بعد شهرين من إقصائه عن قيادة الشرطة الإيرانية الذي تمّ في غطاء الإستقالة ، وفي أجواء وداعية مفعمة بالورود وتبادل الجميل من كلمات الشكر الرتيبة، تتملّص السلطات الإيرانية من إلقاء الضوء على حقيقة تنحي الجنرال أحمدي مقدم ، المفاجئ من قيادة الشرطة .

وحتى قائد القوات المسلحة الإيرانية آية الله خامنئي، في رسالة الشكر التي أرسلها للقائد السابق، لم يشر إلى سبب تنحيه من قيادة الشرطة، قبل إنتهاء ولايته بأشهر، وإكتفى بالشكر على جهوده المؤثرة.

ولكن كشف موقع كلمة القريب من الزعيم الإصلاحي مير حسين موسوي، عن ملابسات إقالة أحمدي مقدم، وإدعى بأنّ إقالته تمّت بسبب الفساد المالي الواسع في مؤسسة التعاون التابع للشرطة، مضيفاً بأنّ 12 من قيادي الشرطة، على الأقل، تمّ إعتقالهم ويجري إستجوابهم ومن المرجح أنّ قائدهم السابق، أيضاً أوقف ليومين وجرى معه التحقيق .

وفق الدراسة التي قام بها موقع كلمة ، إنّ حجم الفساد المالي في ملف الجنرال أحمدي مقدم وأعوانه ، يفوق 1000  مليار تومان كان يعادل قبل ثلاث سنوات ميليار دولاراً- وفق موقع كلمة .

ويرى الموقع نفسه ، إنّ إعتقال قياديين في الشرطة ، بتهمة الفساد المالي، مرتبط بالكشف عن مخالفات مؤسسة تعاونية الشرطة ، قبل أكثر من عام، إذ كشفت حكومة الرئيس روحاني عن سرقة النفط الإيراني من قبل تعاونية الشرطة، وبيعها لأطراف خارجية .

ولم ينكر قائد الشرطة وقتها أنّ الشرطة ارتكبت مخالفة، في بيع النفط .

يُظهر ملف الفساد النفطي الذي تمّ وضعه لقائد الشرطة السابق ، في أجواء سرية شبه تامة ، كيف أصبحت ثروات الشعب الإيراني ، في فترة العقوبات ، أرضاً مستباحة من قبل رجال حكومة أحمدي نجاد ، ليحققوا جميع أحلامهم البشعة، عبر سرقة النفط إلى أطراف مجهولة أجنبية، بحجة تدوير العقوبات، بينما الحقيقة هي أنهم دّوروا الشعب الإيراني وليس العقوبات.

إنّ عوائد النفط الإيراني المصدّر رسمياً إلى الدول ، تمّ تجميدها في البنوك الأجنية ليتم الإفراج عنها بعد رفع العقوبات عن إيران، آجلاً أو عاجلاً، أما العوائد النفطية التي سرقها المسؤولون في عهد الرئيس السابق محمود أحمدي نجاد، من المتعسّر التعرف عليها، فضلاً عن الإفراج عنها .

كشف ملف الفساد لقائد الشرطة حتى لو كان وهماً كاذباً من شأنه أن يدفع السلطة القضائية إلى تنوير الرأي العام، حيث أنّ قائد الشرطة هو المسؤول الأول للأمن والكشف عن الفساد، فكيف يمكن أن يكون هو مصدر فساد، ولكن لحد الآن لم يدلي القضاء بأيّ إيضاح للموضوع .

التكتم والتستر والتخفي المفروض على ملف الفساد لقائد الشرطة السابق، لن يقاوم أمام وسائل التواصل الاجتماعية المتطورة ولن تبق الشمس وراء الغيوم الى الأبد.