من بعد ما أضأنا في الحلقة الأولى بتقرير مفصل عن محطة التكرير ، وما أشرنا إليه من تفاصيل تختص بعملها وبالملوثات ...

قررنا أن نتوسع أكثر لندخل بقضية الأراضي التي قامت عليها المحطة والتي اشتراها مجلس الإنماء و الإعمار بأبخس الأثمان من المواطنين ، فالمجلس والذي يتاجر على حساب المواطن اشترى متر الأرض منه  ب 40$ ( وارتفع السعر ل 46 $  بعد تعويض اضافي أقره مجلس شورى الدولة إثر دعوى رفعها المتضررون وقدّر ب 30 ألف دولار ) ليقوم ببيعه لشركة فرنسية ب 200$ ...

أما العائلات التي خسرت أرضها قسراً في هذه الصفقة وهذا المشروع الذي لم يفد بقدر ما سبب الضرر ، هي "القنطار ، الكردي ، الجمل ، الضناوي "

في حين صمد محامي من عائلة عبيد ، في وجه القرار ولم يفرط في أرضه !

 

هذا وقد أفاد موقع لبنان الجديد أحد افراد عائلة القنطار أنهم حصلوا على عرض لبيع الأرض في حينها من شركة  )غاز) عبر سمسار بـ "120$" إلا أنّهم أجبروا على بيعها لمجلس الإنماء لأجل المحطة بثلث السعر ..

 

من بعد ما عدنا لأصل الأرض توجهنا للمحطة وهنا نشكر مجموعة " طرابلس يا مدينتنا نوادر وحكايات" على مجهودها معنا ، قريب وصولنا للمحطة بدأت الرائحة الكريهة والتي لا تطاق تنتشر بالأجواء ، وهذا إن كان يدل على شيء فهو على سوء إختيار المكان حيث أنّ المحطة (ومساحتها 110 ألف متر مربع ) ، قريبة 300 متر من المناطق السكنية وكذلك من سوق الخضار والمحجر الصحي  ...

ما يجعل المحور السكني لها تحت رحمة تلوث دائم .

هنا لم أتمالك نفسي و سألت موظف الأمن عند دخولي :

"أوف إذا محطة التكرير و ريحتا هيك كيف عم تكرروا ؟؟ "

 

 

عدد موظفي المنشأة بالمجمل حوالي 15 هذا ما أخبرتنا بها معلومات ، ويتم توزيعهم بدوامات مختلفة ، رغم أنها منشأة هائلة الحجم وتمتلك العديد من الخاصيات ...

كما أنّ المثير للسخرية أنّ ما تقوم هذه المحطة بتكريره يرمى في البحر ، أي لا يستغل أيضاً ؟!

 

 

في داخل المنشأة أردت التصوير ليأتي موظف الأمن ويقول لي : ممنوع التصوير ، أما السبب فهو طلب إداري ؟!

صعدنا بعد إنتظار دقائق إلى المبنى الذي يوجد به المدير الفرنسي "ديفيد بوستر" وهو مبنى مؤلف من عدة طبقات غير أنّنا لم نجد به إلا موظفة استقبلتنا عندها بحجة أنّ من سيقابلنا في اجتماع ، وبعد انتظار دام نصف ساعة جاء السيد ديفيد وبرفقة شخص "يترجم لنا" ، إلا أنّ المفارقة لم نرَ أحد من الذين كان يفترض أنه معهم في اجتماع ...

والمفارقة الثانية أنّهم أشاروا لإطلاعهم على تقريرنا الأوّل بل وأخبرونا عن تاريخه ، ليتأكد لي أنّ الإجتماع المزعوم كان مع جهاز الكمبيوتر والتقرير المعد ...

حالة المدير كانت "عصبية" وكأنّنا حاملين عليه سيف الإتهام ، وقبل أي كلمة أخبرنا أنّ لا حق له بالتصريح بأي معلومات تقنية وليس من شأنه حتى !

بل هو شأن السيد يوسف كرم في مجلس الإنماء والإعمار !

 

هنا بادرته بسؤال وقلت له إني لا اريد أي إستفسارات تقنية في المرحلة الحالية إلا أنني أضأت على عدة أمور متعلقة بالمنشأة في التقرير الأوّل ،  وكما نقلت وجهة النظر الهندسية وما يراه المجتمع المدني ، يهمني أن أنقل أيضاً ردّهم كإدارة .

غير أنّ موقف المدير الحازم ظلّ مثل ما هو حتى انصرفنا !

 

وكما خلال قدومي كذلك عند انصرافي لفتتني الرائحة الكريهة والتي تنتشر بقوة أكبر على طرفي النهر من الجسر الذي يقود لمحطة التكرير ..

هذا وهناك  مصب هائل من المجارير يقع في نهر أبو علي مقابل "الدوار" وهذا ما تثبته الصورة ....

 

 

 

المجارير لا تصب هنا فقط بل تتعدد أماكن التلوث التي تتسبب بها محطة التكرير الموبوءة ، وهذه الأماكن هي :

قرب قصر الميقاتي ، عند بوظة البلحة ، البياضة ، المشتى  ، اليمني ، الجامعة العربية ، الدنون  ...

 

هذه المجارير الكريهة ، والتي تسبب بأزمة تحاصر الميناء  تجعلنا أمام إستفهام  ألا وهو ، كيف وافق مجلس الإنماء والإعمار على هذا المشروع ، بل وكيف رعى الرئيس السنيورة إفتتاحه !

أما الملامة ، فيجمع المجتمع المدني المهتم بطرابلس على تحميلها لنبيل الجسر فهو وإن لم يكن في بداية المشروع غير أنّه كان بمقدروه في أي لحظة  ايقافه نظراَ لكل التقارير وكل الأبحاث التي قُدّمت وأُعلنت في حينها ، والتي دلّت على الأزمة التي ستسببها هذه المحطة للمدينة .