تقاعد  الرئيس نبيه بري باكراً من قيادة الطائفة الشيعية منذ أن لمع نجم السيّد حسن نصرالله سورياً وتحول إلى ما كان عليه رئيس حركة أمل أبّان جهاده المفتوح على أعداء سورية في لبنان وبذلك خفّ دور الرئيس لينشط دور السيد في طائفة محكومة لحزبين لا ثالث لهما .

بعد السيّد والدور القيادي المُعطى له من قبل ايران وسوريا أوشك الرئيس بري على نهاية الخدمة الفعلية لولا رئاسة المجلس وشخصيته التي لا يتمتع به أحد من الطامعين بموقعه ودوره إذ أنهم يبدون أمامه كأشباه رجال ، ولولا بقاء حركة أمل وفية له رغم ما تمرّ به من وهن وضعف نتيجة إنهاء دورها وتحوّلها الى مجردّ حصّة سياسية في السلطة .

لقد لفظ الرئيس بري آخر أنفاسه السياسية ولم يعد باستطاعته إعادة أمجاد أمل الى الواجهة نتيجة للتوازنات الجديدة التي جعلت من إيران الدولة المؤثرة في لبنان ونهاية دور الظهير السوري الذي كان يستند إليه أثناء المواجهة وأثناء تقاسم الأدوار .

طبعاً من الصعب إعادة عقارب الساعة " الأملوية " إلى الأمام ويبدو أن ثمّة مستحيل سياسي وطائفي في خرق حدود الدور المُتاح لأمل والمسموح به من قبل حزب الله لعدم توفّر خيارات أخرى وحاجة الطرفين أمل وحزب الله إلى وحدة طائفية وإن كانت قهرية وغير عادلة إذ أن كل طرف يرى من وجهة نظره سلبية التفاهم رغم ايمانهم بضرورة السيطرة على إيجابية وحدتهم .

إن ذيلية أمل في هذه المرحلة تعكس أولوية في الخيارات تقنعها بضرورة أن لا تكون ريادية أو قائدة لظروف صعبة تتطلب منها القيام بما يقوم به حزب الله في لبنان وسوريا ولا طائلَ ليدّ أمل في ذلك .

يستوعب الرئيس بري دقّة المرحلة وأهمية تنحيه عن قيادة يعتبرها ملكاً له لأنه الأكفأ وحامل أمانة المؤسس الذي أسّس الإسلام السياسي الشيعي والتيّار الذي خاض معارك عنيفة وطويلة لتثبيت أمل كمعادل سياسي وطائفي في حين أن الآخر قد قطف تقاطع مصالح إقليمية وحصد ما زرعته أمل موسى الصدر ونبيه بري دون جهد يُذكر في تاريخ الصراع الذي قادته أمل مع الإقطاعيين السياسي والديني ومع المارونية السياسية ومع المقاومة الفلسطينية والحركة الوطنية ومع الإحتلال الاسرائيلي .

ومع ذلك ما زال الحديث عن دور أمل المُلغى فعلياً لصالح حزب الله يترصد أبواب الأسئلة المُلحة والكثيرة وخاصة بعد أن عاش الجنوب مؤخراً موجة صاخبة من العنف بين الثنائيين الشيعيين في أكثر من قرية رغم مواقف القيادتين الحازمة والحاسمة من موضوع اقتتال الأخوة .