بعد حدوث العمليات الإرهابية في باريس بدأ المحافظون المتشددون في إيران بإلقاء اللوم على فرنسا على دعمها لجماعات مسلحة معارضة سورية واعتبار مجزرة باريس نتيجة مباشرة لسياسات الغرب في الشرق الأوسط ، ولكن صحيفة كيهان المتشددة التي يمكن تصنيفها في خانة أقسى المتشددين ، تقوّي احتمال تورط حكومة فرانسوا هولاند في تلك العمليات الإرهابية محاولة لكسب شعبية أكبر.

وتحت عنوان " تساؤلات حول جمعة باريس" يحاول سعد الله زارعي دحض جميع التبريرات لإختيار باريس من قبل داعش لتوجيه تلك الضربة لها ، من منظور الخيار العقلاني ، قائلاً:  "لماذا فرنسا؟ هذا أول ما يتبادر إلى الذهن ، حاول الكثيرون لأن يجدوا له أجوبة ، وعلى سبيل المثال يقولون بأن فرنسا تدفع الآن ثمن العمليات المزدوجة التي قامت بهما ضد داعش و بوكوحرام في مالي والنيجر قبل عامين ، ويقول آخرون بأن فرنسا تحتضن أكبر جالية مسلمة في أوروبا كما أن اكثر المنضمين إلى داعش من بين الأوربيين، هم فرنسيون".

 ولكن الكاتب يرى بأن تلك التبريرات يفتقد إلى الدقة حيث إن بوكوحرام أصبحت مهمشة ولم يعد لها قدرة وحماس وداع على هكذا عمليات، فضلاً عن أن دور فرنسا في ضرب مواقع داعش في العراق وسوريا خفيف لا يجعله عرضة للرد العنيف، لأنّ دورها مقارنة مع دور إيران أو روسيا أو أميركا ، يقع في نهاية الطابور.

ويردف الكاتب بأنّ موضوع مجتمع الملسمين الفرنسيين أيضاً لا علاقة له بالعمليات الإرهابية الأخيرة، حيث أنّ الإسلام تنامى في أجواء هادية في المجتمع الفرنسي وليس لمصلحة المسلمين القيام بتلك الأعمال، كما أنهم يتمتعون بتحكم ذاتي يجنبهم من الإرهاب .

كما يستبعد الكاتب أن يكون الإنتقام من الحكومة الفرنسية سبباً في تلك العمليات ، لأنّ المسلمين ملتزمون بالقوانين وجزء من المجتمع الأهلي .

ويقوي الكاتب احتمال أن يكون المتورط في تلك العملية ، هم " الآخرون" دون مشاركة داعش ، ويبحث عن تداعيات تلك العملية ونتائجها وعن الجهة المستفيدة منها .

يرى سعد الله زارعي بأنّ الهدف من تلك العملية هو خلق خندق جديد في مواجهة الإرهابيين ، أو اصطفاف دولي جديد يستجمع القوى الغربية ضد المقاومة وليس داعش ، إذ إن الأميركيين والفرنسيين لم يكونوا جديين في مكافحة داعش ولم يكونوا صادقين .

 

فماذا يريدون من وراء تلك العمليات الإرهابية وخلق معسكر جديد؟

يعتقد زارعي بأنّ الوضع الجديد يتيح فرصة جديدة ويعطيهم تبريراً لضرب سوريا تحت ذريعة مقاتلة داعش ، بينما الغرب ليس في موقع مناسب يمكّنه من ضرب داعش ، على عكس الروس الذين يوفر لهم النظام السوري جميع المعلومات اللازمة لضرب مواقع داعش .

أما فرنسا أو أميركا ليس عندهما هذه المعلومات ، ويأتي التدخل المرتقب لفرنسا وأميركا في سوريا بعد التقدم النوعي الذي حققه النظام السوري خاصة في حلب والذي قلب موازين القوى في الحرب السورية.

وما يثير قلق الكاتب المحافظ سعد الله زارعي هو أن تقوم المقاتلات الفرنسية والأميركية بضرب المدنيين في سوريا نتيجة عدم امتلاكهم المعلومات أو ربما يريد الكاتب ليوحي بأن فرنسا وأميركا غير جديين في ضرب الإرهاببين حتى بعد جمعة باريس الدامية !

وينتهي الكاتب بالقول بأنّ أحداث جمعة باريس ، تصب لمصلحة الرئيس هولاند ، الذي يركب موجات التعاطف الشعبي كما ركبها الرئيس أردوغان بعد تفجيرات تركيا .

ولكن ما يفوت الكاتب هو الإفصاح عن الجهة المتورطة في تفجيرات تركيا ، هل إنها داعش ، أو الجهاز الأمني لحكومة الرئيس أردوغان؟!