إلى الآن يُعتبر لبنان الاكثر تأثرا بالازمة السورية والاكثر عرضة للخطر من بين كل البلدان المجاورة لسوريا , لأنه بالاصل كان يُعاني من أزمات داخلية ذاتية بسبب الانقسام السياسي الذي برز منذ إغتيال رئيس الحكومة الاسبق رفيق الحريري , إلى أن جاءت الازمة السورية لتزيد المشهد السياسي هشاشة وتوترا , وزادت عليه الازمة الامنية خطرا جديدا تمثل بالعمليات الإرهابية .

المشهد الآن هو أكثر هشاشة وخطرا  من قبل في ظل ضعف الدولة المتزايد والانقسام الطائفي الحاد والتحالفات السياسية في الداخل المفروضة من الخارج , مع تزايد عدد النازحين السوريين وعدم قدرة الدولة على الاحاطة بملف النازحين , هذا جزء من التداعيات التي حصلت على الساحة اللبنانية بسبب الازمة السورية المتواصلة والتي تزداد تعقيدا يوما بعد يوم , وبسبب الارتباط الوثيق والتاريخي بين لبنان وسوريا , كان من المتوقع أن يتأثر لبنان بهذا الشكل الذي حصل , لذلك ستبقى الازمة اللبنانية تراوح مكانها ما دامت الازمة السورية قائمة .

لفت نظري تصريح الرئيس الروسي منذ يومين حيث قال :" إن المرحلة الاولى من العملية العسكرية في سوريا لم تكن كافية ...ولا بد من مرحلة ثانية ... " هذا يعني أنها لم تحقق أهدافها , تجدر الاشارة إلى أن بوتين قد وعد بهزيمة داعش خلال أسابيع من بدء التدخل العسكري . أما المرحلة الثانية التي تحدث عنها فلم تُعرف طبيعتها . ثمة مصدر مقرّب ومطّلع أشار إلى أن إطالة أمد الحرب في سوريا ليس لصالح التدخل العسكري الروسي , وهذا ما تسعى له بعض دول القرار من أجل إرباك الروسي في تدخله , وهذا يعني أنه لا بد للروس من إتخاذ القرار السريع والدقيق المُنسق لبدء المرحلة الثانية من الحملة العسكرية , وأشار المصدر المذكور أن فشل المرحلة الاولى من تحقيق أهدافها سببه الخلاف الايراني الروسي في آلية التنسيق في العمليات العسكرية .

 بعض المراقبين أشار إلى إحتمال واحد  بعد الاعلان عن مناورة بحرية روسية قبالة السواحل اللبنانية والطلب الروسي بإغلاق الاجواء اللبنانية . الاحتمال الواحد هو عملية قصف صواريخ بعيدة المدى من البحر باتجاه سوريا مرورا بالاجواء اللبنانية , وتخفيف الطلعات الجوية للطائرات الحربية الروسية لأنها تكلّف الخزينة ما لم يكن بالحسبان .

هذا الارباك الروسي إلى الآن يدل (على الاقل ) أن لا حل قريب للازمة السورية , وقد يطول لسنوات , هنا نطرح  السؤال الاكثر جدلا حول لبنان وسوريا , هل بمقدور لبنان أن يبقى متماسكا بالشكل , بعد تفككه بالمضمون  مع إطالة الازمة السورية وإتخاذها أشكالا جديدة في المواجهة , وخاصة إستعمال الاجواء اللبنانية تارة , وإغلاقها تارة اخرى . ففي لقائي أمس مع سياسي لبناني مخضرم تجاذبنا أطراف الحديث عن تداعيات الازمة السورية على لبنان وخطرها , فقال : إن أسباب عدم الاستقرار في لبنان كثيرة , ولكن لبنان يملك عناصر إستيعاب التوترات , وهذه جعلته ينجح حتى الان في تخطي الانهيار وتفادي عدة أزمات , إلا أن المخاطر تبقى جدية . ومما لا شك فيه أن الازمة السورية والتطورات المحتملة سيكون لها تأثيرا كبيرا على الدولة وعلى الاطراف السياسية كافة .