الحب ليس جريمة بالمطلق ، وما من قانون يعاقب عليه ، غير أنّه في بعض مجتماعاتنا التقليدية ما زالت شريعة الغاب تحكم ، وما زلنا نتعامل بنرجسية لتظل الأنثى هي "الضلع القاصر" والتي تعيب العائلة ، وليصبح حبّها "قلة شرف" بل وعار !

 

زينب من عكار لم تكن تعلم أنّ ضريبة مشاعرها الفطرية سوف تكلفها غالياً في مجتمع تحكمه عقلية التخلف والتقاليد البالية ، ولم تدرك أن أحاديثها البريئة مع ابن الجيران سوف تحوّلها لمجرمة يدينها من كل حولها ، يل ويحاولون قتلها .

علاقة زينب بالشاب الذي يسكن أمامها كانت علاقة مراهقة طفولية ، نظرات من خلف النوافذ ، رسائل هاتفية ، وهمسات بعيدة ، هما لم يلتقيا في مجتمع يعرفهما جيداً ولم ينتظرها أمام مدرستها لأن يعلم أن ألسنة الناس لم ترحم .

ولكن ومع حرصهما و لأن "بالضيعة ما بيتخبى شي"  ، بدأت الأقاويل تنتشر والحكايا تزداد (ومن جارة لجارة عرفت الحارة) ، ليصل الخبر لمسامع كل من أخيها وأبيها اللذين ما إن علما حتى جنّ جنونهما ، الأخ البطل لم ينتظر ولم يحاول أن يستوضح بل ذهب إلى البيت كالثور الهائج أخذ هاتفها منها وبحث في محتوياتها لتدينها رسالة صباحية لم تحذفها بعد تحسباً تحمل كلمتين "صباحك حبيبتي" هذه الرسالة كانت كفيلة بإثبات التهمة وبإدانتها أشد إدانة ليصبح شرف الأسرة "رسالة" والفتاة "فاجرة" .

في ذلك اليوم لم تعرف زينب من يضربها فما بين أخيها وأبيها وحتى أمها "تدعوست" ولم تكتفِ العائلة بذلك بل تمّ جرّها لبيت المونة وتقييدها بالكرسي .

حبيب زينب لم يسلم من الأمر بل نال نصيبه من الأخ البطل ، ورغم تأكيداته أنّ ما بينه وبين زينب شريفاً طاهراً غير أنه لم يلقَ من سامع ...

 

هذا الشقيق المدعوم من شرف أبيه لم يتوقف ظلم بحق الأخت والجار هنا ، بل عزم على معاقبة زينب أكثر وإذلالها عبر حلق شعرها ومنعها من الدراسة وتهديدها بالقتل إن اقتربت من نافذة أو شرفة ...

زينب خسرت بمشاعر بريئة كل شيء شعرها ، علمها ، هاتفها ، وعشقها وثقتها بنفسها ، أما عائلتها فقد صانت الشرف الوهمي بقتلها روحياً هذا الشرف الذي لو نطق لرفض أن يكون على حساب علاقة حب بريئة ومستقبل فتاة .