احتفل المسلمون والعالم الإسلامي يوم الأربعاء ببدء عام هجري جديد وهو العام 1437 وهذا يعني أنّه مضى على انتشار الإسلام في العالم أكثر من 1450 سنة تقريباً ، لأنّ الهجرة تمّت بعد 13 سنة من نزول الوحي على الرسول محمد (ص) ، وإذا كانت هناك وجهة نظر أخرى تعتبر أنّه في الأول من محرم كانت البعثة النبوية فيكون مرّ على نزول الوحي 1437 سنة ، وفي كلا الحالتين فإنّه مضى على الإسلام حوالي قرن ونصف تقريباً ، وقد انتشر الإسلام في كل أنحاء العالم وأصبح عدد المسلمين اليوم حوالي مليار وستمائة مليون مسلم وهو من أسرع الأديان انتشاراً وقد أصبح الدين الأوّل في العالم حسب بعض الإحصائيات أو هو الدين الثاني حسب احصائيات أخرى ، ويوجد في العالم حوالي 52 دولة إسلامية أي أنّ المسلمين فيها الأغلبية وهي منضمة إلى منظمة التعاون الإسلامي ، وإن كانت الدول التي تعلن تطبيق الإسلام بشكل كامل سياسياً واقتصادياً وتشريعياً ليست عديدة وتكتفي بعض الدول بتطبيق أحكام الشريعة ، ولا يوجد اتفاق بين المسلمين على ماهية الحكم الإسلامي وكيفية تطبيقه .

لكن السؤال الأهم الذي يجب أن يطرح اليوم بعد 15 قرنعلى انتشار الإسلام : أين هي المساهمة الحضارية والسياسية والإقتصادية للإسلام والمسلمين في العالم؟ وهل الدول الإسلامية أو التي يشكل فيها المسلمون الأغلبية هي الدول الأفضل في العالم اقتصادياً وسياسياً وتنموياً وفكرياً؟ ولماذا يفضل المسلمون اليوم الهجرة إلى دول الغرب أو إلى استراليا للإقامة والعيش فيها وهم يتمتعون في هذه الدول بأفضل شروط الحياة ويمارسون فيها طقوسهم الدينية بحرية؟

لا نستطيع في هذه المقالة السريعة تقييم الواقع الإسلامي وواقع الإسلام والمسلمون في العالم  وهل هم متقدمون حضارياً وفكرياً وسياسياً أم لا ، لكن هناك سؤال يطرحه المفكرون المسلمون منذ حوالي المائة عام واكثر وهو : لماذا تقدم الغرب وتأخر المسلمون؟ وقد قدمت الاف الاجابات السياسية والفكرية على هذا السؤال، وهذا يؤكد ان الواقع الاسلامي ليس على مايرام ، وهذا لا يعني ان الاسلام ليس لديه الحلول والاجابات وانه ليس هناك مسلمون ناجحون أو أنّه ليس هناك انجازات مهمة لدى بعض الدول والمجتمعات الإسلامية ، لكن إذا اطلعنا بشكل عام على الواقع الإسلامي فالصورة ليست إيجابية والمشاكل والحروب والصراعات تعم العالم الإسلامي ونحن غارقون في أزمات متعددة ، وكل ذلك يتطلب إعادة النظر بالمشروع أو المشاريع الإسلامية التي قامت أو مازالت قائمة والبحث عن حلول للأزمات الفكرية والسياسية والإقتصادية والتنموية والإجتماعية.

واليوم إذ يحتفل المسلمون بقدوم عام هجري جديد عليهم إعادة النظر بواقعهم والبحث عن أسباب فشل التجارب الإسلامية  وأن لا يرجعوا الاسباب فقط إلى العوامل الخارجية من استعمار وتبشير وحروب خارجية ، لأنّه هناك مشكلة في داخل الفكر الإسلامي أو التجربة الإسلامية وعلينا البحث عنها ، وكما أشار المفكر الإسلامي مالك بن نبي إلى مصطلح : قابلية الإستعمار، أي أنّ المشكلة في الداخل  وليست في الخارج ، فإنّ من واجبنا اليوم البحث مجدداً وبشكل عميق عن أسباب فشلنا رغم كثرة عددنا وكثرة عدد الدول الإسلامية وانتشارنا في معظم أنحاء العالم .