أيّ مستقبل للبنان مع هذه الطبقة السياسية الحاكمة التي أغرقته تحت ديون جاوزت الستين مليار دولار حسب بعض التقارير؟

وأيّ مستقبل لشعبه الذي يعاني من أزمات النفايات والكهرباء والمياه والطرقات والإتصالات والرشاوى والفساد والصحة والدواء والمدرسة والكتاب إلى آخر مسلسل الأزمات الذي يطول ولا يقف عند حدود؟

وأيّ مستقبل لخريجي الجامعات والمعاهد الذين يعدون بالآلاف سنوياً وفي كافة الاختصاصات والذين يقفون طوابير أمام السفارات للحصول على تأشيرة تتيح لهم الهروب من هذا البلد الموبوء بأمراض البطالة والأمن والخطف والقتل؟ 

وأيّ مستقبل لجيش العاطلين عن العمل الذين يفتح لهم الجهل والفقر والتعصب أبواب الدخول إلى عالم الرذيلة والإجرام والإنحراف؟

وأيّ مستقبل لبلد يعاني من أزمة رجال بكل ما تعني كلمة الرجولة من معاني الكرامة والمروءة والإيثار والأمانة ، ويعاني من أزمة أخلاق لدى طبقة احتكرت الدين وتاجرت به فباعت الدين بالفتات من حطام الدنيا وامتهنت وظيفة وعاظ السلاطين ، فشرعت فساد الحاكم لقاء سلطة زائفة وحفنة من الدراهم؟

وأيّ مستقبل لبلد آثر شعبه عيشة الذل والخنوع والإستسلام لقوى الأمر الواقع؟

فمن يعتقد أنّ الأوضاع يمكن أن تتحسن في لبنان أو أنّه بالإمكان إيجاد حلول لبعض الأزمات المتراكمة والمتفاقمة فهو مخطىء تماماً خصوصاً عندما نرى مافيات السياسيين وعصابات المعنيين بالشأن العام تبحث عن مخارج لائقة للأزمات الراهنة ، إذ أنّ هذه المخارج ليست أكثر من خدعة تسمح لبعضهم بالتغاضي عن مساوىء البعض الآخر، وتتيح للجميع تبادل المنافع وتقاسم السرقات .

فهل من مبرر مقنع أو سبب وجيه لكي تكون الكهرباء مقطوعة والمياه شحيحة والطرقات محفرة والنفايات مكومة كالجبال على جوانب الطرق وفي شوارع العاصمة بعد مضي أكثر من خمسة وعشرين عاماً على دخول البلد في مرحلة السلم الأهلي؟

لقد بات في حكم الواقع أنّ الحلول التي يطرحها أهل الطبقة السياسية الحاكمة ليست أكثر من مخارج تتيح لهم الإستمرار بالإمساك بمفاصل اللعبة السياسية والقبض على مفاتيح النهب العام.

فلماذا لا يتم انتخاب رئيس للجمهورية ؟ ولماذا لا يتم إقرار قانون جديد للإنتخابات ؟ ولماذا التمديد للمجلس النيابي ؟ ومن المسؤول عن الأدوية الفاسدة والطعام الفاسد ؟ ومن المسؤول عن سرقة أموال الشعب ، إذ أنّ النائب أو الوزير أو المدير أو الموظف يصبح بين ليلة وضحاها من أصحاب المليارات؟

أين صوت الشعب الهادر الذي يطالب بحقه المهدور ؟ أين صرخة المظلوم المدوية في وجه الظالم ؟ أين سيف من لم يجد قوت عياله ليشهره في وجه سارق لقمة عيشه ؟ أين كلمة الحق في وجه السلطان الجائر؟