سمعت مصادر سياسية من نائب وزير الخارجية الروسي ميخائيل بوغدانوف الذي زار لبنان في اليومين الماضيين في شأن ضرورة الذهاب الى انتخاب رئيس توافقي ما رفع آمالها لجهة اعتبار الزيارة باكورة دينامية ديبلوماسية جديدة تمهد لانتخاب رئيس جديد حتى لو ان ذلك لا يعني ان هذا الانتخاب سيتم في الاسابيع القليلة المقبلة.

فهي انطلقت من توقيت زيارته للبنان التي تسبق زيارة مرتقبة لمدير الشرق الاوسط في الخارجية الفرنسية جان فرنسوا جيرو للقاء الكوكبة نفسها من المسؤولين السياسيين في موضوع أساسي هو موضوع انتخاب رئيس جديد للجمهورية. لا يبنى عادة على المواقف الروسية في الاستحقاقات الداخلية بل ان الولايات المتحدة وفرنسا هما من يقوم بأدوار الوساطة والتأثير في الملف الرئاسي او سواه من الملفات الحيوية جنبا الى جنب مع سوريا في السابق وراهنا مع ايران التي اصبحت ممسكة بالقرار السوري في موازاة التأثير السعودي.

الا انه وفي زمن التعطيل لانتخاب رئيس جديد للجمهورية الذي تتصدر الواجهة فيه قوى 8 آذار، فان الدفع الروسي من اجل الخروج من المراوحة الى مرحلة اكثر ايجابية يعد موقفا من شأنه ان يضعف الدعم الخارجي الذي يستند اليه اصحاب التعطيل بحيث يأتي الضغط من حلفاء اكثر فاعلية واقناعاً وليس استفزازياً. فالديبلوماسي الروسي بادر الى التشجيع على انتخاب رئيس يتوافق عليه الجميع ويكون مقبولا منهم في اشارة تعتبر موجهة الى حلفائهم على الساحة الداخلية اي قوى 8 آذار التي تقف عند حدود الرفض الذي يبديه العماد ميشال عون لأي انتخابات لا تأتي به رئيسا.

وهذه الاشارة من الديبلوماسي الروسي مهمة ليس بمقدار ما تعتبر تغليباً لوجهة نظر داخلية على أخرى، بل اقتناعاً بان هذا الملف قد استنزف عند الحد الذي وصل اليه وهو يساهم في اعطاء الاشارة حول ضرورة تحريكه ايجاباً بحيث يفترض ان يتجاوز دعم النظام السوري والقوى الحليفة له لعون نحو البحث جدياً في رئيس يوافق عليه الجميع.

والزيارة مهمة من حيث ملاقاتها الضغوط الفرنسية والاميركية الكبيرة التي يقول مسؤولون كبار انها تمارس منذ بعض الوقت من أجل تأمين انتخاب رئيس جديد، على رغم اعتقاد كثر بان الضغوط لم تكن قوية الى حد كاف في وقت سابق ما دام الوضع الأمني كان مستقراً بالحد المعقول، وكان الانشغال الخارجي محورياً حول مسائل اكثر حيوية واهمية كالملف النووي الايراني، والذي تأجل الضغط الذي كان يثيره الى وقت آخر مما سمح بابداء اهتمام بمسائل كانت موضوعة على الرف وبات ملحاً ايجاد حلول لها، ناهيك عن الحرب على داعش.

في حين ان التحذيرات اللبنانية تشير الى وضع اكثر خطورة في الاشهر المقبلة على وقع جملة اعتبارات من بينها، الوضع المتعلق بالمخطوفين العسكريين وتداعيات القتل الذي يتعرضون له على الوضع الداخلي، والعلاقات بين المذاهب على غرار ما حصل في اليومين الماضيين.
هل يستبق الموقف الروسي او يواكب موقفاً ايرانياً بهذا المعنى وفق ما سرى من ان فرنسا نقلته عن ايران بعد لقاءات لجيرو اجراها قبل ما يقارب الشهر في طهران ووضعت الدول المعنية كالولايات المتحدة في أجوائها؟ هذا ما يعتقده البعض بقوة، بالاضافة الى عامل يرى هؤلاء ان روسيا توظفه في المنطقة على قاعدة العمل على حماية المسيحيين في المنطقة خصوصاً في سوريا ولا يضيرها ان تطل على الموضوع اللبناني من باب التشجيع على انهاء الفراغ في سدة الرئاسة الاولى التي تعود للمسيحيين، لان الظرف الاستثنائي الذي منع انتخاب الرئيس حتى الآن طال كثيراً وسيطول اكثر اي بضعة اشهر اضافية حتى اوان الاتفاق على صفقة تؤدي الى انتخاب رئيس جديد مما يحتم المشاركة في تحريك الدينامية الديبلوماسية الدولية المؤدية الى ذلك.

في حين ان ايران استطاعت سلوك اداء في العراق حاز على ثناء من الولايات المتحدة ليس بناء على الغارات التي قامت بها ايران على مواقع لداعش في العراق والتي كشف البنتاغون الاميركي حصولها الاسبوع الماضي. فهذا الثناء ليس جديدا اذ ان قائد التحالف الدولي الجنرال جون آلن كان نوه بالدور الذي تلعبه ايران في العراق في الوقت الذي اكد نائب وزير الخارجية الاميركي لشؤون الديبلوماسية العامة في ختام لقاء ممثلين عن التحالف ضد داعش في اواخر تشرين الاول الماضي ان ايران لاعب مهم جداً في المنطقة واذا كان هناك مصلحة مشتركة في القضاء على داعش فالولايات المتحدة ترحب بجميع الجهات.
ومن المؤشرات المشجعة والتي يبنى عليها من اجل الاعداد لإخراج لبناني لموضوع الرئاسة هو الحوار المزمع عقده بين تيار المستقبل و" حزب الله" والذي يعتقد البعض انه كانت ثمة محفزات اخرى له في مقدمها ما يعتقد انه حوار اجراه "حزب الله" مع جبهة النصرة والذي ادى الى مقايضة استعاد فيها الحزب اسيرا له لدى التنظيم في الوقت الذي يسري ان هذا الحوار لم يقتصر على المقايضة بل شمل نقاطاً اخرى من بينها التهدئة المشتركة على جبهات متعددة بين الحزب والتنظيم تطاول بعض نقاط الداخل اللبناني كما بعض مناطق الحدود اللبنانية السورية على ذمة اصحاب هذه المعطيات.