سكت الرصاص وخرست المدافع في طرابلس، وانكشفت غبار المعارك عن 21 شهيدا بين عسكري ومدني وما لا يقل عن 144 مصاب ومجروح ، والكثير من الدمار والخراب الذي لحق بممتلكات المواطبين الذين لا ذنب لهم الا انهم يسكنون على خط النار المفتعل،

قد يعتبر حزب الله وفريقه السياسي انه استطاع ان يستعمل الجيش  اللبناني للمرة الثانية لوضعه في وجه الإرهاب ومحاربته لاعدائه الجدد كبديل عنه، وبالتالي قد يعتبر نفسه حقق اكثر من هدف سياسي وامني،

ففي السياسة يكون قد نجح من جعل هؤلاء  المسلحين وبعد حملة إعلامية كبيرة  لم تزل مستمرة الى اللحظة تعمل على تصوير هؤلاء الحفنة من الارهابيين الذين لا يبلغ عددهم الخمسون عنصرا, (ولا يحتاج انهاء وضعهم لاكثر من دورية للدرك )على انهم يشكلوا امتدادا لمشروع الحركات الإرهابية التي يقاتلها هو في الداخل السوري، مع إصرار هذه الحملة الدعائية السوداء  بالقول ان في طرابلس بيئة حاضنة لهؤلاء الإرهابيين،

وكل ذلك بهدف الإيحاء لجمهوره  انه يفتقد للشريك السني المعتدل، وان تعطيله للعملية السياسية التي قد تساهم في خلق مناخات يستفيد منها اؤلئك الخارجون على القانون انما يتحمل مسؤوليتها غياب هذا الشريك، وبان ما نشهده من تطرف في هذا الشارع  ما هو الا واحدة من تجليات المؤامرة التي تستهدف الشيعة وخلفها محور المقاومة وخلفهما كل لبنان، والدليل على ذلك ان من يقاتل هذه المرة ليس حزب الله وانما الجيش اللبناني،

وبما ان الجيش اللبناني هو رمز وحدة الوطن ورمز الدفاع عن كل لبنان  وبالتالي فان أي معركة يخوضها هذا الجيش انما هي معركة تهدف بالدرجة الأولى الدفاع عن كل الوطن، وبعيدة كل البعد عن أي خلفية مذهبية، وبالتالي فان اصطفاف هذا الجيش وما يمثل من تنوع مذهبي وجعله في نفس الخندق مع الحزب يشكل نوع من الغطاء الوطني لسلاح الحزب ولمعاركه، هو بامس الحاجة اليها

ولا اعتقد انه  يخفى على حزب الله معرفته العميقة بالاسباب الحقيقية التي تقف خلف خروج ظواهر متطرفة كظاهرة الأسير بالأمس وظاهرة  شادي المولوي واسامة منصور، وخالد حبلص اليوم وظواهر أخرى ستفرخ غدا

وبان القضاء على مثل هذه الظواهر المنبوذة من محيطها قبل غيره، كما اثبتت وتثبت الأيام ان من خلال تداعيات احداث عبرا وما لحقها او من خلال ردة فعل الشارع الطرابلسي اليوم لا يكون باستعمال القوة ولا بالقتال والحرب وانما بالتخلي عن المشاريع العابرة للحدود وبالسعي الحقيقي لتجنيب لبنان تداعيات الحريق السوري عبر تحصينه من خلال تفعيل مؤسساته الدستورية

وبما ان قرار حزب الله  المعطى له هو الاستمرار في الدفاع عن نظام بشار الأسد، فهذا يعني ان الحديث عن خطر المؤامرة سيبقى هو الأعلى، وهاجس الإرهاب والتخويف منه سيبقى يمثّل حاجة تبريرية , حتى لو اضطر الحزب الى خلق هكذا مؤامرة وايجادها من اجل محاربتها .