يقول رئيس مجلس النواب نبيه برّي إنّه كانت هناك فرصة حقيقية لإقرار اقتراح رئيس تكتل «التغيير والاصلاح» النائب العماد ميشال عون لرفع سنّ التقاعد 3 سنوات للضبّاط قبل جلسة مجلس الوزراء الاربعاء الماضي، لكن بعد التمديد للقادة العسكريين فإنّ الاطراف أصبحوا في حالة استرخاء بعدما نالوا مطالبهم وبات من الصعب إقناعهم بالاقتراح العوني.

قصّة اقتراح رفع سن التقاعد بدأت قبل نحو 5 أشهر، عندما زار المدير العام للامن العام اللواء عباس ابراهيم، برّي، وفاتَحه باقتراح لعون يقضي برفع سنّ التقاعد للضبّاط الى 3 سنوات، ويومّها أبلغه بري أنّ هذا الاقتراح «قابل للقبول».

على الأثر، مرّ أسبوعان من دون أن يسمع برّي شيئاً عن هذا الاقتراح لا سلباً ولا إيجاباً، فعاد إليه ابراهيم ليبلغه أنّ عون لم يعد متحمّساً لاقتراحه. سأله برّي عن السبب، فردّ: لا أعرف.

وبعد فترة قصيرة، صودف أنّ بلدة كوثرية السياد في الجنوب، مسقط رأس ابراهيم، احتفلت بافتتاح مسجدها، وكان وزير المال علي حسن خليل خطيباً في هذا الاحتفال ممثلاً برّي.

أثناء الاحتفال، جلس ابراهيم الى جانب خليل وهمَس في أذنه أنّ عون أبلغه مجدداً أنّه مستعدّ لإعادة البحث في اقتراح رفع سن التقاعد للضبّاط، وطلب ابراهيم من خليل نقل موقف عون الى برّي.

استغرب برّي هذا الامر عندما فاتحه به خليل لاحقاً بعد عودته الى بيروت، وشعر بوجود عدم جدية، لكنه على رغم ذلك طلب منه أن يبلغ الى ابراهيم أنه لن يقول نعم او لا في هذا الموضوع قبل أن يصله شيء رسمي.

في هذه الاثناء، وعندما أبلغ عون الى ابراهيم رغبته بالعودة الى اقتراحه، طلب منه مناقشة هذا الامر مع الوزير جبران باسيل في وزارة الخارجية. وبالفعل، حصل لقاء بين الرجلين في الوزارة، فاستغرب باسيل أولاً الاقتراح قائلاً: إنّ هذا يستدعي منّا النزول الى مجلس النواب فيما نحن نقاطع التشريع.

فأكد له ابراهيم أنّ اقتراحاً من هذا النوع لا يمكن إقراره إلّا في مجلس النواب. عندها أبدى باسيل الاستعداد للمضي في الاقتراح ونزول نوّاب التكتل الى المجلس لإقراره بقانون، لكنه استمهل ابراهيم بعض الوقت لإبداء الموقف النهائي في انتظار التشاور بين «التيار الوطني الحر» و«القوات اللبنانية» كونهما متّفقين على مقاطعة التشريع. وكذلك التشاور في شأن النزول الى المجلس والمشاريع التي يطلب الطرفان مناقشتها خلال الجلسة التشريعية التي ستعقد لهذه الغاية.

بعد هذا اللقاء، زار ابراهيم برّي وأبلغه ما دار بينه وبين باسيل واستمهاله للتشاور مع «القوات». وإذ كلّف برّي خليل الاتصال بـ«حزب الله» لمعرفة ما اذا كان الحزب مطلعاً على الامر من عون، تبلّغ خليل من المعاون السياسي للامين العام السيد حسن نصرالله الحاج حسين الخليل أنّ لا علم للحزب بالأمر. عندها قال بري: لن اقول نعم او لا في انتظار تبلّغي مواقف رسمية.

يوم الثلثاء الذي سبق جلسة مجلس الوزراء الأربعاء، زار ابراهيم برّي وأبلغه أنّ «التيار الوطني الحر» ماضٍ في الاقتراح، فسأله برّي: ماذا عن موقف «القوات» الذي يربط عون موقفه بها؟ فأجاب: إنّ باسيل استمهلني لليوم التالي للحصول على موقف «القوات».

فقال برّي: لا أقبل ان تُنقل إليّ اقتراحات بهذه الطريقة، اريد أن يُقدّم إليّ اقتراح جدّي حتى يُبنى على الشيء مقتضاه. فمثل هذا الاقتراح يتطلّب فتح المجلس للتشريع.

ولاحقاً، ردّد برّي انه كانت هناك فرصة حقيقية لإقرار هذا الاقتراح قبل جلسة مجلس الوزراء الاربعاء الماضي، ولو أنّ عون حسم الموقف باكراً لكنتُ عملتُ بكلّ قواي لإقناع المعترضين عليه، أمّا وقد حصل التمديد للقادة العسكريين فإنّ الاطراف اصبحوا في حالة استرخاء بعدما نالوا مطلبهم وبات من الصعب إقناعهم باقتراح عون.

ويقول برّي في هذا السياق انه لم يستقبل عمداً وزير الدفاع سمير مقبل قبل جلسة مجلس الوزراء وطلب منه بإصرار تقديم بضعة اسماء لمراكز قيادة الجيش ورئاسة الاركان والامانة العامة للمجلس الاعلى للدفاع، مشدداً على التعيين والتعيين والتعيين حتى إذا تعذّر يتمّ اللجوء الى التمديد.

وخلال جلسة مجلس الوزراء، طرح مقبل 4 أسماء لقيادة الجيش كان بينها اسم شامل روكز، وكان على الوزراء العونيّين التقاط الفرصة والذهاب بهذا الموضوع حتى النهاية في السعي الى تعيين روكز قائداً للجيش، خصوصاً أنّ وزراء «حزب الله» وحركة «أمل» وربما وزراء الكتائب وحتى وزير «المردة» كانوا في وارد التصويت لمصلحته أو على الاقل كان يمكن لهذا الامر أن يفتح الباب امام التوافق، لكن ضاعت الفرصة وأديرت المعركة بنحو خاطئ. فالوزراء العونيون تصرفوا عكس ذلك، لأنهم اقترحوا درس الاسماء قبل عرضها على مجلس الوزراء.