يبقى الملف الرئاسي هو الملف الأكثر أهمية والأكثر إلحاحا في ظل الظروف المحلية والإقليمية الضاغطة على الساحة الداخلية اللبنانية. والحركة الدبلوماسية الروسية والأوروبية وتحديدا الفرنسية قد تحمل للشعب اللبناني أملا بإمكانية حسم هذا الملف في القريب وقد تكون الأيام القادمة كفيلة بصناعة رئيس للجمهورية وملء الكرسي الرئاسي في بعيدا الفارغ منذ ما يقارب السبعة شهور. بالرئاسة اللبنانية لا زالت ورقة قوية بيد الإيرانيين يستخدمونها على طاولةالمفاوضات مع الدول الغربية وخصوصا مع الولايات المتحدة الأميركية حول العديد من الملفات والتي تبدأ بالملف النووي ولا تنتهي بملف العقوبات الاقتصادية المفروضة على إيران. وترى بعض المصادر السياسية ان إيران التي تمسك عبر حلفائها في قوى الثامن من آذار بورقة انتخاب رئيس للجمهورية اللبنانية قد تفضل الاحتفاظ بها من أجل التفاوض مع الأميركيين وليس مع الاوروبيين في شأنها انطلاقا من أن مشكلتها الحقيقية ان لجنة العقوبات الاقتصادية او سواها هي مع الأميركيين أكثر منها مع الاوروبيين. فالسؤال هنا هو لماذا قد تعطي طهران الأوروبيين ما يمكن أن تساوم به مع الأميركيين؟؟ ولهذا فهي لا زالت تختبئ وراء العماد عون في عملية تعطيل الانتخابات الرئاسية من خلال تعطيل النصاب داخل مجلس النواب وهي بذلك تمارس لعبه التمييع في عملية انتخاب الرئيس. لكن هناك مصادر أخرى ترى أن الموقف الإيراني الجديد ربما يكون أكثر جدية وأكثر مصداقية انطلاقا من اعتقاد ان إيران قد ترغب في التخفيف من التضييق الاقتصادي الذي تعاني منه عبر الذهاب إلى تنفيس ما  في اتجاه سياسي آخر غير ملفها النووى ما يدفعها إلى إبداء مرونة تحصل من خلالها على تعاطف غربي وخصوصا تعاطف أوروبي او دعمه إذا كان هناك تعنت أميركي خلال المفاوضات القادمة بين إيران والدول الغربية. والمرونة الإيرانية تبدو ملامحها من خلال السعي للإفراج عن ملف الاستحقاق الرئاسي وهو الأسلوب نفسه الذي استخدم من أجل تأليف حكومة الرئيس تمام سلام والذي تم تحت عنوان ذريعة تحييد لبنان عن الصراعات بين دول المنطقة حول سوريا والعراق وسائر الملفات الأخرى في اليمن والبحرين وما إلى ذلك.  والموقف الإيراني الجديد وحسب المصادر إياها بدأ منذ عدة أسابيع وانطلق مع الاتصال الذي أجراه الإيرانيون مع الدبلوماسي الفرنسي  جان فرانسوا جيرو قبل بضعة أسابيع لهذه الغاية والذي لتقف هذا الاتصال وقام بزيارة إلى العاصمة اللبنانية لكسر جليد الأزمة الرئاسية. وقد تكون هذه الزيارة بمثابة إعطاء إشارة العد العكسي لضرورة انطلاق البحث جديا في إنهاء الشغور في موقع الرئاسة الأولى. وتبدو الأمور مرتبطة إلى حد بعيد بالحوار المزمع انطلاقه في جلسة أولية بين تيار المستقبل وحزب الله قبل نهاية السنة في موازاة حراك مواز لدى المسيحيين برعاية البطريركية المارونية....

طانيوس علي وهبي.