انتهت انتخابات الكونغرس الأميركي بفجيعتين، فجيعة باراك اوباما والحزب الديموقراطي الذي خسر الغالبية امام الجمهوريين بنسبة لم تحصل منذ الحرب العالمية الثانية، وفجيعة "التحالف الدولي ضد الإرهاب "لأن الذين استمعوا الى تصريحات اوباما في الساعات الماضية، حسبوه المتحدث الرسمي باسم "داعش" و"النصرة" وحتى "مجموعة خراسان"!   لا يستطيع اوباما ان ينكر ان الانتخابات شكّلت استفتاء صريحاً على سياساته وان الاميركيين يعارضونها ويرفضونها بنسبة كبيرة، ذلك انه كان قد أعلن شخصياً قبل ثلاثة اسابيع، ان اسمه ليس على اللوائح الانتخابية بل سياساته، ولهذا تبدو النتائج وكأنها عقوبة قاسية لهذه السياسات سواء كانت على الصعيد الداخلي وتتصل بالوضع الاقتصادي، أم على الصعيد الخارجي الذي يثبت تراجع الدور الاميركي في كثير من الملفات والأزمات الدولية. ما كشفته صحيفة "الوول ستريت جورنال" عن الرسالة السرية التي ارسلها اوباما الى علي خامنئي، يؤكد تماماً ان البيت الابيض يواصل سياسات الارتجال المؤذية، ليس لأن اوباما مهتم بالتوصل الى اتفاق نووي مع ايران يعتبره الانجاز الوحيد في سياسته الخارجية الفاشلة، بل اشترط ربط قبول ايران شريكاً في الحرب على "داعش" بالتوصل معها الى اتفاق نووي. الى أين سيؤدي هذا الاعلان؟ سيؤدي حتماً الى مشكلتين: الاولى تتصل بتأكيد استمرار تهافته على إنجاز الاتفاق النووي مع الايرانيين رغم مواقف حلفائه الخليجيين، والثانية وهي الأخطر تتصل بتقديم خدمة كبيرة للإرهابيين، من خلال استثارة الشعور المذهبي في الاوساط السنيّة المتطرفة، عبر الحديث عن اشراك ايران الشيعية في التحالف الدولي، وهو ما سيضخّ مجموعات من الأعمياء الذين سيلتحقون بـ"داعش"، على قاعدة انه لا يمكنك ان تستقدم الشيعة الى مناطق السنّة لمحاربة حتى الارهابيين، وان كانت السعودية وهي المرجعية السنيّة تنخرط في محاربتهم منذ زمن بعيد! سبق ان حصل جدل اميركي - اوروبي حول اشراك ايران في هذه الحرب، وكان رأي الفرنسيين واضحاً بالقول ان طهران التي تدعم النظام السوري وتقاتل معه، والتي سبق لها ان دعمت سياسات التنكيل التي مارسها نوري المالكي في العراق، مسؤولة ضمناً عن خلق الأسباب التي أدّت الى ظهور "داعش" وغيرها، ولهذا ليس من الحكمة اشراكها في التحالف لأن ذلك يخدم الدعاية المذهبية للإرهابيين، ولكن اوباما لم يأخذ الأمر في الاعتبار! الأنكى انه بعد الحديث عن تحالف من ٤٠ دولة وبعد شهرين من القصف، أعلن اوباما عن عراقيل وصعوبات تواجه التحالف، وانه من المبكر جداً القول انه يمكن كسب الحرب، كاشفاً أن ليس هناك استراتيجية واضحة لهذه الحرب، فالجنرال لويد اوستن سيقدم هذه الاستراتيجية اليوم الجمعة (أمس). هذا تشجيع قوي للارهابيين، وبالتأكيد صفّق أبو بكر البغدادي طويلاً لكلام اوباما الذي بدا وكأنه يتحدث باسم "داعش"!