لا يقف النقاش حول الاستحقاق الرئاسي عند حدود قصر بعبدا ومخاطر الشغور على الكرسي المخملي. اتفاق الطائف يحضر سريعاً إلى المائدة من باب المطالبة بتعديل جذري للموازين التي فرضها على القوى اللبنانية بعد ربع قرن على ولادته. هكذا كان من السهل أن يجر الكلام بعضه في الندوة التي نظمها "مركز عصام فارس للشؤون اللبنانية" بعنوان "هل لبنان بحاجة إلى رئيس للجمهورية؟"، ليترك المسألة الرئاسية جانباً ويصوب علامات الاستفهام حول مصير "وثيقة الوفاق الوطني".

 


حضر الندوة التي شارك فيها النائب السابق فارس سعيد والزميل جان عزيز، كل من نائب رئيس مجلس النواب السابق إيلي الفرزلي والوزير السابق عادل قرطاس والنائبين السابقين صلاح حنين ومروان بو فاضل وشخصيات مهتمة.

 


رفض سعيد مقاربة الاستحقاق على أنه اختصاص أو مصلحة مسيحية، كما رفض أن تكون رئاسة مجلس النواب اختصاصاً شيعياً أو رئاسة مجلس الوزراء اختصاصاً سنياً. ورأى أنه إذا لم يلعب المسيحيون دورهم في لجم الصراع السني ـ الشيعي واستمروا بسياسة إدارة الظهر إلى الصراعات الإقليمية وكم العنف الناجم عنها، فلن تكون لهم أي فعالية في ظلِّ أيِّ نظامٍ سياسي جديد.

 


واعتبر أنه من الخطر طرح إعادة النظر باتفاق الطائف عبر تعديل دستوري أو عقد اجتماعي أو مؤتمر تأسيسي جديد في اللحظة الحالية المضطربة إقليمياً وداخلياً، لأن ذلك من شأنه أن يفتحَ شهيات كل الطوائف وصندوق "باندورا" خاصة في ظل اختلال موازين القوى داخلياً مع امتلاك فريق مذهبي وسياسي معين السلاح.

 


وشدد سعيد على مسؤولية الكنيسة المارونية بدعوة اللبنانيين وليس المسيحيين إلى انتخاب رئيس، «لأن الكنيسة تمتلك القدرة على التأثير الإيجابي على كافة الشرائح الوطنية خاصةً في زمن "الإسلاموفوبيا" في الغرب". ودعا استطراداً حزب الله" إلى أن يشبه لبنان، "بدلاً من أن تتشبه بنموذجه جماعات أخرى"، كما طالب السنة بتثبيت انتسابهم إلى التجربة الاستقلالية.

 


وقال الزميل جان عزيز إن المطلوب الحفاظ على الدور المسيحي الفاعل في النظام وعدم التماثل مع الطوائف الاخرى، لكن السؤال هو كيفية ترجمة ذلك من دون وجود رئيس مسيحي قوي يمثل حقيقة المكون المسيحي. وشدد على أنه بنتيجة كل التطورات والثغرات والشلل والتعطيل في السلطة فإن لبنان بات في حاجة إلى نظام سياسي جديد، داعياً لاختيار رئيس مسيحي قوي ليصلح العطبين الميثاقي والإجرائي في الطائف وإلا فليتم اللجوء إلى صيغة المجلس الرئاسي الذي يمثل جميع المكونات اللبنانية وتكون رئاسته مداورة بين أعضائه، مشيراً إلى أن أسوأ الخيارات المطروحة لحل أزمة النظام أفضل من الخيارات المطروحة.

 


واعتبر أن الطائف أكبر كذبة في تاريخ لبنان، مؤكداً أنه ولد بعُطبين، ميثاقي حيث يختزل رئيس الحكومة السلطة الإجرائية، ودستوري إداري إجرائي. ودعا للتمسك بـ"المكتسبات" الميثاقية للطائف وفي طليعتها الحفاظ على نهائية الكيان مقابل عروبة الدولة، السيادة مقابل الشراكة، مركزية الحكومة في مقابل لامركزية التنمية... أما بقية بنوده فقابلة للتعديل..