ينتهي طموح الشاب والفتاة في لبنان لحظة حصولهم على الإجازة الجامعية ، فبعد سنوات من التعب والدراسة النتيجة ( عاطل عن العمل ) ... فمن طلاب اختصاص لماستر نجد مشكلة البطالة تتفاقم بشكل هائل ، لتصبح الشهادات نوع من ورق الجدران لا أكثر .

"لشو نتعلم" ... هي الكلمة الأكثر رواجاً بين أفراد الجيل الحالي فالصبي في الثانية عشر يترك المدرسة ليحترف صنعة تطعمه بدلاً من شهادة تجوعّه ، أما الفتاة فأصبحت قنوعة أن الشهادة بلا اهمية وإنما (الزوج المحرز ) هو الأهم . أما من يركب قافلة التعليم متحمساً فيكون قد حضر أوراق الهجرة لبلد يستثمر به علمه بدلاً من وطن فرَغ طاقات شبابه .

أفكار رغم ظاهرها المتخلف غير أنها حاضرة وبقوة ، فالأمثلة على تدهور قيمة العلم لا تعد ولا تحصى ... لتصبح أمثولة (الشغل مش عيب ) هي بطاقة المرور لأصحاب الشهادات حتى يمتهنون عملاً لا يليق بتحصيلهم . فجميل

 

مثلاً وهو المتخرج من كلية إدارة الأعمال كان نصيبه من العمل هو (محل سمانة ) ، وبحسب رفاقه هو حل مؤقت ريثما يجد عملاً في اختصاصه .

أما عبير ع ، من منطقة القبة وهي الحائزة على شهادتها في اللغة العربية منذ أكثر من ثلاث سنوات ، تجلس حالياً في البيت بلا عمل ، وفي سؤالها عن محاولة البحث والتقدم له تقول ( ما ضل مدرسة وما قدمت عليها وما بعتلها cv وما حدا اتصل ) ... المشكلة نفسها تتكرر مع عبد الله ماستر في الرياضيات وهلا إجازة تعليمية في الفلسفة ، فبعد التخرج كان نصيب كل منهما البطالة .

واسطة ... هي الكلمة السرية في أغلب التوظيفات اللبنانية ، إذ لا يهم الشهادة ولا الكفاءة ( بكفي تعرف مرافق نائب أو وزير) ، حقيقة مرة ولكنها واقعية فعلى صعيد القطاع التعليمي نجد أن المدارس الخاصة تستهدف توظيف الغير متخرجين لإعطائهم بدلاً أقل من الحد الأدنى ، فسوسن مثلاً والتي تعلم منذ اثني عشر عاماً تقبض معاشاً لا يتخطى الـ (400 ألف) لكونها لا تملك شهادة ولكون خبرتها لا تطعمها خبزاً ... في حين مثيلتها ( من يلي معهن واسطة قوية ) تأخذ مردوداً يصل للمليون وإن لم تملك لا شهادة ولا خبرة !!! أما على صعيد القطاعات الأخرى فالأمر أكثر مرورةً ليصبح المحامي (شوفير بوسطة ) والمهندس ( بائع خضرة ) ... غياب دور الدولة ؟؟ بالرغم من الحال الرثة لسوق العمل اللبناني غير أن هناك حلولاً يمكن أن تخفف من وقع هذه الأزمة :

أولها : أزمة العمالة السورية وما تسببه من بطالة لأهل البلد ، مع الإشارة لصدور قوانين تحدد الوظائف التي يمكن أن يمتهنها الغير لبنانيين غير أنها لم تدخل حيز التنفيذ بجدية .

ثانيها : ربط المناهج الدراسية بسوق العمل ، ( مش يدرس الطالب شي ما الو شغل ) وهذه المشكلة هي الأعظم إذ هناك تخصصات لا سوق عمل فعلي لها ،نذكر منها تخصص العلوم السياسية ، فمع عدد الخريجين الهائل كم سيوظف الوطن من سفير أو محلل سياسي ؟؟؟ لذا على الدولة أو الإرشاد والتوجيه أو فتح أبواب لسوق عمل جديد يستوعب الخريجين في مجال دراستهم . ثالثها : تخفيض سن التقاعد ، فكم من الموظفين ما عادوا قادرين على أداء وظيفتهم

بسبب تقدم السن ، وكم من شاب ينتظر بالمقابل فرصة لإثبات جدارته . لذلك فتخفيض سن التقاعد قد يمنع المزيد من الفرص في التوظيفات .

رابعها : منع الواسطة والمحسوبية ( رغم أن تحقيق هذا الأمر مستحيل في لبنان )

خامسها : مراقبة المؤسسات والمدارس والإدارات الخاصة في تطبيق قانون الحد الأدنى للأجور ، لأن الموظف في القطاع الخاص لا يبصر إلا نصف الأجر المنصوص عليه قانوناً .

سادسها : أن تستبدل الدولة مشاريع الورق ( الي من تحت الطاولة ) بمشاريع حقيقية توظف يداً عاملة لبنانية .