تميزت القوى والحركات الإسلامية برفعها شعار لا غربية – لا شرقية : إسلامية – إسلامية ، وذلك انطلاقاً من الآية القرآنية: {اللهُ نُورُ السَّمَوَاتِ وَالأرْضِ مَثَلُ نُورِهِ كَمِشْكَاةٍ فِيهَا مِصْبَاحٌ الْمِصْبَاحُ فِي زُجَاجَةٍ الزُّجَاجَةُ كَأَنَّهَا كَوْكَبٌ دُرِّيٌّ يُوقَدُ مِن شَجَرَةٍ مُبَارَكَةٍ زَيْتُونَةٍ لاَ شَرْقِيَّةٍ وَلاَ غَرْبِيَّةٍ يَكَادُ زَيْتُهَا يُضِيءُ وَلَوْ لَمْ تَمْسَسْهُ نَارٌ نُورٌ عَلَى نُورٍ يَهْدِي اللهُ لِنُورِهِ مَن يَشَاءُ وَيَضْرِبُ اللهُ الأمْثَالَ لِلنَّاسِ وَاللهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ} سورة النور الآية35.

وبعد انتصار الثورة الإسلامية في إيران تمّ رفع شعار : لا شرقية ولا غربية جمهورية إسلامية، وذلك للتأكيد على أنّ الجمهورية الإسلامية ستقدّم نموذجاً سياسياً وفكرياً دولياً جديداً كبديل عن الشرق ( الذي كان يتمثل أنذاك بالإتحاد السوفياتي والذي يحمل المشروع الفكري الماركسي والإشتراكي) وعن الغرب (والذي ترأسه أميركا وأوروبا ويقدّم الرأسمالية والديمقراطية والليبرالية كمشروع فكري وسياسي) .

كما أنّ القوى والحركات الإسلامية الأخرى وخصوصاً الإخوان المسلمين وحزب التحرير والتيارات السلفية الجهادية أو العلمية  كانت تطرح أيضاً المشروع الإسلامي كبديل عن المشاريع الأخرى ، وكان حزب التحرير يدعو للعودة إلى الخلافة الإسلامية ، في حين تطرح التيارات الأخرى مشروع الحكومة الإسلامية أو الدولة الإسلامية أو تطبيق الشريعة الإسلامية .

واليوم وفي ظلّ الصراعات الدولية والإقليمية في المنطقة وبعد الثورات الشعبية ، نجد أنّ معظم القوى والحركات الإسلامية ( باستثناء حزب التحرير)  وكذلك بعض الدول الإسلامية أصبحت منقسمة بين محورين دوليين الأول تقوده أميركا وأوروبا والثاني تقوده روسيا والصين ودول أخرى ، وأصبح بعض الإسلاميين يدعون للتحالف مع أميركا لمواجهة الإستبداد أو الظلم أو لتحقيق الإنتصار على أعدائهم ، فيما يرحب إسلاميون آخرون بالتدخل الروسي – الصيني  لحماية الأنظمة التي يدعمونها، وما يجري في سوريا واليمن وليبيا والعراق واضح ولا يحتاج لأي تفصيل.

ومن يتابع التطورات اليوم في العالم العربي والإسلامي يتذكر ما جرى في بداية القرن العشرين عندما استعان بعض العرب والمسلمين بالدول الغربية (بريطانيا وفرنسا) للخلاص من ظلم الدولة العثمانية ومن أجل إقامة الدولة العربية المستقلة ، وكانت النتيجة أننا انتهينا من الظلم العثماني فوقعنا تحت الإنتداب الفرنسي – البريطاني – الإيطالي – الإسباني .

فهل انتهى اليوم شعار لا شرقية – لا غربية – إسلامية إسلامية وأصبحنا منقسمين بين محورين روسي وأميركي وهل سنخضع مجدداً لإنتدابات دولية جديدة وهل انتهى المشروع الإسلامي السياسي والفكري المستقل؟

سؤال برسم الجميع ؟ وخصوصاً القوى والحركات الإسلامية؟