نجح رئيس مجلس النواب نبيه بري  كعادته في تدوير الزوايا وإيصال الطرفين الرئيسيين في النزاع السياسي في البلد للجلوس على طاولة الحوار , ورعى بري اللقاء الاول بين الطرفين الذي أكدت مصادرهم انه كان ايجابيا جدا بعد قطيعة امتدت لاكثر من أربع سنوات .
وكان الرئيس بري مهندس الحوار حريصا على كل التفاصيل المتعلقة بهذا الحوار وواكب شخصيا كل التحضيرات التي سبقت جلسة الامس بين الطرفين وحرص الرئيس بري ان يكون اللقاء جديا ومنتجا بعيدا عن الاعلام و التصوير للتأكيد على جدية اللحظة و الحدث فمنع الصحفيين والمصورين من الاقتراب للتاكيد على المصداقية والرصانة التي يجب ان ترافق هذا الاجتماع  .
عيدية الرئيس بري هذه أثلجت صدور اللبنانيين جميعا الذين انتظروا كثيرا هذه اللحظات التي كان البلد بأمسّ الحاجة إليها لنفيس الاحتقان خصوصا على المستويين الطائفي والمذهبي بين الطائفتين السنية والشيعية , و تركت عيدية الرئيس بري آثارها الايجابية الكبيرة على المستوى اللبناني بشكل عام وربما تكون فاتحة لحوارات اخرى جديدة ستشهدها الساحة المسيحية قريبا بالنظر الى اللقاء المرتقب بين رئيس التيار الوطني الحر ميشال عون و رئيس حزب القوات القوات اللبنانية سمير جعجع .
ويؤكد الرئيس بري يوما بعد يوم حرصه الدائم على معالجة الازمات بطريقته المعهودة وحنكته العالية للوصول الى وضع الامور على السكة السياسية الصحيحة وعمل بكل عزم وثبات وإصرار على إخراج البلد من أتون الاحتقان الطائفي والمذهبي وسعى مع طرفي النزاع الرئيسيين لوضع حد لهذه القطيعة بين تيار المستقبل وحزب الله فكانت الاستجابة من الطرفين على قدر المسؤولية العالية التي يتحلى بها الزعيمين الرئيس الشيخ سعد الحريري والامين العام سماحة السيد حسن نصر الله  .
إن هذا الحوار وبجلسته الأولى سيكون بلا شك عاملا مهما في إضفاء روح الحوار ومستلزماته لدى شرائح كبيرة في المجتمع اللبناني وخصوصا على الصعيد الطائفي والمذهبي وهو بالتأكيد سيعود بإضفاء اجواء من التسامح و التصالح والتلاقي بين كل مكونات المجتمع اللبناني  .
انطلقت الجلسة الاولى للحوار بكلمة للرئيس نبيه بري شدد فيها على أهمية الحوار في هذه المرحلة الدقيقة لتنفيس الاحتقان الداخلي وفتح الابواب امام فرصة إيجاد حلول للازمات المستعصية، منبهاً الى ان الفتنة في كل مكان من حولنا، وبالتالي فان قدرنا ومهمتنا الحفاظ على لبنان وحماية استقراره، ولا تعنينا أي أولوية أخرى.
وفيما بعد قدم معاون الامين العام لـ «حزب الله» الحاج حسين خليل لمحة موجزة عن مسار العلاقة مع «تيار المستقبل» والتحولات التي مرت بها وصولا الى انقطاعها كليا مطلع العام 2011 بعد الاستقالة من حكومة الرئيس سعد الحريري، مؤكداً ثوابت الحزب حيال مجموعة من القضايا الداخلية والاقليمية مؤكداً حرص الحزب على استقرار البلد وأمنه وصون سلمه الأهلي وضرورة التصدي لكل ما يثير النعرات المذهبية.
كما شرح مدير مكتب الرئيس سعد الحريري، المهندس نادر الحريري وجهة نظر «المستقبل» ورئيسه سعد الحريري حيال تجربة العلاقة مع «حزب الله» على الصعيد الثنائي كما من خلال تجربة طاولة الحوار، مرورا بالاستقالة من حكومة ما بعد انتخابات العام 2009 وانخراط الحزب في الأزمة السورية وصولا الى يومنا هذا، عارضاً لمقاربة التيار للوضع العام في لبنان وإشكالياته، مشدداً بدوره على أهمية حماية البلد واستقراره.
ووفقا لمصادر الطرفين فإن اللقاء لم يترك عنوانا إلا وتطرق إليه وأنه جرى ترتيب جدول الأعمال انطلاقا من ان العنوان الرئيسي يتعلق بمواجهة الارهاب، وتتفرع عنه مهام أخرى من نوع تفعيل المؤسسات الدستورية والتصدي لخطر الفتنة المذهبية.
وقالت مصادر تيار المستقبل لـصحيفة السفير إن الجلسة الاولى كانت عبارة عن جولة أفق عامة، اتسمت بالصراحة والجدية، وكانت هناك رغبة لدى الجميع بحوار يفضي الى خير البلد ومصلحته.
واعتبرت المصادر ان هناك أمرين أساسيين يحتاجان الى معالجة سريعة وهما التشنج المذهبي والشغور الرئاسي، معربة عن اعتقادها انه إذا كانت النيات صافية عند كل الأطراف وليس فقط لدى «المستقبل» و «حزب الله»، يمكن ان نتوصل الى حلول
من جهتها اكتفت أوساط مقربة من «حزب الله» بالقول لـ «السفير» إن الأجواء كانت ايجابية للغاية وجاء البيان معبرا بدقة عن مجريات الحوار، «فالكل أعطى انطباعا جديا ولذلك يمكن القول إن قطار الحوار وضع على السكة الصحيحة.

كاظم عكر