لم تتمكن أيّ من الحلول السياسية من إخراج العراق من معترك طائفي - مذهبي ، ولم تنجح كل المآرب الدولية في إعطاء السلام لهذا البلد ...

غير أنَ فساد الطبقة الحاكمة والفساد القضائي ، وتبديد أموال الشعب العراقي حيث سجل هدر حوالي 312 مليار دولار من عائدات النفط ، كما تم هدر "ثلاثين مليار دولار" خصصت للطاقة فقط ، فيما الواقع مظلم ، إضافة إلى ضعف الخدمات والمتطلبات الأساسية للشعب وتفاقم الأزمات ، أخرج العراقيين من حدود الطائفة إلى الوطن ..

فنزلوا جميعهم إلى الشوارع في مظاهرات عفوية غير منسقة ولا مسيسة ولا منظمة ، حملت شعارات قاسية ومباشرة عبّرت عن نواقص الشعب ومعاناته .

 

إنّ ثورة الشعب  العراقي الجمعاء التي لم تحمل  تركيبة دينية وإنّما وطنية ، كان لها إنعكاسها على السلطة الفاسدة فبات الشروع للمحاسبة وللمقاصصة ، إذ دعا المرجع الشيعي الأعلى علي السيستاني رئيسَ الوزراء حيدر العبادي لإتخاذ إجراءات حاسمة ضد المسؤولين الفاسدين، وضرب كل المتورطين في الفساد "بيد من حديد".

و أعلن رئيس الوزراء حيدر العبادي وهو الذي ليس بإمكانه التغاضي عن توجيهات السيستاني ،  أنه لن  يسمح بديكتاتورية جديدة في العراق ، مؤكدا أنّه لا بد من وجود صلاحيات للإصلاح .

كما وأشار العبادي قبل إقرار الخطة الإصلاحية ، أن الفاسدين سيحاولون عرقلة الإصلاحات ، والتخريب ، داعياَ الجماعات المسلحة ذات الغالبية الشيعية إلى عدم الإنجرار لخوض نزاع سياسي .

 

فساد العراق ، حقق وحدة وطنية وأجبر الطبقة السياسية على الإستجابة لمطالب شعبية عراقية لا مذهبية وإجراء إصلاحات ، هذا الجو العام ، يشير إلى دخول العراق في مرحلة جديدة مرحلة الوطن الذي لطالما كان تحت نير الإنقسام ...

 

إذ أنّ العراق إستفاد من تجربة الطائفية وإستفاق على ملفات الفساد ، فيما لبنان وهو الشبيه بالعراق من حيث المحاصصة المذهبية والفساد الإداري ، فما زال حتى بأزماته "طائفي" ، فملف الطاقة في لبنان كما في العراق سبب هدراً للخزينة ليبقى البلد مظلماً ..

إلا أن اللبنانيين لم يستطيعوا أن يجتمعوا لمحاربة وزير فاسد ؟! وتيار "سارق" !!

 

الفرق بيننا وبين العراق أنهم تعلموا من التجربة ، وأن الأزمات التي سببتها الطبقة الحاكمة وحدتهم ، بينما نحن ما زلنا في ملفات الفساد نتقاسم التهم طائفياً ومذهبياُ ..