لن ندخل في قصة السيطرة على الشواطئ وتأجيرها ، على الرغم من أن الشاطئ والبحر ، ملك للبنانيين ، ولن نتوقف عند المافيات التي تحتكر وتفرض أسعار حسب مزاجيتها فترتفع من بلاج لآخر ولكنه إرتفاع ، ليس على حسب مستوى الخدمة  .

ولن نقول ، أن الفقير في لبنان يكاد يكون لا بحر له ، وأن حتى الهواء قد ندفعه ثمنه قريباً ، في وطن يأكل شعبه .

 

أنا هنا ، سأقول لأصحاب البلاجات خذوا ما شئتم ، ولكن قدموا لنا بحراً نظيفاً وحمامات نظيفة ، وخدمات حقيقية .

 في الشمال من شكا للمنية مروراً بالميناء ، العديد من البلاجات والتي تعتمد بأغلبها على البحر لا المسبح ، بل تخلو بمعظمها من مسابح إلا إستثناءات محدودة .

فعند قدومك من بيروت لطرابلس تبدأ البلاجات بإستقبالك من شكا حتى وصولك للميناء ، شاليهات متلاصقة ، مظهرها الخارجي يتفاوت وكأنها مصنفة ، بلاج للطبقة البرجوازية وآخر لعامة الشعب ، الأسماء عديدة تتراوح ما بين الشعبي والفرنجي ، (بالما ، ساندي بيتش ، حميدو ، مارينا ، حكيم ، اللوزي ، شاطىء لبنان ، هوليدايز .... وكثير غيرها ) .

إلا أنّ غالبية هذه المنتجعات ، غير مطابق للمواصفات وملوث !

 

البحر على امتداده ، في كثير من هذه الشواطىء ملوث ، فلا نظافة ولا اهتمام ، ففي بلاج اللوزي مثلاً في الميناء ، يشكو مستأجري الكابينات من الروائح المقرفة التي يشتمونها ، كما يشيرون إلى أن البحر "شي قرف" ، أما الزوار والذين يدفعون على الشخص الواحد مبلغ "10 آلاف" يقولون ، حمامات ودوش "بيلعي النفس" .

 

بلاج حكيم ليس بأفضل حال ، المشاكل نفسها ، بحر غير مطابق للمواصفات ، تقول أمل ، ذهبت مرة لهناك وقمت بالسباحة ، لأتفاجأ بعد عدة إيام تهيجت بشرتي وعند الذهاب إلى الطبيب أخبرني أنها جرثومة أصابتني من مياه بحر ملوث .

 

في المنية الوضع أكثر مأساوية ، فالبلاجات الشعبية ( مثل أبو راشد ، أحلام ،  ... ) ، والتي تؤجر الزوار على الطاولة (15 ألف ) ، لا تأبه بنظافة البحر ولا بأي شكل ، لتتجرح قدمك "بالبحص" ، ولتلاقي العشب الأخضر المقرف أثناء السباحة والقمامة المنتشرة في المياه .

أما الحمامات ، فعدة حجار وشرشف ودوش "نقطة بنقطة المي" !

وعلى صعيد الروائح "فحدث ولا حرج " .

 

وأغلب هذه البلاجات تخلو من مسابح خاصة بالأطفال ، ومن أماكن لعب مجهزة لهم ،  أما المراقب والذي مهمته إنقاذ الغارق ، فيكون في المسابح الشعبية "إن كان" مجرد شخص يجيد السباحة ، ولا يكون متأهب دائماً .

أما مياه الاستحمام ففي غالبها مياه بادرة لا ساخنة و !

 

من جهة أخرى ، هناك بلاجات في الشمال ، تحترم نفسها وبالمقابل تعشق جيبتها ، فإن أردت أن تنعم بسباحة غير ملوثة في بحر ومسبح ، وإن أردت جلوساً نظيفاً ، عليك أن تضع بإعتبارك أن تكلفة الدخول للشخص الواحد فقط تفوق الـ 25 $ !

فضلاً عن منع إدخال الاطعمة والأشربة لهذه الأمكنة ، الأمر الذي يفرض عبئاً إضافياً خاصة وأن الأسعار تجارية وأضعاف أضعاف السعر الحقيقي .

 

وككلّ موسم صيف ، يبدأ موسم السباحة بين تلوث وتجارة ، ويظل المواطن "هو الي اكلها" ، فشعب الطبقة الوسطى ، وهم غالبية أهل الشمال ، يذهبون للبلاجات الشعبية ، ليقضون وقتهم في بحر ملوث وخدمات غير كافية ، وتكلفة تتراوح للعائلة الواحدة بين " دخولية وبنزين وأكل " حوالي (100 ألف) .

 أما الفقير والذي يفضل صرف هذا المبلغ على مأكل أطفاله ، فيبحث عن بحر لم تلتهمه حيتان الأموال ، بحر على الرغم من تلوثه ومن الشمس التي ستحرقه ، إلا أنه لن يكلفه شيئاً وهذا الأهم بالنسبة للبناني المنتوف .

 

لنتساءل هنا ، نظافة البحر أليست من حقنا ؟

وكما هناك حملات غذائية ، نحتاج لحملات على كل البلاجات لمراقبة الأوضاع من تلوث ، وأسعار تجارية ، إهمال  ؟!

ونقول أخيراً لجائعي الأموال وللطامعين ولمغتصبي حقوق الشعب الفقير : البحر للجميع ، إمتلكتم بحارنا ، فإجعلوها نظيفة ....