مع بداية العد العكسي لانتهاء المهلة المحددة من قبل طرفي التفاوض للوصول الى اتفاق شامل في الرابع والعشرين من تشرين الثاني الحالي يحرص الطرفان الايراني والغربي على عدم الكشف عن المسارات التي تسلكها المحادثات الجارية بين الطرفين ,لكن تتبع التصريحات التي تصدر عن الطرفين توحي بأن نقاط الخلاف لا تزال كثيرة ومعقدة وخصوصا خلال الاجتماعات الاخيرة التي تستضيفها مسقط .
وتعتبر التصريحات المرافقة للمفاوضات الجارية مؤشر كبير على صعوبة المفاوضات واستبعاد الوصول الى اتفاق ضمن المهلة المحددة وفي هذا السياق يأتي ما قاله الرئيس الامريكي باراك اوبوما من أن «الفجوة ما زالت كبيرة» في الملف النووي الإيراني، وقال باراك اوباما، في حديثه إلى شبكة «سي بي أس» الأميركية : هل سنتمكن من سد هذه الفجوة الاخيرة بحيث تعود إيران الى المجتمع الدولي وترفع عنها العقوبات تدريجياً ونحصل على تطمينات قوية وأكيدة يمكن التحقق منها بأنهم غير قادرين على تطوير سلاح نووي؟»، قبل أن يضيف أن الفجوة لا تزال كبيرة. وقد لا نتمكن من التوصل الى ذلك.
وكذلك تأكيد علي اكبر ولايتي، مستشار المرشد الأعلى للجمهورية الإسلامية آية الله علي خامنئي، أن طهران لن تتخلى عن «حقوقها» النووية، برغم التزامها بالمفاوضات تحت قيادة المرشد .
 كما شدد وزير الخارجية الايراني محمد جواد ظريف على رفض ما أسماه «الخطوط الحمراء المصطنعة» التي تحاول واشنطن فرضها على المسار التفاوضي 
 وقال في حديث  للتلفزيون الإيراني، فور وصوله إلى مسقط، أن العقوبات المفروضة على طهران لم تحقق أي نتائج للغرب، مضيفاً «إذا كان الغرب مهتماً بالتوصل الى حل من هذا النوع، فهناك احتمال للوصول الى حل وتفاهم قبل 24 تشرين الثاني». وأشار الوزير الإيراني إلى أنه «ما زال هناك تباعد» في المواقف بشأن «حجم برنامج التخصيب وآلية رفع العقوبات». وأضاف «إذا برهن الجانب الآخر على ارادة سياسية حسنة يمكننا التوصل الى اتفاق»، رافضاً «خطوط حمراء مصطنعة» يسعى الطرف الآخر الى فرضها على المسار التفاوضي.

وجاء إعلان رئيس منظمة الطاقة الذرية الإيرانية علي اكبر صالحي عن زيارة سيقوم بها غداً لموسكو بغرض توقيع اتفاق بشأن بناء محطتين نوويتين في إيران، بعد مفاوضات دامت بضعة أشهر ليؤكد أن النوايا الايرانية في الملف النووي ما زالت على حالها وبالتالي فإن المفاوضات بين الطرفين ستشهد مزيدا من الوقت والاخذ والرد  .
وكان موفدون كبار من إيران والولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي إجتمعوا أمس، في العاصمة العُمانية مسقط في محاولة لدفع مساعي للتوصل الى اتفاق نووي شامل، عبر وضع حدود يمكن التحقق منها لأنشطة تخصيب اليورانيوم الإيرانية في مقابل رفع العقوبات تدريجياً.
ووفقاً لديبلوماسيين غربيين شاركوا في المفاوضات، التي تختتم اليوم، فإن نقاط الخلاف الرئيسية تتمثل في حجم برنامج إيران لتخصيب اليورانيوم، ومدة أي اتفاق طويل الأمد، ووتيرة رفع العقوبات الدولية.
وبانتظار ان يكشف الطرفان عن نتائج جولة مسقط التفاوضية، تبقى المحادثات النووية مفتوحة من الناحية النظرية على ثلاثة احتمالات.

الاحتمال الأول، هو التوصل الى اتفاق على القضايا الرئيسية لحل ازمة الملف النووي الإيراني في الجولة النهائية التي ستعقد في 18 تشرين الثاني الحالي، اي قبل اسبوع من انتهاء المهلة النووية. وتشير تصريحات سابقة الى ان هذا الاحتمال قائم، خصوصاً أن الطرفين حددا إطاراً عاماً للمفاوضات عبّر عنه ظريف مجدداً من العاصمة العُمانية بقوله: «منذ (مفاوضات) نيويورك قررنا التركيز على الحلول بدلا من التركيز على الخلافات».
أما الاحتمال الثاني، فيتمثل في إمكانية مد مهلة الرابع والعشرين من تشرين الثاني. وبالرغم من أن الأميركيين يقولون إنهم لا يفكرون في ذلك، إلا ان كيري لم يستبعد مؤخراً احتمال أن تمتد المفاوضات الى ما بعد هذا التاريخ اذا تم الاتفاق على القضايا الرئيسية ولم يتبق سوى الانتهاء من التفاصيل الفنية.
أما الاحتمال الثالث، فهو أن تصل المفاوضات الى طريق مسدود، وهو أمر يبدو مستبعداً في ظل الحرب الجارية في العراق وسوريا ضد «داعش»، مع أن الاميركيين يحاولون عدم الربط بين الملف النووي والملف «الداعشي». وقد قال كيري، خلال مشاركته مؤخراً في منتدى التعاون الاقتصادي في آسيا والمحيط الهادئ الذي عقد في بكين إنه «ليس هناك اي ارتباط بين المفاوضات بشأن البرنامج النووي ومسائل اخرى منفصلة». لكن اوباما لمَّح من جهته، في حديثه التلفزيوني امس، إلى ان ثمة مخاطر إقليمية قد تترتب على فشل الاتفاق، حين توجه إلى إيران بالقول إن الولايات المتحدة متواجدة في العراق لقتال عدو مشترك «فلا تعبثي معنا لأننا لسنا هنا للعبث معكِ».