لا أنطلق من مبدأ تأييد التمديد طمعاً بمنصب أو سلطة أو جاه أو أمور أخرى ينادي بها معارضو التمديد لمجلس النواب، فأنا منهم ايضاً لأني متمسّكة بالدستور والقوانين وبمسار عمل المؤسسات، فكيف بالمؤسسة الأم أي المؤسسة التشريعية المؤتمنة على الدستور؟
لكنّ السؤال الملحّ الذي نطرحه جميعا "هل من امكان لإجراء انتخابات حاليا؟". اذا كان الجواب بالإيجاب فلنذهب غداً الى صناديق الاقتراع ولينتخب اللبنانيون نواباً يجدّدون بهم الحياة السياسية والتشريعية، ولتعطَ الفرصة لأولئك المرشحين الذين يظنون أنهم قاب قوسين من المقعد النيابي، والذين يكيلون الشتائم يومياً للنواب الحاليين.
أما إذا كان الجواب أنّ لا إمكان، وهذا ما ورد فعلاً في التقارير الأمنية وفي الوقائع الميدانية المتنقلة بين المناطق الشمالية والبقاعية، فعلينا ان نتحمل مسؤولية عدم الوقوع في الفراغ، حتى لو لم يكن الخيار شعبياً. فالوقوع في الفراغ يمكن أن يحمل لبنان الى المجهول، وتحديداً الى ما حذّر منه البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي من أوستراليا، أي المؤتمر التأسيسي والمثالثة وغيرهما من الخيارات الهجينة التي لا تصبّ طبعاً في مصلحة المسيحيين.
والمسؤولية عما قد يحصل تقع على المسيحيين أنفسهم، لأنهم بمزايداتهم في رفض التمديد، لا لمبدأ حقيقي، وإنما لحساباتهم الشخصية، والرئاسية تحديداً، أضاعوا الرئاسة الاولى وأفرغوا قصر بعبدا، ويبدو أن الفراغ سيطول إذا خرجت اللعبة من حسابات اللاعبين المحليين، وأُدخلت في الصراعات، وكذلك في البازارات الاقليمية التي لا تبدو قريبة. وها هم يلعبون اللعبة ذاتها فيعطّلون الانتخابات والتمديد معاً، وهم لا يملكون مشروعاً بديلاً قابلاً للحياة. لم يتفقوا على مشروع قانون للانتخابات يحقّق مصلحتهم، ولا يتّفقون على مرشح رئاسي، ثم يتّهمون الطوائف الأخرى بتعطيل دورهم، ويأسفون لاتفاقها في ما بينها على تسوية أمورها الداخلية.
لعبة خطرة ومحيّرة تلعبها الكتل المسيحية، وعليها تقع مسؤوليّة ما قد يتعرّض له الوطن في صيغته وتركيبته ورسالته الحضارية في هذا الشرق المظلم.