من الاجتماعات التنسيقيّة في «بيت الوسط» التي كانت تسبق كلّ جلسة حوار الى المواقف الخاصة بالأحزاب، الى «المجلس الوطني» الذي لم يتم تفعيله، تتأرجح قوى «14 آذار»، بين مستويات عدة من المواقف لا يجمعها سقف واحد ولا مشروع ولا خطة. تسير الهوينا بما تبقى من تنسيق بين قواها الحزبية، ومن قدرة على إنتاج موقف واحد، لا يشمل بالضرورة كلّ القضايا الاساسية، فهنا حوار ثنائي بين تيار «المستقبل» و«حزب الله» لم يتقدّم ولم يتراجع، على وقع التبريد السنّي - الشيعي، وذلك على رغم التهديد «المستقبلي» الأخير بالانسحاب منه، وهناك نيات معلنة وغير معلنة، في العلاقة المسيحية - المسيحية، حيث التقت «القوات اللبنانية» و«التيار الوطني الحر» على هدنة، يطمح أصحابها لأن تتطوّر الى القدرة على امتلاك حقّ الفيتو كلّما لاحت تسوية رئاسية على حساب الطرفين، وهناك موقف متمايز لحزب الكتائب اللبنانية الذي يؤكّد موقعه الوسطي متمايزاً عن الحلفاء المسيحيين للسعودية وإيران.

وسط هذا المشهد الذي لا يوحي بكثير من الجهوزية لملاقاة مرحلة انتقالية في سوريا ستؤثّر حتماً في الملف اللبناني، تتحرّك قوى في «14 آذار»، لإعداد برنامج إنقاذي، تسعى الى تبنّيه من كلّ مكوّنات «14 آذار»، بما فيها «المجلس الوطني»، مرتكزة الى جَمع الثوابت التي تنادي بها هذه القوى على طاولة الحوار وعلى المنابر، ضمن وثيقة محدّدة واضحة الأهداف، تشمل الموقف من رئاسة الجمهورية والانتخابات النيابية، والحوار بما له وما عليه، والقضايا السيادية وأوّلها تطبيق القرارات الدولية ذات الصلة بحفظ لبنان وتحييده وحمايته.

الواضح أنّ هناك اتفاقاً بين مكوّنات «14 آذار» على اعتبار الانتخابات الرئاسية أولوية لا تتقدّم عليها أيّ أولوية، وهذا يعني الاستمرار في الإصرار على انتخاب الرئيس أولاً، وعدم السماح بالانتقال على طاولة الحوار الى أيّ ملف آخر، وذلك على رغم أنّ النقاش في مواصفات الرئيس تحوّل نقاشاً هزلياً، القصد منه إطالة جلسات الحوار وتعبئة الوقت الضائع، كما أنّه تحوّل نقاشاً يُضعف موقع رئاسة الجمهورية عبر إخضاع المرشحين لها الى اختبارات وامتحانات تقضي على ما تبقى من هيبة الرئاسة ودورها.

في موازاة هذا الحراك داخل «14 آذار» على خط صون الجهوزية، يبدو المشهد العام ذاهباً الى مزيد من التفكّك خصوصاً بالنسبة إلى شلّ جلسات الحكومة، والتحضير لعقد الجلسة الاشتراعية التي ستصيب العلاقة بين «القوات اللبنانية» وحزب الكتائب من جهة وتيار «المستقبل» من جهة ثانية، حيث يبدو حتى الآن أنّ «المستقبل» يدعم قرار عقد الجلسة وأنّ نوابه في غالبيتهم سيحضرونها باستثناء قلة ستقاطع.

عن هذه المشاركة تكشف أوساط مطلعة أنّ «القوات اللبنانية» تلقّت تطمينات من الرئيس فؤاد السنيورة الى أنّ مقاطعة «القوات» ستعني مقاطعة «المستقبل»، لكن ذلك لم يُبتّ بنحو قاطع.

وتكشف الاوساط أنّ «القوات» تعلّق آمالاً كبيرة على «المستقبل» لمقاطعة الجلسة، لأنّ مجرّد المشارَكة فيها في غياب المكوّنات المسيحية الاساسية سيكون بمثابة ضربة كبرى توجّه لـ«اتفاق الطائف» وللميثاقية والتوازن، كما أنّ هذه المشارَكة ستؤدّي الى ردة فعل مسيحية كبيرة، والى تعزيز «إعلان النوايا» الموقّع بين «التيار الوطني الحر» و»القوات»، خصوصاً في ظلّ رفض تكتل «التغيير والإصلاح»، المشارَكة في الجلسة إذا لم يدرج قانون الانتخاب على جدول أعمالها.