هل تحوّلت الفتاة المهابادية إلى بوعزيزي؟

إنتحار فتاة كردية في مدينة مهاباد الإيرانية تحوّل إلى عاصفة لمواطنين أكراد غاضبين ، أحرقوا مبنى فندق تارا احتجاجاً على ما اشيع بأنه اغتصاب أو اعتداء للفتاة فريناز خسرواني ، من قبل موظّف في الأمن أو في الحرس الثوري .

وكانت التفاصيل التي نشرت لهذا الحادث، مثيرة للشك ، كما الكثير من المواقع الإخبارية ومنها بي بي سي الفارسي وسي أن أن، أعلنتا بأنهما لم تتمكنا من التأكد على تلك التفاصيل في اليوم الأول من الإحتجاجات، بينما أحزاب كردية إرهابية أعطت تفاصيل، تؤكد على وقوع الإغتصاب، من دون أن تقدم أية وثيقة .

ولكن أظهرت التحقيقات الأولية بأنّ الفتاة خسرواني التي كانت موظفة في الفندق، كانت منذ فترة على إرتباط بالمتهم أو المشتبه به، الذي تمّ إعتقاله.

وخلافاً لما أشيع، وفق ما أعلن معاون محافظ أذربيجان الغربية إنّ مدير الفندق بعد أن إطلع بأنهما متواجدان في غرفة في الفندق ، بادر بالإتصال بعائلة الفتاة، بعد إغلاق باب الغرفة خلفهما، ولكن الفتاة التي كانت تستحي من والديها، تلوذ بالهروب إلى الطابق الأسفل عبر شرفة الغرفة، فتسقط وتُلقى حتفها.

وأضاف المتحدث بأنّ التحقيقات الطبية القانونية أثبتت أنّ الإغتصاب لم يحدث، وكل ما أشيع عنه، كان من نسيج الخيال، كما أنّ المتهم لم يكن عضواً في الحرس الثوري أو وزارة الإستخبارات.

إنّ الفاصل الزمني بين الإنتحار وبين حرق مبنى الفندق كان يومين، وفي تلك الفترة ووفق الدراسات التي قام به موقع لبنان الجديد، قامت مجموعات انفصالية عربية تطالب بإستقلال محافظة خوزستان الإيرانية ، بحملة إعلامية تتمحور حول إغتصاب الفتاة الكردية، وتبشر بأنّ كردستان تنضم إلى انتفاضة خوزستان .

وتفيد دراسة الإعلامي الإصلاحي الإيراني ابوالفضل رضائي، بأنّ 99 في المائة من الذين بادروا بتسخين الموضوع على تويتر هم من العرب الإنفصاليين، الذين ينادون بإستقلال خوزستان، وتدعمهم المملكة السعودية مالياً وإعلامياً، خاصة من خلال قناة العربية .

وسبق أنّ شاباً عربياً ، إسمه يونس عساكرة من أهالي مدينة خرمشهر الإيرانية أحرق نفسه بعد مصادرة عربته من قبل البلدية ، قبل شهرين ولكنه لم يتحوّل إلى بوعزيزي، حيث لم يحرك ساكناً . أما هذه المرة حاول العرب الإنفصاليون، إنجاز بوعزيزي جديد، ربما يقود الشعب إلى إسقاط النظام، من خلال الفتاة خسرواني، بعد ما فشلوا في صنعه في محافظة خوزستان.

لا شكّ بأنّ الأكراد والعرب والأتراك والبلوش وغيرهم من القوميات الفرعية الإيرانية، وبل جميع أهل البلد يعانون مشاكلاً تنجم عن العقوبات الدولية أو السياسات الإقتصادية الخاطئة، ولكن التعويل أو الرهان على تلك النغمات الانفصالية داخل إيران، سواء من قبل العرب أو الأكراد أو البلوش، رهان خاسر، وأن تضخيم المشاكل في إيران حاجة سعودية وأميركية، ليس إلا.

إنّ إيران تتمتع بأمن واستقرار قلّ نظيرهما في الشرق الأوسط بل في العالم والوحدة القومية تتعزز يوما فيوماً خاصة في ظل المؤامرات الأجنبية. إنّ الإعلام بحاجة إلى أسوء الأخبار ولكنه ليس حكماً في إيران .

التسرع والتضليل وإثارة الفتنة، بات سمة الإعلام المعادي للجمهورية الإسلامية الإيرانية في هذه الأيام، ولم ننسَ بأنّ التسرع وبث إشاعة كاذبة ، قبل ثلاثة اشهر، في أفغانستان، أدى إلى حرق الفتاة المتدينة فرخندة، من قبل جماعة من الأغبياء، بتهمة حرق المصحف الشريف، وتبين لاحقاً بأنها كانت بريئة من تلك التهمة.

إنّ الحادث نفسه يتكرر اليوم في مهاباد ، ولكن هذه المرة يتهم الأمن والحرس الثوري، بتهمة الاغتصاب .

وبكلمة واحدة، لم يوجّه لحد الآن تهمة الاغتصاب، لأعضاء الحرس الثوري والأمن الإيراني، المتواجدين في كل من سوريا والعراق وغيرهما ممن يهمه الأمر، ولست بصدد إنكار أنهم بشر وأن النفس أمارة بالسوء، إلا ما رحم الرب، إلا أنّ إنزال العقوبة بحق أي مجرم، ليس مهمة المنخدعين من عامة الشعب ، بل يختص بالقضاء .