغتنام فرصة الجهود التي قام ويقوم بها الرئيس سعد الحريري لإطلاق مبادرة تُنهي الشغور في موقع رئاسة الجمهورية، فالبلاد باتت في وضع بالغ الخطورة في ظل تعاظم المخاطر المحيطة بها على مستوى المنطقة، وتفاقم التدخلات والمواجهات الإقليمية والدولية، وفي ظل ازدياد التعقيدات الداخلية التي انعكست تعطيلاً لأعمال المواطنين وتفاقم الازمات المعيشية وتراجع مختلف المؤشرات الاقتصادية،
ما يحتّم على الجميع عدم التردد في العمل لإنجاز الاستحقاق الرئاسي وانتخاب رئيس جديد للجمهورية، الذي من شأن إتمامه إدخال البلاد في مرحلة جديدة تعيد للمؤسسات الدستورية دورها وتعيد للحياة السياسية حيويتها، وتحمي لبنان من ارتدادات متوقعة على المنطقة يصعب التكهن بتفاصيلها».
واكدت الكتلة «تمسّكها بتحالف قوى 14 آذار والمبادئ التي قامت عليها انتفاضة الاستقلال وإيمانها المطلق بالأهداف التي بلوَرها نضال قوى 14 آذار»، مشددة على انها «تتمسّك اليوم اكثر من أي وقت مضى بمبادىء تحالف قوى 14 آذار القائمة على اقتناع راسخ في العيش المشترك والمضيّ في النظام الديموقراطي القائم على الحرية واحترام حقوق الانسان وإقامة الدولة المدنية».

الاخبار :

تراجع زخم مبادرة الرئيس سعد الحريري والنائب وليد جنبلاط الرامية إلى انتخاب النائب سليمان فرنجية رئيساً للجمهورية. وبعدما كان المقرّبون من صاحبي المبادرة يؤكدون أن نتيجتها العملية ستظهر في جلسة مجلس النواب يوم 16 كانون الاول الجاري، انتخاباً لفرنجية، لخّص الرئيس نبيه بري ما وصلت إليه الاتصالات السياسية بالقول إن زخم المبادرة الأوّلي كان قادراً على تأمين انتخاب فرنجية.
لكن جلسة السادس عشر من الشهر الجاري لن تشهد انتخاب رئيس. هذه الخلاصة لا تبدو نتيجة لرغبات بري ومواقفه المؤيدة للتسوية، بل هي محصلة للواقع المستند تحديداً إلى أمرين: غياب الغطاء المسيحي الجدي للتسوية، ورفض حزب الله التخلي عن حليفه النائب ميشال عون في معركة الرئاسة.
كل ما قدّمه الحزب اقتصر على «لملمة» الآثار التي خلّفتها مبادرة الحريري على فريق 8 آذار ــ التيار الوطني الحر، فسعى إلى جمع فرنجية وعون.

وبالفعل، حدّد الأخير موعداً لاستقبال النائب الزغرتاوي، من دون أن يكشف الفريقان عن توقيت هذا الموعد، رغم تأكيد مصادرهما إمكان عقده اليوم «أو في أي وقت». لكن المصادر نفسها تجزم بأن اللقاء لن ينتج منه اتفاق بين الرجلين على خارطة طريق رئاسية، بل مشاورات تذيب بعض الجليد الذي تراكم سريعاً بينهما. وبدت لافتة أمس اللغة التي استخدمها بيان اجتماع تكتل التغيير والإصلاح، لناحية تشديده على أن فرنجية هو عضو في التكتل، وأن كل القضايا المطروحة بشأن ترشيحه تُناقش في «البيت الواحد»، فضلاً عن ترحيب البيان بما قاله فرنجية عن أن عون لا يزال المرشح الرئاسي لـ»خطه الاستراتيجي». وفيما أكّد الرئيس السابق للجمهورية أمين الجميل، بعد زيارته عون في الرابية، أن الاجواء لا تشير إلى قرب انتخاب رئيس للجمهورية، انفرد تيار المستقبل بإشاعة جو إيجابي حول مبادرة الحريري. مصادر التيار الأزرق أكّدت أن «فرنجية سيُنتَخَب رئيساً قبل نهاية الشهر الاول من العام المقبل»، وأن «حزب الله سيسير عاجلاً أو آجلاً بالتسوية التي تحظى بدعم إقليمي ودولي».
حليف تيار المستقبل، رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع، خرج أمس عن صمته، في لقاء لكوادر حزبه عُقِد في معراب بعيداً عن الإعلام، رسم فيه خريطة واضحة لموقفه، مؤكداً أنه يسعى لإسقاط مبادرة حليفه. كرر جعجع أنه يريد مناقشة اقتراح التسوية الرئاسية حصراً مع ولي ولي العهد السعودي، محمد بن سلمان، ولا يريد أن يناقش السفير السعودي في بيروت علي عواض العسيري ولا الرئيس سعد الحريري الذي «لم يشاورني قبل مبادرته ويريد أن يفرضها عليّ فرضاً». وأضاف: «لديّ ما أقوله للسعوديين بشأن أمور كثيرة. لديّ مثلاً ملف فيديو يُظهر كيف يتحدّث فرنجية عن الأسد ونصرالله بتمجيد، ولغة الذم والإهانة بحق المملكة والملك، وكيف ينظر إلى علاقته بإيران والأسد وحزب الله».
وأكّد جعجع أنه لا يخشى على مصالح خاصة من هذه التسوية، «بل إن خشيتي هي على التحالف الإسلامي ــ المسيحي الذي نشأ بعد اغتيال الرئيس رفيق الحريري. وخطوة انتخاب فرنجية ستعيد المسيحيين إلى عام 2004، وهذا ما ستواجهه القوات».
ولفت جعجع إلى أنه يعرف مناخات تيار المستقبل، «إذ لا يوجد في الشمال مثلاً من يوافق الحريري على مبادرته سوى سمير الجسر وبعض الكوادر.


وفي الكتلة عموماً هناك اعتراض. الرئيس فؤاد السنيورة مثلاً أول المعترضين، لكنه قال إنه لن يعلن موقفاً يكون مضطراً لاحقاً إلى التراجع عنه. أشرف ريفي وخالد ضاهر ومعين المرعبي يحذّرون من انعطافة كبرى ستحصل في الشارع لمصلحة «القاعدة» وفكرها». ويرى جعجع أن «الفريق المحايد الذي يقف إلى جانب الحريري حالياً في بيروت وصيدا وطرابلس والبقاع وعكار، سيبادر إلى فتح خطوط مع الطرف الآخر ما دام الحريري قد تراجع لمصلحة خصومه».
وسأل بعض الحاضرين جعجع عن إمكان تبنّيه ترشيح العماد ميشال عون، فردّ بأنه في المبدأ يرفض كل الواقع الذي يحاول البعض فرضه حالياً، «لكن في حال لم تسقط مبادرة ترشيح فرنجية، فسأبادر إلى ترشيح عون».
على صعيد آخر، يواجه تيار المستقبل إمكان استغلال بعض القوى، كالجماعة الإسلامية، للاعتراض الشعبي على مبادرته، وتوجهها إلى رفع مستوى اعتراضها على التسوية المقترحة. ووصلت إلى قيادات 14 آذار معلومات عن أن «الجماعة» تدرس خيار اللجوء إلى الاحتجاجات الشعبية، وخاصة في الشمال، تحت عنوان «حليف القاتل... قاتل».
من جهته، يحاول جنبلاط المحافطة على مسافة من المبادرة، بعدما حملها لأيام وسوّق لها بصورة علنية عبر استقباله فرنجية في كليمنصو مرشحاً رئاسياً. ووجّه جنبلاط، في مجالسه الخاصة، انتقادات للحريري. وأكد أنه لم يمض في تأييد المبادرة إلا بعدما علم من الحريري أنه استمزج رأي الجانب الأميركي وسماعه عدم ممانعة سعودية وفرنسية، وحصوله على «تقدير أوّلي» بأن حزب الله سيوافق عليها، وأن الرئيس بري يسير في التسوية، وبالتالي، سيقف عون منفرداً في وجهها.