اياً تكن نتائج الحوار الذي هندسه الرئيس نبيه بري واستضافه وراء أبواب مغلقة، والذي حصل على مباركة المختارة وتشجيع الكثيرين في لبنان والخارج، فان كسر الجليد قد يكون مفيداً وان لم يَذُب على دفء اللياقات المفهومة في الجلسة الاولى!

لست ادري لماذا اختار المطبخ السياسي في عين التينة تلك الاصناف التي تصدرت المائدة، ذلك ان الفراكة الجنوبية تذكّر الكثيرين ان رقبة لبنان الوطن باتت مفروكة ورقاب أهله تصلح لإعداد "كبة البلاطة" الجنوبية المهروسة هرساً ، أما السمك بنكهة الزعفران الإيراني فهو ربما لـ"زعفلة" المذاق عند جماعة "المستقبل"، أو لتذكيرهم بكلام علي لاريجاني في بيروت بأن إيران لا تتدخل (حرام) في الموضوع الرئاسي وأنها تترك الأمر لحلفائها.
وحلفاء إيران أي "حزب الله" (حرام أيضاً) لا يتدخلون في الموضوع، بل يتركونه الى حليفهم النائب ميشال عون (ألف حرام) الذي لا يمترس عند القول "أنا أو لا أحد"، بل يشتقّ شعاراً مشابهاً هو القول "إما عون أو الله يعين"!
وهكذا لم يكن غريباً أن تتركز محادثات الجولة الأولى من هذه التحمية السياسية إلاّ على ما يقلق المتحاورين واللبنانيين جميعاً، أي موضوع الإرهاب وما يتركه من تحديات تقضّ مضاجع المواطنين من الناقورة الى النهر الكبير، وهو موضوع متفاقم بشقه المتفجر على امتداد الحدود السورية وما يفرضه من تحديات كبيرة، وكذلك في موضوع أبنائنا العسكريين المختطفين.
إضافة طبعاً الى موضوع الخلايا الإرهابية النائمة في الداخل اللبناني والتي تفرّخ مثل الفطر وقد تعبت الأجهزة الأمنية من إلقاءالقبض عليها... لكننا نعلم جميعاً ان الحبل على الجرار كما يُقال، على الأقل لأن في لبنان السعيد أكثر من مليوني سوري يحتاجون الى جيش جرار لمراقبة تحركات بعضهم المنسقة مع التنظيمات الناشطة في سوريا وعلى الحدود!
واذا كانت عملية انتخاب رئيس جديد للجمهورية ستأتي في المرتبة الثانية من جدول أعمال الحوار، فقد يعني هذا قياساً بالتطورات الخطيرة والمتسارعة للموضوع الارهابي الداهم، اننا سننتظر طويلاً في بلد بلا رأس او بالأحرى في البلد الذي فقد فيه بعض المسيحيين رؤوسهم.
أقول هذا على خلفية أنها المرة الأولى منذ الاستقلال التي يتاح فيها للبنانيين وللمسيحيين خصوصاً انتخاب رئيسهم دون المرور بالمسالك الدولية والإقليمية فالسورية التي كانت تُملي عليهم الرئيس، فمنذ سبعة أشهر يقال: ليتفق المسيحيون على الرئيس الذي يريدون ونحن معهم!
ولكن ومن أين لهم الإتفاق في ظل كل ما رأيناه حتى الآن وأوصلنا الى المنحدر الذي يجعل مجرد الحوار هدية العيد... وبأي حال عدت يا عيد!