ما زلت أستعجب من جماهير المستقبل ، كيف تحتفي بزعيمها ، وكيف تهلل له !

وما زلت لا أفهم .. ذاك السر الذي يجعلهم في ديمومة دائرته السياسية ، على الرغم من الضعف في الأداء الدبلوماسي وفي الحنكة السياسية ...

 

الأمر ليس شخصي ضد الشيخ سعد ، ولكنه ممارساتي ، ففي السلطة وخفاياها ، حققّ سعد الحريري فشلاً ذريعاً أضعف به الشارع السني من صيدا لبيروت للشمال ، وشتت الطائفة وألحق بها الصفات من داعش للنصرة للعقل المتطرف .

فضلاً عن ذلك ظلّ يحايل الشريك الرافض له "حزب الله" ، وهو الحزب نفسه الذي يستميت بالدفاع عن قاتل الشهيد رفيق الحريري ، ويحارب جنباً لجنب مع من هددوا سعد وهجّروه إلى باريس .

 

إخفاقات الشيخ سعد بالسلطة لا تعد ولا تحصى ، فإنكساره المتكرر للحلفاء لأجل "السلم الأهلي" همّش اللبنانيين من الموالين له ، لأنه إنكسار من طرف واحد ممّا شكل إنتصار لفريق آخر "إنتصار ما كان ليتسحقه لولا الضعف الذي أبداه زعيم المستقبل" ..

 

ولكن على الرغم من الفشل والإخفاق ومن إيقاف عضوية نواب ، لإنسحاب آخرين ، إضافة إلى التمسك بالمشنوق وهو الأمر الذي قضى على تيار الحريري شمالاً ما دفعهم في المظاهرات المنددة بوزير الداخلية أثناء سجن رومية لحمل رايات النصرة لا الرايات الزرق ...

 

ومن هذه المعطيات التي قد تجعلنا نستخلص أن تيار المستقبل "إنتهى" ، وأصبح على المحك ، غير أنّ الواقع بلحظة يبدو مغاير ،  فعند دخولك العالم الإلكتروني اليوم وأمس ترى هاشتاغ "يوم السعد لما يطل" ، وتقرأ معه الإبتهاج المنتظر لإطلالة الشيخ سعد  ولكلمته ...

المغردون ليسوا واحداً ولا إثنين ، ولا هم منطقة محددة ، ولا من طائفة معينة ....

لنتساءل هنا ما السر للشيخ سعد حتى ما زال موضع إيمان من اللبنانيين ؟

إن الضجة الإلكترونية التي أحدثتها كلمته المترقبة تدل على احتمالين :

الأول : أنّ السنة بشكل عام "طائفة بلا تمثيل حقيقي" ، وعلى الرغم من شوائب الأداء السياسي للشيخ سعد ولتياره غير أنه "بيضل الكحل خير من العمى "

لذلك ما زالوا يعولون على موقف منه أو نهج طيو-سياسي ، يعيد للسنة "ساحتهم " ...

الثاني : على الصعيد اللبناني ، وما وجده الشعب من تهوّر عوني ، وتخوين للجيش ، إضافة لتردد قواتي ، أمال الضفة لجهة الشيخ سعد الحريري كرجل إتزان ....

 

كل من الإحتمالين صحيح لحد ما ، ومهما كان السبب الحقيقي ، تبقى النتيجة الحتمية "الشيخ سعد محبوب" ...

وأن اللبناني مهما إنتقده ومهما رفضه ، يظلّ ينتظر إطلالته وحضوره السياسي ...