بعث الرئيس الاميركي باراك اوباما غداة الانتخابات النصفية للكونغرس الاميركي يوم الثلثاء الماضي التي ادت الى سيطرة الجمهوريين على مجلسي النواب والشيوخ بما قد يضعف الى حد كبير هامش السياسة التي يقودها الرئيس الديموقراطي برسالة حول سوريا شكلت بالنسبة الى بعض المراقبين نكسة نسبية لكثر اعتقدوا ان سيطرة الجمهوريين في الداخل ستطلق تحركا لاوباما في السياسة الخارجية يحقق من خلاله انجازات ولايتيه الرئاسيتين ويكون اكثر مبادرة واكثر تشددا باعتباره المجال الذي سيكون فيه اكثر تحررا من السعي الى حلول للمشكلات الاميركية الداخلية. قال اوباما انه سيبدأ العمل مع الكونغرس في شأن تصريح جديد لاستخدام القوة العسكرية ضد تنظيم الدولة الاسلامية في العراق وسوريا موضحا "ان تركيزنا في سوريا ليس على حل مشكلة سوريا برمتها بل على عزل المناطق التي تعمل فيها الدولة الاسلامية". الامر الذي يؤشر على الاقل بالنسبة الى مراقبين في المنطقة ان لا طموح اكبر من الخط الذي حدده اوباما للتعاطي في المدى المنظور مع الازمة السورية وان لا وعود جديدة في انتظار رؤية ما اذا كان الكونغرس سيضغط في اتجاه مغاير علما ان جمهوريين كبارا كانوا انتقدوا اوباما في الفترة الماضية حول مقاربته للازمة السورية. وهذا الموقف الذي يشبه الى حد ما الخطاب للمرحلة التالية قد يكون محبطا لدول في المنطقة كانت تتطلع على الاقل الى القول بالسعي او محاولة السعي الى حل سياسي في موازاة توجيه الضربات لداعش.   نتائج الانتخابات النصفية حول فوز الجمهوريين بمجلسي الكونغرس كانت متوقعة منذ بضعة اشهر. وهي حظيت باهتمام متعاظم على وقع تساؤلات تتناول كيفية تأثير هذا التطور على السياسة الخارجية للادارة الاميركية في السنتين المقبلتين. فمع تحول الرئيس الاميركي عموما بطة عرجاء في السنة الاخيرة من ولايته وقبيل انطلاق الحملات الانتخابية للرئاسة الاميركية يعتقد كثر ان الرئيس اوباما قد تحول الى وضع مماثل على نحو مبكر على صعيد السياسة الداخلية الاميركية حيث سيتصدى الكونغرس لسياسات البيت الابيض التي يعارضها. لذلك انطلقت رهانات قوية على الاثر بأن الرئيس الاميركي الذي سيكون مقيدا حكما في سياسته الداخلية في وجه كونغرس لا يوافقه على سياسته سيضطر، شأنه شأن كثر من اسلافه الذين وجدوا انفسهم في أوضاع ممثلة اي خسارة اكثرية الكونغرس للحزب الخصم، الى تركيز اهتمامه على السياسة الخارجية التي تظل من صلاحية الرئيس في شكل اساسي وان لم يكن مطلق اليدين كليا وستكرس له ارثه كرئيس اميركي في السنتين الاخيرتين من ولايته الثانية ولان صلاحياته في السياسة الخارجية اكثر تحررا من قيود الكونغرس فضلا عن قدرته على المبادرة على هذا الصعيد. الا ان بعض المراقبين يعتقدون ان هذه الرهانات قد يكون مبالغا بها بدليل ما حمله التصريح الاول الذي ادلى به بعد اعلان نتائج الانتخابات النصفية وتضمن موضوعين اساسيين في السياسة الخارجية احدهما استكمال مواجهة داعش والاخر يتصل بالمفاوضات مع ايران حول ملفها النووي. اذ يغلب لدى هؤلاء الاقتناع بأن الرئيس الاميركي وخلال ست سنوات من حكمه حتى الان كانت اقتناعاته في السياسة الخارجية واسلوب مقاربته الشخصية لها هي العائق انطلاقا من عدم رغبته في القيادة، ولا يعتقد هؤلاء ان هذا الامر سيتغير فضلا عن عدم وجود اسباب مقنعة للرهان بقوة على تغيير متحرر في السياسة الخارجية وان لن يكون متحررا كليا. فالاسئلة الاساسية على هذا الصعيد تتناول ما اذا كان اوباما سيعقد اتفاقا نهائيا مع ايران في الوقت الذي يبقى موضوع التركيز الاساس للرئيس الاميركي في سياسته الخارجية والملف الذي يرغب في تسجيل انجاز له فيه يثبت له في التاريخ. وعلى عكس ما يعتقد كثر فان الهامش ليس واسعا للتحرك اذ ان هناك شبه استحالة في ضوء العلاقات الاميركية الاسرائيلية والوضع الفلسطيني الاسرائيلي لإمكان تحقيق اي امر على صعيد المفاوضات الاسرائيلية الفلسطينية التي تراجعت حظوظها كليا بعد فشل اوباما فيها في ولايته الاولى. وسيبقى متعثرا التقدم مع روسيا في موضوع اوكرانيا في ظل علاقات ليست واعدة بينه وبين الرئيس الروسي. مما يبقي الانظار مسلطة على ايران وملفها النووي فهل سيقيد الكونغرس الجديد حركة اوباما مع ايران ام يحصنها ؟ فهناك مدة لا تزال متاحة حتى 24 الجاري علما ان اوباما قال ان هناك 3 او 4 اسابيع مقبلة "سنعرف خلالها اذا كان بامكاننا ابرام اتفاق مع ايران ام لا ". وكثر يعتقدون ان الرئيس الاميركي قد يبدي تساهلا ازاء ايران على ما يفعل ازاء تعاطيه معها في المنطقة ازاء تدخلها في دول عدة من دون اي رد فعل من ادارته على هذا التدخل فيما الكونغرس بغالبيته الجديدة قد يضعف قدرة اوباما على اتفاق مماثل. اذ ان هناك تلاقيا ديموقراطيا وجمهوريا على رفض رفع العقوبات على ايران مقابل ملفها النووي من دون ان تبرهن سلمية مشروعها النووي. اذ انه بات على ايران ان تتوقع مزيدا من التشدد ازاءها واستعدادا لفرض المزيد من العقوبات بعدما فقدت فرصة انجاز الاتفاق مع الادارة الاميركية قبل الانتخابات النصفية الاخيرة في الوقت الذي لا يتوقع ان يتساهل الكونغرس الجديد والذي رحبت اسرائيل بالفوز الذي حققه الجمهوريون ان يتجاهل تحفظات اسرائيل ايضا حول اتفاق غير متشدد مع طموحات ايران النووية.