احتفلنا أمس كما احتفل اللبنانيون بعيد الإستقلال لوطننا لبنان ، وقد شعرت بالغصة لأنّ الجميع يتحدث عن استقلال ناقص أو عن وطن غير مكتمل أو عن دولة لم تتحقق رغم مرور 72 سنة على الإستقلال عن الأنتداب الفرنسي .

وأنا أراقب الإحتفالات التي حصلت في عيد الإستقلال تذكرت الإحتفالات القديمة حيث كنّا نتسابق لحضور العرض العسكري ما بين ساحة البربير وساحة المتحف ورغم كل الظروف الصعبة التي مرّ بها لبنان طيلة الأربعين سنة الماضية ولا سيما منذ اندلاع الحرب الأهلية عام 1975 فقد بقيت أحن إلى عروض عيد الاستقلال و التي كانت تجريفي الثاني والعشرين من تشرين الثاني من كل عام.

وأمس وفي ظل غياب هذه العروض ورغم المحاولات الشعبية والمدنية لملء الفراغ ببعض النشاطات والمسيرات ، فقد شعرت بالغصة وأحسست أنا وكما باقي المواطنين اللبنانيين أننا بحاجة إلى وطن كامل الأوصاف .

فنحن بحاجة إلى وطن يشعر فيه الإنسان بالإنتماء الكامل لوطنه بدون فوارق طائفية أو دينية أو مناطقية .

نحن بحاجة إلى وطن يمتلك السيادة الكاملة على أرضه ولا ينافسه فيها أحد لا من قوى داخلية أو خارجية .

نحن بحاجة إلى وطن تسير في المؤسسات الدستورية بشكل طبيعي وتجري الإنتخابات الرئاسية والنيابية والبلدية في أوقاتها الطبيعية وعند حصول أيّ خلاف نلجأ إلى المؤسسات الدستورية لحل الخلاف ولا نواجه أزمات سياسية أو أزمات حكم كل مرة .

نحن بحاجة إلى وطن تدير فيه مؤسسات الدولة كل شؤون المواطنين ولا نحتاج إلى مؤسسات خاصة لتأمين الماء والكهرباء والأمن وغير ذلك من الأساسيات .

نحن بحاجة إلى وطن نظيف ويتم فيه معالجة النفايات بشكل طبيعي فلا تتجمع على الطرقات وتتحول إلى أزمة مستعصية .

نحن بحاجة إلى وطن يكون فيه الإنتماء للوطن مقدماً على كل الإنتماءات الطائفية أو المذهبية أو الخارجية ولا يحق فيه لأحد أن يقول أنّه يوالي بلداً اخراً أو قيادة خارجية .

نحن بحاجة إلى وطن يمتلك جيشاً ومؤسسات أمنية تدافع عن حدوده وتمنع الإعتداءات عليه ويكون فيه كل المواطنين تحت حكم القانون والقضاء ولا أحد يتميز عن الآخر .

نحن بحاجة إلى وطن يتساوى فيه المواطنون بالحقوق والواجبات في كل شيء .

نحن بحاجة إلى وطن كامل الأوصاف وعندما نسمع اسمه أو نشيده الوطني أو يرفع علمه نقف بإجلال واحترام لأنه وطننا الذي ننتمي إليه .

هذا هو الوطن الذي أحلم به وسأظل أسعى كي يتحول إلى حقيقة كاملة في يوم من الأيام وإن لم يكن من أجلي فمن أجل أولادي وأحفادي.