سمعنا من السيد جواد الخوئي كلاماً مخالفاً للتعميم الشيعي العراقي المتمسك بمذهبية السلطة بإعتبارها المائدة التي توفّر للحزبية الشيعية مشتهياتها التي لا تنتهي من مال وجاه .

قال : إنّ الإسلام السياسي الشيعي عاب على المرجعيّات التقليدية مراوحتها في الحراك وعدم تمتعها "بديناميّات" باتت مطلوبة لتطوير المفاهيم وصيغ التعاطي مع منطق الدولة باعتبارها آلية ناظمة للمجتمع ومحسنة لشروط المواطنية . وأضاف حفيد السيد الخوئي النسخة المرجعية غير المكررة في تاريخ الحوزة العلمية منذ السبعينيّات من القرن الماضي بأن جيل المرجعية وقف جانباً فاتحاً الطريق للشيعية السياسية كي تتقدم وتتمكن من قيادة دولة وبعد مداولة سياسية وعلى فترات متلاحقة ومنذ سقوط نظام صدام حسين لم تقدم هذه الحزبية الشيعية سوى المزيد من إرهاق المجتمع وسلبه لدوره السياسي والإجتماعي وآكل لثروته الوطنية ، وإرهاق الدولة بفساد لا مثيل له لا في عهد صدام ولا في عهد غيره ممن تعاقب على حكم العراق .

وبعد أن تفشى مرض الإسلام السياسي الشيعي وتبيّنت خطأه التيارات التي كانت تنادي بحركية المرجعية وتنشيط دورها في منظومة السلطة وداخل الدولة ، أصبح العراق في واد من الفتن المذهبية والطائفية بعد أن سقطت تجربة الإسلام السياسي الشيعي في الحكم الذي كرّس استبداداً أسوأ بكثير من استبداد صدام حسين لأنه استند في منطقه الاستبدادي على تبريرات فقهية وفكرية شيعية .

من هنا كانت الحرب التي فتحت نارها منذ أن أساء الإسلاميون السياسيون لاستخدام الحكم بحيث أنهم أتاحوا للإسلام السياسي السُني وبنسخته المتطرفة فرض الوجود وبقوّة أدّت إلى احتلال داعش لجغرافية عراقية كاملة ، ومازالت الحرب تستنزف طاقة العراق لصالح مصالح دول وأطراف محلية .

تراجع الإسلام السياسي عن كونه الحلّ وتحول إلى أزمة حقيقية وفعلية يُصعب معها التمكن من الوصول إلى حلول تنقذ العراق من محنته الكبرى .

أتاح للخيار الوطني العراقي المقموع فرصة التواجد في الخيارات العراقية بغية الخروج من نفق الأزمة المستفحلة .

من هنا باشرنا كأفراد وكتأسيسات حوارية متكونة من مكونات المجتمع العراقي إلى مواجهة نتائج حكم وممارسة سياسات الإسلام السياسي السلبية والمميتة والقاتلة وبذلنا من أجل ذلك أرواحنا لأن هذا الإسلام السياسي وبالقدر الذي يتقن فيه خراب البلاد فانه يتقن فنّ القتل في سبيل سلطته المُستبدة .

كانت إرهاصات ورشنا الوطنية الإنطلاق من محيط المجتمع المدني الذي ساعدنا كثيراً لآنه متعطش لنشأة عراق آخر متصل بالهوية الوطنية وبمنطق المواطنية بعد أن استفرغ كل محمولات المذهبية والطائفية البغيضة والتي أسقطت العراق في بحور من الدماء .

إنّ تواجدنا في لبنان كتشكيل عراقي خارج الإصطفاف الطائفي والمذهبي خطوة في المكان الصحيح لأن تاريخنا العربي المشترك يسهم في تطوير نظم علاقاتنا العربية – العربية ويساعدنا كثيراً على الإستفادة من تجارب بعضنا البعض لتحسين شروط أدورنا في أوطاننا .

إن المركز العربي للحوار إذ يعيد تمتين العلاقة التاريخية بين مجتمعين إنّما يخدم في ذلك سياسات الحوار العربي – العربي لتأصيل منطق السلام باعتباره رسالة الأنبياء بعد أن تمّ تهشيمه لصالح الإسلام السياسي الذي فشل في تجربة الحكم في العراق وغيره .

يحدونا آمل كبير بقيامة عراقية جديدة قائمة على مواصفات وطنية ووفق منظومة قيم ومعايير مختلفة تماماً مع معايير الدكاكين الحزبية .