يفترض أن تنتهي هذا الاسبوع المناورات المتبادلة بين «حزب الله» والعهد من جهة، والرئيس سعد الحريري من جهة ثانية، فلا الوقت ولا الأزمة المفتوحة في الشارع يسمحان بعدم تشكيل الحكومة، وبمجرد تسمية الرئيس المكلّف سينتقل الاختبار الى الشارع، فإمّا يتكرر سيناريو رفض ترشيح الوزير محمد الصفدي، أو تعطى الفرصة لتشكيل حكومة إنقاذ مصغّرة، تأخذ على عاتقها وقف الانهيار الاقتصادي، ومكافحة الفساد والاعداد لمرحلة انتقالية جدية، للخروج من الأزمة.
 

تبدو الأمور من جانب فريق الرئيس الحريري أقرب الى التفاؤل بإمكان تشكيل حكومة مصغّرة، يترأسها الحريري وتبدأ العمل فوراً، لمعالجة الوضع الاقتصادي، وتذهب بعض الترجيحات الى حد توقّع ان يوافق «حزب الله» على حكومة تكنوقراط في اليومين المقبلين، لن تكون مؤلفة من أكثر من 14 وزيراً لا تشارك فيها القوى السياسية، ويترك لها مهمة إدارة الوضع الاقتصادي، مع تنحية الملفات السياسية الخلافية جانباً.

هذا التفاؤل مردّه الى أسباب عدة أبرزها أنّ «حزب الله» مقتنع بأنه لا مجال لتشكيل حكومة لا يترأسها الحريري، وانّ حكومة اللون الواحد مصيرها الفشل الحتمي والسريع، أسوة بمحاولة تشكيل حكومة الصفدي.

و«حزب الله» حسب هذه الترجيحات، يعرف أنّ انهيار الوضع الاقتصادي سيكون مكلفاً للجميع، خصوصاً للحزب الذي مهما ادّعى أنه وبيئته في منأى عن هذا الانهيار سيُصاب بأضرار كبيرة لن يكون ممكناً السيطرة عليها، لا بعزل بيئته عن التظاهرات ولا بإقفال مناطقه على الحراك الشعبي.

كما يعرف الحزب انّ الأحداث في العراق أظهرت عجزاً عن قمع انتفاضة الشعب العراقي بالقوة، وانّ هذه الاحداث انتقلت الى ايران التي تنشغل الآن بقمع انتفاضة مماثلة. وبالتالي، لا مجال في لبنان للمكابرة ولرفض حكومة الانقاذ التي يطرحها الحريري، لأنّ البديل فوضى تضرب الجميع وتطيح الجميع.

في المقابل، ترى أوساط «التيار الوطني» انّ ما يشاع عن إمكان القبول بحكومة تكنوقراط برئاسة الحريري هو مجرد أوهام، فالحريري لا يمكنه ان يترأس حكومة إنقاذ كأنه المنقذ، فيما يُدان الآخرون بالمسؤولية عن الانهيار، كما أنه لا يمكنه ان يستولي على الحكومة التي هي السلطة التنفيذية تحت ستار تشكيل حكومة تكنوقراط.

وأشارت الاوساط الى انّ صبر الرئيس عون على أداء الحريري يكاد ينفد، ولفتت الى انه عندما يحدّد موعد الاستشارات الذي بات قريباً، فهو يكون قد وصل الى إحدى وضعيتين: إمّا الاتفاق مع الحريري، وبالتالي تسميته، وإمّا الخلاف، وبالتالي تسمية شخصية أخرى (من غير النواب) جاهزة لتشكيل فريق عمل وزاري متخصص.

وأضافت الاوساط أنّ مجرد تحديد عون موعد الاستشارت يعني اختباراً للمدى الذي سيصل اليه السلوك الابتزازي، الذي يرفضه عون، ويعتبر انه يناقض ما تم الاتفاق عليه في التسوية الرئاسية، مشيرة الى انّ «حزب الله» فَوّض الى عون اتخاذ الخيار المناسب اذا ما وصل الحريري الى نقطة اللاعودة في تشكيل حكومة تكنوسياسية، وأنّ التيار ثَنَى الحزب عن توجّه لتشكيل حكومة اللون الواحد، في انتظار أن يعقلن الحريري مواقفه بما يخصّ تشكيل الحكومة، مع الاشارة الى أنّ ما صدر في بيان الحريري رداً على «التيار»، كان سابقة غير مشجعة تحصل للمرة الاولى منذ انتخاب الرئيس عون والتفاهم الكبير الذي سبق هذا الانتخاب.

ويبقى السؤال أيّ من الخيارات سترسو عليها الاستشارات اذا ما تم تحديدها هذا الأسبوع؟ وهل يتجه العهد الى تشكيل حكومة الاكثرية؟ وهل يستطيع ان يقلّع بهذه الحكومة في ظل الازمة الاقتصادية؟ وما مصير مؤتمر «سيدر» والمساعدات الدولية والعربية التي كان يفترض أن تقدّم للبنان، في حال شكّل الرئيس الحريري الحكومة بشروطه؟