لقد أغلقت الولايات المتحدة سفارتها في اليمن كخطوة مشجعة لدول أخرى كي تغادر بلداً بات مفتوحاً على سيناريوهات متعددة لا تحتوي ولا تتضمن حلاً سياسيّاً لأن الحوثي دخل محتلاً اليمن لا ليساوم أو ليشارك وانما ليحكم بقوّة المال وقسوة السلطة .

لقد جاء بريد مجلس التعاون الخليجي سريعاً جداً برفضه لواقع غير شرعي أحدثه جيش الحوثي المدعوم من علي عبد الله صالح داخلياً ومن ايران خارجياً وبتأكيده على مبادرته المدعومة من المجتمع الدولي والتي يروج ويعمل لها جمال عمر مع الأطراف اليمنية لتطبيق مبادرة الحلّ الخليجية .

بالنسبة لاغلاق السفارة الأمريكية تكون ادارة أوباما قد أعلنت صراحة عن حراجة الوضع اليمني وتعاسته أمنيّاً وعن فقدان الدور المطلوب لاحياء العملية السياسية وهي بذلك تكون قد وضعت اليمن سياسيّاً في عهدة ايران لأن خروج الدول المؤثرة من اليمن يعني أن ايران وحدها اللاعب الأساسي في يمن مفتوح الاحتمالات على خيارات غير سياسية .

بالنسبة لدور وموقف مجلس التعاون الخليجي فانه يعبر عن موقف طبيعي ينسجم مع مصالح دول الخليج المرتعبة من التمدُد الايراني المتواصل وعلى أكثر من جبهة لترويع المنطقة واسقاطها داخل الكماشة الايرانية بغية المحاصصة العادلة مع الولايات المتحدة اذا ما تمّ التوقيع النهائي على الملف النووي .

الا أن الموقف الخليجي يعتبر غير مؤثر اذا لم يلحقه خطوات عملية مدعمة لليمنيين المتضررين من يمن حوثي – ايراني لهذا ثمّة اشارة جديدة بدت مع سيطرة انصار الشريعة على مواقع عسكرية مهمة داخل اليمن وامكانية استمرار السيطرة للشريعة على أجزاء من اليمن اذا ما كانت من ضمن الدعم الخليجي باعتباره الطرف القادر على مواجهة احتلال الحوثي وبالتالي فان الرهان عليه وحده الخيار المُتاح لأن اليمن دون وجود تيّار ثالث فان كل من القاعدة والحوثية سيتقاسمان عملياً الجغرافيا اليمنية .

يبدو أن أميركا عجلت في الخروج من اليمن لاستنزاف الحوثي وتنظيم القاعدة معاً لأن مؤشرات المعركة القادمة هي بينهما باعتبارهما الطرفين الأقوى في اليمن خاصة وأن شعور غير الحوثيين بالغبن السياسي والطائفي سيدفعهم الى الدخول أفواجاً  بتنظيم القاعدة باعتباره خشبة الدفاع الفعلية ضدّ الحوثية القادمة لاحتكار السلطة ضمن حسابات ايرانية.

هكذا ينظر الكثيرون من اليمنيين لمجرى الأحداث في اليمن بعد فشل السياسة في التوصل الى حلّ لا يعطي الحوثيين حصة السيطرة على البلاد وهكذا تشير مراكز الرأي في اليمن والخليج الى أن طبول الحرب ستُقرع بين القاعدة وبين جماعة الحوثي وبالتالي ثمّة يمن مفتوح على شاكلة العراق وسورية أي أن الحلقة الثلاثة في محور الممانعة والمقاومة قدّ اكتملت وتكون ايران بذلك لقد لعبت بكل أوراقها ولم تبق شيئًا وكأنها على يقين بأن لعبتها هذه هي اللعبة الأخيرة مع الشيطان الأكبر لتأخذ منه دورها التقليدي في منطقة لا مكان فيها للضعفاء .